السياسه التحميريه.. في بلاد الرمال

ذهبت اليوم في جوله نظمتها الجامعه لذوي الطلبه الجدد، تشرح فيها مرافق الجامعه وتاريخها وسياستها التعليميه.

السياسه التعليميه، أو خطة التعليم، شيء لم أكن ألق له بالا من قبل. أنها تتعلق بالطريقه التي سيتم بها تعليم الأطفال، ومالذي سيتعلمونه؟ وماهو الهدف النهائي الذي يسعى المجتمع أو الدوله الى تحقيقه من خلال أتبّاع هذه الخطه، أو هذه السياسه التعليميه.

اليوم وأنا أستمع للسيده التي كانت تشرح لنا عن أهمية هذه الخطط التعليميه للجامعه في تعميق الأستفاده،وتلقي المعلومات بطريقه صحيحه تفيد الغرض الأصلى. لست أدري مالذي دفعني الى تخيل أن هذه السياسه.. من الممكن أن تكون أداة غسيل دماغ؟ لو فكرتم قليلا ستجدون أن هذه السياسه التعليميه في بلاد الرمال، كانت فعلا كذلك وكانت وراء عيشنا في عقلية مضارب القبيله حتى اليوم، أنها الطريقه التي سرقوا بها مستقبل أجيالنا بحرمانهم من التعلم الحقيقي الذي أستبدلوه بفقه الوضوء وعدد مواقيت الصلاه.. أنها السبب وراء الرطن الجاهل الذي يهذي به المسلم المؤمن يوميا.

كنت أتذكر حصه والدة راشد وهي مدرسّه عندما تكون ببيتنا تقرأ في "الخطه التعليمه" التي تحددها الوزاره لهم ومنها كان غرس التعاليم والقيم الأسلاميه ..حتى لو كانوا بصدد درس الجغرافيا..مناهجنا كانت تعج بالتبشير السياسي للحزب وللقوميه العربيه والتربيه الوطنيه (مدح الحاكم البطل الجبار الفارس المغوار الذي لولاه..بلابلابلا) والدعوذه الدينيه تحشوها حشوا..على حساب العلوم والرياضيات والفيزياء وغيرها.

في بلاد الرمال كان اصل المصيبه والبلاء هو هذه الخطه التعليمه التي تعتمدها الدوله ، ثم تنام وتشخر وتسلمها للأسلاميين الذين يتمتعون دائما بميزات خاصة بهم كونهم سدنة الأخلاق. فماذا نتوقع منهم؟ بالطبع أن يستغل هؤلاء هذه الفرصه لأغراض دعوذيه كهنوتيه لاهوتيه أسلاميه وسياسيه.. تنتهي بغرس القيم الخرافيه في أذهان الأولاد، و تلقينهم الألتزام الديني منذ سن مبكره..أنها تعدنا كما يقول أخواننا بمصر "أن نمشي على العجين مانلخبطوه "

سياسة التعليم في بلاد الرمال، بالمقابل لاتشرح للطفل أصل التطور الحضاري ومنابع الحداثه والتقدم، لاتدرس التاريخ ( ألا المكذوب المزيف المعدل لصالح الأسلاميين) كما أنها لاتتطرق الى معاني نبيله كالديموقراطيه والعلمانيه و العداله الأنسانيه ألا بالتكريه والتشويه والشتيمه والتحذير. فيتعلم الطفل بأن القيم الوحيده في هذا العالم ، هي ماذا؟ ليس ألا القيم الأسلاميه الثيولوجيه وبس، لأنها نزلت بالأسانسير من السماء السابعه☺ ..ألا يفسر هذا وجود كل هؤلاء المعوقين فكريا بيننا ، والمستحمرين ذهنيا من حولنا.. يكتبون ويصّرحون وبلا خجل لأجهزة الأعلام بأننا لانحتاج لأي شيء ، أبدا لاشيء ، لأننا مسلمون ، عندنا رساله ولدينا هذا القراءن العظيم وسنة صلعم التي تصيب ولاتخيب.

يعتبر الأسلاميين التعليم الديني جزء لايتجزء من عملية التعليم ،لأنه اسهل وسيله لغرس الأديان وخرافاتها في عقول أبنائنا منذ سنواتهم الأولى. أنهم يعتبرون تدريس دينهم الأسلام واجبا مهما فهو بالنسبة لهم أساس النظام الأجتماعي والسياسي الذي يطمحون في أقامته، والذي لايترك صغيرة ولاكبيرة ، وألا حدد لهم كيف يقومون بها..حتى توافه الأمور.

كان عندنا طلبة مسيحيون عرب بالفصل عندما كنا صغارا، وأتذكر أنهم كان يُطلب منهم الخروج أثناء حصة التربيه الأسلاميه..أليس هذا أسلوب لزرع عنصرية التفرقه الدينيه بين الناس ابتداء من المؤسسه التعليميه..قبل ذلك لم اكن أعرف أن طوني الولد الذي كنت معه بالصف الثاني والذي كان يعلمني كيف أرسم طائره.. كان مسيحيا.

أن من واجب الأحرار العرب مكافحة هذا التلقين الديني أولا بمعرفة ماتقوم به الجماعات الأسلاميه والدول من غسل دماغ الأطفال. شباب مملكة الرمال الكبرى من أكثرهم معاناة ولاعجب تنظيمات القاعده والجهاد هي منتج سياسة السلفيه التعليميه.

أن تأثر الأطفال بماذا يتلقنونه من خلال السياسة التعليمه المختله ليس شيئا وقتيا..بل يمتد تأثيره لسنوات ولأجيال قادمه..و سيؤثر على صحة المجتمع العقليه.. فأن علمّت الطفل الخرافات مثل قصص ولادة المسيح بنفخه ..وأنه يحيي الموتى ويتمشّور على سطح الماء..ومازال حيا لم يموت ، وأنما صعد الى السماء ينتظر العوده هو ، وأخر مختبيء منذ ألف عام، ينتظر خروجه بفارغ الصبر الولد السمين مقتدى الصدر، و لغافلون مثله بالأيمان من أتباع وغشم وسّذج .. و لاننس بالطبع العم سليمان الذي يحكي مع النمل ..وملائكة تطرفش وتطير، وشياطين وجان وعفاريت .. أن علمت أطفالك ذلك..فأنت تدمر مستقبلهم ومستقبل مجتمعك على المدى الطويل.

كيف سيتعلم الطفل حل مشاكله والتعامل مع مجتمعه ؟ بينما يعتمد على صلاة الأستخاره والدعاء والصلوات..كيف سيتعلم بالتلقين والحفظ والتصديق بزبالة كهذه؟ ..بدل تشجيعه على الشك والتفكير..ألا تريد لطفلك مستقبلا باهرا؟ أم تريده أن يطلع كهذا:

ألا تشعر بالأشمئزاز من العرب عندما يتناقشون ويتحاورون - سواء على شاشة الجزيره أو في المواقع؟ كلامهم فاضى ليس ألا سفسطة فارغه، يعيّرون بعضهم بالعمالة والخيانة واللاوطنية والى اخره من اتهامات مجانية نبرع بها نحن المهزومون في كل مجال..الا في قدرتنا على أنكار أسباب هزيمتنا الحقيقيه- الهزيمه الحضاريه، والتي نبحث لها عن كل المبررات من الاحتلال الامريكي الى الأحتلال الأسرائيلي ، الى المؤامرة الكبرى وأنتهاء بعبدالله بن سبأ.

هذا هو ياسادتي وسيداتي نتاج السياسه التعليميه التي مورست علينا من الأنظمه السياسيه والمدعوذون الوهابيون والأخوانجيون..وكأن العالم كله يُختصر بما حدث في قبيلة قريش قبل ألف عام.

هل نعُلم ابناءنا ليكونون جزء من مجتمع أستهلاكي أم مجتمع قادر على الأنتاج؟ هل نعلم أبناءنا قيم التسامح لمجتمع المستقبل، أم الأنتقام والثأر والأنتحار ..أنغذيهم بالطائفيه الدينيه ليذبحوا بعضهم؟ هل نعلمهم ليكونوا جزء من حضارة الأنسان والمستقبل ..أم ليقلدوا أفعال وأقوال سلف أكلت الرّمة عقولهم..قبل أجسادهم.

تحرير الأنسان في بلاد الرمال من قيود الدين المقيتة يبدأ من تعديل هذه السياسه التعليميه الخائبه ، والتي حولت ابنائنا الى تلك الحمير التي تفجر نفسها متوهمة ان ذلك هو طريق الجنة.. جنة الحمير، التي لاتشّرف احدا لديه ذرة من عقل..ان يذهب أليها.

بن كريشان