الاثنين

الخلط بين الاسلام..والواقع

نشر موقع الغد الاردني مقالاً بقلم أسامه شحاده كتب فيه:


ولعل من هذه الأبواب المعرفية الجديدة التي يفتحها القرآن الكريم أمام المتدبر، هو ربط السير في الأرض بعلم "الأحافير والمتحجرات"، الذي يختص بدراسة آثار الكائنات الحية –سواء كانت إنساناً أو حيواناً أو نباتاً- التي عاشت قبل زمن بعيد، وحفظت أبدانها في طبقات الأرض بواسطة العوامل الطبيعية من دون فسادها، والتي لا يمكن الوصول إليها إلا في داخل الأرض ولو على قمم الجبال.

وقد كشفت هذه المتحجرات عن عدة حقائق في قضية الخلق، من أهمها ثبات كيفية خلق هذه الكائنات، فعند مقارنة العلماء آلاف المتحجرات لآلاف المخلوقات التي تعيش بيننا، وجدوا التطابق الكامل رغم مرور ملايين السنين، كما أن المتحجرات أثبتت أن المخلوقات المتنوعة البسيطة والمعقدة الصغيرة والكبيرة البرية والمائية، وجدت معاً من ملايين السنين.




سواء كنت في نقاش مع هؤلاء المؤمنين بالاسلام او كنت تقرأ كتاباتهم فليس هناك من مهرب من ان تجدهم يربطون ربهم و بدينهم بعض الجوانب التي هي بمعزل عنه. هذا يجعل من الدين يظهر مُهما جداً و مرتبطا بتلك الحقائق. هذا قد لايكون خداعاً متعمداً فهؤلاء الذين يقومون به هم في الواقع لا يدركون ان كثيراً من الاشياء التي يتحدثون عنها هي في الحقيقه خارج دينهم. الظواهر الطبيعيه و الحقائق الجيولوجيه و الاخلاق مثلا تقع خارج حدود الدين. رغم اننا لسنا بصدد نظرية داروين للتطور التي يحاول الكاتب ان يشكك فيها بها هنا الا انني اود ان انبه الى ربطه الاشياء بدون داعي ب " القدره الالهيه".

يعترف موقع
المُسلم دوت نيت بهذا فيكتب:

ليس من المنهجية في شيء ولا العلمية ولا الموضوعية أن ننكر أو نتجاهل عن عمد ذكر الخالق سبحانه في هذه المجالات، وننسبها إلى الطبيعة المخلوقة التي ليست بفاعل ولا خالق، وتجاهل نسبة الظواهر الكونية إلى الخالق سبحانه هو عين الخروج عن الموضوعية والمنهجية العلمية، وكما لا يصح مثلاً أن نتجاهل ذكر أينشتاين حينما نذكر "النسبية" كنظرية تحاول تفسير ظاهرة في الكون والاستفادة منها أو ننسبها إلى غيره، فلا يصح من باب أولى أن نتجاهل ذكر الخالق سبحانه حينما نتكلم عن الظواهر الكونية متى اقتضى سياق العبارة العلمية ذلك ولا ننسبها إلى الطبيعة.




إذا فهناك مطلب واضح بأن ينسب المسلم كل شيء من حوله الى الله حتى لو لم يكن هناك دليل على ذلك. يردد المسلمين مثلا كلاما عن قيام الله بتدبيره الكون من خلال امثلة ساذجة جداً منها مثلا هذا:



عندما ينام الناس بالليل.. يتركون كل شيء وراءهم.. وهم لا يَشُكوّن لحظة أنهم سيستيقظون من الغد وسيجدون نظام الكون والأرض على حاله مستقراًّ لم يتغير.. ويعلمون أن الحياة ستستمر على نفس نمطها المعتاد في الأرض والبحار وفي كل الكون.. وهم نيام!!.. وأن الكون لن يتوقف عن الحركة حتى وهم غافلون عن ذلك.. فمن الذي يقوم على تدبير أمر الكون وتسيير شؤونه؟.. ومن الذي يحفظ الحياة من الفناء والاندثار أو الانخرام والناس نيام؟.. إنه الله رب العالمين.. قيوم السماوات والأرضين

هل يعني انني سأنام و استيقظ لأجد نفسي في كوكب اخر ؟ اليس من البديهي بأنني سأجدني في نفس المدينه و القريه و سأجد الشمس و الهواء والطبيعه مكانها. لماذا ينسب كل ذلك الى الله؟ هذا واحد اخر:


والإنسان يحرث الأرض ثم يلقي الحبة فيها ويعود إلى بيته بعد ذلك وهو مطمئن إلى أن تلك الحبة ستنمو وتصير زرعا.. ولن ينشغل باله أبدا بالآليات البيولوجية لتكاثر خلاياها أو نباتها ونموها!!.. فليس ذلك قط من مهامه ولا مسؤولياته ولا حتى من انشغالاته.. فمهمته فقط الزرع ثم العودة إلى البيت.. أما الإنبات فقد تكفل به غيره!!.. فمن الذي يقوم على نموّها وإنباتها في غيبة الفلاّح؟.. إنه الله عز وجل: (أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ * أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ * لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ



يقول انه الله تعالى؟ فلماذا لايكون راما كريشنا او المسيح سبايدرمان، لماذا لايكون كذلك
سرطان البحر الأقرع بوركت مقاريفه المقدسه؟ انني اجد ذلك مضحكاً، فلو وقفت على رصيف محطة القطارات و قلت لك ان القطار القادم سيسير على خط السكه الحديد هذه فهل ساكون قد قلت شيء سحري و إعجازي؟ هل قلت كلاماً لايعرفه احد؟

الاسلام يصدر بيانات تجعل ظواهر متأصلة بالكون بأسره تصبح فجأة بسبب الله. ثم يقوم بفرض هذه البيانات على الناس. انه لايختلف عن ان الواقع هو ان الشمس تشرق كل يوم فيقول ان الشمس تشرق لأن الله يأمرها بذلك. ولكن لماذا يجب ان نربط نحن تخريفا موجود فقط في عقلية المؤمن بظاهرة طبيعيه كشروق الشمس كانت ستحدث سواء قال ذلك او او لم يقل.

هناك بعض الاشياء التي يستطيع ان يفهما كلب بسيط ، مثل شروق الشمس و نمو الاشجار و وجود الجبال..ليس لها علاقه بالاسلام ووجدت قبل ان يوجد هذا الدين اصلا.. فكيف اصبحت اليوم هي الدليل على صحتة وحقيقته؟




يقوم المتدين بإختيار ظاهرة كونيه حقيقيه – كشروق الشمس – فينسبها لربه. يقوم هؤلاء المتدينون بأخذ جريمة القتل و التي عاقبت جميع المجتمعات البشريه عليها و منعتها، وبالطبع فقتل عضو من المجتمع و القبيله ليس بشيء مفيد للمجموعه البشريه هذه، فقد ادرك الانسان هذه الحقيقه قبل ظهور الأديان. هنا يأتي اخينا المُسلم فيقول ان القتل حرام..لأن الله هو الذي حرمه. فياله من ذكاء مع إننا نعرف هذا قبله.

التعاليم الدينيه كلها، الاسلاميه و غير الاسلاميه إستغلت حقائق منطقيه توصل و تعارف عليها البشر منذ القدم من خلال تطورهم الاجتماعي، مثل لاتقتل لا تسرق..وقالوا ان هذا هو ما قال الله. انه مجرد غباء مثل من يضع العربة امام الحصان، انها واضحه يا صاحبي.




فالنقول ان قرية تقع اسفل الوادي، وصارت المياه تغرقها كلما انهمر المطر ففكر اهل القرية و قالوا نبنى سداً على مدخل الوادي لتذهب مياه السيل في الجهة الاخرى و لا تغرق قريتنا. فيأتي المؤمن هنا و يقول، انه لولا السد هذا لغرقت قريتكم افلا تشكرون..ماهذا الذكاء الباهر؟

هذه الظاهره لاتقتصر على الاسلام بل حتى المسيحيه و غيرهما من الاديان الاخرى، مثلا يعتبر هؤلاء الاسلاميون الاقتصاد بأنه من صنع الله فهو الذي علم الانسان التجاره و الزراعة و الصناعه لذا يجب ان يحكم بقوانين الله " الأقتصاد الاسلامي". مع العلم ان هذا الأقتصاد قد وجد نتيجة عوامل وظروف تاريخيه و ثقافيه. في الستينيات كان بعض بلاد الرمال تختلف على هذا فهناك " مصر " التي كانت تعتبر الاشتراكيه اسلاميه و الاخر " السعوديه" التي تعتبر الرأسماليه اسلاميه.




ان القصور الشديد يكمن هنا في ان فهمنا لهذه الافكار سواء كانت الايدولوجيه ام التفكير الديني هو ان كل هذه ليس لها علاقه بالكون و ظواهره. إن الحيوانات لا تفكر فيها ابداً. انها افكار بشريه خارج المنظومه الكونيه..تعيش داخل عقولنا، فلا الشمس و لا الجبال و لا البحار التي تسير كلها بقوانين كونيه يفسرها العلم فقط لا تكترث بمانفكر فيه.

اعتقد ان هناك نوع من الفائده في هذا النوع من الخلط بين الواقع و الاسلام للمسلمين. صحيح انه موقف غافل متناسي للتفكير السليم ولكنه يحاول ان يقول إننا لانستطيع دائماً و طوال الوقت ان نتسائل بما نؤمن. يجب ان نقبل ان هنالك شيء مفترض ان يكون صحيحاً..اننا لا نريد ان نفكر لماذا هو صح اصلاً، فهذا طريق صعب، يجب فقط ان نقبل بشيء ما و من ثم نبني عليه اعتقادنا و نثق بصحته مهما كان. فعندما يقوم المجتمع بهذا يصبح المجتمع اكثر تكاتفاً و تقبلاً..حتى لو كان ما تقبله المجتمع هنا هي في موضع المسائله و الشك..المهم هو ان نقبل..فقط ان نقبل و لا نناقش. ان هناك قضايا وطنيه و نضاليه مهمه تدعونا الى هذا، مافائدة الشك عندما تحتل إسرائيل اراضينا..نحن نحتاج الى الايمان و به فقط ننتصر..حتى لو كان إيمان الاغبياء.

عندما نتقبل هذه الحاجه و نصدقها، مالذي يحدث؟ نتخذ موقف غريب خارج العقلانيه. موقف مبنى على ان الاخلاق هي من الدين و ان الطبيعه تمشي بأمر فكرة الدين..وان العنصريه مبرره بإسم الدين.

هنا يأخذ الدين موقع السلطه، وينتهي العقل. تصبح هذه الافكار حقيقه، تشرق الشمس من اجل فكرة دينيه، ترتفع الامواج في البحر من اجل فكرة دينيه..الاخلاق الانسانيه تعزى الى فكرة دينيه..تصبح الفكرة الدينيه هي قانون الطبيعه..يلغى القانون الكوني و معادلاته الرياضيه المعقده، و يختزل في هذه الفكره الدينيه.




ثم بعد ان تمتلك هذه الفكره الدينيه الواقع ...تبتعد شيئاً فشيئاً عن الحقيقه..وتأخذنا بإتجاه الخرافه. انها مرض نفساني من الانكار تبدأ من الانسان و تنتهي به، يأخذ المؤمن وقائع واضحه تحدث كل يوم ربطها بدينه هو..ومن ثم صار يقودها بعقله نحو الخرافه الاسلاميه الكبرى التى يؤمن بها..لا احد يفعل ذلك بنفسه الا الانسان المؤمن الضائع ..فهو يقود نفسه بنفسه نحو هذا الضياع.


بن كريشان

هناك تعليقان (2):

Unknown يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.
Unknown يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.