الاثنين

آثار الذنوب و المعاصي

حرر نفسك من الصداع الاسلامي





مادعاني لكتابة مقالة اليوم هو إننا كنا بمجلس ( كلنا فيه من الملحدين و الملحدات بعضنا اولياء بعض) فجاءت احد الصديقات.. وعرضت علينا أحدث اسلوب لخداع الابرياء ابتكره الاسلاميون الاشرار ( السلفيون) في الامارات..البنادول الاسلامي.


علبه صغيره تبدو للوهلة الاولى و كأنها علبة دواء للصداع، وتحمل اسم مشابه لعلاج الصداع الشهير " البنادول"، الا ان هذه هي بانادوول مزيف.


عندما تفتح العلبه تجد وريقات مليئة بالأدعيه الدينيه..مالذي كان يفكر الاخ الذي ابتكر هذا بسلامته؟ هل سيصبح كل من يقرءها مؤمناً، ماذا لو صدق احدهم ذلك و امتنع عن العلاج و مات..اسيتحمل هذا الشخص او الجماعه الاسلاميه التي من وراءه المسؤوليه؟ طبعاً ليس مهماً ان يموت و يروح في ستين داهيه طالما توصلوا هم لغرضهم الاثيم.


التقطت هذه الصور لأن أختنا العزيزه رفضت إعطائي العلبه فقررت ان اصورها..قالت انها تريد ان تستخدمها كمقلب لاحد صديقاتها.

لماذا ينزعج الواحد منكم من الذنوب؟ اتريدون ان تعرفون لماذا؟





الأنسان المُسلم المسكين، او دعونى اقول المتدين إجمالاً يحس دائماً بأن عليه ان يدفع ثمن كل متعة صغيره، بأطنان من الشعور بالذنب. ان نفسه مقيدة بسلاسل تجعله يعذب نفسه و يقسو عليها و يكرهها لأنه سمح لنفسه بمتعة صغيره. هذه المتعه قد لا تكون اكثر من انه استمع للموسيقى او انه نظر لإمرأة جميله.

الانسان الذي تعذبه هذه الذنوب يبتعد عن الاعمال التي تعطيه السعاده و الراحه، و يستبدلها بما لايحب، فينتهي انساناً تعيساً. من وراء ذلك بظنكم؟ سنتعلم من مقال اليوم عن الجذور النفسيه للشعور بالذنب، و كيف إستغل اصحاب النفوذ و الطامحين بالسيطرة على الشعوب كالحكومات و اصحاب الأديان هذا الشعور لدى الانسان.

يعيش الكثير من اجل ارضاء الاخرين. او يهمهم ان لايزعل هؤلاء منهم. فأنا احاول إرضاء امي، وانتي تبغين رضاء زوجك..واخر يريد ارضاء مديره في العمل. عندما لا يثمر ذلك بأعينهم فأنا وأنت و انتي نحس بأننا مقصورون، إننا لم نقم بواجبنا كمما ينبغي، تؤنبنا نفسنا عندها و نحس بعدم سعاده، ونحاول ان نبالغ اكثر و اكثر لأرضاء الغير.



الأنسان الذي يعيش حالة الاحساس بالتقصير هذه، يحس بأنه مذنب، أي مذنب في حق غيره و هنا يصبح ضميره هو الشيطان الذي يعذبه و تصبح حياته هي الجحيم، فيعمل لتحرير نفسه من هذا الشعور بالتضحية بالمزيد من وقته و ماله و جهده ليغفر له الاخرون و يتقبلونه. يصبح هذا الانسان مُعذباً في حياته.

أنا اكره ان اذهب الى دعوة غداء او عشاء، السبب هو ان مضيفي يجعلني احس بان من واجبي ان ارد الدعوة بأحسن منها. و هذا يخلق لدي قلقاً و إنزعاجاً و يأخذ من وقتي و جهدي لأقوم بشيء انا اصلاً لا أحب القيام به..اصبح الامر الان واجباً علىّ، سأحس بالذنب إن لم افعل.

إن احسن وصف للذنوب هو الذي قدمه الفيلسوف الالماني نيتشه و الذي شبهه الاحساس بالذنب ..بالدين المالي.

يقول نيتشه:

إن الشعور بالذنب ترجع جذوره الى العلاقه البدائيه الاولى التي نشأت بين البائع و المشتري و بين المدين و الدائن..اصل الشعور بالذنب المفهوم المادي و اللاتزام بأدائه و دفعه لمن ينتظر ذلك.

المهم في الشرح الذي قدمه نيتشه هو ان الشعور بالذنب ليس فطرياً، بل مُكتسب ثقافياً. انه شعور يفرق بين النيه و الفعل فأن اختلفا يحدث هذا الشعور بالتقصير. فالنقل ان بداخلك شخصان مثلاً هناك بن كريشان الطيب، و بن كريشان الشرير..فإن فعل بن كريشان الشرير شيئاً لا يرضى عنه بن كريشان الطيب فسيستمر بن كريشان الطيب يؤنبه..وفي هذه المعركه يضعف الانسان و يتعب و تصيبه عقدة نفسيه.

إخواني و أخواتي انه من عدم المسؤوليه تجاه نفسك ان تعذبها بالشعور بالذنب لشيء حدث في الماضي. انت عندما تفعل ذلك تقول لنفسك ان لا احب فيك هذا الشيء او ذلك الجانب..ولكن ذلك الجانب هو انت ايضاً..فتنتهي بكُره نفسك.



نحن مسؤولين عن جميع افعالنا و تصرفاتنا و اذا تقبلت الامر هكذا فلن تشعر بالذنب، و خاصة انك قمت بما كان يجب عليك ان تفعله حتى لو تأتي النتيجه كما توقعها " الغير". المهم اولاً و أخيراً هو انت و قناعتك و ثقتك بأن هذا هو افضل ما عندك.

دعوني اثبت لكم كيف فعلاً ان الشعور بالذنب هو شعور مُكتسب مفروض عليك و ليس شعوراً طبيعياً فطرياً، عندما تزوجت اول مره و كان من الواضح ان ذلك الزواج كان يسير في طريق الهاويه..كنت اشعر بالذنب الشديد، احس بتقصيري، اقول لماذا حدث ذلك لي انا بالذات؟ زاد ذلك الشعور اكثر عندما مارست الجنس خارج الزواج لأول مره، احسست انني خائن، ولكن عندما حدث الطلاق، إختفى ذلك الشعور تماماً..تماماً بالمره كما لم يكن. في الواقع تحول الى شعور عارم بالراحه و السعاده.

هذا هو كذلك شعور المُلحد بعد ان يكتشف ان الله مجرد كذبه، وانه ليس من رب و لا صلعم و لا مسيح سبايدرمان يمشى على البحيرات و ليس هناك من جنة و لا نار الجحيم. لأنه تخلص من اكبر مرض يصاحب التدين و هو الشعور بالذنب.

في حياتك و علاقاتك الاجتماعيه حاول ان تلاحظ كل هؤلاء الذين يحاولون بإستمرار ان يجعلونك تشعر انك مدين لهم، لأنهم ساعدوك بواسطه، لأنهم قدموا لك هديه، لأنهم عزموك على العشاء..وجاء دورك لترد الجميل، انهم ينتظرون الثناء، او ان ترد العزومة بأحسن منها، او المال الذي اقترضته او..ان تكون افضل من زوج فلانه، و احسن من اخيك في ارضاء امك..الخ الخ. ..هذه كلها عباره عن دفع ديون عليك، سواء ماديه ام عاطفيه.

و هنا انعطف الى مسألة الذنوب و المعاصي في الاديان، والتي تقوم بذات الشيء. فأنت ايها المسلم تدفع دين اباك ادم و امك حواء ( الخرافيين) بان تتعذب على الأرض، تتعذب بالصوم، بالصلوات اليوميه المقرفه.. المسيحي كذلك يقولون له ان المسيح دفع دينك بعذابه و افتدائه لك..فتفضل حضرتك صير عبد و عاني كذلك بقبوله مخلصك و سلم مصيرك للكهنه. الشيعي يذهب فيلطم نفسه و يخبط صدره و يطبر راسه و يسير في المواكب يقودنه كالتيوس لأنه يشعر بذنب لم يقترفه هو اصلاً، الصوفي يعذب نفسه و يحرمها لذات الغرض....كله نفس الشيء.

من مظاهر تشابه معاصي و ذنوب الأديان بما قاله نيتشه، هي الكفاره. و هي عند المسلمين كثيراً ما تكون مالاً يدفع. فليتطهر الأنسان من هذا "الذنب" فعليه التصدق بمال، اطعام ستين مسكين... في اوروبا المسيحيه و في القرون الوسطى كانت هذه احد الكفارات المعترف بها فبعد الاعتراف بالذنب يطلب الكاهن من المذنب او المذنبه وضع بقشيش في صندوق الكنيسه. او كما يقول المسلمين ادفع البلاء بالصدقه.



الحكومه تستخدم ذات الشيء فعندما تكسر قانون المرور هناك غرامه ماليه..اليس كذلك؟ انت تدفع بإستمرار لملالوة الشيعه، لكهنة الكنيسه و لمشايخ السنه..تدفع و تدفع بنفس الطريقه، هذه مخالفه ادفع..هذا ذنب ادفع..فلوس نريد مزيداً من الفلوس. كلما زاد الشعور بالذنب عند الانسان كلما ازداد هؤلاء ثراءً. انهم كالمرابين تماما الذين تدفع لهم بعد ان اثقلوك هم انفسهم بالديون.

الغرامات الماديه الدينيه موجوده بصورة واضحه في الاسلام اكثر من غيره كتكفير عن الذنوب، ولكنها في بعض الاحيان تستبدل بغرامات عاطفيه شعوريه. السلفيه مثلا لاتكتفي بالدفع و الكفارات. انها لاتريدك ابداً ان تتحر من الذنب و لا في اي لحظه من لحظات حياتك. السلفيه تصر على انك يجب ان تكون إنساناً "افضل " و ذلك بمعاناتك من خلال ما يسمى " الالتزام" وهي طقوسيات الالبسه و اللحى و الأنقبه و مظاهر المسواك و العزله التامه عن المجتمع المختلف عنك.


ولكن مالفائده من كل هذا؟ مادخل الناس بمعاناتي و الامي، ماذا يستفيد رب الرمال عندما يجعلني احس بثقل الذنوب؟

بالطبع لا يهم، فكرة الذنوب و المعاصي ليست بذات معنى ابداً و لاتحتاجها الانسانيه. انها غير عمليه ابداً و آثارها سلبية دائماً عليك. انها تجعلك تكره حيات و تمقت تصرفاتك..انها تضعف من ثقتك بنفسك و محبتك لها..كل مره تسعد بها نفسك، يأتي هذا الشعور فيكدرك.زهذه الذنوب هدفها هو ان تقول لا للحياه..لا للسعاده، ولا لكل متعة في حياتك.

طلبت من صديقي ظافر ان يرافقني الى حفلة على الشاطيء ..فاعتذر قائلاً بأن لديه قاعده هي انه لايخرج في ليلتين متعاقبتين للسهر.

قلت له: و لكن لماذا؟
قال: هذه قاعدة وضعتها لنفسي.
قلت له: ولكنك سهرت الخميس واليوم الجمعه وعندك السبت غداً اجازه ايضاً.

مشكلة ظافر هي انه يعاقب نفسه لأنه تمتع في الويك اند، و قد ابتكر هذه القاعده لأنه مره شرب أكثر من المعتاد و تأخر على العمل. هناك شخصين بداخله ظافر الذي يحب المرح و السعاده..وظافر الذي يعمل بإخلاص. و هما يتخانقان مع بعض. ذهبت انا لحفلة الشاطيء و عندما سألنى كيف كانت؟ قلت له كانت رائعة و قد شربت بالضبط نفس الكميه المعتاد عليها وعدت الى البيت حسب ما خططت و نمت جيداً حتى الصباح. ارأيتم هنا.. لقد اخترع ظافر لنفسه ذنباً بدون داعي.

الذنوب هي اختراع من اختراعات البشر. ليس لها اصل في السماء و لايقف من خلفها اية اشباح و لا الهة و لا انبياء. نحن نختار لأنفسنا ان نحس بالذنب. الاحساس بثقل هذه الذنوب امر أختياري. احياناً نتظاهر بها امام الغير حتى لايأخذون فكرة عنا بأننا لامبالاين و غير مسؤولين.



التعبير عن الذنب هو جزء من ثقافتنا في بلاد الرمال، ممنوك يا سيدي، تقبل الله طاعاتكم، هذا من فضلك و كرمك..هذا من فضل ربي. تتصل بصديق عزمك على العشاء و تحاول التنصل من الذهاب للعزيمه امام اصراره الشديد..لأنك تفضل ان تكون مع حبيبتك، او في البار تشرب كاس بيره على وجودك في هذا المجلس الذكوري المُمل..وعندما يقبل عذرك ويقول لا تقلق انا مقدر ظروفك..فقد تنازل عن دينه وتحس انت بالراحه فقد تخلصت من ذنبك.

لا تحس ابداً بأنك مدين لله، لاتجعل هؤلاء المدعوذين من المشايخ و الملالوه و الكهنه يملئون عقلك بهذه العاده السلبيه، فمن ورائها تحطيم سعادتك و غسل دماغك لتبقى عبداً مديناً لهم. ارفض الرضوخ للشعور الذي تحاول هذه الذنوب و المعصي ان تزرعه فيك.

تقبل الخطأ و امنح نفسك حقها، لا تعيش لأرضاء اي احد، لا تجبر نفسك على ان تفعل شيئاً لأنك تجامل الغير و تبغى رضاهم. كلما تقبلت نفسك وآمنت بواقعية بأمكانياتك و سامحت نفسك على الخطأ كلما اعطيت الغير فرصة اقل للسيطره عليك.




تمتع بحياتك بلا بانادول بلا كذب، احتضن سعادتك و حافظ عليها بأن تكون حراً طليقاً من قبضتهم على عقلك..حرر نفسك. الذنوب ما هي الا قيود العقل، الذنوب خيوط تنتهي اطرافها من الناحية الاخرى بيد المشايخ و الكهنه و الملالوله و المدعوذين و من ورائهم السلطه والحكومه...حرر نفسك من هذه الكذبه.

بن كريشان

ليست هناك تعليقات: