الاثنين

مخافة الله








مرحباً اعزائي القراء..انا جرذ الرمال، لم يتمكن بن من كتابة مقاله اليوم لأنه مشغول بالمنطقه الغربيه، لذا طلب مني ان انوب عنه بالكتابه ، ولأنني جرذ و اخاف كثيراً من القطط وخاصة زيزبونه المتوحشه فقد فكرت ان اكتب لكم عن الخوف..بس ليس اي خوف.



نعم موضعنا هو الخوف من الله...فماذا يقصد المؤمن ياترى عندما يقول ان الملحد ليس عنده وازع اخلاقي؟ هذا شيء نسمعه كثيراً وقد عقب بعض المؤمنين برب الرمال في مدونتنا هذه بنفس الفكره..هل هم يقصدون ان المُلحد لايخاف من الله؟ ومن لا يخاف من الله لن يردعه شيء عن إرتكاب جريمه؟ إذاً فهم يقصدون الخوف، فلولا الخوف من الله ، لما كان هنالك اخلاق عند الانسان.

هل مصدر اخلاقيات المسلم هي هذا الخوف ياترى؟ ان لم يكن كذلك فلماذا يربطون التصرفات الاخلاقيه بالخوف؟ وبالذات خوفهم من دخول جهنم كما يهدد بها رب الرمال. كلنا لدينا مخاوف مختلفه، فالخوف غريزة طبيعيه نستخدمها للبقاء على قيد الحياه. عندما نكون صغاراً يعلمنا اهلنا ان نخاف من الاشياء التي تضرنا وتؤذينا كالنار وكالاماكن العاليه على سبيل المثال ولكن عندما نكبر الا نحتاج الى شيء اكثر من مجرد الخوف ليحكم تصرفاتنا؟

قال احد فلاسفة روما في وصف معتنقي المسيحيه " يالبؤس الانسان الذي يرتجف خوفاً عندما يتذكر الهه، انه كالعبد الذي يخشي قسوة سيده".

لماذا يرتعد رجال ونساء متعلمين ومثقفين في بلاد الرمال من فكرة غير عقلانيه كالدين او الالهه؟ انه سؤال مُحير فعلاً في عصر فشلت فيه الاديان ان تقف بحُجتها امام المنطق والعلم. ان دراسة كتب الاديان وخاصة من تلقب نفسها بالأديان الكتابيه تلك التي تعتمد على قدسية نص قديم بشكل كتاب قد يلقي بعض الضوء على أصل هذا الخوف و مصدره.

خذ القرءان مثلاً على هذه الكتب فستجده كتاب تهديد، انه مليء بوصوف العذاب والحرق والارهاب بما يكفي لإخافة الاتباع نيران وزبانيه و ثعبان اقرع ودابه وعذاب القبر ثم علامات الساعه الصغري والمتوسطه والكبرى والاكس لارج ..كل هذا هو عبارة عن إرهاب عقلي ليسيطر الخوف على هؤلاء المؤمنين ويجمد لديهم كل ملكات التفكير والتدبير والمقارنه..لذا لاعجب انهم يظنون ان الاخلاق عند الانسان ليس لها من وجود لولا تهديد وتخويف هذا الرب.

كيف يقع هؤلاء في هذه الخديعه الساذجه؟ مع ان هذه الكتب تفوح منها رائحة الظلم وعدم المساواة بين الجنسين وبين الحر والعبد و تنشر المعلومه الخاطئه والجهالة بين البشر وتدعو للعنف والقتل؟ فكيف تكون مصدراً للأخلاق. كيف يكون مصدراً للاخلاق رب عنيف قاسي مثل عديم الرحمه ليس عنده هو أخلاق؟ الايقولون فاقد الشيء لايعطيه؟

إنه نوع من انواع الفوبيا التي تشل التفكير، كمن يرتعد خوفاً من عنكبوته وهو يعلم ان بإمكانه ان يسحقها بقدمه.. العنكبوته على الاقل ليست بشيء خيالي.

لقد لاحظ علماء النفس ان حالات اضطراب الشخصيه يكون سببها الاكبر هو الخوف من شيء خيالي يتهيئه الشخص. الغالب ان مصدر هذا التخيل يأتي من الخلفيه الثقافيه او الدينيه ايهما اقوى في مجتمعه واسرته، الاعتقادات الدينيه كما نعرف لاتخلو من حكايات قصص الجن والعفاريت والسحر والعين والحسد وطرد الارواح الشريره والرقيه وتلبس الجان للانسان . وحين يعتقد المريض بوجود الارواح والاشباح والجان فهي ما يتهيأه ويخاف منه.. يسمي علماء النفس هذا فاسموفوبيا وتصنف من ضمن التفكير السحري الخارج عن المنطق و العقل والواقع.

روى لي بن كريشان هذه القصه: أعرف احداً من عمري، خريج جامعه، إلا ان امه كانت متولعة بشغل الزار وطرد الجن، ونشأ في البيت صغيراً يراهم يتحدثون عن الجن العفاريت، واتذكر في ليلة من رمضان قبل عدة سنوات كنت في احد الخيام الرمضانيه و كان معنا ضابط من شرطة العين. سمع هذا الضابط اسم هذا الصديق في نداء على الدوريه من جهاز يحمله، فقد اتصل هذا الصديق بالشرطه طالباً المساعده لأن احداً سيقتله، فعرفه هذا الضابط من اسمه فقرر الذهاب ليرى الامر، واخذني انا واحد الاصدقاء برفقته..وجدنا هذا الرجل يشير الى سيارته الواقفه في الظلام ويقول انهم هناك..كان يقول "ركبت سيارتي فرأيتهم خمسه من الجن يجلسون على المقعد الخلفي و يضحكون علي..انهم يريدون قتلي. "

حاول رجال الشرطه و معهم صديقي الضابط ان يشرحوا له بأنه لايوجد هناك احد بالسياره، الا انه كان يردد وبإصرار انهم مختبئين عنكم الان و سيطلعون لي بعد ان تذهبون..في النهايه ارسلوه الى المستشفي حيث تبين انه لم يتعاطى مخدرات، ومن ثم حولوه الى الطبيب النفسي. هذه نتيجة التخويف من الكائنات السحريه في الطفوله. ولو فكرت لوجدت مصدر الخوف من الله وعذابه هو التلقين الذي يتلقاه الطفل في صغره.

جميع الاديان تعمل بمنظومة التفكير السحري والذي يبنى اعتقاداً لازماً للتصديق بوجود الهة خفية ذات قدرات خارقة للطبيعه وبوجود اشباح للموتي او ارواح او كائنات سحريه كالملائكه والشياطين.

الاديان تعلمنا ان الشياطين والعفاريت تسكن الانسان وتتلبس الحيوان والملائكة تدخل البيوت وتراقب وتتبع الانسان..كل هذا الهراء يُدخل الخوف في قلب طفل صغير يربياه والديه على التصديق بهذه الخرافات، فينشأ في حياته يسعى الى ارضاء واسعاد البالغين من حوله بإظهاره الخوف من الاله واتقاء شره وعذابه وانتقامه بإتباع تعليماته وطقوسه..بعبارة اخرى يصبح انساناً خوافاً مؤمناً.
نلاحظ ان الجماعات الدينيه تبنى حملاتها السياسيه والاجتماعيه على التخويف، فالمطالبه بإغلاق الحانات والفنادق التي تقدم المشروبات الكحوليه يُربط دائما بالتخويف من تدهور الاخلاق في المجتمع والذي يؤدي بالطبع الى غضب رب الرمال وانحباس المطر وحدوث الزلازل والبراكين ..إن صراخ الخطيب في المسجد ماهو الا تخويف للناس ايضاً وتذكيرهم بتعذيب ربهم لهم بعد الموت، ان لم يفعلوا كذا و كذا .

عندما تربي ابنك على الخوف من العقاب والشعور بالذنب والتقصير المستمر والخجل من نفسه، فأي شخصيه ستتكون عنده؟ هذا مايفعله الدين بأتباعه.


في اوروبا الشرقيه والاتحاد السوفييتي نشأ جيل بأكمله بدون الدين وفي مجتمعات الحاديه لم يكن فيها متدينين يخافون من الله، ومع هذا فإن احتمال ان يسرقك احد او يعتدي عليك في روما قرب الفاتيكان او تنتشل قرب الازهر بالقاهره ، كان اكبر بكثير من ان يحدث لك ذلك في موسكو او وارسو او بوخاريست. كيف لم تنهار الاخلاق عندهم رغم عدم وجود الدين..في الواقع انه الان ومع الهجمه الدينيه الشرسه من قبل المبشرين والدعاة على هذه المجتمعات إزدادت فيها الجريمه والقتل والسرقات. كلما زاد التدين بمجتمع كلما ازداد العنف والنفاق وانتشرت الجرائم، انظر الينا في بلاد الرمال فلم يمر علينا دهر في التاريخ من التدين والتعصب مثل السنوات العشرين الماضيه ولم يصلى الناس بكل هذا الزخم وتتحجب النساء مثل ماهو اليوم..فماذا هي الحصيله، هل لاحظتم انتشار الفضيله والاخلاق؟ لقد اصبحت مجتمعاتنا اكثر سوءً من ذي قبل.

الاخلاق لا تنزل من السماء إنها شيء نفعله نحن، انه نظام التعامل الاجتماعي بيننا وليس له علاقة بالدين، تخيل لو انك تعيش في جزيرة لوحدك وليس هناك بشر معك ابداً..فلماذا تحتاج للاخلاق؟ مافائدتها؟



الكثير من الناس ابتلعوا هذا الطعم، بأن الاخلاق مصدرها الخوف من الله لذا فالاخلاق توجد مع الايمان بالله والخوف منه وتنعدم بغيابه. إن كانت الاخلاق لاتنفصل عن الدين، فكيف توجد اديان طقوسيه في هذا العالم بدون اخلاقيات او معنى، و في نفس الوقت توجد اخلاقيات بدون اديان. الدين والاخلاق مثل مرقة الدجاج بالجزر، بأمكانك ان تستغني عن الجزر وتطبخها بالباذنجان او البطاطا، انها إضافة غير لازمه.

حتى العصابات والمافيا ومهربي المخدرات بينهم شفرات اخلاقيه يحترمونها، لأنه نظام جماعي يعتمد فيه الواحد على الاخر. لماذا اخلاقيات اهل القرى والبلدات الصغيره احسن من اخلاقيات سكان المدن الكبرى كالقاهره ونيويورك؟ لأن الانسان في الشارع لايعود ليقابل الشخص الذي يتبادل معه الشتائم في الشارع والمصالح العموميه فإحتمال الالتقاء به مرة اخرى قليله جداً..بينما في القريه يعرف الناس بعضهم ولايريدون اضعاف منظومتهم الاخلاقيه التي تجعلهم يعتمدون على بعض بصورة مباشره.

مالذي هناك لتخاف منه، الله ليس إلا بعبع خيالي، انه السعلوه، انه العفريت والجني وابو رجل مسلوخه..ماعلاقة ذلك بأخلاقيات الانسان. أهي مؤامرة كبرى من رجال الدين والسياسيين بُنيت على سنين من تخويف الانسان البسيط من هذه الاشياء ليسهُل حكمه؟ ربما.

أن تكون اخلاقيا من اجل الاخلاق ذاتها لهو سبب كافي لأرضاء الانسان، ان هدفنا الدائم هو نشر الاخلاقيات في كل مجالات التعامل بين البشر و تقوية عراها لأن هذا يقود الى سعادة البشريه والامن والسلام. وهذا افضل من التهديد والوعيد بعقاب الاخره. ان الايمان بالاخلاقيات كنظام يتطور معنا اكثر تأثيراً من الخوف من شبح خيالي في السماء..

الله لايعاقب المجرمين والقتله كما ترون..نحن الذين نعاقبهم. سواء بنظامنا القضائي او بالشعور بالعار و الرفض من المجتمع. كم من جرائم منع حدوثها الخوف من الله؟ ولاواحده فكل هؤلاء الذين في السجون مؤمنين بالله وكل مجرم قبل اعدامه يصلى ويستغفر ويتوب، فالمؤمنين المسلمين يقترفون جرائم ولم يمنعهم خوفهم من الله . هل يقضي الملحدون اوقاتهم كلها في سرقة اموال اليتامى وصناديق الجمعيات الخيريه، و اغتصاب امهاتهم واخواتهم؟ لا اعتقد.

ليست هناك اية علاقة منطقيه بين الايمان بالكائنات السحريه المخيفه كالله وملائكته وعفاريته ونيران جحيمه..والاخلاقيات الانسانيه. ان السبب الذي يجعل المسلمون يتهمون الملحدين بعدم وجود اخلاقيات لديهم هو إفلاس الاسلام الاخلاقي.





ان احسن مثل للاخلاقيات الدينيه ماقاله مرة الكوميدي الامريكي إيمو فيليبس: لقد دعوت الله وانا صغير ان يرزقني بدراجة هوائيه، دعوته مراراً وتكراراً في ليال طويله..ثم ايقنت بأن الله لايعمل بهذه الطريقه، فسرقت دراجة هوائيه من طفل اخر ثم دعوت الله ان يغفر لي.


جرذ الرمال بالانابة عن




بن كريشان

ليست هناك تعليقات: