الاثنين

كيف تستخدم اسرائيل الدين للاضطهاد؟

استخدام الكتاب المقدس لتبرير احتلال الضفة الغربية


يشيح كثير من المتدينيين المسيحيين في الغرب اعينهم عما يحدث في اسرائيل على اعتبار انه خلاف سياسي و اقتصادي بين العرب و الدوله اليهوديه. الا يرى هؤلاء ان جوهر الصراع العربي الاسرائيلي يتمحور حول الدين. انه صراع ديني بالتأكيد.

انه من السخريه ان هؤلاء الذين ينكرون دور الدين في اشعال هذا الصراع الدموي المأساوي هم هؤلاء البعيدين عن هذا النزاع. اما الاشخاص الذين في هذا النزاع فهم يعرفون اشد المعرفه بأن دينهم هو القضيه الاساسيه، و انا لا اتكلم عن حماس و الجهاد الاسلامي فقط بل عن الاسرائيليين اايضاً.

الاسرائيليون العلمانيون هم الوحيدون الذين يقبلون بحل الارض مقابل السلام، اما اليهود الذين يعتقدون ان الههم اعطاهم هذه الارض—فهم غير مستعدين ابداً بقبول هذا الحل كتسويه.


مثال على ذلك المايجر ادريان اغاسي ، وهو يهودي متدين ، ضابط في الجيش الاسرائيلي ، ومحامي يشغل منصب قاض عسكري في الضفة الغربية. يقوم المايجر اغاسي بأصدار احكام في قضايا خلافيه بين الفلسطينيين و اليهود حول ملكية الاراضي و النزاعات حول المياه و ما الى ذلك. و تقريبا و في كل حاله يقوم بإصدار حكم في صالح الطرف اليهودي...الى درجة انه حتى المدعين العامين الذين ربحوا القضيه طعنوا في قراراته لأنها منحازه بشكل ظالم لا لبس فيه.

كتبت صحيفة الغارديان البريطانيه مقالا بعنوان " اراض الضفه الغربيه كلها لليهود حسب مايقوله قاض الجيش الاسرائيلي" و هذه مقتطفات منه:

في مقابلة صريحه غير معتاده في إسرائيل تقدم لنا نظرة واضحة لما يجرى من تورط الدين بالسياسيه و عبثه بالقانون للاستيلاء على الاراضي الفلسطينيه بالضفه الغربيه فقد اكد اغاسي ايمانه بأن اسرائيل لديها مُطالبات توراتية في الأراضي التي وراء حدودها ، وأنه ، حتى لمهاجر يهودي يأتي من بلد اخر، فله الحق في العيش عليها بصرف النظر عن أولئك الذين ولدوا فيها ام لا.

وقال ادريان اغاسي "عندما نقول نحن (الإسرائيليين) إن هذا هو صراع سياسي ، فإننا نخسر المعركة" ، وقال للجارديان ، مضيفا أنه ينبغي أن نتذكر أن هذه الأرض القديمة هي ارض اسرائيل "التي اعطاها لنا الكتاب المقدس ، ولم نحصل عليها من قبل الأمم المتحدة ".


اغاسي الذي هو واحد من أهم المسؤولين في المحاكم العسكرية و التي لها سلطة الفيتو على أجزاء كبيرة من الضفة الغربية ، يقول ان توطين اليهود في الأراضي التي تشكل إسرائيل القديمة تنسخ و تلغي كل وصايا الكتاب المقدس وغيرها و فقط عندما يتحقق لليهود ذلك يتحقق لهم وعد الله بالارض و الحياة الموعوده.

"أنت تقول (يحادث الصحفي) أن هذه الأراضي سُلمت في أيدي اليهود '. ولكننا نقول انها عادت إلى أيدي اليهود. واضاف حسب ادعائه ، من الخطأ أن نسميها دولة إسرائيل فلو سمينها دولة اليهود فسيفهم العرب ان هذه الاراضي ليست لهم بل ملك اليهود."



من الواضح للقاريء ان موقف هذا الابله يقوم على التحيز لمعتقداته الدينيه و تفسيره لكتابه الخرافي. و اذكركم ان هذا ليس بشخص من عوام الشارع الاسرائيلي بل هو هو مسؤول كبير له تأثير كبير على العاملين معه و في مجال السلطه التي يتمتع بها. حتى لو كانت وجهات نظره غير مألوفه و غير قابله للتصديق من قبل الغرب المؤيد لإسرائيل كدوله تدعي بانها " ديموقراطيه علمانيه" فأنه يشجع كثيرين على اتخاذ مواقف مماثله لا تمت للحقيقه بصله و مبنيه على خرافات هذه الكتب.

اننا كعرب كذلك نخسر المعركه عندما لا نبين كيف ان هذا الخلاف هو ليس سياسيا ابداً بل هو ديني. فلو كان خلافا سياسيا فهذا يعنى ان المؤسسه السياسيه المتمثله بالحكومه الاسرائيله هي التي لديها القرار في امر اليهود و ليس كلام كتب التوراه الاسطوريه. ليس هناك سلام من الممكن تحقيقه مادام الفاصل و المحرك هو الخرافه الدينيه. ان رفض الحكومه الاسرائيليه للتسويه و المماطله يعكس ازدياد نفوذ المتدينيين فيها وهؤلاء ببساطه سيتجاهلون معاناة الناس – يهود و فلسطينيين—و سيتجاهلون جميع المصالح الاقتصاديه و السياسيه بناء على اوامر ربهم.



مادمنا نتعامل مع هذا الخلاف كصراع سياسي فإننا لن نرى الاشخاص الحقيقيين مثل ادريان اغاسي الذين يحركون الامور من الخلف، ان اعتبار هذا الصراع ديني، سيستدعي من إسرائيل ان تثبت العكس، و يتطلب منا ان نواجه الامر بعقلانية و عمليه بعيدا عن الاسلام كذلك. هذا سيجعل لنا مؤيديين من عقلاء العالم فمتدينونا لم يزيدوا الطين الا بلة هم الاخرين.

تتابع الغارديان:

خدم اغاسي اولا في الاداره القانونيه التي اشرفت على مصادرة اراضي الفلسطينيين لأقامة المستوطنات في الضفه الغربيه و من ثم تم تعيينه قاضي في المحكمه العسكريه التي تقرر الحكم النهائي في منازعات الفلسطينيين، فيحكم بالستيلاء النهائي على اراضيهم..لم يفز اي فلسطيني في اي قضيه امامه. (هو حاميها و حراميها. )

اغاسي ينفي ان اعتقاده الديني يؤثر على احكامه – منتهى الاستهتار- و يقوم بعض نقاده بمحاولة إستئناف ضده في المحكمه العليا و ضد احكامه التي صدرت بتحيز لصالح المستوطنين. ادريان اغاسي لم يصل الى وظيفته الحالية من تلقاء نفسه – فقد وضع هناك بواسطة أشخاص من ذوي النفوذ في الحكومة الاسرائيلية.

انها من السخريه بذكاء الناس ان يقنعونا بانهم لم يكونوا على علم بتعصبه الديني وآرائه الدينيه المتطرفه و ما سيؤدي اليه ذلك من احكام مجحفة ظالمه. امقتنعون بأن الاخرين سيصدقون بأن ليس لديه صله مع مرؤوسيه او انهم لاينظرون الى احكامه و ارائه بصورة ايجابيه تصب في صالحهم.



ويقول اغاسي الى اتفاق سلام مع الفلسطينيين "يتعارض مع الطبيعة" لأنه بقدر ما يمكنه أن يرى فأن شيئا لم يتغير خلال٤۰۰۰ سنه في أرض إسرائيل ، وان العرب ليس لهم حق في ارض اسرائيل. المصطلح الذي يستعمله اغاسي هنا هو لعبه اسرائيليه قديمه تعتمد على ذكر العرب بدل الفلسطينيين على اساس تشويه الصوره الواقعيه و انكار و جود قضية شعب فلسطيني..فالعرب عندهم اراض اكبر من اسرائيل وهم المتبلين على اسرائيل، اما الفلسطينيين فليس لهم وجود هنا.

اغاسي قام بإرسال المئات من الفلسطينيين الى السجن خلال العشر سنوات الماضيه على اساس انهم تهديد امني..ولكن اكان هدفه كراهية دينيه ضدهم؟ من يعرف الحقيقه تحت هذه الاداره ذات التوجه الديني. و عندما تتكلم مع الاسرائيليين يقولون ان هؤلاء ارهابيين يستخدمون الاسلام لقتل اليهود..ايوه ياحبيبي، و ماذا تفعلون انتم ؟ الا تستغلون دينكم لذات الشيء؟

يرى اليهود ان الفلسطينيين مدفوعين بدينهم فقط—فكان الحل ان يصبحون هم مدفوعين بدينهم ايضا، كيف يتم حسم صراع يكون الطرفين فيه ملتزمان بالدوافع الدينيه و اهدافها؟



أن حل هذا الخلاف لايكون الا بإزالة الدين منه . ان الصراع الفلسطيني الاسرائيلي يسير الى الوراء و يزداد صعوبة في الحل بسبب تورط الدين فيه..الحل السلمي يكون بالتخلص من الحلول الدينيه و البحث عن شيء اخر، خارج كتب الخرافه.

بن كريشان

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

تنقصك لا اله الا الله محمد رسول الله