الأربعاء

هل سيبقي الاسلام مهيمناً علينا لأبد؟







لمحت تشاؤماً من بعض المُلحدين في "شبكة المُلحدين العرب" اثاء حوارهم معي من خلال تعليقاتهم واسئلتهم من ان الإسلام لن ينتهي وربما سينتشر أكثر.

وإن كنت قد أجبت على هذا اثناء اللقاء، إلا إنني أرتأيت ان اكتب عن الموضوع بالمدونة هنا لأوضح مرة اخرى إستحالة هذه الفرضيه. ودعوني اولاً اطرح عليكم هذا السؤال: الاتبور السلع؟

عندما تذهب للتسوق اليوم جرب ودقق في اسعار اجهزة الديڨي .دي. انها تباع بمبالغ زهيدةٍ جداً..لقد وجدت احدها معروضاً بمائة وخمسين درهماً فقط الأسبوع الماضي. للعلم عندما نزلت هذه الأجهزه للسوق كان الجهاز منها يُسام بخمسة الاف أو ستة الاف درهم. اتعرفون السبب؟

لقد تغير السوق واصبحت ليست هناك حاجة لهذا الجهاز فالكومبيوتر الشخصي يأتي وبه ديڨي .دي. كما ان وسائل تخزين المعلومات على ال يو.إس.بي في طريقها لتمحي الاقراص من الوجود. لا ادري لماذا يستخدم الناس الفاكس اليوم؟ الشركات المعاصره صارت تزيل ارقام الفاكس من عناوينها حتى لاتبدوا كشركات قديمه و متخلفه. هل تذكر صناعة تحميض وطبع الافلام؟ الم تنقرض؟ مصنعوا الكاميرات اليوم تحت التهديد بالفناء والخروج من السوق بسبب دخول العصر الرقمي فصارت شركة الكترونيات مثل سوني وسامسونج، تنافسان في تصنيع الكاميرات شركة كانون المتخصصه و لاندري الى متى ستبقى الاخيره صامدة.

تبور السلع بتغير السوق، فلماذا لاتبور الأفكار القديمه بظهور أفكار تنافسيه افضل واحدث تؤدي الدور بكفاءة أكثر؟

تشير الدراسات الى ان الالحاد والعلمانيه أكثر إنتشاراً في المناطق التي تكون الحياة فيها اكثر اماناً للفرد من حيث الثروه والضمان الاجتماعي الذي تقدمه الدول لمواطنيها. مثال لهذه الدول ، البلاد الاسكندنافيه واوروبا الشماليه.

تنتشر الأديان اكثر في البلاد الفقيره و التي تفتقر الى الأمان الوظيفي والتي لاتقدم الدولة فيها اية ضمانات إجتماعيه لمواطنيها- كأغلب بلاد الرمال- . ماهوسبب هذا ياترى؟

السبب هو ان افكاراُ مثل الضمان الاجتماعي والصحي والوظيفي إضافة الى توفر الخدمات العلاجيه النفسيه صارت اكثر فاعلية من الأشياء التقليديه التي يقدمها الدين. اليست هذه هي المُنافسه؟

إن مانسميه المنافسه او قوى السوق هي في الواقع جزء من طبيعة التطور والبقاء للافضل. المواطن في السويد على سبيل المثال او في هولندا عندما يخسر عمله لايقلق فلا يصيبه الضغط ولايموت مثل الانسان المسكين في بلادنا ، فالدوله تتكفل بإستمرار بتعليم اولاده وتقديم العلاج الصحي له و لهم وسيحصُل على راتبٍ يكفيه ليعيش مُكرماً حتى يجد عملاً أخر.

هذا التضامن هو نتيجة طبيعيه لقيام هذا المواطن بدفع الضرائب للدوله من اجل الحصول على هذه الخدمات..وعندما يصيبه اضطراب وقلق يلجأ الى المعالج النفسي. العلاج النفسي في هذه البلاد متوفر ولايعنى ان الشخص الذي يذهب للطبيب النفسي شخص مجنون بل يحتاج الى من يساعده للتأقلم مع التعارض والخلافات التي تنشأ بسبب الجو الأجتماعي وبيئة العمل وضغوط الحياة . وعندما يختلف الزوجان فهناك ايضاً مُصلح زواج متخصص ومدرب على التعامل مع هذه حالات المشاكل الزوجيه. ولكن مالذي يحدث لمواطن احد الدول الفقيره؟

لن استخدم مثال من اي من بلاد الرمال حتى لايزعل احد الأخوان والأخوات كما حدث عندما تحدثت عن ليبيا. فالنقل في الفلبين ذلك البلد الكاثوليكي المتدين الفقير. لاتوفر الدوله اية فرصة عمل للمواطن رغم انها تأخذ منه الضرائب ولاتهتم بتزويده بالعلاج ولا بالتعليم و عليه ان يدفع من جيبه لكل ذاك..في غياب الدوله جاءت الكنيسه و ملئت الفراغ. في المستشفى الذي تديره الكنيسه يمر القساوسه يدعوذون بصلواتهم ويلوحون بصلبانهم في زيارات للمرضى بين زيارات الطبيب. ويرسل الفلبيني ابناؤه لمدرسة تهيمن عليها الكنيسه يتدعوذون ويصلون مع بداية كل درس وعندما يمر المواطن الفلبيني بصعوبات في حياته فلاطبيب نفسي ولا مصلح زواج فالكاهن هو من يلعب كل هذه الأدوار.

يبدو ان الناس تلجأ للدين للتغلب على مشاكلهم الأجتماعيه و الخوف وعدم اليقين في حياتهم. انه المرهم الذي يداوي الصعوبات. ولكن مالذي حدث في الديموقراطيات الأجتماعيه في شمال اوروبا؟ هناك خوف اقل وإطمئنان وثقة بالنفس اكثر بسبب وجود بديل افضل واكثر عملية وفعالية.

ان توفر الرعايه الصحيه يقلل من عدد الوفيات ويطيل عمر الأنسان..هؤلاء الناس يحسون انهم اقل عرضة لشرور الطبيعه ولذلك يسيطرون على مقدرات حياتهم بعكس الناس في الفلبين وبلاد الرمال الغير محظوظين ..لذلك فحاجتهم الى الى الدين أكبر.

حتى الدور النفسي الذي يلعبه الدين في حياة الفرد اليوم ، يواجه منافسة شديده في المجتمعات الحديثه حيث ان قدرات الطب النفسي العلاجيه تفوق كل الأدعيه والصلوات التي يُوصي بها الشيوخ و القساوسه. الفرق بين الاثنين هو الفرق بين الافيون و البنسلين.

عضوية الفرق الرياضيه و النوادي الأجتماعيه تزود الانسان في هذه الدول ببدائل عن الحياة الأجتماعيه والروحيه في الكنيسه، ونفس الشيء بالنسبة للموسيقى وغيرها من وسائل الترويح والتفريج عن النفس. الكنيسه تحاول العوده اليوم الى عقول هؤلاء بالسماح للشباب بدخول الكنيسه بدون قيود على اللباس وتوفر لهم موسيقى الروك " الانجليكاني" من اجل البقاء ولكنه اخر نفس تلفظه..مثل محاولة عمرو خالد المتأخره في انقاذ مايمكن انقاذه من الاسلام .

لو فسرت اسباب خسارة الكنائس لأتباعها في هذه الدول ستجد ان التفسير الوحيد هو المنافسه. الدين هناك يعاني من منافسة افكار جديده اكثر عقلانيه و تطوراً وتأثيراً. هذه الاساليب الجديده متوافقة مع العقل والعلم ومع الحمايه التي يقدمها المجتمع من خلال خدمات الضمان الأجتماعي والخدمات النفسيه توفر بديلاً حقيقياً عن الدين. هذه البدائل ،على عكس الأديان متوفرة بدون شروط الإستعباد للدين ولله أوللكاهن والشيخ.

حتى الناس الذين مازالوا مُؤمنين لم يعودوا يعتمدون على الكنيسه و صاروا يعيشون حياتهم هناك بشكل علماني لاتهيمن فيه الكنيسة على حياتهم و قراراتهم. هذا الشخص المؤمن من الممكن ان يكون منتقداً للدين ايضاً وتصرفات المتدينين بدون اي تحفّظ من اجل حماية حياته العلمانيه الحره.

الناس هناك لايستبدلون دينهم بالاطباء النفسيين والخدمات الاجتماعيه والفرق الرياضيه بل يستبدلون الطريقه التقليديه القديمه للتفكير بالدين...بالحياة العلمانيه العمليه.

هل فكرت يوماً ماهو سر التذمر والحرب التي تشنها المواقع الاسلاميه ضد العلمانيه والالحاد، ان لم تكن هذه الافكار افكاراً تنافسيه تهدد وجود الفكر الديني. افكاراً اقوى واذكى وأكثر عقلانيه وايضاً خالية من الحاجه الى تبرير الخرافات مثل قصة نملة سليمان و كابتن نوح ويسوع سبايدرمان اللي يمشي على المياه.

هنا تتغير القصه تماماً. ان شكوى المسلمين من العلمانيه و الالحاد وما يكتبون عنها هي تعبير عن الخوف من المنافسه والحاجه الماسّه لإبعاد الزبائن المؤمنون عنها.

الالحاد عندما يظهر في هذه المدونه اوغيرها ويعلن عن وجوده...فهو يعلن عن وجود بديل ذكي افضل..ويدعو الناس الى تجربة فكرة احسن من الايمان الأعمي ..تجربة فكر بديل يعطي الانسان استقلالية ويقيناً وثقة لا تعتمد على قوى خرافيه و معجزات خارقة للطبيعه وسحر..بديلاً واقعياً مبني على انسانيتنا...فكر نتخلص بواسطته من احتكار الدين لعقولنا لقرون طويله ونتخلص بواسطته ايضاً من الخرافه وقصص الوهم الي زرعها الدين في عقولنا ونحن اطفال...من الطبيعي ان يحاربه الفكر الديني خوفاً من خسارة سوقهم التي كانت رائجه.

نحن اخواتي واخواني نعيش هذه المرحله..لقد تغيّر الزمن وانتهت صلاحية الفكره الدينيه . سواء طال الامد ام قصُر..فالالحاد والعلمانيه قد قصفا عمر الخرافه الدينيه ولم يبق منها شيء .

ولو قاوم الدين وخرافاته بكل جبروت مُلكه وسيطرته على وسائل الاعلام..و بهيمنته على أصحاب السياسه..واستغلال رؤساء جمهوريات بلاد الرمال والملوك له...وكل اموال النفط من خزائن مملكة الرمال الكبرى فلا فائده... فقد ماتت الخرافه، لقد انتهت...انها ليست صحوة دينيه..بل سكرات موت محتوم .

بن كريشان

هناك 5 تعليقات:

Unknown يقول...

الالحاد طبعا موجووود
ومن زمااااااااااان
صحيح ان الاسلام وخاصة النبي كان النور الذي محى الالحاد والجهل لمدة طويلة
ولكن لا ننكر بوجوده
علما ان الحداثة والتطور غير مقرووون بدين الانسان يا طيب
اليابان يعبدون الاجداد ومتطوريين اكثر مني ومنك
والمسلمين لهم باع كبير بالعلم وبيل غيت الذي ذكرته بمقال سابق لك شهد على هذا الامر بنفسه عند اجتياح العراق
والكلام وان كان بسيط في الرد ولكن يطول لذا بالتوفيق في مدونتك

love يقول...

الله اكبر والحمدلله الذي هدانا الى الاسلام والذي انار عقولنا وقلوبنا من ظلمات الجهل والالحاد الذي يرفضه العقل البشري السليم والفطرة السليمة

غير معرف يقول...

يا استاذ كريشان ، الاديان السخيفة دي هتندثر و هتتحول الى فلكلور و تراث و هتسقط عنها القدسية الزائفة لا محالة بس محتاج انك تكون واقعي شوية و تحط جدول زمني اكثر عملية.

انا باعتقد في عصر الانترنت و حرية المعلومات بالاضافة الى تطرف الاديان و اتباعها هيساعدوا ان العالم يبقى ملحد و يتبنى منهج العلم و العقل و الفكر في فترة اقل من 100 سنة. اللي متاكد منه ان القرن القادم هو قرن الالحاد و نهاية الاديان و بالذات دين الارهاب

shams يقول...

كالعادة
مقال رائع جدا
و اتمنى ان تتحفنا دائما بافكار اللادين النيرة
دمت بخير

MOH يقول...

حفدة القردة و الخنازير
لن أنزل الى منزلة القرد و ارد عليك
لأن القرد لا يفهم و لا يعقل .
ما فضحكم الا الاسلام
انني ارى ان أوربا سيكون ربعها أو نصفها مسلمون في القرن القادم
لما في ديني من حق و علم .