الاثنين

تصدّق ولاّ أحلف لك

هل فعلاً يصدّق المؤمن مايؤمن به؟





تصدّق ولاّ أحلف لك..ذهبت في رحله سريعه الى عمّان، الاردن لأحضرحفل زواج صديقي باسم الربابعه الذي كان طالباً معي في لوس انجليس...هذا سيكون زواجه الثاني بعد ان ظل مُطلقاً لثمانية سنوات ونصف تقريباً.

لقد زعلت انه ليس هنالك وقت في هذه الايام الثلاث لإستكشاف الاردن والتي لاتستطيع الا ان تلاحظ كرم وتعاون اهلها معك بمجرد ان يعرفوا انك غريب عن الدار..كما انهم بدو اهل قهوه ونخوه...وفيهم شيء من اهل العين.


عمّان مدينة مدهشه بتلالها التى تنتشر عليها المباني العشوائيه فترسم صورة صارخة التناقض مع قلب المدينه الحديث المعمار والمنظم. منظر عمّان بالليل من هذه التلال يشبه مدينة العين من فوق جبل حفيت.



الاردن ليست فقط البتراء كما كنت اظنها، تلك المدينة النبطية المدهشه والتي لم احظ بالوصول اليها، الاردن يدهشك بقلاعه وكنائسه القديمه وبأثاره الرومانيه...وبالمنسف الاردني كذلك... رغم لطافة الاردنيون الذين قابلتهم ..فهم يعتليهم حزن لا اعرف مصدره وكأنه عدم رضا عن الحياة، ولا الومهم فهم بلد بين العراق ومايدور فيه ..وفلسطين وما يحدث بها. وضع مثير للقلق ولكن مع هذا تجد الاردن من اكثر بلاد العرب امناً و سلاماً. هذه صور من كاميرتي كما رأت عيني الاردن.

ان اكبر الاخطار التي تتهدد عالمنا العربي، ليست فقط الاحداث السياسيه والعنف الطائفي والصراع العربي الاسرائيلي وقضايا السودان...بل ايضاً ضعف القدره على التفكير. وهذا بحد ذاته يتطلب اهتماماً كبيراً لايقل عن قضايانا الاخرى. التفكير اهم من القيم الانسانيه لأنه مايقودنا اليها و هومايجعلنا نحافظ عليها. القيم بدون تفكير شيء خطير جداً وهو مانرى عليه حال المؤمنين بالاسلام وغيره من الاديان.


نحن العرب لم نعط بالاً للتفكير السليم على مدى حضارتنا التي تزيد عن الف عام. بل ربما كان العرب الاقدمون افضل منا في استخدام ملكة التفكير مما نحن عليه اليوم، فبدل ان يقود التفكير تصرفاتنا اليوم، تقوم العاطفة بذلك. عندما تقرأ للعرب تجد ان مايحركهم ويشكل رأيهم هي العواطف اولاً.

عندما تحركك العاطفه فتصورك للحياة والاحداث يختلف تماماً عما هو عليه ويخالف المنطق.

لقد كانت فترة عصر النهضة بأوروبا حقبة اعادت الينا ذلك التفكير الاغريقي الجميل..التفكير الواقعي المغاير للتفكير السحري المهيمن على الشرق. وعندما انتشر هذا النوع من التفكير فقد قضى على احتكار المعرفه من قبل الكنيسه فنعمنا بهذه الحضاره التي نعيشها اليوم.




كانت المدارس والجامعات والكتب بيد الكنيسه. لم تكن الكنيسه ورجال الدين بحاجة الى التفكير والمفكرين، بل كانوا بحاجة الى المبررين والذرائعيين الذين يقومون بدور في الاجابة على الهراقطه واصحاب الاديان المخالفه. كانت الكنيسه تظن ان هذا المستوى من التفكير كاف جداً لأنه يعتمد فقط على محتوى الكتاب المقدس الانجيل ذاك الكتاب الذي لم يترك صغيرة ولا كبيرة الا احصاها (غمزه).

العوده للتفكير الشكي والمنطقي الاغريقي انتشر خارج الجامعات والمؤسسات التعليمه حتى حطم قبضة الكنيسة على عقل الانسان وحرره منها وذلك بتبيان اخطاءها الفادحه في اسلوب التفكير ذاته.




تجد ان الدين في كثير من الاحيان يؤكد ايمان الانسان بترديد ماهو تحصيل حاصل مثلاً: انظر الى السحاب كيف يسير في السماء..الله يسيّره! الا ترى هذه الجبال؟ من رفعها..اليس الله؟ الم ترى الشاورما..من عملها، اليس هو ربنا الشوارمجي؟ تصدق ولا أحلف لك؟



كنت استمع الى اذاعة القرءان من ابوظبي كعادتي وانا اسوق السياره وكان المقريء يرتل من سورة القصص على لسان فرعون: فأوقد لي ياهامان على الطين فاجعل لي صرحاً لعلى اطلع على اله موسى واني لأظنه من الكاذبين. فففي هذه الايه يطلب فرعون من وزيره هامان ( خطأ تاريخي لأن هامان ملك فارسي) ان يبني مبني عال جداً حتى يصل الى السماء وينظر بعينه ان كان رب موسى " الله" موجود هناك ام لا. تخيل ان برج خليفه اطول برج في العالم وقد بُنى بتكنولوجيات لم تكن متوفره لقدماء المصريين لا يصل الى كيلومتر واحد..فإذا اراد فرعون ان يبنى هذا الصرح فسيحتاج الى اكثر من ۲۰۰ كيلومتر من الجص والطين والحجاره والخشب ليصل الى الفضاء الخارجي بس..فكم سيحتاج حتى ليمر فقط بجانب كوكب المشترى، وهل هناك سماء اصلاً؟ هذه مجرة لا نعرف اليوم حدودها وربما ليس لها نهايه..فكيف يتخيل من يستمع لهذه الايه هذا. مالذي يدور بذهنه وهو يستمع لها؟




تخيل ان هنالك متعلمين واطباء ومهندسين وغيرهم من المؤمنين كانوا يستمعون لهذه الايه من الاذاعة معي وفي نفس الوقت، الم يتشكك احدهم مثلي؟..اتصدق انهم يؤمنون ويصدقون هذه القصه؟ لنذهب لنقرأ كيف تشرح كتب التفسير هذه الايه:

"جمع هامان من العمال حتى اجتمع خمسون الف بناء من سوى الاتباع والاجراء وأمر بطبخ الاجر والجص ونشر الخشب وضرب المسامير فشيدوه حتى بلغ مالم يبلغه بنيان احد من الخلق من قبل.فبعث الله تعالى جبريل عليه السلام عند غروب الشمس فضربه بجناحه فقطعه ثلاث قطع. قطعة وقعت على عسكر فرعون فقتلت الف الف رجل ( مليون) وقطعة وقعت في البحر وقطعة وقعت في المغرب ( ما بين فاس ومكناس) ولم يبق احد من عماله الا هلك ويروى ان فرعون ارتقى فوق الصرح ورمى بنشابه نحو السماء ( اطلق سهماً من قوسه) فردت اليه ملطوخة بالدماء ( ربما انغرس في طيز الله) فقال قد قتلت اله موسى."



لو طارت مركبة فضائيه ستة ترليون ميل في السنه يعنى هذا ان تسير بسرعة ۱۸٦۰۰۰ ميل في الثانيه فستصل الى كوكب الفا سنتوري فقط بعد خمس وعشرون سنه ..وهذا كوكب نقدر ان نراه بتلسكوباتنا فمابالك ببقية الكون ..ارقام مذهله وبعد لم نر اين هذه السماء. تصدق ولا أحلف لك.




انا متأكد انه في قرارة نفوس هؤلاء لايصدقون هذه القصه ولكن كيف يظلون على ايمانهم بالله والقرءان؟ اعتقد ان هؤلاء يراوحون بين ايمانهم وتفكيرهم بين تأكيد ايمانهم او تأكيد تفكيرهم...تصدق ولا احلف لك؟

قضيت حفلة رأس السنه مع مجموعة من الاصدقاء الايطاليين في مطعم في رومانيا قريب من الحدود الهنغاريه. فيوليتا وهي زوجة روبيرتو احد الذين تعرفت عليهم هناك.. ارادت ان تقول نخبها وان تدعوا لي بالصحه فتمنت ان يعطيني " الله" - وقالت الاسم بالعربيه - السعاده والصحه والثروه..فقلت لها انا لا اؤمن به..وكانت صدمة لهذه المسكينه فقالت كما يقول المؤمن عادة: ولكن اذا لم تؤمن بأي شيء فمن اين تستقى اخلاقياتك..قالت في معرض حديثها هذه الجمله: ان الكتاب المقدس مثلا يحرم السرقه والقتل..وانت بالتأكيد لاتريد ان تسرق وان تقتل احداً فأنت حتى لو لم تؤمن فأنك تعمل بالاخلاقيات العظيمه التى علمنا اياها الدين.

كان جوابي عليها ان كتاب الهندوس الفيدك اقدم من الانجيل والقرءان بألاف السنين وقد ذكر كذلك تحريم القتل والسرقه وبالتالي يصبح القرءان والانجيل مجرد كتابا تسجيل للوقائع التي حدثت من قبل..وليسا كتابان دينيان من سلطة اخلاقيه. وهنا اعود بكم الى مثالي الاول الاترى هذه الجبال..الله رفعها. الا ترى هذه الاخلاق..الله وضعها، انه تحصيل حاصل لشيء سابق الحدوث ومعروف قبلاً.


الاخلاقيات تطورت مع البشر مثلما تتطور قواعد التعامل في اي قطيع من الحيوانات..ولكن بتطور وذكاء اعلى. كيف يظن المؤمن ان كتابه المقدس يحمل الحقيقه وهو ليس الا ترديد ماهو تحصيل حاصل؟ كيف يقنع نفسه ياترى بالحيه التي تتكلم في الكتاب المقدس..وبالنمله الناطقه في القرءان الكريم؟ هل يوجد حيات ونملات يتكلمن في هذا العصر؟ يوجد فقط بعض الحمير التي تتكلم هذه الايام.

ان الاخلاقيات والقوانين المستمده من القرءان والكتب المقدسه موجده وعرفها الانسان من قبل، كما عرف الانسان من قبل وجود الجبال..كل المعارف التي يذكرها الدين كانت معروفة وموجوده شوفة عينك من قبل ولكن الدين يدعيها ويقول هذه معجزة واعجاز وتعجيز..اليس هذا كلام تحصيل حاصل؟ يسمع المؤمن قصة مثل قصة فرعون الذي بنى هذا البرج العالي وضرب بسهمه السماء..فهل يعقل انه يصدق هذه القصه، اليس في نفسه شك؟ انا اظن ان كل هؤلاء المؤمنين بالاسلام والمسيحيه في الحقيقه يصدقون ..بما يعرفون انه غير صحيح.




ما رأيك انت؟ تصدق ولا أحلف لك.


بن كريشان

ليست هناك تعليقات: