الاثنين

الإسلام السياسي..اسلمة المُجتمع

هل هناك فكر يقف خلف مظاهر الإسلمه؟


كتبت آيا في بوست سابق نقلاً عن مقال للعفيف الأخضر :

"الثورة الإيرانية، كأول ثورة ظافرة في تاريخ الإسلام السياسي الحديث، نموذجية في محاربتها المدروسة للحداثة. فقد هيأت جميع التدابير واتخذت جميع الاحتياطات الضرورية لاجتثاث الحداثة بسد المنافذ التي يمكن أن تتسلل منها إلى وعي الإيرانيين وأسلوب حياتهم. بما أن المؤسسة المدرسية هي وسيلة أساسية لإعادة صياغة وعي الأجيال الجديدة، فقد بادرت القيادة الإسلامية إلى إغلاقها لمدة سنتين لأسلمة المناهج والكادر المدرسي لتأثيث الوعي الجمعي بالأحكام الشرعية والرؤية الإسلامية للعالم. طردت حوالي ٤۰ ألف مدرس وجامعي من المشكوك في ولائهم للمشروع الإسلامي، أوقفت إرسال البعثات للجامعات الغربية ومنعت الطلبة من الالتحاق بها.

و"حرصاً على الفضيلة"، ألغت الاختلاط بين الجنسين في المدارس والجامعات. كما شكلت ميليشيات رجالية ونسائية لفرض السلوك الإسلامي في الشارع، وحظرت السفور : يعاقب القانون الإسلامي من "تسيء ارتداء الحجاب" بـ ۱۵ يوماً سجناً أو۷۵ جلدة، وفرضت على النساء اللون الأسود كحداد دائم على الأئمة، وعلى غيبة الإمام الـ ۱۲، ورجمت حوالي ألفي امرأة.

بالمثل تمت أسلمة الإعلام، هذه الجامعة بلا جدران الضرورية لإعادة صياغة الشعور واللاشعور الجمعيين. منعت الصحافة الغربية وكذلك الدِش (الأطباق اللاقطة) لمنع مشاهدة الفضائيات العالمية،وحظرت استيراد الأفلام الأجنبية .حقيقة واحدة فاتت قيادات الإسلام السياسي، سواء في السودان حيث يقضي القانون الإسلامي بالجلد على كل امرأة لا ترتدي الزي الإسلامي، أو في غزة حيث أصدرت الشهر الماضي قانوناً إسلامياً يعطي للشرطة –دائماً حرصاً على الفضيلة– الحق في "تفقد الأماكن الخاصة والعامة لمنع الاختلاط والسفور الفاضح" وعرض المناظر المثيرة للشهوات مثل العرائس البلاستيكية، وفرض الحجاب على المحاميات... أو في إيران، حيث كل تعبير حر عن غرائز الحياة يُعاقب بالسجن والجلد والرجم، هي حقيقة "روح الحقبة" التي تعلو ولا يُعلى عليها. "




ظاهرة اسلمة الحياة تحيط بنا امثلتها الكوميديه يومياً في بلاد الرمال، فتأتي على شكل العروسه فله، او مكه كولا،كتب العجز العلمي..أقصد الأعجاز في القرءان، الأنشاد الاسلامي الخالي من الايقاع، مقاطعة منتجات عالميه و الهوس بمقاومة مؤامره.

------

وليس من قبيل المصادفه أن يكون هناك معلق على نفس المقال يمثل بتعليقه هوية الاسلام السياسي و يعبر عن هذه التآمر في خطابه البروباغندي و بكل وضوح.. كتب هذا المعلق الغير معروف:

"لا أعلم إن كان تعلقنا بالألفاظ وإطلاقها هكذا على عواهنها هو من باب الإفلاس والتقليد الأعمى أم إنه مجرد موضة نتبعها حتى يتركها وينتقل إلى غيرها واضعوها ؟ فهناك عدد من المصطلحات والمسميات التي يتعلق بها إعلامنا العربي ويرددها ترديد الببغاوات حتى وإن كان ذلك الترديد يسيء لقضايا الأمة ويدمغها بالتخلف ويضعها في خانة الإجرام. فمصطلحات وكلمات من مثل الظلاميين والطالبانيين والتكفيريين والإرهابيين والإسلاميين هي كلمات وضعت في الأساس من أجل الإساءة لهذه الأمة والتقليل من أهمية ما تتخذه من خطوات لمقاومة المحتل ورفض ما جاء به من أفكار عبر غزواته الكثيرة التي يندرج بعضها ضمن الغزو الحربي والآخر ضمن الغزو الفكري والثقافي والفضائي. فهناك عدد من المصطلحات والمسميات التي يتعلق بها إعلامنا العربي ويرددها ترديد الببغاوات حتى وإن كان ذلك الترديد يسيء لقضايا الأمة ويدمغها بالتخلف ويضعها في خانة الإجرام. فمصطلحات وكلمات من مثل الظلاميين والطالبانيين والتكفيريين والإرهابيين والإسلاميين هي كلمات وضعت في الأساس من أجل الإساءة لهذه الأمة والتقليل من أهمية ما تتخذه من خطوات لمقاومة المحتل ورفض ما جاء به من أفكار عبر غزواته الكثيرة التي يندرج بعضها ضمن الغزو الحربي والآخر ضمن الغزو الفكري والثقافي والفضائي. "

أغرب ما في التعليق أعلاه انه لايعدو نفسه كونه ترديداً ببغائياً لبروباغندا الإسلام السياسي. لنفهم الإسلام السياسي و الدور الذي يلعبه في مجتمعاتنا يجدر بنا أن نعود الى الحقبه الرئيسيه التي تشكل فيها. انها حقبة الحرب البارده والتي بلغ فيها تناقض الأقطاب حداً كبيراً متمثلاً في التناقض السوفيتي الأميركي. ودعونا نتعرف على الحقيقه و إن كان يستحق فعلاً أن يسمونه ظلامياً و طالبانياً و تكفيرياً؟



ولادة الإسلام السياسي كما نعرفه الأن جاء بعملية تحريك سياسي قامت بها الولايات المتحده و بالتعاون مع القوى السياسيه المواليه لها في الشرق الأوسط ( السعوديه ومصر آنذاك). إستُخدم الإسلام السياسي لأهداف داخليه و ذلك للقضاء على القوميه العربيه و الحركه الاشتراكيه لتضامنها مع روسيا ، و لأهداف خارجيه وهي ضرب الوجود الروسي في افغانستان.

نرى أن صديقنا المُعلق "يردد" هو الأخر و يمجد في الدور المُحارب الذي سيلعبه الإسلام في صد ومقاومة الإحتلال وما يسميه الغزو الفكري و الثقافي و الفضائي. وإن كنت لا افهم الأخير فنحن لم نغزو الفضاء بعد و ده بعدنا طالما كنا تحت قيادة الإسلام السياسي. ان الأحتلال للعراق لم يكن موجوداً اصلاً عندما ظهر الإسلام السياسي للوجود، والذي كانت مطالبه الأصليه " إخراج النصارى من جزيرة العرب".

لايوضح صاحبنا في تعليقه ماهي قضايا الاسلام السياسي ؟ مالذي يقف خلف اتهامات التخوين و التكفير للمفكرين و مختلفي الرأي عنهم؟ ماهي القضيه التي يناضلون من اجلها بالضبط عدا حمايتنا من " الغزو الفكري الخارجي"؟



هل بمقدور الإسلام السياسي ان يقدم البديل؟ هل يقدر ان يخلق حضارة تفوق الحضاره الغربيه نباهي بها الأخرين، أم انه يقودنا الى الفاشيه و الدكتاتوريه الشموليه والتسلط؟ لماذا يريد ان يمنعنا من ان ننهل من علوم أفضل حضاره مرت بها البشريه في التاريخ.

إن الهويه الإسلاميه قد استثيرت مؤخراً ومن بعد احداث سبتمبر بشكل هيستيري يثير الضحك احياناً و اصبحت تحاول ان تظهر كحركة رفض و مقاومه بتلك الصور الكوميديه التي ذكرتها من مكه كولا، وبرقعكيني والبسة الحجابات الغريبه والبنوك الاسلاميه و التطبب و الحجامه وحتى محركات بحث حلال و ذلك لتمثيل مسرحية الحضاره الاسلاميه.

الإسلام السياسي اليوم و إن يزداد اتباعه والمتعاطفين معه إلا انه نفسه تحول الى نوع من التغريب الذي يبعد الانسان العربي عن واقعه و طبيعته ،انه لايحمل في طياته اي امل بنهضه بل يحتضن بذور التخلف و الفتنه و الفشل. الأسلام السياسي اصبح ايدولوجية الجماهير فقط ولكن النخب الفكريه طلقته و تعادت معه. أما مفكرين الصف الثاني والعقلانيون فهم ايضاً كذلك وبسبب عداوة الاسلام السياسي للجديد قد تم تحييدهم و إبعادهم عن منطقة التأثير. فمالذي تبقى؟... تابع معي.



المجتمعات التي تتحضر و تتطور هي مجتمعات مفتوحه على التغيير تقاد بمُثقفيها و نخبها الفكريه. الأسلام السياسي لايحتوى على هؤلاء فقد إستبدلهم بعلماء الدين. رجل الدين في الاسلام السياسي هو بديل المثقف و المفكر.

رجل الدين كما تعلمون يا أخوان هو رجل تفكير سحري خرافي..حكايات سليمان و الجان و العفاريت و كابتن نوح. وبما انهم تقليديون و رجعيون بطبيعتهم فلا يرجى منهم الا التخلف لأن الاناء ينضح بما فيه.

وفي هذا الجو و رغم كل هذه الدلائل تستمر القيادات السياسيه بدولنا تراعي الاسلام و تحارب المثقفين و المفكرين إن لم يكونوا مطبلين لها. هذا خلق مجتمعا لايتسم بالعقلانيه ابداً – مع العلم ان المجتمع الإسلامي لم يكن عقلانياً في تاريخه و ومضات العقل فيه ..جاءت فقط من المُكفرين و المخونين ومن تأثيرات وجيزه بالثقافه الأوروبيه الأغريقيه. ( مايثير الأسى ان المسلم يظن فعلاً أن تاريخه القديم مليء بالعلماء..فيقول ابن سينا و ابن رشد و الزمخشري..ولكن الحقيقه انهم كلهم مكفرين من قبل نظمهم الاسلاميه مثل الرازي و ابن سينا و منهم من عاش مطارداً..فعلوا بهم ما يفعلون اليوم بالمفكرين).

المحصله هو جماهير مؤدلجه سياسياً خالية من المفكرين و المثقفين تحت قيادة رجال من الكهنه و المشايخ..هذا لسان الحضاره القادمه لشعوبنا من خلال الإسلام السياسي. الأنسان العربي لن يستطيع اللحاق بعالم يتطور وسيبقى غائباً عن المسرح ..لأن مصيره ممسوك بيد شعوب مستثاره ايديولوجياً ومنقادة للكهنه يفتون لهم يحللون و يحرمون.

العرب اليوم يعيشون حالة معقدة من الإغتراب، وهنا انا سألعب بنفس الكلمه التي يستخدمها الإسلام السياسي لمقاومة الحداثه و العقلانيه—هذا الإغتراب الذي يعيشونه هو ما سأسميه الإغتراب الحلمنتيشي، فلا هم في الماضي و لا هم في المستقبل. تحت صدمة التحدي القادم بالتقدم العلمي و التكنولوجي الخارجي صار العربي يلتقط شيئا من هنا و شيئا من هناك، مستوعباً بعضها و مفوتاً أكثرها. و في آن الوقت تحرضه الجماعات الاسلاميه بكل نشاط للعوده للماضي العتيق..الى عالم المساويك و لباس بدو نجد.



هل يعني هذا فعلا انهم سيعيدون القرن السابع كما كان بحذافيره..هل سيقيمون الخلافه العباسيه او الأمويه؟ ابداً انهم يبحثون عن ارضية للتضامن بما يظنونه إعادة إكتشاف قيم تلك الحقبه البائده. هذا قد يكون مقبولاً بشرط عدم إيقاف عملية التلاقح بين الحضارات و منع الإنغلاق. ولكن المصيبه الأكبر ان ام الحضارات في هذا العالم..هي اوروبا وهي التي يرفضونها.

الحضاره الاوروبيه هي اكثر الحضارات تاثيراً على التاريخ. أمريكا و اليابان و استراليا و نيوزلندا بنت نفسها على اسس الحضاره الأوروبيه. الحضاره الأوروبيه ليست واحده كما يصورها الإسلام السياسي و يوصمها بتبسيط شديد على انها النصرانيه وذلك لتمرير مبرر رفض انجزاتها و خاصة الفكريه منها التي هي اساس نهضتها..تلك هي العلمانيه و الديموقراطيه و الليبراليه و الحريه المُحترمه للتعدديه.

صحيح كانت هناك يوماً ما اوروبا الصليبيه والتي حاولت إيقاف مد الإسلام الذي فوت الفرصه على المسيحيه لتصبح الديانه المهيمنه على العالم ..و هناك أوروبا الأستعماريه الجشعه ( الدول الإستعماريه الأوروبيه هي فقط بريطانيا وفرنسا و اسبانيا و البرتغال وايطاليا) و لكن اليوم هناك اوروبا جديده تخلصت من إرثها المسيحي و الاستعماري..انها اوروبا الأنسانيه العلميه.

اوروبا مجموعة من الدول و ليست واحده خذ مثلاً المانيا. المانيا لم تستعمر ارضاً عربيه و لا إسلاميه، المانيا أكثر من فتن بالثقافة الأسلاميه و منها جاء اكثر المستشرقين و من كتب عنها. المانيا وقفت في الحروب كحليف مع الخلافه العثمانيه دائماً ضد من..دول اوروبيه اخرى. لماذا نكره المانيا إذاً؟ الِِمُجرد انها اوروبيه؟ ماذا فعلت بنا بلجيكا و النمسا و السويد و هولندا و سويسرا؟

رفض الحضاره الأوروبيه..هو إنغلاق فكري محتوم الفشل.

لايعي العربان بأن الحضاره الأوروبيه بدأت بربريه، وقامت القبائل البربريه الشماليه بتحطيم عرش روما و إسقاطها..إلا ان هؤلاء البرابره كان عندهم حنين للحضاره، فبعد سنوات الظلام الديني المسيحي إستخرج هؤلاء عناصر الحضاره الرومانيه و الأغريقيه العقلانيه و بنوا عليها تقدمهم. العرب خرجوا من الجزيره العربيه و احتلوا اراض كبيره من الدوله البيزنطيه..تلك لم تكن مراكز حضاره و لا عقلانيه بل كانت اراض يسكنها الاراميون و الكلدانيون و الأقباط و هي كلها امم غارقة في التدين و الخرافه التوحيديه.

إمتص الإسلام كل هذا التدين الذي شكل الإسلام العقائدي الفقهي و حارب بإستمرار بدون شعور كل وميض من العقلانيه او الفكر. إننا عندما نحس بالحنين الى الماضي ونظن إننا نعود لحضارة السلف إنما نعود للميراث الديني الثقيل الذي نقلناه من هذه الأمم. ان معظم الأدبيات الدينيه التي نعرفها اليوم انما تم إعادة تركيبها إبَان الحكم الأموي.

العوده الى تاريخ مثالي مفعم بالدينيه لايبني حضاره. العدائيه و الهجوميه العُنفيه و الأبعاديه لمقومات الحضاره الحديثه لايبني حضاره. الحساسيه والتكفير و التخوين ضد الفكر العاقل لا يقود الا الى خلق عقلية سحريه غير واعيه.. نراها اليوم منعكسة في تصرفات الناس من دمي إسلاميه و البسه إسلاميه و بنوك إسلاميه ومشروبات غازيه إسلاميه ..وتفجيرات إنتحاريه اسلاميه في الشوارع.



ان من سماه فكراً ظلامياً لم يجانب ابداً الحقيقه.


بن كريشان

هناك تعليق واحد:

Mohamed_CJ يقول...

ربما كان بامكانك ايضا اسخدام مصطلح التغريب الذي يستخدمه هيجيل alientation لنقده الدين المسيحي..

أيضا.. هناك بلا شك دول استعمارية غربية لم تذكرها

https://en.wikipedia.org/w/index.php?title=Colonialism#History