الاثنين

الإغتسال قبل إرتكاب العنف



عبد الرحمن شخص عادي في مظهره ، عنده زوجه وأولاد و وظيفة في مركز عال يدر عليه دخلاً محترماً. عبدالرحمن ملتزم بصلاته و هو لايشرب الخمر ولكن..و رغم هذا المظهر للإنسان الجاد فهو..لديه عشيقة سريه.

تعرّف عبدالرحمن على هُدى بينما كانت تعمل في احد المطاعم بإحدى العواصم العربيه، ثم جلبها الى الإمارات و أسكنها في شقة يذهب إليها تقريباً يومياً. أحيانا أراهما معا في المطاعم .عبدالرحمن يذهب للعمرة مرتين في السنه على الأقل ، ويقضى العشر الأواخر من كل رمضان في مكه يتعبد. ثم يعود الى عشيقته هدى.

في الأسبوع الماضي دخلت الى مطعم ياباني وعادة أتوجه الى بار السوشي حيث أتمزمز ببعض قطع الساشيمي النيه مع بيرة أهاسي اليابانيه ، حين رأيته جالساً على طاولة ..مع إمرأة شقراء هذه المره! فسلمت عليه وسألته عن أحواله فقال لي أنه قد عاد للتو من الحج! وأستفسرت عن عصفورته الجديده و ..إن كانت هدى ماتزال معه؟ بالطبع قال لي: الواحد يحتاج الى تغيير من وقت لأخر.






ليس عبدالرحمن وحده يفعل أشياء متناقضة كهذه، فهناك كثير ممن مثله يظنون انه طالما كانت الحسنات أكثر من السيئات فلابأس عليهم، وخاصة لو كانوا مثل عبدالرحمن يتطهر من السيئات ويتخلص منهن كل مرة بالحج والعمره وأداء صلواته بإنتظام.
هناك الدكتور خليفه السويدي وهو مُدرس في جامعة الأمارات عندنا بالعين وهو كذلك مُدعوذ مشهور في الأمارات وبعض دول الخليج الأخرى. خليفه السويدي يقوم بأعمال دعوذه معقده بهدف الإرتزاق كهؤلاء و مثل طارق سويدان الكويتي ذو الشكل المُرعب من الذين يخلطون علماً مزيفاً يُستخدم للأحتيال على الناس والاستيلاء على أموالهم هو مايُسمى البرمجه العصبيه. ويدور يقدم محاضرات عن العائله وكيف تنقذين زواجك" إسلامياً" وكيف تطور ذاكرتك ومهاراتك حتى تصبح غبياً بعقل إسلامي جميل الخ الخ..نشر مؤخراً مقالاعن خطر الخادمات والمُربيات الفليبينيات على العائله المُسلمه الرقيقه. المُدهش انني سألت عنه بعض أصحابه المُقربين واتضح ان لديه زوجتين ويوظف في بيوته أكثر من ثمانية خادمات ومربيات فليبينيات..لابل قالوا لي في بيته لاتقوم زوجتاه باي عمل.. فالخادمات يتولين تربية الأطفال والعنايه بهم من الصباح حتى المساء... ماهذا التناقض في الأخلاق؟ الدكتور خليفه لايختلف عن عبدالرحمن فالأمر هو إغتسال وطهاره وإستغفار..ومن ثم يستطيع ان يفعل مايشاء.

في تقرير نشرته مجلة الإيكونوميست تجدونه
هنا ، سيمون شنال باحثة من جامعة بليموث كانت قد قامت بنشر دراسة في سيكولوجيكال ساينس جورنال كشفت النقاب عن ان التطهر الحسي أو الأحساس بالطهاره يجعل من السهل على الشخص أن يرتكب أفعالاً منافية للأداب. وهذا له دلالات خطيره وأثر عكسي على العقائد الدينيه مثل الإسلام التي تعتمد على طقوس النظافه.

يجدر بي ان أذكركم بأن كلمة طهاره ليست بكلمة عربيه وإنما هي أحد كلمات الموروث اليهودي في الإسلام.




تذكر الإيكونوميست أنه في التجربة الأولى والتي تمت على أربعين متطوعاً طلب منهم حل معانى مجموعة من الجٌمل. نصف تلك الجمل كانت تحتوى على كلمات من مرتبطه بالنقاء والنظافه مثل: نقي، غُسل، بلا شوائب، عذراء بكر وصافي. أما النصف الأخر فاحتوى على كلمات محايده. ثم طلب من هذه المجموعه تقييم مجموعه من التصرفات على أساس اخلاقي وكان مقياس الأجابات في التقييم هو من صفر (متقبل جدا) الى تسعه (خاطيء جداً). وكانت الجمل مثل أخذ النقود من محفظة مفقودة وجدتها الى أكل كلب العائله الميت لتجنب المجاعه، أو إستخدام القطه الصغيره(الهريره) كأداة إثاره جنسيه.

التجربه الثانيه تمت على ٤٤ متطوعا طلب منهم مشاهدة كليب سينمائي قصير من فيلم "
ترينسبوتنغ" وهو فيلم معروف بإثارة مشاعر التقزز والأشمئزاز، لجعل الجميع يحس بعدم النظافه. تم سؤال هؤلاء المتطوعين بعد مشاهدة الكليب نفس الأسئله التي وجهت للمجموعه الأولى ، ولكن قبل بداية التجربه الثانيه طلب من نصف المجموعه هذه غسل ايديهم بالماء والصابون قبل دخول غرفة الأختبارعلى اساس ان الغرفة غير معقمه.

أفاد الباحثون بأن هؤلاء الذين تم إعطائهم كلمات "نظيفه" أو هؤلاء الذين طلب منهم غسل ايديهم بالصابون قاموا بتقيم تلك الجمل بقبول أخلاقيتها أكثر من الباقين.




بالنسبة للمجموعه الأولى التي قامت بفك الغاز الجمل وعرضت عليها كلمات " نظيفه" فقد قيموا اكل كلب الأسره الميت ٥٫٧ بالمتوسط في مقياس التقبل الأخلاقي بينما قامت العينه الأساسيه من المتطوعين (الكلمات المحايده) من هذه المجموعه بتقيمه ٦٫٦ على مقيس الخطأ الأخلاقي. كذلك المجموعه التي قيمت إستخدام القطه كأداة إثاره جنسيه أعطت ٦٫٧ بينما العينه الاساسيه(التي لم تغسل ايديها بالصابون) في تلك المجموعه كانت قد قيمت ذلك ب ٨٫٣ في المتوسط كتصرف اخلاقي خاطيء.

انه أمر مفاجيء بالنسبة لي على الأقل ان تكون هناك علاقة ربطيه بين الشعور بالطهاره أو النظافه – سواء كانت حسيه معنويه ام فعليه جسديه ومدى قابلية تحمل وجود قدر اكبر من الشرور الأخلاقيه. وهذا يثير اسئلة كثيره حول دور الدين في " تطهير الشر" وجعله متقبلاً. فالأسلام رغم دعوته للرحمه فهو كما نرى يستطيع " تقديس" العنف الجهادي والقتل بتطهير مُرتكبه من " فعل الشر" وتحويله الى فعل خير يثاب ويُجزى عليه الأنسان ويصبح شهيداً " طاهرا".




على مدى الزمان قام القاده الدينيين بالإشراف على طقوس تنقية و تطهير الافعال الأخلاقيه المشينه ليتم قبولها بين الأتباع . أن فكرة الأغتسال من الخطيئه بالماء هي فكرة دينيه محضه تلعب على العامل النفسي وتبني تهيؤات وهميه بأن غسل الأدران من الجسم بالماء لايختلف عن غسل الذنوب به كذلك.

ألم يقم منفذي أحداث الحاي عشر من سبتمبر بالأغتسال والوضوء والدعاء وطلب التوفيق والمغفره لماذا؟ لأنهم ينون إرتكاب مجزرة بشريه ضد ابرياء. أليس ذلك مايقوم به كل مفجر إنتحاري قبل جريمته؟ وهذا بالتأكيد ماقام به الشباب الصغار الذين جندتهم منظمة لشكر طيبه قبل قتلهم الناس في فنادق بومبي الأخيره..توضئوا و تطهروا.




كم هو سهل ان يرتكب الأنسان الفعل الاأخلاقي طالما هناك وسائل يوفرها له الدين لغسل الخطأ وتطهير نفسه منه.

الغسل المعنوي لتطهير الذنوب يؤدي الى وجود حالات متناقضة مع نفسها مثل عبدالرحمن الذين يتقبلون إرتكاب الأخطاء الأخلاقيه بعد تطهرهم وغسلهم لبقع الخطيئه والقذارة الروحيه. هل هناك أي نظام غير الدين سواء كان سياسي او فلسفي او فكري او إقتصادي يطالب أصحابه بطقوس إغتسال قبل إرتكاب العنف والأجرام والقتل ضد البشر الأخرين؟


بن كريشان

ليست هناك تعليقات: