الاثنين

إذا كنت ملحد..أيعنى ذلك أنك عربيد؟




دُعيت الى العشاء في دبي بمطعم نوبو في أتلانتس الذي يملكه الممثل روبيرت دي نيرو ، ثم ذهبنا الى الديسكو..حيث إلتقطت هذه الصور ولكنني تركت الحفل مضطراً وعدت الى العين لأن عندي مناوبه في العمل غداً بعد الظهر.

وبينما أنا هنا تصفحت بريدي فوجدت هذا الأيميل القصير و الغير مذيل بإسم ، دعوني اسميه أو أسميها إكس أڤنجر حسب عنوان بريده/ها الإلكتروني (سأفترض صغر سن الكاتب/ه من إختيار الأسم) تقول أو يقول فيها:

لا أفهم ماهدفك من هذه المدونه أتريد الناس أن يعرفون أنك ملحد وليس في حياتك شيء سوى العربده والنساء.

لا أدري هل هناك خطأ في أن يحب الرجل النساء او العكس ثم إن كنت عربيدا..فكيف إنني لم أشرب هذه الليله؟ لأنني سأقود السياره عائداً الى العين التي تبعد بساعه وربع عن دبي؟ ألا يدل ذلك على الأقل على تحملي المسؤوليه.




رغم أن هذه العباره تأتي أحياناً في سياق التعليقات الموجهه ضدي في البلوڠ، إلا أنني لم أعرها أبداً ذلك الأهتمام. ولكن اليوم تساءلت ان كان فعلاً هناك من يعتقد بأن الملحد هو مجرد أنسان عربيد؟ مع العلم إنني لا أفهم أصلاً معنى كلمة عربيد؟ فهل كل من شرب قليلاً أصبح عربيداً؟

كانت أخواتي عندنا بالبيت اليوم لذا قررت أن أقوم بتجربة بسيطه فسألت أبنة أختى ذات الثلاثة عشر سنه : ماذا تعني كلمة ملحدين بالنسبة لها؟

أجابت: الملحدين هم من يشربون الخمر..ويعبدون الشيطان!
هل شفت واحد ملحد في حياتك؟ سألتها فقالت: لا ماشفت لأنهم لايعيشون في بلاد المسلمين وأكثرهم يعيش في روسيا وأمريكا!

فذهبت الى أمي وسألتها: أمي من هم الملحدين؟ فكانت إجابتها عفويه: هؤلاء هم من حادّوا الله ورسوله! ضحكت من إجابتها فأمي أصلاً لاتقرأ ولا تكتب فأستفسرت منها: ولكن مامعنى "حادّوا" الرسول، ماذا عملوا به؟ ما أعرف يا ابني قالت : أسأل أحد المطاوعه ان أردت أن تعرف. فقلت : أمي أتظنين أن الملحد عربيد يشرب الخمر؟ فأجابت : أكيد يا بن كريشان .. الملحدين يفعلون المنكرات لذا لعنهم ربي في القرءان. ولا تعرف أمي اي سوره لعن فيها ربها الملحدين الذين "حادّوا " النبي ولكنها كانت متأكده تماماً أنهم أناس شريرين وعلى الأقل ..فقد ابتكرت أمي كلمه جديده في اللغه العربيه. توجهت بالسؤال كذلك الى زيزبونه وسألتها: هل تظنين ان المُلحد عربيد؟ فقالت مياو..أي كلا.




ليست هناك حدود لهذا الجهل المفرط لمعنى الإلحاد بين الناس. فالملحد في بلاد الرمال تحيط به هذه الأفتراضات الجوفاء دائما. ولندع أمي المسكينه جانباً ولننظر الى رأي إبنة أختي فهو الأهم هنا ومثله رأي صاحب الإيميل، كيف تصل هذه المعلومات الى أذهان صغار السن بهذه الطريقة السلبيه بما يتعلق بالملحدين؟ وخاصة أنهم – صغار السن - ليس لديهم الأطلاع والخبره الكافيه ليستنتجوا هذه الأراء. فبالتالي هذه الأحكام في الغالب تم تمريرها إليهم وتلقينهم أياها بواسطة الوالدين، المدرسه،المسجد، أو الثقافه السائده والمغلوطه في المجتمع.





وجود هذه الأفتراضات وبهذه الصوره الطاغيه لهو دليل على إنتشار هذه العنصريه الكريهه بين الناس في بلاد الرمال. أريدك عزيزي القاريء ان تفكر بالأمر جدياً، فإن العنصريه تبدأ بين الناس هكذا، بتأليب الأطفال وتعليمهم الكراهيه.



إن ما يصدر عن هؤلاء الصغار هو مصدر الحقد والعنصريه والتفرقه التي تقودها ثقافة المجتمع الدينيه المتعصبه تجاه فئة لاتمثل حقيقة هذا الشر الذي يتخيلونه. وهذه في الواقع مكمن جذور العنصريه والتفرقه ضد الأخر. فنحن نعلم أطفالنا أن يكونوا كذلك.

السؤال الذي يتبادر الى ذهني هنا هو: هل هناك مشكلة إدمان على الكحول بين الملحدين؟ لا جد يا أخوان وخاصة الملحدين منكم، هل أنتم تعانون من مشكلة وتحتاجون الى علاج؟ هناك كثير من الملحدين الذين لايشربون الكحول..فهل هم عربيدين أيضا؟ هل سجلات الشرطه مليئه بجرائم إقترفها هؤلاء المُلحدين المُعربدين؟ هل تدل سجلات الشرطه والأمن بأن كل من ضبط سكراناً كان ملحداً؟






رغم أن فكرة ربط الإلحاد والعربده معاً تبدو ساذجة جداً للعاقل إلا أنها شيء معقول وصح في فكر اي مسلم جاهل ..وهذا طبيعي لإنه شخص ساذج في النهايه يصدق ما يقال له. لقد تم تلقينه هذه الأفكار منذ طفولته فهو لايدري ما يقول. الملحد بالنسبة للمسلم المتوسط الذكاء هو شخص ليس لديه من عمل سوى أن يشرب و "يعربد" ويمارس السيكس ليل نهار مع العاهرات، ويرتكب الجرائم ولم لا ، فمن الممكن كذلك أن يقوم بتعاطي المخدرات أليس كذلك؟ ولم لا؟ فهو ملحد في النهايه.

الملحد إذاً بالنسبة للمسلم شخص ليس لديه ضمير ولا إنسانيه ومن الممكن جداً يكون مجرماً، لإنه ببساطه لا يمتلك الأخلاق الإسلاميه، فبدونها لن يكون هناك رادع . لا يهم إن كان هذا الأفتراض غير صحيح أو إن كان لاينطبق على الواقع..المهم هو مايظنه المسلم صحيحاً.

ان المهم يا إخواني هو الدفاع عن الإيدولوجيه، بأي طريقه حتى بالكذب. فالمسلم لايتورع عن إستخدام الكذب الصريح ليدافع عن إيدولوجيته- حتى لو كان الكذب محرماً في دينه – إنه ما نسميه في الإمارات ضرب العنزه المربوطه. فإن المسلم هنا يستخدم تحريض الأطفال على الكراهيه ضد الملحدين وغيرهم ممن لايحب مهما كان إدعائه سخيفاً و مضحكاً.






هناك خصم، أوغريم أو نّد فكري نتهيأ لمواجهته انفعالياً، فنتمنى أن نقتله ولانجده فنقول له هذا الشيء أو ذاك، سنفعل .. سنقول .. سنشتم .. سنسب سنكتب وسنصرخ أيضاً، وفي جميع الأحوال ندخل في نوع من حلم اليقظة لاستحضار الحالة التي نتمنى أن يكون فيها...فهو العربيد ابن الكلب القمص الملحد الصليبي... العربيد.

عندما ينشأ الناس على كره الملحد فإنهم سيتقبلون أشد الأمور سخافة وسيصبحون عنصريين تجاه اي اقليه عرقيه ، دينيه او فكريه. وهذا يذكرني بصديق من دبي ذهب الى إيران في رحلة بالسياره وفي إحدى القري الصغيره سأله مواطن إيراني إن كان سنياً أم شيعياً..وبعد أن أجابه، قال له الإيراني القروي بكل إستغراب: عجيب..قال لنا المُلا أن السُني لديه ذيل.

إستيقظوا انهم يكذبون عليكم


بن كريشان

ليست هناك تعليقات: