بن كريشان
"
يمكن لهذا العقار المخدر أن يحدث عطباً دائما في دماغ الطفل يماثل مايحدث على البالغين الذين يتعاطونه. تتمثل هذه الأعراض في تهيؤات وتصورات نفسيه خطيره من الصعب علاجها. ماحدث في ١١سبتمبر٢٠٠١ هو مثال لقيام ١٩ من الخاطفين بتعاطي هذا العقار مما أدى ألى إنتحارهم جماعياً والتسبب بقتل الألاف في برجا التجاره العالمي.
على مدى التاريخ تسبب هذا العقار المدمر بكثير من المآسي على الناس فقد أدى تعاطيه الى إرتكاب مجازر مثل قتل النساء في مدينة سالم الأمريكيه بتهيؤات أنهن ساحرات و تعذيب وقتل الألاف في محاكم التفتيش الأسبانيه وذبح ملايين من سكان الأمريكيتين بحجة أنهم وثنيون. معظم الحروب التي شنت في أوروبا والشرق العربي كانت بسبب هذا العقار الخبيث ومازلنا نرى حتى عصرنا هذا مايقوم به متعاطينه في أيرلندا وفلسطين و لبنان وأفغانستان والهند والعراق والجزائر.
أن السكرة التي يتسبب بها عقار الغرينويل تدفع بإصحابها الى الهروب من مجتمعاتهم واللجوء الى جماعات من المدمنين مثلهم. تكون هذه الجماعات عادة مقتصرة على جنس واحد فقط غالباً الذكور و تقوم هذه الجماعات بتحريم الجنس والعلاقات بين الذكور والأناث. أكدت دراسات السيمبتومولوجي بأن كل هذه الجماعات من المدمنين تشترك بخاصية واحده وهي حظر مؤلم على النشاط الجنسي. ومع أن هذا لايطفيء الرغبه المندفعه لدي أفراده للجنس ويخلق غيرة تجعلهم يحاولون منع الأخرين من الناس الأسوياء من ممارسته كذلك.
الجرعات الخفيفه من عقار الغرينويل قد لاتكون مضره وتساعد متعاطيها على المشاركة في مجتمعاتهم الأصليه وخاصة في إجراءات الزواج و المآتم و الأعمال الخيريه. ويتساءل العلماء إن كان تعاطي العقار بجرعات خفيفه مقبول أم أنه خطوة الى التحول الى الجرعات الأخطر و الوقوع في الأدمان.
بالنسبة للجرعات المتوسطه من عقار الغرينويل فقد لاحظ العلماء أنها لاتوصل الى حد الأدمان الخطر الا أنها تؤثر في تهيؤات المتعاطي فقد لوحظ أنهم يهملون أنفسهم بترك لحاهم بدون حلاقة ولاتشذيب أو أن تلتحف المرأه المدمنه بالسواد خوفاً من أن ينظر اليها الناس ويرونها. لوحظ كذلك من التجارب أن متعاطي العقار من الدرجه المتوسطه يتمتم بينه وبين نفسه و كأنه يخاطب خيالاً في السماء ويرجوه أن لايفترسه.
لم تجد محاولات العلاج النفسي وشرح أن هذه التهيؤات غير صحيحه وأنها تتعارض مع العلوم الطبيعيه والفيزيائيه، ولكن لم يجد ذلك نفعاً. ترافق هذه الأعراض حدوث حركات قسريه لا أراديه يقوم بها المتعاطي بإغماض عينه والتوجه الى جهة معينه قد تكون الى الغرب أو الشرق و الأهتزاز والإلتفات يمينا ويسارا أو القيام والجلوس ووضع الرأس على الأرض بحركات لا أراديه منتظمه. هذه الحركات يتكرر حدوثها عند المتعاطي بوتيرة تختلف من متعاطي الى أخر ولكنها لاتقل عن معدل خمس مرات باليوم على الأقل.
التعاطي المستمر يؤدي الى حدوث حالات من الهلوسه، فمثلا قد يسمع المدمن أصواتاً أو يرى أحلاماً ترتبط بهواجسه ومخاوفه من وحوش خياليه تعاقبه وتكافئه. الجزء الأخطر هو أن هؤلاء الذين يعانون من هذه الحالات يتمكنون من أقناع غيرهم بأن مايتهيؤنه حقيقي. وقد لوحظ أن الشخص الذي في اعلى درجات الأدمان يصبح مقدراً وقد يقود أفراد الجماعه. هناك حالات من التقدير لمتعاطين عقار الغرينويل سجلها التاريخ يقوم فيها الأتباع بشرب دم القائد أو أكل لحمه أو أكل وشرب فضلاته.
في الحالات المتقدمه من التعاطي لوحظ أن المدمن يعاني من حالة من الهلوسه الشديده تمثل بشكل هلع شديد وخوف من التعذيب الجسدي. الغريب أنهم لايخشون التعذيب الجسدي في هذا العالم بل في عالم خيالي أخر يحدث بعد موتهم.
هذه الأفكار التعذيبيه التي تأتي بتفاصيل مقززه تهيمن على عقل المتعاطي وتقود خوفه القهري من كثير من التصرفات منها الأمتناع عن الجنس وهو ماذكرناه سابقاً، وأيضاً تفرز كثيراً من القسوة في التعامل مع مايظنونه خطأ أو يتهيؤن أنه يؤدي الى إغضاب الوحش العلوي فيقوم بقتل ممارسين الجنس بصور وحشيه كرميهم بحجارة تهشم رؤسهم أو قطع أيدي الناس أو إلقائهم من الاماكن العاليه وجز رؤسهم بالسكاكين والسيوف وتكون هذه العقوبات بالنسبة لهم تطهيريه للمجموعه او المجتمع وتجنبهم الغضب والانتقام من ذلك الكائن الخيالي الذي يخيل لهم أنه يراقبهم، وتبلغ منهم الهلوسه مبلغا يؤدي أحياناً الى جلد حتى الضحية في حالة الأغتصاب.
قد تظن أن هذا العقار المخدر الخطير يتصدر قائمة الممنوعات أو المحظورات، ورغم محاولات منعه والتخلص منه ولكن للأسف فهو ليس كذلك. بل هو يمكن الحصول عليه في اي مكان في العالم وبدون حتى وصفه طبيه. تجار هذا العقار عديدون وهم احرار طليقون تحت حماية الدوله والشرطه.
موزعي هذا العقار كذلك من المحترفين المنظمين يبيعون المخدر في وضح النهار وأمام مسمع ومرأى الحكومه وفي مبان مخصصة لذلك.
يستغل مروجوا مخدر الغرينويل حالات الفقر واليأس حيث يصبح عرابوا هذه المافيا بمثابة الملوك في نظر الفقراء والمحتاجين. لاتكتفي الحكومات بغض النظر عما يحدث بل تدعم هؤلاء بإلغاء الضرائب المفروضه عليهم وتفتح لهم مدارسها ليبيعوا المُخدر الى الطلاب ليتفشى الإدمان فيهم منذ صغر سنهم.
واياً كانت وجهة نظركم من عدالة إعدام رجل مثل هذا منتشي بالمخدرات أم هو في حكم فاقد العقل، وقد يكون الإنتقام منه بعقوبة الإعدام كمن يقتل المجنون وقد لاينفع ولايردع هؤلاء المتعاطين الذين يسعون الى الإنتقام من المجتمع. أن الحل الحقيقي يتمثل في منع تداول هذا المخدر الخطير وفي تجريمه وفي حماية الأطفال من الوقوع في الأدمان عليه."
ريتشارد داوكنز
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق