الاثنين

تهيؤات إسلاميه

لماذا يكره المُؤمنون الملحدون؟





مع ظهور الأنترنت أصبح المُلحدون أكثر حرية من ذي قبل في التعبير عن أنفسهم، ولكن في الوقت نفسه أصبحوا مُحط كراهية المُؤمنين والمتدينين أكثر من أي وقت مضى في التاريخ.

كلما زاد إنفتاح الملحدين في التعبيرعلى الأنترنت،كلما زاد في الوقت نفسه الحقد عليهم وتمنى ألمؤمنون لو عاد هؤلاء الى القمقم وتركوهم في إيمانهم و سكرتهم يشخرون.

لماذا كل هذه الكراهية ضدهم؟ وماهي الأساليب التي يستخدمها المؤمنون في إشاعة المفاهيم الخاطئة ضدهم؟


المفهوم الخاطيء الأول هو أن المُلحدين ليست لديهم مباديء أوقيم:

يحاول المؤمنون من خلال إشاعة هذه الفكره أن يقولوا للناس إن كان هؤلاء ليس لديهم أخلاقيات ولامروءة ولاشهامه ولا إنسانيه ، فالأحرى أن لا تثقوا بهم . هذا تعميم عنصري ولا أخلاقي بحد ذاته، إنه لايختلف عن إعتبار السود أقل ذكاءً أو أن اليهود جشعين طماعين ولهم أنوف معقوفه، أو ان الصعايده أغبياء وأن المرأة مكانها البيت. إنها ذريعه لصرف الملحدين بعيداً وخلق أحساس الوهمي بالتفوق ، فلايأخذ الناس مايقوله المُلحد عن الإسلام على محمل الجد.

المفهوم الخاطيء الثاني هو أن المُلحدين طابور خامس يعمل لدى "أذنابهم" الغرب:

يرتبط هذا الأتهام الرخيص بالثقافه السائده أيامنا هذه حيث أستبدل الناس الوطنيه بالتدين . فكما تعرفون كانت الأقطاب الثلاثه المُسيطره على الفكر العربي السياسي منذ نهاية الحقبه الإستعماريه هي القوميون واليساريون والإسلاميون، و كلهم جماعات تسلطيه ذات أيدولوجيه واحده لاتقبل الغير. بلاد الرمال لم تتعود على الفكر الليبرالي ولاعلى إحترام حرية وحقوق الفرد ضد تسلط الجماعه والحزب والحكومه والعسكر . اليوم لاترى اليساري و لا القومي لماذا؟ لإن الموضه الشيك خالص اليوم هو أن تكون إسلامي، فبهذا تكون ضد امريكا وتكره الغرب وتصبح "إسلامي وطني هباب". لهذا يأتي خطابهم التخويني السابق من عماله الصهيونيه إنعكاساً لتلك الخلفية التي أتو منها.

الهدف من إشاعة هذا الكلام الساذج هو تكريه الناس بالمُلحد بتصويره جاسوساً إسرائيليا خطيراً. المضحك في الأمر أن هذا التحول والخلط بين هذه الأتجاهات الثلاث اليسار والإسلاميه والقومجيه ضرب أسلاك المخ عندهم فكثيرا ما نفاجيء بإحدهم يتهمنا بكلام مثل أنتم الرافضه الصليبيين أذناب الغرب الكافر.



المفهوم الخاطيء الثالث هو أن المُلحد يعبد الشهوات لذا يشجع على الفجور في المجتمع :

الهدف من نشر هذا المفهوم الخاطيء اللعب على وتر التقاليد والمحافظه الأجتماعيه التي تميز مجتمعاتنا. الهدف منه إثارة غيرة الذكور وتخويفهم من أن الملحد يريد أن يعري نسائهم ويحررهم ليتمتع بهم.

هذا المفهوم يعكس كذلك فكرة أن المرأة "متاع" كما يراها المؤمنون من منظور ديني وهو من المفروض أن يتمتع بها وحده. يحاول المؤمن هنا أن يحط من قدر إنسانية الملحد بتصويره كذئب مفترس يستهدف إغتصاب النساء وأخذ تلك المتعه منه.

المفهوم الخاطيء الرابع إن الملحد يعبد الشيطان وينفذ اوامره:

عقل المُسلم المؤمن لايمكنه من إدراك فكرة أن الإنسان قد يكون بلا دين، فالعالم كله بالنسبة إليه إما نصارى وإما يهود أو عبدة بقر أو أصحاب الشبهات. فبالتالي إن قال له أحد لا أؤمن برب الرمال فسيفكر على طول أن هذا يعني أنه يؤمن بعدو الله الشيطان، وقد تلقيت في أكثر من مرة أسئلة مضمونها هل عبدة الشيطان هم الملحدين؟

بعض المُلحدين ومن باب الدعابه والمزاح يقولون عن أنفسهم أصحاب إبليس والشيطان ولكنهم بالتأكيد يعرفون أنه جزء من خرافة الله.






المفهوم الخاطيء الخامس يقول الملحدون هم الشيوعيون:

الفكر الشيوعي هو فكر إقتصادي وإن كان يرفض فكرة الله والدين بكونها أحد أساليب البروجوازيه والأقطاعيه في الهيمنه على الطبقه العامله. لذا كثيرا ماكانت هناك دولاً لها نظم شيوعيه وإشتراكيه ولكنها لم تتخلص من الدين وتركت الأفراد يمارسون طقوس العباده، كما أنه كثيراً مانجد إنساناً ملحداً ولكنه مؤيد للنظام الرأسمالي. الغرض من إشاعة هذا المفهوم هو إستخدامه كرمح سياسي ضد المُلحد والذي لايأبه به ، لأنه هناك فرق بين النظام الأقتصادي الذي يفضله ، و يقينه العقلاني بعدم وجود إله في هذا العالم.





المفهوم الخاطيء السادس يقول الملحدون هم الوجوديون:

إذا كان الإلحاد هو الوجوديه إذا فالإسلام هو اليهوديه. يجهل الأسلاميون معنى الوجوديه ويفترضون أنها تيار فلسفي إلحادي ظهر به جان بول سارتر في فرنسا. وإن كان الأخير هو أشهر من يعرفه الناس من الوجوديون.

الوجوديه إتجاه وليست فلسفه، إتجاه وجد منذ ظهور الفلسفه ورافقتها وتعتمد على رفض التجريد والتبسيط في الفلسفه عند وصف حياة الأنسان وتركز على أمور مثل الأختيار في حياة الأنسان، الفرديه، لاموضوعية الحريه وطبيعة الوجود نفسه. كثير من فلاسفة الثيولوجيا المسيحيه واليهوديه إستخدموا الوجوديه في حججهم وذرائعهم ولكن الناس تربطها دائما بالألحاد. سارتر نفسه لم يكن مؤمناً بأية ألهه ولكنه ظل مرتبطاً بالدين من الناحيه العاطفيه. ليس بالضروره أن يكون الوجودي ملحداً، ولكن على الأغلب ستقوده الوجوديه الى رفض فكرة وجود إله سابق للوجود. لذا فالوجوديه ليست الإلحاد، وأنما إتجاه فلسفي قد وقد لا يقود إليها.





المفهوم الخاطيء السابع هو الإلحاد تسبب بقتل ملايين الناس في العالم:


تعرض بعض المعلقين في مدونتنا هذه الى أتهام الملحدين بأنهم تسببوا بقتل الملايين مثال ذلك المانيا النازيه والإتحاد السوڤييتي أثناء الحكم الستاليني. وسبق ان كتبت مرة إن هتلر كان مسيحياً ولديه كثير من الأقوال التي تثبت بأنه لم يكن مُلحداً بل كارهاً لهم. أما مافعله ستالين أو ماوتسي تونغ في الصين لم يكن قتلاً بإسم الإلحاد، فقد قتل الناس لإسباب سياسيه لم يكن الإلحاد أو التدين أحدها.

المفهوم الثامن و الخاطيء هو أن اللإلحاد عقيده:

يبدأ الإسلاميون تعريفهم للإلحاد بقولهم: عقيدة اللإلحاد..كذا وكذا، فلماذا يسمونها عقيده؟ يرى المؤمن الملحد، كمُشكك في عقيدته. العقيده التي يؤمن بها المؤمن هو أن الله أو رب الرمال أو سبايدرمان خلق هذا العالم لهدف معين وسيحفظه لهذا الهدف الى اليوم النهائي الذي قرره. فلو إعتبر المؤمن أن اللأحاد شكاً وفكراً إنتقادياً فسيشكل ذلك تهديداً لعقيدته. ولكن عند إعتبار الإلحاد عقيده، يصبح مثله في نظر الناس مثل العقائد الدينيه الأخرى وأسوة بها فبالتالي أقل خطرا على الإسلام. في ذهنه على الأقل.





المفهوم الخاطيء التاسع هو إتهام الملحدون بأنهم زنادقه :

هذا المفهوم يعكس موقفاً يائساً عند المؤمن في مقارعة الفكر بالفكر وهو أقرب للسب والشتيمه الرخيصه والتعميم الساذج ويتميز بإستخدام كلمة " ملاحده" وليس مُلحدون. من أمثلة ذلك قولهم:

الملاحدة والزنادقة الكفار والعلمانيين المرتدين والروافض وغيرهم من المارقين.

أو أن يقول في معرض جملة:

أن الملاحدة والزنادقة والباطنيين هم الخطر الأكبر الذي ينخر في جسد الأمة المسلمة ويخربون البيت من داخله.

وأحياناً: الحث على محاربة الملاحدة والزنادقة والمستشرقين الداعين لتطبيق القوانين الوضعيه بدل شرع الله.

كلمة ملاحده تكتب هكذا لتوازن في وقعها كلمة زنادقه فتوحي بأن الملحد هو الزنديق..ولكم أكثر هؤلاء المؤمنين أنفسهم يجهلون معنى كلمة زنديق. الأغلب أنها تعني بالنسبة لهم البعبع ..فيقرنونها بالملحد. ولكن كثيراً من أصحاب الديانات الأخرى يسميهم الشرع الإسلامي زنادقه كذلك فيقولون زنادقة النصارى أو زنادقة اليهود. فالزنديق قد يكون مؤمناً ولكن بشي مخالف لكيفية إعتقاد المؤمن. فبالتالي يصبح السني زنديقاً عند الشيعي والعكس صحيح. إن أقرب كلمة للزنادقه هي المرادف المسيحي الهراطقه فالزندقه هي الهرطقه. ثم عُممّت الكلمه لتشمل اليوم الكتاب والمفكرين. ويعتقد ان أصلها فارسي وهو زند كرده أي المؤمن بشريعة أفستا الفارسيه القديمه. الملحد غير مؤمن بأي رب أو دين إذاً فليس بزنديق.

هناك مفاهيم خاطئة أخرى غير هذه ولكن هذه هي الأكثر شيوعاً وكلها تشترك بخاصية واحده.. هي أنها كلها خطأ.

أحب أن أقول كلمة للمؤمنين ، صحيح أن الملحدين أقلية في بلاد الرمال إلا أنهم في كل مكان. إذا لم تلتق بأحد منهم فذلك ربما لأنك لاترغب بذلك او إنك خائف منهم. الملحدون في بلاد الرمال لايكشفون شخصيتهم حتى لأقاربهم، لأنهم قد يتعرضون للأذي بصورة خطيره قد تكون جسديه أو مُهددة لوظيفتهم ومعيشتهم وقد يقعون تحت طائلة القانون.

يجب أن تدرك إن كنت مؤمناً بأن الملحد الذي قد يكون قريبك وأخاك وجارك وهو ليس كما يقولون عنه، فهو أخلاقي وإنسان، يحب أولاده وأسرته ويعشق وطنه ولايخونه. فإن كان كذلك فهو يستحق الإحترام وليس هذا التشويه للحقائق. حاول أن تتعرف على مايكتبه الملحدون، أبحث وأقرأ في الإلحاد خارج مواقع الإسلاميين. أكسر طوق التعتيم الذي يمارسونه عليك، لا تتلقى المعلومة من أعداء الملحد، ليكون حكمك سليماً غير متحيز ولاعنصري..ليس فقط عن اللإلحاد بل عن كل شيء مختلف ، إبحث بنفسك ، لاتصدق المدعوذين ولاتقع في حبائلهم لتكون إنساناً أفضل.


وتذكر أنه من السخرية بمكان أن يكون هؤلاء المنتقدين هم أقل من يعرف عن الإلحاد ، ولكنهم أكثر الناس كذباً وإفتراءً عليه... إستيقظوا أنهم يكذبون عليكم.

بن كريشان

هناك تعليق واحد:

Unknown يقول...

موضوع رائع..سلمت يمينك يا بن كريشان