الصحوه الدينيه ، والنومه الهنيه

مع تفشي ظاهرة الاحياء الديني التي نمر بها منذ حقب التسعينيات ، و ظهور ما يحلو للاسلامين تسميته بالصحوه الدينيه، مع العلم انه في حقيقته ماهو الا نومه هنيه.. وسبات للعقل و التقدم والحداثه، أصبحنا نرصد تغيرات في سلوكيات و تصرفات الناس في الامارات و مناطق رمال الخليج الاخري التي بدأت تستورد اشياء نكره الي مجتمعنا الصحراوي

أتصلت بي أمي البارحه الساعة الثامنه والنصف، مساء وانا جالس في البارأتمتع بأول باينت بيره كنت قد طلبته للتو، وانا انتظر احد الاصدقاء واسمه ناصر ، وبالطبع سألتني اين انت؟ لم استطع ان أقول لها انني خرجت للتو من صلاة العشاء، و خاصة و ان اصوات الموسيقي والناس حولي مرتفعه ، فقلت لها انه حفل عشاء خاص بالعمل، فأخبرتني ان رجلا فاضلا من فريجنا قد توفي الليله قبل ساعه و أكدت علي ان أحضر صلاة الجنازة والتي ستقام في مسجد الحي بعد صلاة الجمعه ، و من ثم الدفن في المقبره

مكانين لا أحب ان أحضرهما ، حفل الزفاف الاماراتي و العزاء، اما الثاني فربما يكون السبب واضحا ،و لكن بالنسبة للاول فهو ان حفل الزفاف الاماراتي المقتصر علي الرجال فقط، ممل جدا.. كالجنازه..و حتي الاعراس النسائيه الان أصابتها عدوى هذه النومه الصحراويه، أقصد الصحوه الدينيه، و تنكدت هي الاخرى، فأصبح الناس يمنعون الموسيقي واذا احضروا فرقة، وضعوهم خلف ستار، و منهم من حرم الرقص، واللبس، حتي في الحفلات المقتصرة على النساء، لأنه فتنه وتشبه بالكفار

اليوم، وبعد زمان طويل حضرت صلاة الجمعه، و قلت في نفسي يجب عليك يابن كريشان الا تفوتها، فهذه قد تكون مصدرا جيدا للكتابه بهدف تنوير عقول أهل الرمال المغبره..حتى قال الخطيب و هو يسهب في تبجيل الصحابه من قدر النبي معلمهم الاول، فقال: كان الرسول اذا تنخّم نخّامة، تلاقفتها ايادى الصحابه، يدلكون بها وجوههم، واذا بصق صلعم الماء و هو يتمضمض للوضوء، همّوا به وشربوه....يع..آخييييج ، لاعت كبدى الي درجة ان نفسي انسدت عن طعام الغداء اليوم

و في الخطبه الثانيه، بدأ يلمح الي موضوع تدنيس القرأن من قبل اعداء الله، وقارن ماحدث بجمل الله المقدس، هولي كاميل، مال جماعة ثمود، الذين عاقبهم اله الرمال و الصحاري بجريمة رجل واحد قام بقتل جمله المقدس، رحمة الله عليه.. الجمل طبعا ! لأن بقيه الثموديون سكتوا عن الظلم- لاحظ التحريض المبطن- ثم دعينا معه أن يرسل رب الرمال و الصحاري ريحا صرصرا علي امريكا عدوة المسلمين وان يملأها غبارا و ترابا، وان يأخذهم بالعذاب، وجورج بوش فوقهم، وان يفك اسرانا و اسرى المسلمين من سجون جوانتانامو وابو زعبل

يبدوا ان وزارة الاوقاف الاماراتيه، تؤثر الجلوس.. على الوقوف بوجه هذا التحريض والخداع للدبش من المصلين


ثم خرجت الي السياره لنتبع الجنازة الي المعشره، اي المقبره بالاماراتي، وفجأه سمعت احد يناديني للركوب معه في سيارته، وكان ناصر، فتركت سيارتي بجوار المسجد ، وذهبت معه

العاده التي أعرفها في الامارات و متعودين عليها منذ عصور الديناصورات، ان ندفن الميت، ثم نجلس الي القبر و يقوم شيخ بالدعاء وطلب الثواب للميت، ثم اخيرا نقرأ الفاتحه..أما اليوم فبعد ان اورى الجثمان الثرى و اهلنا التراب عليه، لم يجلس احد، بل صاح احدهم الفاتحه فرفع الجميع ايديهم يقرأون الفاتحه وقوفا، و اداروا بظهورهم للقبر، توجهوا ناحية الشمس المائله للغرب قليلا بعد منتصف النهار.. وبقيت انا وحدى في الاتجاه المعاكس، مواجها القبر، مع هذا لم اغير اتجاهي وبقيت معاندا الجميع، والبعض ينظر الي بطرف عينيه مستنكرا، حتي انتهى ناصر، وكان بوجهي، من الفاتحه ، فقلت له: ماهذا الخنث الجديد؟ اشار علّى بالسكوت، فقلت له: هل هذا ضرب من عبادة الشمس؟ فقال انه سيشرح لي في السياره

و بعد ان عزينا اهل الميت وأكثرنا من احسن الله عزاك و الدوام والبقاء لله وجزاك الله خيرا و صّبركم، ذهبت الي سيارة صاحبي، و انتظرته حتى ظهر من بين الجموع

و في الطريق شرح لي ان الناس الان قالوا لهم ان الدعاء بمواجهة القبر اصبح بدعه، حتى لانعظم الميت و نقدسه او نعبده..قلت له و من قال لهم ذلك؟ قال لاادري فهؤلاء السلفيون يغسلون ادمغة الناس كل يوم بهذا الهراء،فأجبته قائلا
الا يرون ان هناك قبورا في كل اتجاه في المقبره، هل كانوا يعظمون القبور المقابله، ويقرؤن الفاتحة عليها بدل الميت الذي جائوا لدفنه؟ قال لي: لا تعقد لي الامور يابن كريشان.. يبدوا انك لم تذهب الي جنازة وعزاء منذ فترة طويله، سترى الليله، عندما نذهب الي بيت ابنه الاكبر للعزاء، انهم توقفوا عن قراءة وختم القرأن على الميت ، فهناك من قال لهم انه بدعه و ضلاله تقود الي النار، قلت له هل يعنى هذا انني لوذهبت للعزاء في بيتهم مساء فلن احظي برؤية بفرقة الرداحين الذين يقرأون على الميت في البيت، قال لي لا مساكين انتهى البيزنيس مالهم، نحن في العين نسمى هؤلاء وهم مجموعه من الرجال الذين يذهبون للبيوت عند وفاة احد لقراءة وختم القرأن، بفرقة الموت..و كانوا مصدرا للضحك و التسليه، وخاصة عندما تزيد سرعتهم في القراءه قبل تقديم طعام العشاء حتى لا يفوتهم الرز واللحم والهريس

قلت اسمع ياخي، لقد اصبح حتى العزاء انكد من ذي قبل، أنا اكتفيت اليوم، اريتهم وجهي كما ارادت امي وقمت بالواجب و حتى الجمعه صليتها ، لا اريد ان أذهب الي بيتهم للعزاء هذا المساء
قال ناصر :اذا، الي اين ستذهب الليله؟ قلت
بار تريدر فيكس بفندق الروتانا..تأتي معي؟
! سأغادر العزاء مبكرا ، و انضم اليك

:مفردات

النخّامه : البصاق الممزوج بالبلغم- أكرمكم الله
لاعت كبدي : بلهجة صحاري الامارات ، تعني شعرت بالغثيان
يع وآخييج: أصوات يصدرها من تحدث له الحاله المذكوره اعلاه
مال ومالهم: في الخليج ، مثل كلمة تبع بالشامي و بتاع بالمصري وديالهم بالمغربي
الهريس: أكله خليجيه تتكون من مهروس حب الحنطه ولحم البقر
فريجنا : الحى او الحاره
الدبش : الداجن من الحيوانات كالخرفان و الماعز.. وكل من يقول بآآآآع مقتنعا بخرافات الصحوه الدينيه

إرسال تعليق

0 تعليقات