الكهنوت في علوم الفقه و اللاهوت

اثناء مروري في مدينة الشارقه يوم امس رأيت اعلانا منتشرا في جميع الشوارع المؤديه الي دبي عن دورة تدريبيه صيفيه تحت اسم : كن فقيها

لو استوقفنى احدا و قال هل تريد ان تكون فقيها ؟ فسأجيبه: العياذ بالله و من يريد ان يكون كذابا ؟ سأقدم لكم شرحا وافيا عما اعنيه ، يجعنا نفهم الدور الحقيقي المناط بالفقهاء في بلاد الرمال

تعريف الفقه : هو دراسة علوم القرأن و السنه والمباحث التي تتناول علاقة الله مع الانسان، صحيح ؟

)الاجابه هي : لا، كلّا، نو، نييت ( روسي)، ناين( الماني) هايير تركي)..و جاي نهي ( بالهندي ) و حتى( باللغة النوبيه) أوّاه- لأن هذا التعريف يحتوي على فرضيه خاطئه مفادها أن هذه الدراسة و هذه المباحث تتم بأسلوب علمي و عقلاني و منطقي ..و لكن ستسألوني كيف يعقل ذلك، فالفقه علم يدرّس في الكليات و الجامعات؟

أن الواقع هو ان مايدرس في هذه الكليات الشرعيه و الجامعات الاسلاميه ليس علما ولا يتعدى ان يكون نوعا من الدجل للترويج والدعايه للأسلام.. وليس دراسة الاسلام كدين..انها تخرج مسوقين ومحامين ومدافعين عن الاسلام فقط.. وليس علماء وباحثين حقيقين

فعلى خلاف العلوم الاخرى التي تلتزم بالمنهاج العلمي الصحيح الذي يبدأ بالشك في الفرضيه من اساسها قبل اعتمادها و قبولها كبدايه . علم الفقه لايقوم بتفحص مجالات الادعاءات الدينيه وادلتها أو التحقق من صحتها او الاسس التي بنيت عليه فرضياتها، واي شك حول ذلك.. يتم اخفاءه، وتجاهله، فلا تناقش امور مثل حقيقة النبوه والوحي والجحيم و الملائكه و الشياطين أوماهية الله ، و لا يدرس فيها السياق التاريخي و الاجتماعي والاركيولوجي الحقيقي الذي صاحب ظهور الدين الاسلامي وحيثيات بداياته في جزيرة الرمال.. وغيرها من امور الدراسه العلميه ..انه حتى لا يبدأ بها كفرضيات بل ثوابت مسلم بصحتها... ثوابت فوق العلم.. فوق الحقيقه وفوق الدراسه

الفقه و ان اختلف في الشكل و المضمون عن الثيولوجي اي علم اللاهوت المسيحي ، ولكنه يلتقي معه بأسلوبه في مناطق عديده. الاثنان يشتركان في تطويع لغة تبدو مستقلة في ظاهرها..تشابه لغة الفلسفه القديمه ولكنها تهدف الي تأكيد نبؤة الانبياء و النصوص المقدسه التى اتو بها و تلك التي كتبها اتباعهم من بعدهم ..والتراث القديم الذي صاحب تلك الفترات...و تثبيت كل ذلك في اذهان البشر ..لماذا تشابه لغة الفلسفه القديمه؟ استمر بالقراءه

الكثيرون يعتقدون ان هذه العلوم ، سواء الفقه الاسلامي أو اللاهوت المسيحي، قد انبثقا عن او من هذين الدينين..ولكن الحقيقه ان جذورهما ممتده الي اقدم من ذلك..
منذ الحضاره الاغريقيه التي قدمتهما لنا اولا ..في شكل علم الفلسفه

كان افلاطون و ارسطو يشيران الي قسم في الفلسفه الاغريقيه اسمه ثيولوجيا يبحث في طبيعة الهة الأولومبيا القديمه و يدرس نصوص المؤرخ الاغريقي الغابر" هومر" او هوميروس مؤلف الألياذه المختلطه بالأساطير..ارسطو وجد الثيولوجيا تتعارض مع تفكيره كفيلسوف فصنفها تحت اسم الميتافيزيقيا او علم ماوراء الطبيعيه..هذه الفلسفة البدائيه في محاولة فهم اصل الكون و الحياه هي التي اخرجت الي الوجود اللاهوت المسيحي والذي بناه اشخاص درسوا الفلسفة أولا ثم تحولوا الي مدافعين عن المسيحيه باستخدام نفس لغة و روح الفلسفه ولكن بطريقة معاكسه لمنهاجها الشكي تجاه الاطروحه

على عكس دراسات فلسفة الاديان او دراسة الاديان المقارنه التى تدرس اطروحة الكتب و النصوص مثل القرأن او الأناجيل بتحدى قدسيتها مستخدمة البحوث و المنطق للذهاب خلف الادعاء الدينى للتوصل الي الحقيقه..يقوم الفقه و اللاهوت بأخذ هذه النصوص و الكتب.. كحقائق مطلقه


وهذا بالضبط هو مايقوم به الفقه الاسلامي ، فبدل مناقشة الفرضيات، يأخذها كثوابت و مسلمات وبدل الدراسه للنصوص، يعتبرها مقدسات ويعتبر الكتابات و التفاسير القديمه و حتى كتاب هذه التفاسير و السير..فوق النقد و فوق التشكيك.. وذلك بشبكة معقده من الخيوط و الحيل و التلاعب الأكروباتي بالألفاظ و استيراد مصطلحات مبهمه و مفردات غامضه من جوف اللغه العربيه القديمه.. لتخفي ورائها هشاشة المعانى المنتهية الصلاحيه بتقادم الزمن

بناء على ذلك يصبح هدف الدراسه الفقهيه هي الدفاع و الترويج للدين بدل دراسته بالطرق العلميه الصحيحه، لا بل و اكثر من ذلك..الترويج له من منطلق سلطوي متعال .. تابعوا معي لتعرفوا

الفقيه هو اولا " مؤمن"...ملتزم بأيمانه و الا، لماذا يجعل التفقه مهنته و صنعته و كاره.. و ثانيا ، هو كمؤمن ، يعرف يقينا بدون ادنى شك ..ان الحقائق و الثوابت قد تنزلت بقدسيتها ونصوصها الغير قابلة للشك..فمالذي يريد ان يدرسه اذن ؟ و ماذا سيكون عليه مجال بحوثه العلميه ؟ خاصة ان التشكك بالفرضيه يعتبرفقهيا.. من المحرمات



أن دور الفقيه الشرعي ليس دراسة هذه النصوص المقدسه و الفرضيات المثبته، المسلم بها عميانيا ..بل ان دوره هو شرح هذه الثوابت و المسلمات و توصيلها لعقول المؤمنين البسطاء و بهدف التأكد من قيامهم بأتباع الطقوس و التقاليد الموروثه في المذهب الذي تخصص به كما وردت حرفيا في الكتب القديمه..بعبارة اخرى يصبح محاميا للثوابت..و ليس دارسا لها ..ببساطه..و على بلاطه... دور الفقيه هو مجرد التبرير العقائدي فقط ..لا أكثر و لا اقل

و الان وبعد ان اتضحت الرؤيه و عرفنا حقيقة الدور الذي يلعبه الفقيه الاسلامي، كيف يتمكن من ممارسة عمله ؟ ان جزء من تدريب الفقيه هو استخدام الوسائل التاليه المرتكزه على فرضية صدق الوحي و الن
صوص المقدسه والثوابت الاسلاميه


اولا- اسباغ الالقاب على الفقيه و التي تهدف الي التهيئه النفسيه لمتلقي المعلومات من البسطاء فيتسمون بأصحاب فضيله..وجلالة الشيخ و يتلقبون بالعلماء..وهكذا الي درجة انهم الفوا حديثا خاصا بهم لأضفاء القدسية عليهم هو "من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين متفق عليه.. بينهم طبعا


ثانيا-التأكيد على ان مايقوله الفقيه هو صحيح بطبيعته لأنه قانون وفطره طبيعيه و الدين منطقي مثل قانون الطبيعه

ثالثا - ان الدين مسؤول عن حماية الاخلاق من الفساد في المجتمع -ليعطيهم حق التدخل فيما لا يعنيهم


رابعا - تعميق الشعور بالذنب و التهديد بعقاب الجحيم أو النجاة منه بالتوبه والالتزام..لضمان بالجنه

خامسا -التلويح والتهديد بالتكفير والزندقه و النفاق و المروق و الخروج عن المله لمن تسول له نفسه الاختلاف عما اجمع عليه الفقهاء

سادسا - تعقيد الامور بحيث يحتاج المؤمن العادي الي الفقيه لحل اشكاليات حياته حتى يطمئن الى انه يعيش حياة شرعيه يرضى عنها رب الرمال





الان يجب ان يتم هذا كله من موقع التسلط و التعالي كما قلت، فالفقيه هو مؤمن اصلا ولكنه ذو علم ( بالفقهيات) اي انه يعرف اكثر مما يعرفه المؤمن العادي..لأنه مؤمن متفقه..لذا، فان اتفق هؤلاء الفقهاء على تفسير أمر من امور الدين بطريقة معينه.. فلا يحق للمؤمن البسيط العادي و الجاهل ( بالفقهيات) الغير متفقه مثلهم ..ان يتدخل فيما لا يعنيه و يفسره بشيء مخالف لما اقروه واتفقوا عليه.. و الا سيكون ذلك "خطأ" كبيرا..وان اصر على رأيه.. فينبذ من الاسلام و يكفر ..و يحل دمه..كل مايحتاجه الامر مجرد فتوى من فقيه كاهن و سيقوم احد الاتباع بذبحك ليذهب الي جنة اله الرمال رب الفقهاء..الم اقل لكم انه كهنوت

و هكذا نجد ان الفقه و الفقهاء هم الادوات التى يستخدمها الكهنوت للسيطره على الناس فدورهم هو المحافظه على الدين بالسيطرة على طريقة تفكير بقية المؤمنين من اتباع المذهب بطريقة موحده مبرمجه موثقه لا يخالف بها احدهم الفقيه ..ويبقون في حظيرة الكهنوت ، مطيعين يسمعون الكلام وهذا مايجذب الفقهاء الي السياسيه او مايجذب الساسه الي استغلال الدين عن طريق الفقهاء للسيطره على الشعوب

والفقرة السابقه تعطيكم السبب التاريخي الحقيقي لولادة الفقه الاسلامي فهو لا يختلف من ناحية اهدافه و الغرض منه عن اللاهوت المسيحي..كل في مجاله
تاريخيا عندما استنسخ اللاهوت المسيحي من رحم فلسفة ميتافيزيقيا الهة الاولومبيا الوثنيه كان ذلك لمجابهة الاختلافات العقائديه بين روما و بيت المقدس بسبب خروج كثيرين في ذاك الزمان بأراء متعدده في الفكر المسيحي و اغضبت اهل الكهنوت المسيحي ، فكان مجمع نيقيه هو ولادة اللاهوت لتوحيد التفكير العقائدي المسيحي
. الطبيعه البشريه متعدده الاشكال و الأراء، مثل اختلاف الاذواق و المشارب بيننا..فمع مرور الزمن يجب ان يتفرق الناس في تعدد اعتقاداتهم و تصوراتهم
ولكن اختلاف الاراء في اللاهوت و الفقه أكثر صعوبه لأنه يسحب البساط من كهنوت الاديان ويلغي سلطانهم..لذا ابتكروا لنا الفقه و اخترعوا لنا اللاهوت لمنع التعدديه، و ابقاء الناس في حضيرة الدين او المذهب باستخدام منهجيه طاغيه جامعة مانعه.. اقرب الي العسكريه لاتترك صغيرة و لا كبيرة..فهناك الان كتب فقه لكل شيء فمن فقه المال الى فقه الصحه و فقه النساء و فقه الطهاره و فقه الصلاه..وفقه تربية الدواجن الي اخره..وليس لك خلاص منهم و من دجلهم الا بتحرير عقلك من خرافة اسمها فقه

الخلاصه ان الفقيه ماهو الا الكاهن المكلف بحماية الطريقه المنهجيه الطقوسيه للدين عن طريق غسل تفكير الاتباع المؤمنين و السيطره على ادمغتكم

و في هذا لايختلف دور الفقيه عن ممثل الدعاية لمساحيق الغسيل في التلفزيون الذي يظهر مرتديا البالطو الابيض ويتكلم من وراء اجهزة المختبر متظاهرا انه عالم متخصص في مساحيق الغسيل وخبير ينصح ربات البيوت ، باستخدام تايد او برسيل لغسيل اكثر بياضا.
.. الفقيه وعالم اللاهوت و الممثل في الدعايه، كلهم من رجال المبيعات ، مهمتهم تسويق بضاعتهم .. سواء كانت هذه البضاعه دينا... ام صابونا

استيقظوا..انهم يكذبون عليكم

إرسال تعليق

0 تعليقات