الاثنين

ياسمين



أتخذت مكانا ب لوبي فندق الدانه، و عيناى ترنوان المدخل الزجاجي ، طلبت قهوة ، و جلست. كنت أتسائل هل سمعتها تقول نحن ؟ كان بعد ظهر يوم العيد الثاني والذي اقضي صباحه في أبوظبي عادة ، للسلام على عماتي و اولادهن و بناتهن ، و أصرف بقية نهاره و مساءه لنفسي ومتعتي . تواعدت مع ياسمين على قضاء هذا اليوم مع الويك اند معا ، في أبوظبي

تعرفت على ياسمين في احدى ليالي رمضان الساهره مع بعض الاصحاب . لست ادرى مالذي جذبنى الي هذه الفتاة دون غيرها في تلك الجلسه، ربما كان وجهها الصافي الجميل، ياسمين ليست طويله بل تميل الي ان تكون من النوع البيتيت كما يقال بالفرنسي، و ان ليس كثيرا، كان جسمها متناسقا في بنطلون الجينز الازرق و تي شيرت ابيض قصير اوف شولدر يكشف عن احدى كتفيها المستديرين، لها عينان جميلتان تبرقان من خلف نظارة طبيه..تجعلها تبدو اكبر سنا

ياسمين درابي ، وهذا اسمها ، امريكيه من اصل ايراني..عاشت حياتها بين امريكا و الامارات، لا يسأل الرجل امرأة عن عمرها، و لكنني لا اعتقد انها بلغت الثلاثين..من المصادفات الغريبه حين تعرفت عليها في مركز وافي بدبي و في اللقاء الاول اخبرتنى انهم يقيمون في منطقة سان برنادينو كاونتي شمال شرق لوس أنجليس و هو حى كنت قد اقمت به لسنتين اثناء دراستي في مدينة الملائكه، صرنا نتحدث عن الشارع الرئيسي بالحى عن المحلات، الحدائق، المطاعم التى كانت هناك.. لا بل كانت ياسمين تأكل السوشي في مطعم ياباني في نفس الحى كنت ارتاده اسمه توداي ! كم هي غريبة هذه الصدف

استمر حديثنا عبر الهاتف ، اخبرتني ان ابوها و امها اطباء و لكن عندما حصلوا على تأشيرة الهجره، تخلت الام عن مهنتها التي لم تستطع ان تمارسها في لوس انجليس و بقيت معها اثناء دراستها هناك ، اما الاب فاستمر يمارس الطب في دبي

تعمل ياسمين في شركة ماليه سويسريه مقرها دبي و تعمل كمندوبة مساعده لعلاقات الزبائن
أتصلت بي في نفس الوقت الذي وضعت به شنطتي في الاستوديو الصغير الذي استأجرته بهذا الفندق، و قالت لي انها في الطريق و بعد ان أغلقت الخط..تشككت بما سمعت هل قالت نحن في الطريق ؟ علها احضرت معها احدا؟ بوي فريند! لايمكن ان تكون قد قصدت هي و سائق التاكسي مثلا؟ ربما لم اسمع جيدا

هاهي تاكسي موصلات دبي تقف بباب الفندق، و تترجل ياسمين منها، اذهب لأستقبالها ، حالما رأتني حيتني بقبلتين على الخد..ثم امسكت بيدي و اخذتني خلف التاكسي و قالت اقدم لك افسانه...أختى الكبيره

نظرت الي اعلى لأقابل عينى افسانه التى كانت اطول منى بعدة انشات و اعرض منى بعدة امتار و بالتاكيد اثقل منى..بعدة اطنان....التعبير الخليجي الاصح لوصف افسانه..قهمه

افسانه قد تقاربني في العمر لها عينان صغيرتان في وجه مستدير يشكل الخدين ثلثاه تقريبا..تكلمت بالأنجليزيه بلكنة ايرانيه لا اسمعها لدى ياسمين، قالت يبدو انك لا تصدق! لا اصدق ماذا؟ اجبتها . انني اخت ياسمين..لا الومك!..و انفجرت ضاحكة..انت صبى سان برنادينو اذن! ياسمين اخبرتني كل شيء عنك..قلت: كل شيء؟ و التفت الي ياسمين التي كانت تحاول ان تحاسب سائق التاكسي، حاولت الدفع عنها ..فأذا بقبضة أفسانه الحديديه تطبق على يدي و تمنعني من اخراج محفظتي ، ابدا، قالت افسانه : نحن ندفع ثمن التاكسي ، يكفى ضيافتك لنا

اخذتهما الي الاستوديو و انا اقول لنفسي..من استضافك انت؟

اقترحت ان تعلقا ثيابهما فقط الان و ساخذهما في جولة حول أبوظبي اولا ثم نعود و نبدل ملابسنا للسهره، في السياره جلست ياسمين في الخلف و جلست افسانه الي جانبي! قالت : همم هذه تختلف عن دبي، همم انها لا تشبه دبي، قلت لها : انني استغرب كيف يعيش احد كل هذه السنوات في الامارات و لم يأتي و لو مره لزيارة عاصمة الدوله؟ فقالت افسانه: انها تشبه طهران، قليل من طهران.. و قليل من شيراز..كل هذه الاشجار تذكرنى بشيراز، لم تسمع سؤالي ام تجاهلته، و استرسلت قائلة دبي تشبه ال ايه* اكثر، فقلت مازحا نعم تشبه ال ايه لأن كلاهما عباره عن طرق سريعه و مراكز تسوق ، نظرت الي ..وضيقت عينيها وقالت..تشبه شيراز، ابوظبي تشبه شيراز!! قلت على حد علمي شيراز ليست جزيره! فقالت: هل ذهبت الي ايران؟ لا ابدا، اجبت. قالت اذهب الي شيراز ستحبها..هناك كثير من الاثار..أوقفت السياره على كاسر الامواج حيث تبدو المدينة عن بعد من خلف المياه الزرقاء و اخرجت كاميرتي لألتقط صورنا..قالت افسانه همم هذه تشبه ميامي

جلسنا لتناول بعض القهوه في أبوظبي مول، سألت أفسانه هل هذا محل لبيع التبغ هنا، قلت نعم فقالت لحظه فقط، وذهبت الي داخل المحل المقابل للمقهي

نظرت الي ياسمين بعد ان ذهبت افسانه
أنا : هل اعجبتك المدينه؟
ياسمين : نعم حديثه جدا..اتمنى انك لم تنزعج من احضاري افسانه
أنا : لا ابدا..ولكني وددت لو اخبرتيني، حتى اجهز بعض الاشياء
ياسمين: اشياء مثل ماذا؟
أنا : الفندق او الغرف..فأنا لم اتمكن من الحصول الا على هذا الاستوديو..كل الفنادق محجوزه
ياسمين : ليست هناك مشكله مع الاستوديو..نحن لا نتذمر، المهم ان لا تكون متضايقا، ارجو ان تتفهم فانا لم اخرج مع..
أفسانه- مقاطعة الحديث – هل تتكلمون عني؟ ها ها ها و جلست وأخرجت علب سيجار قائلة انهم يبيعونها ارخص من دبي هنا
أنا: أتدخنين السيجار؟
أفسانه : هذا ليس سيجار..انه سيجارليو الا تعرف الفرق؟
أنا: لا يهمنى... فانا لا أدخن
افسانه : الان سيهمك الامر عندما ابدأ بالتدخين.. و انفجرت ضاحكة
ياسمين : ايزي افسانه..بن لم يتعود على مزاحك بعد..لا تقلق هي تمزح هكذا طوال الوقت
انا : لا ابدا ظريفه اختك..بدات احبها
افسانه: ياسمين ، كان يجب ان تشاهدي وجهه عندما رأنى عند التاكسي..هل قلت له شيئا عنى؟
ياسمين : لا افسانه..دعونا نذهب..فنحن البنات نحتاج و قتا طويلا للمكياج

هل تعرف معنى فندق بالفارسي؟ سألتنى افسانه بعد ان دخلنا من بوابة الفندق؟ اجبتها بالنفي فقالت انه بندق، قلت لها لا، البندق هو الهيزل نت نوع من المكسرات هذا فندق..قالت :لا بابا بالايراني فندق يعنى بندق..يعنى هيزل نت..انتم مضحكين ايها العرب كيف تسمون الفندق هيزل نت؟
لا افهم مزاحها .. و لكنها من الواضح ..مختلفه، و سيتنيل بن كريشان و تفشل خطته الذكيه

أخذت الاختين الغرفه الوحيده و قررت ان انام في الصاله الصغيره التى كان بها صوفابيد او الاريكه التي تنقلب سريرا

بدأت السهره في اقدم حانه انجليزيه في ابوظبي واسمها همفريز على اسم الممثل المشهور همفري بوجارت بطل كازابلانكا و صقر مالطه

افسانه تشرب ويسكي اون ذا روكس، بكاردي بريز لياسمين و بيره جينيس لي، نظرت افسانه الي قدحي و انفجرت ضاحكة..بلا توقف لمده .. فقلت ممازحا : افسانه هذا كأسك الاول..نحن لم نبدأ بعد ؟

أفسانه : اين تظن نفسك؟ ..طلبت جنيس ايرلندي
أنا : هذه من اقدم الحانات الانجليزيه في ابوظبي و عمرها من
أفسانه –مقاطعة- : حانه انجليزيه هاها هاها.. و استمرت بالضحك لفتره
افسانه- و هي تجفف دموعها التى سالت من كثرة الضحك- تنظر الينا: الم تفهما؟
أنا و ياسمين : لا
افسانه : هؤلاء العرب مضحكين..حانه انجليزيه بأسم ممثل امريكي ..تبيع بيره ايرلنديه اليس ذلك مضحكا؟

كنت اريد ان اخذهما الي مطعم الموال للعشاء و مشاهدة بعض الرقص الشرقي و لكنهما طلبتا ان تجربان افضل مطعم ايراني بالمدينه..صراحة لم اكن اعرف الا المطعم الايراني الذي في فندق الشيراتون و اسمه حجره. قلت مداعبا بعد ان جلسنا في المطعم الذي بدا خاليا الا من قليل من الناس..هل حجره تعنى شيئا معينا بالفارسي؟ افسانه : هوجيرا تعني غرفه ..رووم
على الاقل لم تسخر من الاسم، لا اعرف ماذا اطلب في المطاعم الايرانيه و عادة اسأل النادل عن افضل الاطباق ..و اكتفي بمشاوي مخلطه و انواع من الرز، فتطوعت افسانه باختيار الاكل لنا...ثم دار هذا الحوار بينهما
ياسمين : لا احد يقدم كشك بادنجان* مثل شابستان في دبي، انه افضل من كل مطاعم لوس انجليس الايرانيه
أفسانه : فشر..افضل كشك بادنجان يقدم في ايرانيان باشكاه *
ياسمين : انا اكره باشكاه لأنهم يجبرونك ان تلبسي حجابا قيل الدخول و طباخهم تبريزي و ليس ايراني
افسانه : التبريزيون افضل طباخين في ايران..ثم هم ايرانيون ايضا
ياسمين : التبريزيون اتراك و ليسوا ايرانيين
افسانه – وقد ملأ الاكل فمها- سأذهب الي باشكاه حتى لو لبست شادور* فالاكل يسوي
ياسمين : لا تستطيعي ان تشربي نبيذا هناك مع الأكل
افسانه : بن
أنا : متفاجيء – نعم
أفسانه : مارأيك؟
أنا : اتفق مع ياسمين لأ
و قبل ان اكمل الجمله
افسانه : لأنها اصغر و اجمل منى..اليس كذلك؟
ونظرت الي بتأثر
أنا : لا ابدا كل ما اردت ان اقول انني لم اجرب ايا منهما و لكن افضل ان اذهب للمكان الذي به نبيذ
افسانه تنظر الي بنفس الطريقه...لفترة..ثم تنفجر ضاحكة: ها هاهها
أفسانه : ياسمين الم ترى شكله عندما قلت له ذلك...انه خجول هاهاهها..وجهه اصبح احمر مثل هذه...و اشارت الى طماطم مشويه في صحنها
ياسمين وهي تربت على كتفي: بن، لا عليك ، ستتعود عليها..قلت لك انها تمزح طوال الوقت
افسانه : بن، هل تعرف ان هناك نبيذا مشهورا اسمه شيراز، الكروم التى تستخدم فيه من اصل ايراني..ولكنني افضل الويسكي او البوربون

تابعنا السهره في ديسكو، كان فاضيا في فندق جراند، فأخذتهم الي سيكستي نانيرز و هو ملهى ليلي مصمم ببيئه داخليه من الغرب الامريكي المتوحش و موجود في نفس فندقنا...الملهي مليان و لم تكن هناك اماكن لنجلس اليها الا على البار..طلبت افسانه سكوتش جوني ووكر بلو و بدأت تدخن و قدمت لي العلبه
افسانه : هل تجرب واحدا؟
أنا : انا لا ادخن أبدا ..احيانا انّفخ الشيشه و لا ادخلها في صدري..اما السيجار فكثير علىّ
افسانه – تضع يدها على رأسي و تنفش شعرى قائلة : سيجارليو، قلت لك ليس سيجار
أفسانه تلتفت لياسمين: ياسمين انظري قلت لك انه يضع جل على شعره
أنا : انا لا استخدم الجل ابدا
افسانه –تنفجر ضاحكة- : مرة اخرى اصطدتك هاها.. ياسمين هاهو يحمر مرة اخرى

راقصت ياسمين مرة واحده، ثم جائت افسانه و بدأت ترقص الى جانبنا ، حتى مللت و رجعت الى البار..وتأملت الاختان المتناقضتان..بقيتا ترقصان معا طوال الليل حتى ذهبت الفرقه..بدون توقف
افسانه كانت تجفف العرق من على صدرها و رقبتها و تقول لي لم لم ترقص معنا
انا : لم تناسبنى الموسيقي، ربما كبرت على الرقص
افسانه : انا احب الرقص..الموسيقى الايرانيه هي ميلودي راقصه، لذا نحب نحن الايرانيون الرقص.الموسيقي العربيه جاده و ثقيله ..ليس بها ميلودي
ياسمين : هذا غير صحيح في ايران يرقصون علي موسيقي المغنى المصري الذي يغنى هبيبي يانور العين
أنا : اسمه عمرو دياب
افسانه : انا اكره اسم عمر
أنا : اسمه عمرو و ليس عمر
افسانه : هذا المكان مضحك نوعا ما
أنا : مرة اخرى؟ لماذا
افسانه : سيكستي نانيرز فريق كرة القدم الامريكيه في سان فرانسسيكو و ليس له علاقه بالغرب الامريكي و اشارت الي البارمان الذي يلبس برنيطة الكاوبوي..فجاء اليها قائلا : وان مور مدام ؟

و كنت اتأمل ان عدد كؤوس الويسكي التى تناولتها افسانه و اتمنى ان تجعلها تخلد الي النوم سريعا و نحصل على قليل من الوقت انا و ياسمين لنتحدث او حتى نختلس بعض القبل و الاحضان..و لكن افسانه خيبت ظنى، هذه المرأه تسكر بلد..و لا كأنها شربت شيئا

استيقظت صباحا بألام في رقبتي وظهري من الصوفا بيد الغير مريحه و على اصوات الاختين يتكلمن بالفارسي
افسانه : صباح الخير، ارجو ان لا نكون قد ازعجنا نومك
أنا : لا لقد استيقظت وحدي
نظرت الي الساعه..كانت التاسعه و النصف صباحا! ياألهي لقد نمنا الرابعه صباحا تقريبا..كيف استيقظتا

أنا اقود السياره عائدا بهما الي دبي، رأسي و كأن مئة من عمال المناجم يحفرون فيه، و افسانه جالسة الي جانبي تتكلم بدون توقف اتذكرها تقول : همم ، صحراء هذه البلاد كلها رمال..لا تشبه كاليفورنيا..نظرت الي ياسمين في المرآه وهي جالسة في الخلف..تطالع بعض الاوراق من العمل، لاحظت نظراتي في المرآه..نظرت اليّ ، تبسمت..خلعت نظارتها، و غمزت بعينيها الجميلتان

بن كريشان

******

قهمه : هو طويل القامة ضخم الجثه
ال ايه : اختصار لوس انجليس
كشك بادنجان : طبق من الباذنجان و الجبنه البيضاء هو للايرانين مثل الحمص للعرب
ايرانيان باشكاه : النادي الايراني
شادور : العباءه الايرانيه و تنتشر الان بين العراقيين و اللبنانين الذين يقدسون الجمهوريه الاسلاميه اكثر من اوطانهم

أعلاه صورة افسانه مع الباونسار في الكلوب

ليست هناك تعليقات: