الاثنين

عذر اقبح من ذنب



كنت اوصل ابني الوحيد ذو الاربع سنوات الي الروضه كالمعتاد..ولكن اليوم كانت الافكار تعصف برأسي بعد جدل احتدم بيني وبين زوجتي ليلة البارحه..خرجت من البيت غاضبا تجنبت الافطار حتى لا اجلس معها..وكنت اقول في نفسي و انا اسوق السياره ياربي مالذي فعلته لأستحق هذه الحياه؟ مالذي قصرت فيه؟ ..استغفر الله لماذا انا في هذا البؤس و الشقاء..لا اتهنا بالراحة حتى في بيتي؟..وفجأة سمعت صوت ابني من المقعد الخلفي يقول: بابا..مع من تتكلم؟

هذه قصة حقيقيه رواها لي صديق اسمه عبدالرحمن...كان مستغرقا في تلويم نفسه لدرجة انه لم ينتبه انه كان يتكلم بصوت عال

في هذه القصه يتساءل عبد الرحمن ان كان قد اقترف ذنبا يعاقبه الله عليه . يقول تعالى كذبوا بآيات ربهم فأهلنكاهم بذنوبهم. و في مسند احمد حديث يقول ان العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه..و عند الشيعه يقول الامام الصادق إن الذنب يحرم العبد الرزق. عبدالرحمن و غيره كثيرين يتبعون اعتقادا سائدا يروج له رجال الدين بأن البلاء و الشقاء عقوبة سماويه لأرتكاب الذنب. بل كثير يؤمنون بأن الكوارث الطبيعيه هي عقوبة الله بسبب كثرة الذنوب مثل ما يقول موقع اسلام اون لاين هنا

الصديقه ملك طرحت عدة تسؤالات في ملاحظاتها على البلوج و في رسالة ايميل، وقد أوحت لي بكتابة مقال يتحدث عن طبيعة الذنب في الدين الاسلامي و تأثيره على حياتنا اليوميه..فمثل عبدالرحمن هناك كثير من ضحايا الشعور بالذنب الذي تعززه الاديان



إنه ليس من الطبيعي لدين من الاديان و خاصة الاسلام ان يتعامل مع العالم و الحياة كشيء جميل يجدر بنا نحياه و ان نتمتع به. الاديان منذ الازل تقوم بتصوير العالم و الحياه بطريقة تشاؤميه و تصبغها بالسواد الحالك العديم الأمل. تدعوا الاديان الثلاثه الاسلام و المسيحيه و اليهوديه الي ترك هذا العالم..للذهاب الي عالم اخر في المستقبل..الي حياة اخرى كل شيء فيها أفضل و احسن مما لدينا..و هذا مشروط طبعا بعدم ارتكابنا للذنوب

الاسلام كغيره ينظر بصورة من التعالي و الترفع عن الحياة اليوميه الطبيعيه التي نعيشها و التأفف من واقع الثقافه اليوميه للانسان. أن فكرة الاسلام هو ان هناك شيئا خطأ و حالة منقوصه مشوهه في حياتنا هذه و في عالمنا هذا يجب ان تكُره و ترفض...و لتصحيح الوضع، ليس مطلوبا منا ان نقوم بأي شيء لجعل حياتنا افضل، الا ان نعمل للأنتقال من وجودنا في هذه الحياه الي مكان اخر فوق السقف الازرق اسمه الجنه..المركبه الفضائيه التي تأخذنا هناك..هي الامتناع عن الذنوب و تقديم الطاعه الشامله

إن التركيز على غسل الذنوب و التكفير عنها هو الطريق الوحيد الذي يأخذنا الي هذه الجنه المثاليه في السماء. تتعامل الاديان الثلاث في بلاد الرمال بطريقه متشابه فيما يختص بالتخلص من الذنوب تقريبا فالاسلام يسميها النجاة من النار.. المسيحيه تطالب بقبول تخليص المسيح لك لتذهب الي الجنه فبدونه لن يفتح لك احد الباب..اما اليهوديه، امهم العجوز فتعتمد على مفهوم الغفران. عكس الاديان الشرقيه مثل البوذيه و الهندوسيه ااتي لها مفهوم مختلف للوصول الي التسامي و هو ان التطهر من الذنوب يتم بالتخلص من الكارما السيئه و التي تمنع وصول الحكمه والنيرفانا و تصيب الانسان بالجهاله، وبما ان البوذيه و الهندوسيه لم تنشأ في بلاد الرمال الصحراويه وكان اتباعهم يعيشون في الاقاليم المطيره و الغابات الاستوائيه ففكرة الجنه السماويه لم تطرأ ببالهم

ان الملتزمين بالتعاليم الدينيه يعيشون حياتهم في شقاء محاولين محو اكبر قدر من الذنوب. و قد يصل الامر احيانا الي تعذيب الجسد لمنعه من الذنب، هل تتذكرون شخصية سيلاس في دافنشي كود حين يعذب نفسه بالضرب بالسلاسل. نرى هذا يمارس في كثير من اديان العالم فمن الشيعه الي المتصوفه و حتى الاسلام فقيام الليل و صيام رمضان و ترديد اذكار الاستغفار الببغاويه ماهي الا من اساليب تعذيب الجسد و العقل و اجباره على رفض مباهج الحياه للتخلص من الذنوب و التقرب من رب الرمال. هناك ايضا تقديم القرابين من الحيوانات وهو طقس أتبعه اليهود اولا في بلاد الرمال و يسمونه قربان واصله من كلمة التقرب لله..وهو ما تاثر الاسلام به في عيد الاضحى بما يسمى الهدي او ضحية العيد و مازال صدر الكنيسه يسمى مذبح ليومنا هذا
في المكتبة الاسلاميه الاف الكتب التي تتناول الذنوب و انواعها و العقوبات المختلفه لكل منها، و كيفية الاستغفار و التطهر من كل نوع من انواعها ..هذا علم معقد بحد ذاته يختص به الاسلام


إن الاخلاقيات مرتبطة بتطور الانسان و حضارته. ليس للأديان اي فضل فيها..الاديان على مر الزمن تسرق منجزات الحضاره كاللص قبل ان ينتبه ايه الناس . يحاول اسلام اليوم نسب كل مكتشفات العلم و منجزات المدنيه كذبا اليه

كما ذكرت في مقال سابق الاديان لم تأت بشيء أكثر من الطقوس التي ورثتها عن الحضارات الوثنيه السابقه و قامت بتكريسها. طقوس المسيحيه الكاثوليكيه هي روما الوثنيه و الحج الاسلامي هو اعادة مكرره لطقوس من سماهم صلعم بالجاهليه . ان قيم الانسانيه العظمى خرجت من رحم حضارة الانسان و تطورها و ليس من الدين. اليوم في معيار الذنوب كل القيم الانسانيه التي تسميها الاديان بالكبري هي قيم الانسان..والدليل انها موجوده دائما مهما تغير الدين و الجنسيه و في اي حضاره و كانت قبل قيام الاديان كما تدل فلسفة الاغريق التي سبقت اليهوديه..أما ذنوب الانسان التافهه الاخرى مثل عدم الصلاه و النظر الي الجمال و الاستماع الي الموسيقي و عدم لبس الحجاب و الصيام و الاذكار و الادعيه و غيرها فهي مجرد تعبير عن الامتثال للسلطه الدينيه لكونها فارغة من المعنى الانساني و ليست بذات فائده


اليوم الخبر الرئيسي في الصحافه كان ردود الفعل عند المسلمين تجاه تعليقات البابا بخصوص الجهاد في الاسلام .. لص يتهم لصا اخر بالسرقه

تطالبنا الاديان بالتوبه و التخلص من ذنوبنا ولكن لم لا تتوب الاديان نفسها عن ذنوبها ؟
الاسلام قتل الاف من الرجال الغير مؤمنين به في حروب الرده و سبى الاطفال و النساء و واستعبدهم . الرسول نفسه، اثنتان من زوجاته كانتا من المسبيات اللتان قتل ازواجهما و اباءهما و صفى عرقيا جميع اهلهما و افراد قبيلتهما. مئات المجازر ارتكبت في فتوحات البلاد لنشر الاسلام... و اليوم يقوم الاسلام السياسي بالصياح بنفس الدعوه ليحصد ارواح الابرياء في عمليات ظالمه من قتل المدنيين عشوائيا في جرائم يوميه ضد الانسانيه اما المسيحيه فقد ارتكبت مجازر في محاكم التفتيش و الحروب الصليبيه و قتل الهراقطه و حرق الساحرات و انتهاك القسطنطينيه...أين القيم؟ اين مباديء الاديان التي تدعيها؟ أين الكبائر اين الوصايا اين الالواح

أعزائي إن الاجدر برجال الدين ان يتوبوا عن ذنوبهم التي اقترفوها بحق البشريه..ان عليهم ان يعتذروا لنا بما سببوه و للملايين من الظلم ..انهم هؤلاء انفسهم المذنبون انهم انفسهم يحتاجون الخلاص و النجاه من النار و ليس نحن

فالنستمتع بحياتنا و طبعيتنا و فق ارقى قيم و مباديء الاخلاق الانسانيه ..أما أن يقوم رجال الدين بأتهامنا نحن بارتكاب الذنوب و هم اكبر المذنبين و ان يطالبونا بلا خجل بأن نتخلى عن وجودنا و سعادتنا..الي وعد جنتهم المستقبليه في عالم خارج الحياه، فهذا عذر اقبح ....من الذنوب كلها



بن كريشان













ليست هناك تعليقات: