الاثنين

تحقيق العداله.. بالعنف



لم اشأ ان تمر ذكرى الحادى عشر من سبتمبر الخامسه بدون ان أدون شيئا

قد يستغرب الكثيرون من مصادفات الدهر عندما يعلمون ان هذا التاريخ يتزامن ايضا مع حادثة اخري! فبتاريخ الحادي عشر من سبتمبر منذ سنوات عديده، قاد المهاتما غاندي اول مظاهره في جنوب افريقيا مطلقا شعار اللاعنف. بينما هنا في بلاد الرمال ، و في هذا اليوم بالذات قام انتحاري في العراق بتفجير نفسه في ميني باص لمجندين موديا بحياته و أربعة عشر عراقيا في زهرة شبابهم

خرج علينا اليوم ايضا غراب النحس الاسود وجه الارهاب و رجل القاعده الثاني أيمن الظواهري في شريط قناة الجزيره المعتاد قائلا انه سيقوم بعمليات في إسرائيل و دول الخليج العربيه. وكأنه افصح عن مكان إختباءه في هذا التهديد، فقد سبق و ان اطلق احمدي نجاد تحت الضغوط الدوليه لكبح انشطة ايران في تخصيب اليورانيوم ..نفس التهديد بالضبط

عملية الحادي عشر من سبتمبر لم يكن لها اي اثر على العالم. فلم تسقط امريكا و لم تتغير موازين القوي و لم ينهار النظام الاقتصادي العالمي . أوروبا ماضية في توسيع وحدتها الاقتصاديه و الصين و الهند في الطريق ليكونوا دولا عظمى ...وبلاد الرمال تزداد فقرا على فقر . عملية الحادي عشر من سبتمبر لم تكن حتميه في تغيير مجرى التاريخ ، هي ليست كسقوط جدار برلين مثلا..ولكنها بالتاكيد ادت الي زيادة اعداد ضحايا العنف في بلاد الرمال

ان العنف لا يجدي نفعا، وقد اثبت التاريخ ذلك فكثير من الجماعات التي سلكت هذا الطريق لم تجن منه فائدة. و لنتذكر بيروت في الحرب الاهليه و بيلفاست و منظمة الباسك و منظمة التحرير الفلسطينيه و غيرهم

ولكن إن كان هذا صحيحا، فلماذا يستمر الناس في بلاد الرمال بممارسة العنف بهذه الدمويه وهذه القسوه و الوحشيه التي نراها على شاشات التلفزيون يوميا؟




المحّير في الامر هو ان كل من يمارس العنف من هؤلاء، و اقصد هنا العنف السياسي ، يقولون انهم يهدفون الي تحقيق العداله و التخلص من الظلم. الحرب الوحشيه التي اودت بألاف الابرياء في الجزائر نتيجة قرار جبهة الانقاذ اللجوء للعنف لأجبار الحكومه على قبول نتائج الإنتخابات ، كان هدفها استرجاع حق و تحقيق العداله..الجماعات التي تقوم بالقتل العشوائي للابرياء في العراق اليوم، تقول نفس الشيء بينما يصيح خفافيش الاسلام السياسي بأنهم يفعلون ما يفعلون لأقرار الحق..وهي كلمة ترادف في معناها العداله

إن ضحايا العنف والارهاب و الذين يستهدفهم هؤلاء المطالبين بالعداله هم نحن...نحن مثل الضحايا الابرياء الذين سقطوا مخلفين اطفالهم بلا معيل في مصر و العراق و المغرب و الجزائر و لبنان والسعوديه..الاف قتلوا منذ بدأت دائرة العنف في الحادي عشر من سبتمبر/أيلول...جلهم من الابرياء

فالنفكر بإمعان قليلا..هل يعني هذا ان العنف يوجد لتحقيق غاية نبيله مثل العداله. هل يعني ان الرجل المنتحر الذي كان وراء عملية امس في العراق كان يهدف الي التخلص من الظلم.؟.ولكن اليس العنف نفسه ظلما ؟
هذا هو الحيف و الظلم بعينه يقع على الابرياء و ذويهم الذين يعيشون يجترون ذكرى الالم الذي سببه لهم هؤلاء الارهابيون


كان المهاتما غاندي في فلسفته المناهضه للعنف يتكلم خلق نوع جديد من الشجاعه المؤديه للوصول للحق و العداله. فقد كان يرى ان اللجوء للعنف ماهو الا نوع من الجبن المرتبط بالخوف. فالانسان حين يرتبط بأنانيته يرغب بالاستحواذ و التملك، فمثلما يتملك الاشياء الماديه فهو يتملك الوطن و القبيله و الدين و الهويه الاثنيه و المذهب و حين يعتقد ان احدا يسلبها منه..يتجه للعنف
إن بناء القدره لدى الانسان على عدم الارتباط الحسي بالاستحواذ و التملك و في نفس الوقت الاصرار و العناد في تحقيق العداله بالمواجه المباشرة و بدون خوف..يجعله يحقق العداله كما حدث معه حين اجبر اكبر إمبراطوريات العالم انذاك، على الانسحاب من جوهرة التاج البريطاني الهند إنه أمر لا يتصوره انسان

اللجوء للعنف سهل..لأنه ردة فعل تبررها العاطفه و الرغبه بالثأر و الانتقام. ما أسهل ان يغتال الظواهري و بن لادن الاطفال في مدارسهم ويذبح الابرياء و الامنين في الاسواق و في طريق العمل..هي ردة فعل الجبان المتجرد من القيم الانسانيه..هؤلاء من قصد غاندي بأنهم اسرى الخوف. كل مايحتاجه هؤلاء الجبناء هو فقط الحصول على منتحر استبدل عقله بدماغ أخر.. ضحايا من المدنيين و شريط الي قناة الجزيره


إنه من السهل في بلاد الرمال ان يرمي اللوم على الاخرين لتبيرر العنف، فمن الدوله اليهوديه الي مؤامرات العم سام الى لوم طائفة معينه أودين معين او مذهب معين ثم يقولون ان تطهير الارض و المجتمع من هؤلاء ، هو الحل ! يرمون اللوم على الغير.. لتبرير اجرامهم الجبان..و كانهم ليسوا طرفا فيه و كانهم غير مسؤلين عما يفعلون.. و اياديهم تقطر دما...الادهى و الامر ان هناك من يتعاطف مع هؤلاء

كيف يمكن ان نحقق قيمه انسانيه نبيله كالعداله في بلادنا، بواسطة رذيلة دنيئة..كالعنف؟

إن لم تستغرب السؤال ..فمرحى بك في بلاد الرمال

بن كريشان

ليست هناك تعليقات: