الاثنين

عماره حيدريان





قصه قصيره



<1>


تنتشر روح التباهي و الافتخار بين سكان العماره التي اسكن بها، أنا وزوجتي أم حسين وابني حسين و إبنتي حسنه ، و التي تقع على شارع كراده داخل المتقاطع مع شارع السعدون.. صحيح انه منذ وقت طويل كان تباهيهم يقتصر على اشياء محدوده مثل التباهي باللباس و الحفلات التي يقيمونها و احيانا قليله.. التباهي بالسيارات، و لكن لم يخطر ببالي ان تطال روح التباهي بينهم ..إقتناء الحيونات

كان مالكا العماره أبوسرمد حيدري و اخوه ربيع حيدري، لذا كنا نسميها عمارة الحيدريان. أبو سرمد هو الذي كان يدير شؤن العماره غالبا و كان متشددا في هذه المسأله وكان يضع في عقود الاجار نصوصا صريحه تمنع ادخال الحيونات الي العماره ، كانت ابنتي حسنه تحب ان تربي احدى القطط الصغيره التي ولدتها قطة خالتها. و من كثرة بكائها و الحاحها طلبت استثناء من مالك البنايه من اجلها ، ولكن ابوسرمد لم يقبل و هدد بطردي من شقتي ان ادخلت قطة الي البنايه. و لكن ما كنا لا نعرفه.. إن عمارة الحيدريان كانت مرهونة للبنك

<2>

في يوم ما استيقظنا فوجدنا ناطورا جديدا يلبس بزة مكتوب عليها البنك العقاري و اخبرنا ان ابوسرمد واخوه عجزا عن دفع ديون لها للبنك الذي استحوذ بالتالي قضائيا على البنايه. بعد ايام وجدنا عقودا جديده موقعة من البنك قد علقت على أبواب شققنا و قد زادوا في الايجار بنسبة عشرين بالمئه، إحتج الجميع في البدايه و لكن البنك العقارى في النهايه وافق على القيام بالصيانه و الصبغ فقبل الجميع و وقعوا عقودهم مع المالك الجديد

من التغيرات التي لاحظناها بعد مغادرة المالك القديم ابوسرمد، ان العقود الجديده ليس بها اية شروط متعلقه بتربية الحيوانات الاليفه داخل الشقق

كانت الساعة الواحده و النصف ظهرا و كنت قد احضرت ابنتي حسنه من المدرسه و اصعد الدرج الى شقتي عندما رأيت السيد أزاد صاحب الشقه رقم 6 /ج ينزل الدرج : مرحبا كاكه ، قلت له ذلك وكان الاسم الذي ندلعه به .. أومىء برأسه دون ان يجيب و ما أن مر علىّ حتى انتبهت انه يقود خلفه كلبا ابيضا له شعر مفلفل..من فصيلة البوديلس


صارت حسنه تبكي و تصيح : انا اريد كذلك قطة لماذا هم لديهم حيوانات و نحن لا


عندما يكون الجو حارا نجلس أنا و زوجتي المصون العصرعلى بلكونتنا الصغيره نشرب الشاي ونأكل الكعك..أعدت ام حسين الشاي كما احبه ثقيلا، و ادخن معه سجائري المستورده. و عندما جلست بقربي أخبرتني ان جارتها صارت تربي بعض الحمام على بلكونتهم..و اكملت قائلة: يا ابوحسين كم سيكون جميلا ان نضع جوزا من الكنارى على البلكونه.. يغردان لنا ونحن نشرب شاي العصر

خضعت لأرادة حسنه و امها وجلبت قطة الى البيت احضرها لي أبوحمزه زميلي بالشغل و اشتريت كذلك من سوق الطيور اثنان كنارى و وضعناهما في البلكونه، كانت وجه ام حسين يشع بالفخر وهي تنظر الى عصفوراها الاصفران

دق الباب الساعه السابعه صباحا.. و كالعاده كان جارنا جّبار الدليمي الذي يسكن في الشقه رقم 3 / دال و الذي يستلف مني الصحيفه كل صباح ..فتحت الباب لأعطيه اياها وفجأة كآآآآآآآآك سمعت صوتا أخافني.. فضحك وهو يأخذ الصحيفه مني ..كان يحمل على كتفه ببغاء برازيليا ملونا ضخم الحجم من فصيلة الديريبوتيوس




<3>

اليوم التالي و في الممر وجدت ساجده التي تعمل خادمة لدى الحاج محمود المشهداني في الشقه 5 /أ في الطابق الرابع تتحدث مع خديجه خادمة الدكتور صباح الموسوي الذي يقطن مع زوجته في الشقه 8 /باء. ركبتا معي المصعد و كانتا تتحدثان عن طريقة اطعام العقارب و العناكب من فصيلة الارمله السوداء و التراتنولا التي تفترس الطيور. سمعتهما تقولان ان جارهم ابولؤي من 9 ص قد إستلم طلبية من سحالي الايجوانا المكسيكيه


يا إلهي انها روح التباهي تنتشر بيننا

هدأ الوضع و لمدة اسبوع كانت الامور على حالها. حتى مساء اليوم عندما مرت عليّ الانسه سعاد ابنة كاظم عبدالرسول و هو موظف متقاعد يسكن الشقه رقم 12/ تاء و هي فتاة جميلة في مقتبل عمرها و كانت تحمل كيسا كبيرا تحتضنه امامها..كانت فتحة الكيس غير مغلقة تماما مما مكنني من اختلاس نظرة الي داخل الكيس..فرأيت رأس افعي أندونيسيه من نوع البايثون كانت نائمة داخل الكيس

في يوم الجمعه اذهب للتسوق و كنت عائدا الى البنايه بعد ان رجعت من البقاله، و كان هناك أناس يشكلون حلقة امامها ..فدخلت بينهم يدفعني الفضول



..كادت أكياس الخضره تقع من يدي عندما رايت شاحنة تنزل دبا بنيا ضخما من فصيلة نوع الكريزلي الامريكي الكبير و كان ابو عقيل يتجادل مع هويار و ناطور البنايه على ان هذا النوع من الدببه غير خطير بالمره

زوجة المحامي صلاح الانباري، السيده عقيله يغمى عليها عند رؤية منظر الدب و تحاول سيدات البنايه ان يرشوا الماء على وجهها و يشمموها بعض البصل

لم نرى السيده عقيله لمدة طويله..لكنها خرجت من شقتها بعد أيام بوجه يملؤه الفخر لتوقع رصيد الاستلام من شركة الشحن و التخليص و التي احضرت لها نمرا سيبيريا

<4>


لقد أصبح وضعي غير محتملا، فقد توقف الجيران عن السلام على لقد اصبحت مسخرة و موضوع تفكه سكان بناية حيدريان لأن عندي قطه و جوز من الكناري فقط. حتى اللحام و البقال صارا لا يسلفاني، و صار أطفال البنايه يضحكون على حسنه و بينما سيدات العماره يتبخترن على ام حسين.. مما دعاها الى ان تهددني بالطلاق و الذهاب الي بيت ابوها ان لم احضر حيوانات اكبر و اخطر

مع انني غير متعود ..الا انني اضطررت ان اتسلف بعض النقود من اصدقاء عده و ان أُقترعلى نفسي فتوقفت عن التدخين و شرب الشاي و اخيرا تمكنت من شراء كلب دوبرمان و فهد اصفر...ولكن لم يطول الامر..فما ان رآهم جارنا جّبار الدليمي الذي يسكن في الشقه رقم 3 / دال و الذي يستلف مني الصحيفه كل يوم ، و قد كان يحمل على كتفه هذا الصباح نسرا ذهبيا كازاخستانيا من الفصيلة المسماه هاليكيوس نيباليسيس .. فما كان منه الا ان حذا حذوي واشترى ثلاث نمور بنغاليه بعد ثلاثة ايام

لم يعد فهدي الاصفر ذا فائده في اعادة اعتباري فأهل عمارة حيدريان لم يعودوا يهتموا الان الا بالحجم و الكم فالسيد نعمه الشيخلي من الشقه 11/ق صار لديه غوريلا ضخمه بينما عبد الزهره مقابله في الشقه 31/ ق يمتلك ثلاث اسود

في وجهه كل هذه الروح المتباهيه و لأستعادة إعتباري في العماره و بدون اي تردد، بدأت ببيع الاثاث، و الثلاجه و الغساله وتلفزيوني القديم ماركة القيثاره..لا بل حتى الطباخ ماركة عشتار الذي املكه منذ اول يوم زواجي، بعته بثمن رخيص..أخيرا تمكنت من تجميع مبلغ نزلت به الي سوق الغزل بالشورجه يوم الجمعه و اشتريت أكبر حية اناكوندا ممكن ان تتصورها، لقد كانت فعلا ضخمة للغايه

حيتي الاناكوندا هذه لم تعد لي الاعتبار و الاحترام فقط و تجعل اهل عمارة حيدريان يأخذوني على محمل الجد..ولكنها للاسف كانت القشه التي قصمت ظهر البعير و لا اقصد البعير الذي يحتفظ به منير السعدي في شقه 17- ك بل اعني انها حطمت كل معنى للتواضع و الأعتدال..الان اصبح في كل شقه اسود و نمور و غوريلات و تماسيح، بعض الشقق بها فهود سوداء شرسه و انواع من حيونات الغاب لاتجدها حتى في أشهر حدائق الحيوان في العالم


<5>

لم يعد احد يستطيع النوم او يشعر بالامان على نفسه او اولاده، عندما يحل الليل تزأر الاسود و تعوي الذئاب و تجاوبها ضباع. رائحة الحيوانات ملئت البنايه حتى انعدم الهواء النظيف في العماره. كل يوم تأتي الشاحنات بأطنان من اللحوم و الفئران و الحشرات و الحشائش لأطعام حيوانات العماره
اصبح الناس يتجنبون شارع كراده داخل المتقاطع مع شارع السعدون من خطورة المكان، و انا لا الومهم فيوم امس كانت جارتنا ام فاضل من شقه 22/ ع ُتمشي نمرتهم حول البنايه ..بينما كان كاكه سيركار في موقف السيارات يغسل وحيد القرن الذي يحتفظ به في شقته رقم 31 ج
بالماء و الصابون

لقد خنقتني العبره و كم تحسرت على ايام ابوسرمد رغم صرامته معنا

<6>

و اخيرا انهار جزء من درج العماره بينما كانت السيده عقيله تحاول ان تجعل فرس النهر يصعد الي شقتها بينما قطعت الطيور الجارحه كل اسلاك الكهرباء و التلفون و لم نعد نستطيع الاتصال بالخارج..مع هذا لا يريد احد من سكان العماره الاعتراف بأن السبب في
ذلك هو روح التباهي و لا يريدون التخلص من حيوانتهم





<7>


فاضت انابيب المياه التي علكتها التماسيح و اغرقت البنايه و تشكلت بعض البرك و اغتنم احد السكان هذه الفرصه وقام بتربية اسماك البيرانا الامازونيه فيها

لقد لجئت وعائلتي الي سطح العماره حيث صراخ قطيع الفيله الافريقيه الذي يعيش هناك لا ينقطع ، و اختبأنا تحت ماتبقي من خزان المياه الذي ادى انفجاره الي موت الحوت الذي كان رقم 9/ع يربيه بداخله..بينما كانت نسور الجيف و بعض الضباع تأكل من جثته و معهم كان جبار الدليمي جاري من 3/دال يحاول ان يختطف قطعة من لحم الحوت لأولاده في الخيمه التي نصبها في الجهة الاخرى من سطح عمارة حيدريان

جلست لأكتب لكم هذا النداء لعل ان يأتي احد و ينقذنا من محنتنا.. بينما اطلت زرافة من نافذة 7/خ تحاول ان تأكل الورق الذي أكتب عليه ، و بقربي احد الشمبانزيات يستجدى منى بعض الموز

بن كريشان

****
هذه القصه عمل مشترك بيني و بين الصديق أم اتش جي من بلوج عرب في الفضاء و الذي لم يساهم برسوماته فحسب، بل بتشكيل احداث القصه و تنقيحها
***
..قصة عمارة حيدريان مهداه..الي الشعب العراقي

ليست هناك تعليقات: