صفات المنافقين


في هذه الحياة كم نسمع أن شخصا، يسوق نفسه كداعي للفضيلة الدينيه ويكرس وقته وجهده ينتقد و يهاجم سلوكيات الأخرين ..ثم يضبط هو في حالة تلبس ويكتشف الناس أنه في حياته الخاصه، لايمارس هذه الفضائل التي يدعو إليها ..هذا يا إخوتي مايسمى بالنفاق

وقد ذكر الكتاب المبين النفاق في مواضع عدة لأهميته في الأسلام وزيادة علي ذلك فقد أخصه صلعم بسورة تحمل إسم المنافقون. فماهو النفاق؟ يقول ابن جريح في وصف المنافق بأنه: من يخالف قوله فعله، بينما ذكره صلعم في القرءان بهذا: ومن الناس من يقول آمنا بالله واليوم الأخر وماهم بمؤمنين

وعلة ظهور تلك الحركة، حركة النفاق في المدينة واضحة ، فالنبي صلعم والمسلمون الأولون في مكة لم يكونوا من النفوذ والقوة و ليسوا في حالة تمكنهم من الناس (إراهبهم ) بل كانوا يشكون القلة والضعف بحيث كانوا هم من يرجوا خير الغالبيه القويه في مكه ، لذا كان صلعم يتعامل مع اهل مكه باللين والقول الحسن ( التملق والتزلف ) إليهم ومن قبل ذلك كان يقوم بالدعوة الى دينه الجديد سرا، أي يعيش بوجهين ..كما هو شأن المنافقين بوجه عام




وإرتكازا على هذه السنة النبويه المطهره من سيرة صلعم، تجوّز بعض المذاهب الإسلاميه كالشيعه والسلفيه المقاتله مايسمى بالتقيا، لا ليس التقيأ..بل التقيه ، وهو إتقاء اذى الأخرين في حالة الضعف، بالنفاق والتظاهر..يعني بالعاميه يتمسكن حتى يتمكن




أما في المدينة فقد كان الأمر مختلفاً جداً .فالنبي صلعم استطاع قبل أن يهاجر أن يكسب أنصاراً أقوياء من الأوس والخزرج ، ولم يهاجر إلا بعد أن استوثق من موقفه ولم يبقي بيت في المدينة لم يدخله الإسلام ،ففي هذه الحالة لم يكن من الهين أن يقف اللذين لم يؤمنوا به موقف (الجحود العلني ) للنبي والمسلمين من المهاجرين والأنصار وكان للخوف من بطش صلعم واصحابه أثر غيرقليل عليهم في إتخاذهم هذا الموقف ، لأن سواد الأوس والخزرج أصبحوا أنصار النبي ومرتبطين به بموقف الدفاع والنصر والبطش بمن يرفض الرضوخ للأسلام- لذا كان من الطبيعي ان تخفي فئة عدم تصديقها وإقتناعها

ورغم أدخنة الغضب التي تخرج من خلال المعتاد من السباب واللعان في القرءان والحديث لهذه الفئة في المدينه، فإدراك سبب موقفهم شيء من الممكن تفهمه، من ناحية إتقاء آذى المؤمنين المتعصبين وخاصة ان منهم من كان مشهودا له بالعقل والذكاء والفطنه من أمثال سيد الخزرج سعد ابن عباده، وعبدالله بن ابي سلول وعبدالله بن أبي لقد كان هؤلاء المزعمون في التراث الإسلامي بمنافقين.. مجرد ضحايا لظاهرة إجتماعيه، سببها آنذاك القمع والعنف والخوف ، كما كان الحال ايام دولة صدام حسين في العراق

ويشمل الشيعة كذلك في قائمة المنافقين، كل صحابي حول صلعم لم يكن من اهل البيت او لم يوالي علي بن ابي طالب بما فيهم ابوبكر وعمر وعثمان وعائشه

فكان المنافقون في المدينه، أشبه الناس بما كان عليه المسلمين بمكه . فسبحان الله ما اشبه الليلة بالبارحه فهم الأقرب الى سنته صلعم ، فكما كان هو يتقى شر كفار قريش، فقد كانوا هم يتقون شر مكائده وتعذيبه وإغتيالاته لهم من مثل مافعل فعل بسعد ابن عباده.. ونجد هذه النزعة الأنتقاميه موجودة لليوم ، كما هو واضح في سورة المؤمنين التي يقول رب الرمال فيها : سنستدرجهم من حيث لايعلمون








لم يكن صلعم متأكدا من حقيقة إيمان كثير ممن حوله، ومثل الحاكم الدكتاتوري لم يجعل أحدا يطمأن لنفسه ، فأشاع بينهم أن رب الرمال أخبره باسماء هؤلاء المنافقين، ولكنه لن يقول لهم حتى يتحسس اللي على راسه ريشه! و أخفاها عن الناس ويقال أنه لم يخبر الا الحذيفه ابن اليمان كاتم سره الأمين..هذا إن لم يكن الأخير قد صور ّالأمر للصحابة بعد موت النبي هكذا ليبتزهم و يحافظ على حياته

يقول القرءان : وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن اهل المدينه مردوا على النفاق لاتعلمهم ونحن نعلمهم. مما يجعلنا نتصور حالة الشك وعدم الثقة التي كانت تسود ذلك المجتمع المدني آنذاك حتى أن بعضهم كان يشك بنفسه ، كعمر بن الخطاب بعد وفاة الرسول فكان يسأل حذيفة بن اليمان: هل سماني رسول الله منهم؟ فيقول لا، ولا ازكي أحدا بعدك..فهل كان عمر من المنافقين؟

صحيح أن ظاهرة النفاق مرتبطة بتاريخ المسلمين وهو مبررلطبيعته الصارمه التي يفرض بها الأيمان على الناس.. ولكن هذا يخلق بالتالي نوعا أخر من النفاق يتسم به جميع المتدينون والمؤمنون الا وهو نفاق النفس..فهل هناك اسبابا نفسيه أو إجتماعيه لهذا النوع من النفاق





ترددت الأنباء السنة الماضيه عن إعتقال الدكتور محمد عبدالله الركن في الأمارات. وللعلم فالدكتور الركن كان يرأس جمعيه الحقوقيين وهي أحد بؤر تيار الأخوان المسلمين هنا والذي يعمل تحت إسم جمعية الأصلاح الإجتماعي ، مثلها مثل إتحاد طلبة جامعة الإمارات وغيرها من المؤسسات وجمعيات النفع العام والوزارات التي يستفحل فيها ويسيطرعليها الأسلاميون بإقصاء من خالفهم فيها وبالتعيين في المراكز المهمة، من لايشكون بولائهم للجماعه

وبما ان الدكتور الركن كان مدرسا سابقا للقانون في جامعة محو الأميه ، وكان رئيسا سابقا لجمعية الحقوقين..فقد وُصف بعد تلك الحادثه بناشط حقوقي من دولة الأمارات، ولا اعلم ما معنى ذلك بالضبط، ايعني انه مدافع عن حقوقنا هنا؟ في الواقع فنحن مستغنين عن خدماته وخدمات من يريد استبدال حكوماتنا بحكومات الأصلاح الثيوقراطي، وقد كتبت الصحافه العربيه، ونددت بعض المنظمات بما فيها هيومان رايتس وجمعية الصحافه المصريه بالأعتقال مما جعله يبدو وكأنه احد رموز المعارضه.. أن الأمر ايها السادة والسيدات لايعدو كونه أكثر من فضيحه اخلاقيه ونفاق

إسمعوا الحقيقه من داخل الأمارات، فالدكتور الركن ليس بناشط حقوقي وإنما أحد كبار التنظيمين في جماعة الأخوان المسلمين والتي يرأسها الشيخ كايد القاسمي من رأس الخيمه..و أول من إستخدم مصطلح ناشط حقوقي هو قناة الجزيره، نقلا عن موقع إماراتي تابع لجمعية الأصلاح من لندن ينشر تحت إسم مموه هو مركز الإمارات للدراسات والإعلام تجدونه هنا

ولم يتم إعتقاله لقضيه سياسيه..بل القضيه كانت فضيحه لجمعية الإصلاح فقد القي القبض عليه بعد ان ضبط متلبسا خلال مداهمة للمباحث الجنائيه لشبكة دعاره..وكان بغرفة مع عاهره ألمانيه، القضيه التي ضد الدكتور الركن ليست قضية أمن دوله ولا قضيه سياسه، وقد إستغلها الأسلاميون وهم يمنون النفس بتغطية فضيحتهم.. وقد اثبت المختبر الجنائي المواقعه. أنا لايهمني مايفعله الأنسان في حياته الخاصه..ولكن أمثال الدكتور محمد الركن يجب أن يكشفوا لنفاقهم وريائهم

إنه أشبه بان تكتشفوا أن بن كريشان يصلي ويحضر حلقات الذكر سرا هل السبب ياترى هو تضاخم إحساس الفرد المتدين بسموه الأخلاقي وتفوقه على الأخرين فيبرر لنفسه مناقضة تلك المباديء نفسها؟

هل هناك إحتمال بأن الشعور بالتفوق على الناس في الفضيله والأخلاق، يؤدي الى النفاق مع النفس ويدفع الأنسان الى الغش؟

كثيرا من هؤلاء الناس يكبر رأسه ويظن أنه طالما يقوم بدور أخلاقي في منع الرذائل و إصلاح أخلاق الناس، فأرتكابه هو لتلك الرذائل نفسها أمر يمكنه التغاضي عنه ، والحسنات تمحو السيئات، وخاصة أن مهمته الأصلاحيه بعشرة من أمثالها ..وفوقها حوريه بوسه





ربما كان هذا السبب وراء وقوع كثير من المتدينون في هذه الفضائح، فهم يبررون لأنفسهم ويعللون لها بأن مخالفة هذه الفضائل في أمر صغير لايقارن بالخدمة الجليله التي يقدمونها لمجتمعهم وربهم

وربما كذلك هذا مايجعل الناس الذين يظنون إنهم في خدمة الفضيله أن يرتكبوا مايعاكسها أو يغضوا الطرف عن أخوانهم في الأصلاح والدعوه، مثلما إستماتت جمعية الأصلاح في الكذب لتغطية حادثة محمد الركن وحاولت ان تلعبها على أساس أنه إعتقال لمعارض سياسي

لابد أنكم مثلي قابلتم كثيرا من الطلبه المتدينين الى درجة التعصب، لايمانعون أن يغشوا في الأمتحانات. إنه شيء متعلق بالهويه الدينيه للأخلاقيات ، فكلما كانت تلك الهويه قوية جدا، كلما أندفع الأنسان الى التطرف في تصرفاته الى درجة يصبح التناقض مع النفس مقبولا




قد يكون هذا مايفسر تورط كثير من الرموز الدينيه في العالم في فضائح جنسيه، وإنتهاك اطفال و إختلاسات ماليه، وقد رأينا هذا في الكنيسة الكاثوليكيه مؤخرا جدا ومن قبله بقليل بين تنظيم الرهبان البوذيين في تايلاند ..فضائح بجلاجل ، فكلما كان هناك متدينون ومؤمنون ، كلما إزداد النفاق في المجتمع

تلقيت رسالة من قاريء بعدما كتبت عن تحول القوميون العرب اليوم الى إسلاميين قائلا: أن هؤلاء أناس يبحثون عن السلطه، ولامباديء لهم، كانوا قوميّون بالأمس..و اليوم ركبوا موجة الأسلام الشائعه ، وغدا سيكونون أي شيء يوصلهم الى السلطه والحكم، فالغاية تبرر الوسيله









وهذا ما حدث في الحركة الشيوعية العالميه التي حاربت ضد الأقطاع والبروجوازيه..وعندما تمكن قادتها من الوصول الى الحكم في البلاد التي حكموها، صار أصحاب الحزب يتمتعون بميزات بورجوازيه..وصاروا يذهبون لأفضل المنتجعات ويستوردون أفضل السيجار الكوبي والويسكي والنبيذ لهم وحدهم..ويذهبون في رحلات صيد خاصة لا يتمتع بها حتى الملوك والأمراء

ومع هذا فعندهم تبرير مقنع لما يفعلون..فهم مازالوا مناضلين مثل بقية البروليتاريا ولكن..ُيغفر لهم إن هم تمتعوا بنا لا يستطيع بقية ابناء الوطن الحصول عليه ..أو يحلموا بوجوده


قبل الحرب الأهليه بلبنان كان أعضاء منظمة التحرير الفلسطينيه ، يعيشون بأحسن الفيلل في بكفيا في جبال المتن بلبنان، وأحد اكبر قياداتهم تزوج من ملكة جمال الكون اللبنانيه جورجينا رزق، بينما كان ملايين من الفلسطينين اللاجئين يعيشون في المخيمات..ولكن سموهم في النضال، برر لهم أنهم يحتاجون بعض الراحه ..وقليلا من السيكس

صدام حسين كان في عنفوانه ينتقد شيوخ الخليج وملوك السعوديه ويتهمهم بأنهم عملاء مفسدين ويطالب في إذاعاته الموجه للخليج شعوبهم بالثورة عليهم..وهو يدخن السيجار ويعيش هو و أبنائه حياة لا يحلم عاهل مملكة الرمال الكبرى أن يعيشها..حفلات وبذخ وكذب على النفس..فكيف بررلنفسه ذلك؟..ربما لأنه وأولاده وبطانته وحدهم من أمة عربية واحده ذات رسالة خالده من دون الناس؟

اما العقيد- لم يحصل على ترقيه حتى الأن- فأحد أولاده، وهو السعدي القذافي فقد أحتفل بفندق الأنتركونتينينتال بسيدني -استراليا بعيد ميلاد الممثله نيكول كيدمان بعشاء كان مقصور على الأثنين وطلب ورودا ملأت غرفتها، كما قالت الصحافه الى السقف، او ربما نشر إشاعة بعدما صدته..وهاهو سيف الأسلام ابن ثان مع بعض بنات الإسكورت في المانيا..أما الشعب الليبي فكانوا عندما يذهبون الى مالطا يصورون الموز في محلات البقاله والسوبرماركت لأنهم لم يروا شكل هذا الموز منذ ثورة الفاتح وبدء النضال القومي الأخضر




وعودة للمتدينين في الأمارات فقبل سنوات ليست بعيده تم عزل أحد مدراء الأوقاف والشؤون الإسلاميه لتورطه بشبكة لواط منظمه مع صغار سن

دخلت بارا مرة فشاهدت شخصا يجلس بالطرف وقد لبس كاب بيسبول ورفع ياقته وهو يشرب، وبعد ان ميزت ملامحه ولحيته التي لاتخطأها العين..ذهبت اليه، وقلت بدر؟ أهذا أنت؟ فقال لي استر على ما رأيت..هذا كان احد المتعالين على الناس بتدينه

عيسى كان طالبا معنا في امريكا، وكان لايحب شرب البيره بل يتعاطى المرجوانا فقط، حملت منه فتاة ..فهرب الى الأمارات واصبح متدينا بعد تلك الحادثه، وأكمل دراسته في كلية الشريعه بجامعة محو الأميه بالعين، كان يضرب الطلبه الذين يلعبون الكرة وهم يلبسون الشورت بالسوط ، وطالت لحيته حتى وصلت لنصف صدره. وبعد تخرجه عمل مفتشا في ديوان المحاسبه..ثم لمع نجمه كخطيب متطوع بالمساجد، وبعدها في المحاضرات الدينيه، ثم صار يحدث على شاشات التلفزيون المحليه..فطلبته وزارة الأوقاف لمنصب رفيع جدا فانتقل هناك..وبعد سنتين وفي عز شهرته رفع ديوان المحاسبه عليه قضية لأن راتبه في الديوان لم يتوقف بالخطأ لكل هذه المده. وكان أخينا يقبض راتبين وهو ساكت، فانتهى أمره بالفصل من العمل وإرغامه على دفع الرواتب التي اخذها من دون وجه حق طوال هذه السنين..وأختفى تماما من الساحه

مجاهدوا طالبان كانوا يمارسون اللواط والأنتهاك الجنسي مع الشباب الصغير السن المغرر به والذي ذهب الى افغانستان بدعوات الجهاد ..فكل نفاق مقبول ومبرر في سبيل نصرة الأسلام وإقامة دولة الحق





في سيرة صلعم كثير من المؤشرات على حدوث فضائح كهذه، فزواج الرسول من عائشه وهي ذات تسع سنوات ، ومغامرتها في حديث الأفك..وزواجه صلعم من زينب بنت جحش، وتجاوزات ابو بكر وعمر وعلى بن ابي طالب على نصوص قرءانيه صريحه ومخالفتها..كل هذا يدل على أن هؤلاء ذوي الهوية الدينيه القويه، يعتبرون أفعالهم مسيرة من رب الرمال.. فهم، بخلاف جميع الناس فوق مايدعون اليه، وفوق الفضائل والمباديء التي يطالبون الناس بها.. فإحساسهم بتمثيل الفضيله تورم الى درجة سرطانيه..أصبح معه أرتكاب الرذيله، والنفاق شيء مقبول من الممن تبريره..وتمريره


بن كريشان

إرسال تعليق

0 تعليقات