الهجره نحو الجنوب


حضرت ندوة تمهيديه في المركز الرئيسي للشركه تتعلق بالجوده تمهيدا لمحاولة تأهيل بعض الأقسام للحصول على شهادة الايزو، و في الندوه تم التعريف بنظريه من نظريات الجوده تسمى بالانجليزيه

Continues Improvement




فكرة التطور و التحسين المستمر ليست جديده على البشريه و ان حاول علماء الجوده اعادة تقديمها الينا الان بشكل جديد، كل شيء في العالم يتطور، فالمنتج الذي لايتحسن كل سنه، ينتهي به الامر الي الزوال مقابل المنافسه، فالتلفزيون بدأ بشكله الابيض و الاسود و ظل يتطور حتى ظهر التلفزيون الملون و الان هناك شاشات الكريستال السائل و البلاسما وهكذا،لاحظ سرعة التقدم التكنولوجي في عالم الموبايل من سنة لأخرى.. انها سنة الحياة فالأمم التي تحاول الثبات و ترفض التطور و التحسن، تنتهي هي الأخرى مثل موديل موتورولا الذي كنا نسميه الجوال قبل الجي اس ام . الاتحاد السوفيتي اغلق دكانه و اختفي لأنه ظن انه سيقف لوحده بدون ان يتطور حتى تخلفت صناعاته رغم انه كان سباقا الى غزو الفضاء مثلا، قبل الولايات المتحده

أحد الاصدقاء يهوى جمع السيارلت القديمه، جاء مرة و معه سياره مرسيدس كوبيه موديل سنة واحد و سبعين من القرن الماضي، قمت بقيادة السيارة و تجربتها، فلاحظت مدى التطور الذي مرت به المرسيدس من ناحية انضباط السياره و الكونترول. لم يحدث ذلك فجأة، بل بتحسن تدريجي اوصلهم الي الاداء المتقدم لموديلات الفين و سته

أن ما تعانيه بلاد الرمال هو مصيبة مستعصية على الفهم الادمي انها نزعة شريره تتملك عقلية من سكن هذه الصحارى...ليس معارضة التحسن و التطور..بل العودة بكل شيء الي الخلف

النزعه هذه تتضح لكم اكثر عندما ترى البكاء المستمر على مافقدناه في ايام ما يسمى العصر الذهبي للخلافه الراشده او الاندلس. و بدل محاولة تطوير انفسنا و بلادنا بالنظر الي المستقبل كما تفعل الامم الاخرى..ننظر نحن الي الماضي ونحاول العودة اليه، بعبارة اخرى، نضحي بمستقبلنا، من أجل مطاردة شبح وهم في الماضي

هناك امم كثيره كان لها عصورا ذهبيه، فمن اسبانيا التى سادت كقوة عظمي في يوم من الايام الي بريطانيا او النمسا و تركيا و روسيا، كل هذه الامم عاشت مراحل عظيمه من تاريخها، وهي تفتخر بذلك التاريخ و لكنها ايضا تدرك انه قد ذهب وولى بدون رجعه، لذا تسعى هذه الامم الان الي تحقيق حياة افضل لشعوبها بالنظر الي الامام...الي المستقبل

المسلمون في بلاد الرمال، تحت تخدير هذه النزعه الشريره يؤمنون بأن الطريق الوحيد للمستقبل هو بتقليد ما فعلناه ايام الرسول صلعم و صحبه البرره من الخلفاء الراشدين ليعود ذلك العصر مرة اخرى، يعنى محاولة التقدم بالعودة الي الوراء..اليسوا مجانين؟

انهيار الحضارات و العصور الذهبيه للامم الاخرى اسبابه تاريخيه و مرتبطه بما كان يدور في العالم من احداث و حروب و اقتصاد و تطور ، بينما في بلاد الرمال ، نقوم حضرة جنابنا بأرجاع اسباب انهيار الحضاره الماضيه الي تصرفات بعض المسلمين الملاعين الفاسقين ! الذين تسببوا في سقوط الاندلس كما كان يقول لنا الاستاذ عبدالمعطي، مدرس مادة الدين، لأن المسلمين في الاندلس تركوا دينهم و صاروا يشربون الخمر و يمارسون الجنس، و يستمعون للموسيقي، لقد كبرت و كبرت معي اجيال مازالت تصدق تحليل الاستاذ عبدالمعطي للتاريخ..هذا التفكيرالمبسط، رغم مايحمل من سذاجة تثير الضحك و الشفقه، الا انه يتغلغل في صميم عقلية الغالب من الناس في بلاد الرمال

نترك استاذ عبد المعطي جانبا ، ولنسمع ائمة المساجد و شيوخ التلفزيون والاذاعة يرددون نفس الاسطوانه، او ربما اصح ان اقول الديفي دي لأن الاسطوانات انقرضت هي الاخرى! . فأن اتباع سنة الرسول و الاوليين و السابقين من الاموات و سكان القبور، هو فقط وحده الكفيل بأعادة المجد و الحضاره و العصر الذهبي للأمه. في الأسبوع الماضي و في سوبرماركت جمعية العين التعاونيه، لفت انتباهي احد هؤلاء الذين يتلبسون الماضي ، ليس لأنه قد لبس كندورة ميني شرعيه و اطال لحيته بشكل كث غير مرتب فما اكثر هؤلاء ، و لكنه كان يكلم ابنه باللغة الفصحى... احد ضحايا الاستاذ عبدالمعطى من الذين يريدون ان يهاجروا..للماضي



قابلت كثيرا من المعتوهين كذلك الذين يختزلون و يبسطون القضيه الفلسطينيه بقول ان الفلسطينين خسروا بلادهم لأنهم فسقوا و انكروا نعمة رب الرمال عليهم.. فحق عقاب


الاسلام اليوم يحرم المسلمين من حقهم الطبيعي بالتطور و تحسين احوالهم و بناء ثرواتهم بأيجاد مكان تنافسي لهم في صراع التقدم بين الامم، الاسلام يرفض التطور و يجمده، يرفض التأقلم مع كل جديد. الامم الاخرى لم تتوقف و تنتظرنا، بل استمرت قدما لأن التاريخ يتقدم و الحضارة و التغيير يتسارعان و لا ينتظران احدا، بينما نتجمد نحن مكاننا لنحل مشكل هل هذا شرعي ام لا ؟ و نستمر في مسلسلنا المكسيكي اللانهائي مثل هل علّى كفاره أم دم، لأننى صافحت زوجة اخي باليد اليسار، لأن اليمين كانت مضمده..بينما هي حائض!؟




: سؤال بسيط

هل سيكون العصر الذهبي للأمم التي تنظر للأمام فتزيد انتاجيتها و تحسن ادائها و هي تبنى المستقبل، ام للامم التى تنظر الي الماضي تبحث فيه عن حلول؟

المشكله المستعصية على الفهم هي ان مسلموا بلاد الرمال مازالوا يعتقدون ان عصرا مثل عصر الراشدين افضل من عصرهم، و طالما بقوا على ذلك التفكير، فلن يخلقوا مستقبلا لأولادهم..افضل من القرن السادس الميلادي

لن تتطور و تتحسن بلاد الرمال حتى تعكس ذاك المعتقد و يؤمن اهلها بأنهم يستطيعون خلق مستقبل لهم و لأولادهم افضل بكثير من من عصر الخلافه الراشده، و التى سبق و ان كتبت عنها بأنها كذبة كبيره لعصر حدثت فيه مذابح قبليه بين القرشيين للأستيلاء على ملك محمد..فهل يتولون مسؤليتهم، ام يتركون ذلك لشيوخ الدين و الشريعه

هل بأمكان أهل بلاد الرمال مواجهة هذه الحقيقه ؟ للأسف لا، طالما بقوا يعتقدون ان افضل العصور هي تلك القرون الغابره و ان تقليدهم لسلوكيات و تصرفات اهل الرمال من تلك الحقبه هو الطريق الوحيد لتقدمهم

اذا بدر اي تصرف للحاكم يخالف ما ورد عن سنة النبى صلعم، فيجب ان ينكر عليه ذلك ، هذا ما تقوله الشريعه، ان تطبيق ذلك يشل استقلال الدولة و تفويض رئيسها او برلمانها او دستورها، و هكذا تجرفنا الشريعه، بهذه المقوله دولا و شعوبا و افرادا، نحو الهاويه و السقوط في وديان العصور الغابره، كما حدث للمهندس عادل في قصة الطابق السابع




تحتاج الدول الحديثه الي القدره للتجاوب مع متغيرات العصر، فتأتي الشريعه و تعطل هذه القدرات. ستقول لي ان كثيرا من البلدان في صحارينا المقفره تمكنت من التوفيق بين التقدم و قانون الشريعه فأقول لك اين قوانين حقوق الانسان و حرية المرأه والتي مازالت قاصره عند التطبيق في هذه البلاد؟ لماذا؟ الجواب: اسئلوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون


عندما يتكلم الناس في بلاد الرمال عن القانون، يستعملون كلمة القانون الوضعي اي ما صنعه البشر، و القانون الالهي اي شريعة الله التى تنزلت من السماء الزرقاء فوقنا. و هكذا تتمكن فكرة ساذجه مثل هذه مثلا، من تعطيل قوة القانون و قوة الدوله في بعض الاحيان وتسلمنا للخرافه ، فحالما نضع ذلك في دستورنا، نكون قد سلمنا بلادنا و مستقبل اولادنا و احفادنا لأ صحاب اللحى العمائم.. ونظريات الاستاذ عبدالمعطي..و بدأنا في الهجرة نحو الجنوب

بن كريشان

إرسال تعليق

0 تعليقات