الاثنين

هل نجح التدين في حل مشاكلنا؟



كان منظر هذا الشاب المتشدد دينياً وزوجته في مركز التسوق شاذاً فعلاً، الزوجه لبست خماراً اسوداَ من النقاب الذي يغطي الوجه على جلابية بنية اللون فضفاضة احتوت جسدها المكتنز كخيمة امرؤ التيس ..اقصد القيس، وقد ربطت منتصف الجلابية بحزام من القماش ..بينما وقف زوجها الشاب الى جوارها يدفع بعربة طفل وقد ارتدى طاقية وثوباً قصيراً لم يشتم رائحة المكواه منذ صلح الحديبيه.. ثوبه يكشف عن شعر ساقيه الذي بدا كاشواك الصبار، وقد تقطعت بعض ازرار ثوبه من فوق، وامتدت لحيته المنتفشه في الفضاء الذي بين رقبته وكوكب الزهره وكأنها مجرة تتمدد. في هذا اليوم كان المُول مليئاً بالناس الحلوه الا انه و وزوجته وكأنهما وريم او صديد على وجه جميل.

نظرت اليهما وهما يفكران كيف سينزلان بعربة الطفل الدرج الكهربائي بدون ان يخطر ببالهما استخدام المصعد القريب. تساءلت في نفسي ياترى مالذي استفاده هذا الرجل وزوجته من هذا؟ او بالاحرى مالذي إستفاد بلده وشعبه من هذا؟ هل نستطيع القول إن تزايد التدين في الجزائر على سبيل المثال، قد ادى الى حل مشكلة البطاله والتي تقارب الخمسين بالمائه بين الشباب؟ هل انتشار المتدينين الملتحين والمنقبات إنعكس إيجابياً على الاخلاق الاجتماعيه والفساد المالي والاداري؟ هل عودة العراقيين للتدين من بعد سقوط صدام، ادى الى تحسن مستوى المعيشه والدخل؟ هل اصبحت العراق بلداً آمناً بكثرة مُتدينها؟ هل نجحت الكويت بمالديها من اصوليين ملتحين في البرلمان بتحقيق تفوق او تقدم أكثر مما كانت عليه في سنواتها الذهبيه في الستينيات؟ للأسف الاجابة الحقيقيه هي بالنفي .




لم يمر زمن على بلاد الرمال مثل العشرين اوالثلاثين سنة الاخيره. في هذه السنوات انتشرت ظاهرة التدين بين المسلمين إنتشار النار في الهشيم. شهدت مجتمعاتنا مظاهر من التدين لم تشهدها اي عصور سابقه. صارت مناظر الشباب الملتحي وزوجاتهم المنقبات شيئاً مألوفاً ليس في بلاد الرمال فحسب، بل حتى في البلاد الغربيه امام ذهول العالم من هؤلاء الخارجين من العصر الحجري بإسم الاسلام.

لا أعتقد ان المسلمين صلّوا بهذه الحراره وبهذه الجموع في الماضي ولا حتى في عصور الخلفاء الراشدين، لقد عذب الناس انفسهم في الدعاء والابتهال وتوزيع كتيبات الادعيه وإيميلاتها بين ملايين الناس، لم يكن هنالك زمن مثل هذا الذي تحجبت النساء وتنقبن، لم يكن هنالك زمن اصدرت به قوانين تلو قوانين دينيه تعمل كلها على إبعاد الحرام عن حياة المسلمين ومع هذا، لم تكن هنالك تقوى اكثر مما توصلنا إليه في هذا الزمان ابداً..فمالذي إستفادته مجتمعاتنا من ذلك؟ عندما ننظر ونقارن نجد ان المجتمعات والبلاد العلمانيه اكثر تطوراً و سعادة منا نحن عليه. اسألوا انفسكم بصراحه مالذي جنيناه من كل هذه الحُمّى الهستيريه من التدين ؟

هل تحسنت الاخلاقيات الاجتماعيه بإزدياد التدين؟
هل تطورت بلادنا بالعلم والتكنولوجيا بسبب مظاهر التدين؟
هل تحسن إقتصاد اي دولة في بلاد الرمال طردياً بإزدياد التدين؟
هل تطور التعليم وتقلصت الاميه بإزدياد التدين؟
هل نحن أفضل مما كنا عليه في الستينيات والسبعينيات..أم أسوء؟ الاجابه بالتأكيد إننا اسوء مما كنا عليه في كل هذه النواحي؟ اقتصادياً إجتماعياً اخلاقياً وغيره..فمالفائدة إذاً من هذا التدين؟

هل لنا أن نسأل انفسنا، وقبل ان نندفع شعوباً وقبائل وجماهير الى التدين وتربية اللحى والتحجب والتنقب، هل استندنا الى أمثلة صالحة قبل ان نفعل ذلك؟ هل مثلاً نظرنا الى الامم من حولنا فوجدنا ان المتقدمة المزدهرة والمتطورة منها هي تلك المُتدينه؟ أم ان العكس هو الصحيح؟

الواقع ان العكس فعلاً هو الصحيح، إيران هي البلد الوحيد ذو الحكومة الدينيه الرسميه في هذا العالم، وهي بلد فساد ودعاره وفشل اقتصادي وفقر وبحالة متدهورة واسوء مما كانت عليه قبل الثورة الاسلاميه. باكستان شهدت اسوء ايامها إبان حكم الجنرال المؤمن ضياء الحق والذي اخذ البلد الى الحضيض وعلى شفا الانهيار الاقتصادي..السعوديه نظام مختلط متقاسم بين آل سعود و الديانه الوهابيه ( نعم ديانه وليس حركه اصلاحيه) لإمتلاك بلد كامل اصبح فيه السعوديون اليوم يعانون البطاله ( صار لدينا سعوديين في الشركه يعملون بوظائف دنيا..يتركون بلادهم بحثاً عن لقمة العيش) .

جميع النظم الناجحه المزدهره المتطورة علمياً وتكنولوجياً في هذا العالم هي انظمة علمانيه ليبراليه واغلب سكانها مُلحدين..اليابان، فنلندا، السويد، فرنسا وغيرهم. لماذا اخذنا بالمثال الخاطيء وتركنا الدليل الواضح؟ شيء مُحير فعلاً.


اعود الى هذا الشاب المُلتحي وزوجته ذات النقاب اللابسه الجلباب التي في جيدها حبل من مسد..ماذا يتوقعان ان ينتجا في هذه الحياة وهل هنالك امل لطفلهما أن يحدث تغييراً إيجابياً في مستقبل بلدهما و مجتمعهما؟

هنالك جموع غفيرة في بلاد الرمال تظن وتؤمن بأن هنالك طريقاً واحداً للنجاح السياسي والتطور والمستقبل وهو ..العوده لله من خلال التدين. و الدليل هو طريق الاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي وهذا مايقوله ويردده كل نائب برلماني اسلامي ( الكويت البحرين الاردن وغيرهم) وهومايريده كل إسلامي طامح للسلطه السياسيه اينما يكون.

ولكننا عدنا الى الله بأقوي مما كان حضرة جنابه يتوقع..أكثر حتى من فترة الخلافة الراشده والتي مازال المسلمون فيها قريبين من الوثنيه ولم يأتهم الرجل الاعجمي من ارض بخارى وسمرقند في تركمانستان ويكتب لهم احاديث صلعم وكانه سمعها من بعد الاف الاميال وبعد مئات السنين. الاسلام الذي اتقنه بنو امية وضبّطه من بعدهم بني العباس ثم تركوه لإبن تيمية والمتعصبين من بعده..لم يكن بمثل هذا الذي مارسناه في الثلاثين سنة الماضيه..فلم يُصلى ويدعو الله منهم احد ٌ كما دعينا وترجيّنا ولبسنا وتنقبنا والتحينا..ومع هذا فشلنا فشلاً ذريعاً.

ديننا الحنيف الذي هو احسن من اي دين سبقه -كما نحب ان نقول- يجُب ماسبقه..فشل في التأقلم مع التطور بينما تأقلمت البوذيه والمسيحيه والهندوسية مع الحضاره ولم تقف بوجه تحضر مجتمعاتها كما فعل اسلامنا.





كيف فشل الدين الذي لديه كل الاجابات على مشاكل العالم وبه من المفتين ما يقول لك كيف تسلم على الببغاء واي رسوم كارتونيه تستطيع ان تشاهد وماتسمعه من اصوات وما تتنفسه من هواء..فشل هذا الدين وهو الذي يحدد مالذي تلبسه والى اي جهة تتفل وبأي رجل تدخل دورات المياه..لماذا لم يستطع هذا الدين الاسلامي حل مشاكلنا؟

هل هنالك شيء في الاسلام نحتاجه فعلاً لنتعامل مع المتغيرات في هذا العالم؟ إهنالك شرح لطرق إستخدام الاعلام الرقمي والاخلاقيات التجاريه والادبيه والحقوق الفكريه العالميه؟ اهناك دليل إستخدام واضح ينقلنا للحضارة والتقدم والسؤدد؟ ( مره اخرى ماهو السؤدد هذا) ام إننا نخادع انفسنا؟ هل فعلاً سيحُل التدين مشاكلنا في العالم العربي...إن كان كذلك فلماذا لم يفعل خلال ثلاثين سنة من التدين والانقبة واللحى المنفوشه والاثواب القصيره؟





ربما يقول البعض إننا لم نتدين بما فيه الكفايه..ربما لإن رب الرمال يريد تدين اكثر واقوى، فهؤلاء الذين تدينوا كانوا مثل الذين من قبلهم، مقصرين، فالنطيل اللحى أطول و اطول..ولنُلبس نسائنا ارضافاً وارضافاً من الثياب السوداء ولنحجب عيونهن ونجعل لهن نظاماً لاسلكياً يستطعن من خلاله رؤية العالم الخارجي من وراء ستائر من النقاب مع إسطوانات اوكسجين يتنفسن منها..ربما سيرضى هذا الرب عن هذا النوع من التدين الاكثر تشدداً ونبلغ من خلاله النصر على إسرائيل والحضارة والتقدم ونبدأ في اختراع الاشياء وستقل مشاكلنا الاقتصادية والاجتماعيه والاخلاقيه وسنكون خير امة اخرجت للناس؟..وان لم ينفع، فالنجرب نوعاً اقسى واكثر تشدداً ينتحر فيه الانسان شهيداً لإصغر ذنب من الذنوب.

ان الادعاء بأن التدين سيحل جميع مشاكلنا كان يحتاج، وقبل ان نتدافع اليه تدافع الاكلة على القصعة، دليلاً حقيقياً واحداً. ان غلطتنا إننا لم نبحث عن هذا الدليل قبل ان نغوص في التدين..شعار الاسلام هو الحل طلع مجرد كذبه بدون اثبات ولا دليل، ففشل في التطبيق.

كم منكم ايها القراء المسلمين حلت مشاكلكم الشخصيه من خلال الدعاء والتدين، صدقوني لا احد فالدين لايقول لك الا اصبر واصطبر على البلاء، لا يعطيك حلولاً..مجرد آمالاً زائفه فقط..انه يكذب عليك لأن ليس هناك من حلول في الاسلام ولا عند مدعوذيه، فأن كان هذا مايحدث على المستوى الشخصي فما بالك بالمستوى الاجتماعي والسياسي؟

كلما زاد التدين بمجتمع ، كلما انحدر هذا المجتمع في التخلف والفشل. ليس هناك من فائدة ترجى من التدين وطول اللحى والانقبه، ليس هناك من امل في حل مشاكلنا من خلال هذا التصرف الغير عقلاني. المشاكل لاتزول باللحى والتدين ولبس النقاب، بل بالعمل والجد والتعليم والرغبة الصادقه من قبل المجتمع في ضبط منظومته الاخلاقيه.






الحقيقه يا إخواني واخواتي، وبالدليل من المجتمعات والدول العلمانيه والملحده والتي هي انجح واسعد واحسن اقتصاداً فأنه كلما قل التدين..كلما حلت مشاكلنا، وكلما قل التدين، كلما صرنا اسعد واكثر نجاحاً..وكلما قل الالتحاء واضمحل النقاب.. كلما كان مستقبلنا اكثر ضياء وبهجة.

بن كريشان

هناك 6 تعليقات:

Mohamed Saber يقول...

قال الله تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً*وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِب )
((فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا))

انا جربت اعصي الله ولم اجد مفرا منه الا اليه

rtchar100 يقول...

افتح العين الآخري......... حتى تري جيدا

Reality يقول...

ايتها الحقيرة وهل هناك اجمل من العيون اما انك غبية او ليس عندك مشاعر

Reality يقول...

هنيئا لك عندما تحترق عونك وارجلك ووجهك القبيح في جهنم ان استمريت في هذا الطريق

Ana zhqan يقول...

يا صاحب المقال انت شخص تافه...
عندما تموت ستعلم الحق... الاسلام قائم بك وبدونك.. مت بغيظك

Ana zhqan يقول...

سلم لسانك