الاثنين

الأسلام والخمر، العار والخوف







كما نعلم فأنه محرم وممنوع على المسلم شرب الخمر أو البيره أو النبيذ وسائر المشروبات الروحيه والكحوليه، ولكن كما هو الحال في جميع الأديان التي تحرم أشياء كثيره ورغم ذلك فهناك كثير من المسلمين يشربون

في مملكة الرمال الكبرى، ورغم المنع والعقوبات التي تنتظر من يشرب، ُيستهلك الكحول بكميات كبيره خلف الأبواب المغلقه وبين الأصدقاء. وحتى في بلاد الرمال الأخرى التي تتوفر بها المشروبات الكحوليه، والأمارات منها، نلاحظ أن أكثر المسلمين يشربون في الخفاء وبعيدا عن أعين الأهل والأصدقاء، خوفا من الملامة ورفض المجتمع لهم

عندي صديق أسمه عيسى عمره ٣٥ سنه يقوم بكل الحيل الممكنه ليخفي حبه لشرب للنبيذ. صارحني بأنه يشرب مرة في الأسبوع فقط، وعندها يكذب على زوجته وأهله بأنه سيكون في مكان أخر وقد ينام خارج البيت حتى لايكتشف احد أمره

قال لي عيسى رغم انه لايشرب أكثر من كؤوس قليله، ولكنه لايتصور ماذا ستكون ردة فعل زوجته أمل لو عرفت إنه يشرب" لا استبعد من انها ستذهب الى بيت أبيها وستخبر أهلى "بالموضوع ، زوجتي ، قال عيسى، لاتحضر عرسا مقاما بفندق، فما بالك بشربي

مرة من المرات ، والكلام مازال لعيسى، عدت الى البيت متاخرا، وتوقعتها أن تكون نائمه، وعندما رأتني أحسست انها ربما شكتّ بشيء فتظاهرت بالمرض ونمت بعيدا عنها خوفا من أن تكتشف انني شربت في تلك الليله




صديقي ظافر أيضا أعترف لي بأنه عرف ان أبوه كان يشرب في الماضي عندما كان بعمره وأصغر، ولكنه ورغم ذلك سيشعر بالخجل لوعرف أبوه عنه أنه يشرب ..ولا يستطيع أن يتصور مصارحته بالموضوع

أنا كذلك لا أختلف عن ظافر أو عيسى ، فلوعرفت أمي أنني اشرب البيره فستنصدم صدمة كبيره، وربما ستظن أن الله سيعاقبها هي بسبب ذلك. منذ سنوات شمت رائحة البيره مني ، ولأنها لاتعرف شكل البيره ولا رائحتها ، قلت لها انني أكلت سلطة بيض بالثوم على العشاءصدقت المسكينه

أتذكر في تلك الليله التي قال لي بها ظافر عن موضوع شرب أبيه، أننا كنا قد تساءلنا معا لماذا نخفي عنهم كوننا نشرب قليلا؟.. فنحن لسنا بمهربي مخدرات أو حراميه و لصوص ولا قوادين أو سلفيين ولا إخوانجيين ، فلماذا يجب أن نحس بأي ذنب أو بالتقصير؟

لماذا يجب على الأنسان في بلاد الرمال أن يكذب ويحس بالعار، لشيء بسيط كهذا . ولمجرد أنه أراد أن يفرج عن نفسه ويقضي ساعات قليله من الترويح عن النفس؟ أتعرفون لماذا؟ سأخبركم ولكن قبل ذلك.. إستمعوا الى قصة عصام التميمي ، أحد زملاء الدراسه

عصام بدا يشر ب منذ دخل الجامعه وابتعد عن هيمنة اسرته ومع هذا يقول : ديني وتقاليد عائلتنا تتناقض وتتنافر مع شربي ، عندما أكون مع اصدقاء اجانب أو عرب غير مسلمين يبدوا لي الأمر عاديا جدا وليس فيه عقد نفسيه او عار وليس به تكلف ولامبالغه..ولكن عندما أعود الى اهلي ومجتمعي ينقلب الأمر رأسا على عقب، فاشعر بالأحراج والخجل إن ذهب أحدهم وقال لإمي ان ابنك يشرب الخمر

طلبت تاكسي مرة من فندق الهيلتون-العين بعد ان أكثرت قليلا وتركت سيارتي لأخذها في اليوم التالي، مالم اكن اعرفه ان سائق التاكسي الذي أوصلني يعرف خالي وتعرف علىّ، فجاء خالي الى أمي يخبرها بأن أحدا رأني شاربا..تداركت الموقف بالأنكار وجعلته يبدو التباسا وخلطا من السائق

والأن أعود الى تساءلي: لماذا يجب أن نشعر بالعار والخجل لمجرد الترويح عن انفسنا بتناول بعض المشروبات؟

الأجابه هي: إن منع الفرح والملذات والسعاده هو أسلوب الأسلام في إحكام السيطرة على حياة الأنسان المسلم.. وإخضاعه تماما لتعليماته

لو كنا نعيش في مجتمعات أخرى سواء في الغرب أو في الشرق، هل كنا سنشعر بالذنب ونقوم بكل هذا المجهود خجلا من عمل بريء جدا لم نضر به أحدا؟

أنا لا أتكلم عن الصورة القاتمة التي يقدم بها الأسلام الشرب ويصور كل من يشرب بلا إستثناء على إنه سكير عربيد مدمن..أبدا، ففي المجتمعات الأسيويه مثلا يتوفر المشروب بكافة اصنافه حتى في دكاكين البقاله، ومن النادر أن ترى هناك أحدا قد اسرف بالشرب في الشارع....كذلك الأمر نفسه في إيطاليا وإسپانيا والڀرتغال وفرنسا..أنا أتكلم عن أناس عاديين يتناولون بعض المشروبات في مناسبات معينه للترويح عن أنفسهم

سعيد وهو ايضا أحد أصدقائي قال لي مره: كنت مثلكم أجاهد لأخفي أنني اشرب، حتى رأني أحد من أهلي..والأن أصبحت لا أهتم بهم. هذه حياتي وأنا لم اضر ولم أتعرض لأحد من الناس ، ماذا لو لم أكن مسلما جيدا، هذا شأن بيني وبين ربي

لقد استخدمت الشرب كمثال فقط هنا ولكن ما قلته ينسحب كذلك على ترك الصلاه والصوم وكل التصرفات اللاعقلانيه المتنافره مع طبيعتنا والتي يحاول رجال الدين ان يصوروها لنا بأنها عار وخطأ، ولنتذكر بان لدينا حياة تستحق أن نعيشها، خارج المسارات الضيقه التي يحاول هؤلاء حشرنا بها

وعلى المدى الطويل، كلما تخلص المسلم من خجله من نفسه و من تصرفاته وشعوره بالذنب والعار ، من أفعال عادية جدا، لمجرد كونها تتناقض مع دينه..كلما أصبح أنسانا سويا طبيعيا متوازنا، و قد يبدو هذا غريبا للوهلة الأولي ولكن صدقوني.. كلما قل ايضا معه العنف وخفت الكراهيه.. و مسببات الإرهاب في بلاد الرمال

بن كريشان







ليست هناك تعليقات: