أفكار متناثره




كنت احاول ان أكتب قصة قصيرة هذا الاسبوع، ولكني توقفت عن كتابة المقالات منذ بدأت اتولع بهذا النوع من الكتابة السرياليه، لدي فكرة قصة اخري ولكنها مازالت تصارعني و ترفض ان تأخذ شكلا يرضيني بعد..لذا سأكتب اليوم مقالا عن افكار متناثره في ذهني

لا حظت أحيانا و عند قراءتي لملاحظات زوار الموقع،بستثناء الفئة المتنوره الذكيه و التى حررت عقلها من الخرافه، ان هناك فئتان اخرتان ايضا، الاولي ينتمي اليها الذي يكرهك و يريد ان يقتلك لما تكتب، بينما الذي في الفئة الثانيه يريد هدايتك فيكتب لك حديثا او نصا تحذيريا او يرسلك برابط الي موقع يعتقد انه من الممكن ان يؤثر فيك فينقذك من عذاب الاخره. سأبدأ بالنوع الثاني اولا و الذي يريد ان ينقذك، هذه ظاهرة نبيلة في الواقع و هو نفس الدافع الذي يجعلنا نريد ان نساعد غيرنا من الذين يعانون من ضائقه او مشكله او رغبتنا في مساعدة منكوبين و جرحى. وتأتي هذه الرغبه في مساعدة الشخص الغير مؤمن من دافع أنقاذه من بطش رب الرمال

الاسلوب الذي يستخدمه شخص لأقناعك بصحة اعتقاده.. و خطأ اعتقادك.. يجب ان يكون مبنيا على دليل، لذا يرسلك المؤمنون الي مصادر يعتقدون هم انه بها هذا الدليل، لأنهم يعتبروها-هذه المصادر- حقيقة لا تناقش. يذكرني هذا بالوقت الذي كنت فيه بالصف السابع ، كنا ندرس قصة الاسراء والمعراج..فيقول لنا كتاب التربية الاسلاميه ان كفار قريش قالوا لمحمد: صف لنا المسجد الاقصى فيصفه لهم، ونحفظ هذا كأحد الادله على صدق اسراءه و معراجه طبعا اضافة الي وصفه لقافلة قريش التي كانت ستصل في مشرق اليوم التالي، ، ثم نتعلم في مابعد و في الصف العاشر ان عمر بن الخطاب هو الذي بنى المسجد الاقصى!..طبعا الشكل الحالى للمسجد بناه عمر بن عبدالعزيز بعد ان انتهى من قبة الصخره على انقاض مسجد عمر القديم..فكيف وصف محمد المسجد الذي لم يبنى بعد؟ لم لا ينتبه عقلنا لهذا التناقض البسيط؟

الذي يحدث لنا عندما تكون الحقيقه غير مريحه او مؤلمه..اننا نغيرها الي شيء نحب ان نؤمن به..ثم نصدقه، ثم ندافع عنه ضد المشككين، ثم نموت من اجله، لماذا؟

يقول الكاتب و الفيلسوف الايطالي المعاصر امبترو اكو: ماعليك الا ان تخلق املا كبيرا لا يستطيع احد انكاره لأن ليس له جذور او ادله، فلن يعود احد الي الاسلاف ليسألهم عن ماحدث فعلا. الناس يحبون بطبيعتهم الخيال اكثر من الحقيقه. رواية دان براون- دافنشي كوود- هو دليل على ذلك ، فالكثيرون ينسون انها مجرد روايه و ينجرفون الي تصديق انها حقيقه او انها او مبنيه على حقائق..فالخيال له سحر في عقولنا....سحر يجذبنا اليه اكثر من الواقع. فيلم ماتريكس يعرض محاولة الانسان للتخلص من اسر الخيال الذي تسيطر عليه الالات السنتينيه..و الكثير من النقاد يعتقدون ان الفيلم كان انتقادا.. او وصفا لطبيعة عقولنا التي تستسلم للخيال و الخرافه.. بدل قبول الحقيقة.. و التعايش معها مهما كانت مؤلمه

يفشل الزواج بعد الحب كثيرا- مثل حالاتي- لأن كل طرف يحاول ان يعيش خياله و تصوراته عن محبوبه/ محبوبته قبل الزواج..وعندما يرجع المحبان الي طبيعتهما بعد الزواج..يتحطم الحلم..او الايمان الذي اعتقده كل في الاخر..يقوم العقل بخداع كل منهما للعيش في الحلم..بدل التعامل مع الحقائق الحياتيه و التى كانت ستوصلهم الي التفاهم

الاثبات العلمي و التاريخي لا يقدر على التغلب على النزعه ألايمانيه بشيء و تصديقه. نعم فالانسان مؤمن بالفطره..او على الاقل يقوده عقله الي ذلك فيؤمن بالالهة و البوذا و المسيح و راما كريشنا و امنا الغوله ..و هناك الان من يؤمن ان من خلق الحياة في هذا الكوكب، هم زوار فضائيون ..و هو ما يسمى الان بالاديان البديله..انتحرت مجموعة من هؤلاء قبل سنوات في سويسرا بعد ان اقنعهم قائد جماعتهم ان المركبه الفضائيه، المختفيه خلف القمر.. عادت لتأخذهم ..بعيدا

الايمان لا ينتج عن اعمال ملكة التفكير و المنطق..بل يأتي من الاراده و الرغبة في ان نؤمن

في القرون الوسطى جرى نقاش في المسيحيه يقول: ان ايمان الشياطين بالله و المسيح مبنى على الادله عكس البشر. هذه العباره وردت على لسان توماس الاكويني و هو في مكانة الغزالي لدينا في الاسلام ، في الفكر الكاثوليكي او اكثر . و ماقصده تومي هنا هو اننا نعتمد على ارادتنا و قبولنا بحب المسيح لنبنى ايماننا فنحن ليس لدينا دليل مثل دليل الشياطين التى تعرف ذلك لأنها رأت الله و تعرف كل شيء عنه، والقصه الاسلاميه تؤكد ان الشيطان يعرف الله و هو على يقين بوجوده..فهل نعتبر الشيطان..مؤمنا كذلك؟ و كمؤمن و مصدق بالله و لا يشرك به احدا..فالشيطان يستحق الجنه ايضا مثل غيره من المؤمنين ..بأستخدام هذا المنطق

اعتقد ان العقل مثل العضلات في جسمنا يحتاج الي تدريب و اعداد للتمييز بين الحق و الباطل فهو بطبيعته ميّال للخيال و الحلم..فترى الاديان كلها تقوم على الوحى و الاحلام و الغيبيات الخياليه و الغموض ، لذا تحاول الاديان منعك من التفكير المنطقي و تحليل هذه الغرائبيات التى يجب ان تؤمن بها، و يحذرك اصحاب الاديان بمخاطرة الوقوع في الاثم ان سمحت للعقل ان يفكر

عندما تخرج من مستنقع الخيال و تبدأ في اعمال العقل، تجد ان منطقك اقوى من الحلم الايماني الجميل ، يبدأ المؤمنون بكراهيتك و هؤلاء في الفئة الثانية التي اشرت اليها من قبل. و هم في رأيي لا يختلفون من ناحية الايمان و تغييب المنطق عن الفئة السابقه.. و هؤلاء يكرهونك لأنك تمثل الشك بالنسبة لهم. انك تحاول ان توقظهم من حلمهم جميل

الشك يهاجم الأيمان ..فهو الجمنازيوم لتنمية عضلات العقل لمكافحة الخرافة و الغوص في الخيال. هذه الفئة من الاشخاص يكرهون الشكاك ..لأنهم يدركون ان اخطر شيء يهز حلمهم الجميل هو هذا الشك . منذ سنوات و قبل ان ابدأ الكتابة هنا.. دخلت على موقع تشات عربي كان فيه مجموعة متناحره من عربان الرمال فمنهم السنى الذي يهاجم الشيعه الروافض و الشيعي الذي يهاجم السنه النواصب و المسيحيين الذين يتجادلون في اثبات انهم لم يحرفوا الكتاب الذي كتبه رب الرمال الذي يسكن في البنتهاوس فوقنا..وبينما كان النقاش كذلك دخلت انا بملاحظة عقلانيه على اساس ياشباب انتم تتكلمون عن خرافات لايمكن ان تثبت..و ياعينك ماتشوف الا النور...استلمت سبابا من السنه و الشيعه و حتى المسيحين، و كأنهم اتحدوا ضدى، وكلما اتذكر ذلك اقول في نفسي ان هذا طبيعي جدا فالخطر على دين ما ..ليس من الاديان الاخرى..بل من التفكير النقدي السليم..فالتشكيك بالأيمانيات اخطر من عدم الايمان مطلقا

في امريكا يتجنب اللادينيون ان يجاهروا بمعتقدهم لأن الثقافة ، على عكس اوروبا ، مازالت معادية لذلك، و كنت اشاهد برنامجا من برامج -التاك شو- عندما كنت في لوس انجليس. كانت الضيفه ملحده بالايمان الديني، فتلقت من السب و الهجوم من الجمهور البسيط الساذج و الذي كان على شاكلة من ترون في عروض اوبرا وينفيري- واجهت هذه السيده الجمهور و قالت لهم : انكم تكرهوني لأننى امثل كل الشك المغروس في ضميركم

و في النهاية شاركوني بهذا الدعاء..كلكم: سنه و شيعه و مسيحيين وغير مؤمنين.. و خودموني ايضا

ياربنا..رب جميع الاديان و الملل و المذاهب..هل من الممكن ان توضح لنا..اي واحد كنت تقصد؟

بن كريشان

إرسال تعليق

0 تعليقات