الاثنين

كلهم على خطأ

هناك العديد من الأديان في العالم، فهل يعقل أن تكون كلها صحيحه؟



صبحكم الله بالخير ، هذا الصباح ذهبت الى مختبر مستشفي توام ليأخذوا عينة دم بغرض تجديد التأمين الشامل الذي يغطينا نحن الموظفين الذين " يعملون في ظروف ذات مخاطرة عاليه". وبعد أن أخذوا مني الورقه أرسلوني لغرفة الأنتظار فتبعت العلامات المضحكه و وصلت الى الغرفة المليانه على الأخر، لم يكن هناك الا كرسيان متبقيان في أخر الصف، فذهبت وجلست على الكرسي الأخير تاركا كرسي واحد فاضي بينى ، وبين السيده الأماراتيه المنقبه الجالسه الى اليسار مني..وفجأة قام زوجها الحمش الجالس بجانبها على الطرف الأخر وبّدل الكرسي معها..ذلك حتى لاتحبل مني بالخطأ

مساكم الله بالخير ، هذا المساء و بعد التمرين ذهبت الى الحانه الأيرلنديه لأحجز لنا طاوله، لأن ظافر يأخذ وقتا طويلا وهو يتحمم وكأنه عروس ستزف الليله، فلم اجد كذلك اي طاوله . كانت هناك عائلة تجلس على طاوله بها كرسي فاضي كان رجل أوروبي مع زوجته، التى بدت لأول وهله انها من الفليڀين ، وابنهما ذو الخمس سنوات، فستأذنت الرجل ان أجلس معهم ريثما تفضى أحد الطاولات.. فرحب بي

عرفته بنفسي فعرفني بنفسه: هالو أنا ديرموت وهذه زوجتي نورليزا و التي مدت يدها وسلمت علىّ بدون أن تخشى من الفتنه والشهوه.. مع إنها كانت ماليزيه مسلمه. أخبراني أثناء الحديث ان أباها عارض زواجها من غير مسلم ثم قبل ، بعد ان وافق دورميت الأيرلندي الشمالي ان يتحول الى الإسلام





سألني دورميت الذي يعمل في الشارقه بشركة هالكرو للطرق والبنيه التحتيه قائلا: أنت من العين ونحن نحب أن نأتي هنا بالويك إند ولكن أنت أول شخص قابلته يتكلم الأنكليزيه مثلك..فكيف تعلمت التحدث بها بهذه الطلاقه .فأجبته بالدرس والأجتهاد والمثابره ..لم اقل له بالطبع ، انها سنوات الصياعه في كاليفورنيا.

سألتني نورليزا، التي لا تشرب أي مشروب كحولي: انت مسلم اليس كذلك؟ ولكنك لاتمانع ان تشرب ..لاتنحرج من سؤالي ڀلييز ، فهناك كثير من الرجال هكذا في ماليزيا. أتعرفين اللغه العربيه؟ أجبتها فقالت : نو ..أي لا ، وهنا طمئنتها بأن ليس هناك شيء في القرءان يقول أن لانشرب، ولاداعي ان تحزني لأنك غير محجبه ، فهذه كلها آراء أشخاص لم تذكر في القرءان، قلت لها كذلك حتى الناطقين بالعربيه لايفهمون القرءان ويعتمدون على مفسرين لأنه مكتوب بلغة قديمه جدا جدا تكاد تنقرض مثل كل الديانات القديمه..وكل هؤلاء المفسرون لها هم من الرجال العرب ، ولابد انك تعرفين كيف أن الرجل العربي تقليدي غيور حمش يغار حتى من ظله ..وهذا ليس له علاقة بالدين الأسلامي الجميل اللطيف الحلو نفسه - فوافقت على كلامي لأنها وزوجها عاشا في السعوديه لفتره وقد رأت كيف أن العرب هناك متشددون بطريقة متشنجه لا يصدقها عقل . أكدت عليها أنني من العرب القله الذين يستطيعون قراءة اللغه العربيه القديمه ، وقلت لها مؤكدا : فثقي بما اقول بدون ادنى شك ، فأحست المرأه المسكينه بالأرتياح. ثم اقترح زوجها أن أرافقه الى كاونتر البار لنكمل حديثنا لأنه لايريد ان يدخن قرب زوجته الحامل في شهورها الأولى- قلت في نفسي ارجو أن لايكون ذلك بسببي لأنني صافحت وحده مسلمه!

على البار شكرني دورميت على ماقلت فهذا سيجعل نورليزا اكثر سعادة ثم اضاف: أنا لاأهتم بأي دين من الأديان فلايمكن ان يكون أي منها صحيحا ..طالما كان هناك هذا العدد الهائل من الأديان في العالم ..إنها مثل كل هذه الزجاجات التي تراها خلف هذا البار كلها تناديك ان تشربها

طلب نوعا من البيره البلجيكيه إسمها لي فيي وجعلنى أجربها- رهيبه لاتفوتك فغيرت من هاينكن الى هذه - ثم قال في معرض كلامه بأن الناس هنا لايفرقون بين البيره واللاڠر والأيل والڀلسين، ثم طفق يشرح لي معلومات مفيده عن الأختلاف الكبير بين أنواع هذا المشروب الذي نسميه عندنا بيره ..صحيح من قال كله عند العرب بطيخ

لقد جعلني دورميت أتساءل: إذا كان هناك العديد من الأرباب والكثير من الأديان، فهل يعقل أن تكون كلها صحيحه؟

الأجابه على هذا السؤال هي بالتأكيد لا..الا أنه هناك إمكانية كبيره ان يكونون كلهم على خطأ

كتب القاريء" غير معروف " معلقا على الڀوست السابق

"ما جعلني أستبعد وجود الله هو الدين نفسه. كنت أحاول إقناع نفسي بوجوده وكدت أقتنع. ولكن عندما ننتهي من معضلة وجود الله نصل إلى المشكلة الأكبر.... أي دين هو دينه الحقيقي. وعندما تحلل كل دين على حده .. تدفعك هذه الأديان إلى الإقتناع تماماً بعدم وجود الله. وكوني تربيت مسلماً مفعماً بالخرافات والخزعبلات والتفوق الخرافي ... أستطيع أن أقول أن الدين الإسلامي هو ما دفعني إلى عدم الإيمان بوجود الله. كل ما تحتاجه هو ببساطة أن تكون لك نظرة نقدية وأن تجروء على التساؤل. و بووووووووووم (كما يقول بن كريشانً) ستصفعك الحقيقة على وجهك وستعرف أن الله كان موجوداً في ذلك العضو المجوف الذي تحمله رقبتك"

كيف لنا أن ُنقر للإسلام بأنه دين الحق، عندما يكون هناك العديد من الأديان الأخرى، والأرباب الأخر الى جانب ربنا، رب الرمال. ولا يبدو أن أي منهم، بما فيهم حضرة جناب ربنا ، لديه حجة أقوى ولا دليل أكثر مصداقية عن غيره.

والسؤال هو لماذا الأسلام وليس المسيحيه؟ أم لماذا المسيحيه وليست اليهوديه، أو البوذيه، أو الهندوسيه..لماذا يكون توحيد الله صحيحا وليس تعدد الألهه؟

من المصادفة أنه كذلك كان هناك بعض المعلقين يشيرون الى- ماشالله زيد وبارك- أن أعداد المسلمين اليوم زادت عن النصارى المسيحيين..وقال أحدهم ان قسيسا أحرق نفسه- واحد حمار مقهور- على نتيجة تلك المباره..ولكن أتجعل كثرة الأتباع الدين صحيحا، هذا المعيار قد يجعل الهندوسيه هي الدين الحق

كل دين من الأديان هذه له مريدوه و مؤيدوه والمدافعون عنه، مثلما يدافع المحافظون على التقاليد القديمه ويحاربون التغيير..فلايمكن أن يكون كل هؤلاء على حق..ولكن أيمكن ان يكونوا كلهم على خطأ؟

ممكن جدا..كما سنرى

معظم الناس لديهم فكره، وإن كانت صغيرة في زاوية من زوايا العضو المجوف الذي يحملونه على رقبتهم كما قال صديقنا المعلق- بأن هناك العديد والعديد من الأديان التى ظهرت على مر التاريخ..وحول العالم وماتزال تظهر

مثلا ظهر دين جديد في السبعينيات في الولايات المتحده إسمه كنيسة قيامة الڤيس- المغنى المعروف ومن يعلم فقد يظهر لدينا في بلاد الرمال دين جديد يؤمن بقيامة السيده ام كلثوم ونتلوا عليها صلواتنا متضرعين هل رأى الحب سكارى مثلنا؟

أتستطيع أن تعد أديان العالم كله الأن؟ صدقني صعب جدا فمابالك لو طلبت منك أن تعد جميع الأديان التى ظهرت في التاريخ

هذا التنوع الكبير في الأديان الحديثه والأديان المنقرضه السابقه، يلقى بظلال الشك على إقتناع المؤمن ، وخاصة المسلم.. وإخلاصه الشديد لدينه. هل يكفى هذا لأقناع النفس والغير بأن مالدينا هو الدين الحق، والوحيد الصحيح. الواقع أن أصحاب الديانات المنقرضه في الماضي كان لهم نفس الأقتناع مثلنا ونفس الحماس والأخلاص لأديانهم وكانوا يضحون بأنفسهم من أجلها، الا أن ذلك لم يمنعها من الأختفاء والتلاشي

حين تشير الثقافه المعاصره الى أحد إعتقادات شعوب الحضارات القديمه- ولسبب أجهله- تستخدم كلمة ميثولوجيا. فتقول في وصف هذا الأعتقاد مثلا بأنه حسب الميثولوجيا الأغريقيه..أو حسب الميثولوجيا الرومانيه..أو المصريه القديمه أو الأشوريه..السومريه..فماهي الميثولوجيا؟

الميثولوجيا – كلمه مكونه من كلمة ميث وتعني إسطوره أو خرافه وكلمة لوجي و تعني علم ، أى علم الأساطير الخرافيه- المثيولوجيا هي في الواقع الدين، دين ذلك الشعب او الحضاره المندثره

تخيلوا لو وصفنا اليوم إعتقادات المسلمين بالمثيولوجيا الأسلاميه، أو قلنا المثيولوجيا المسيحيه..فستثور ثائرة الأتباع والمؤمنين وسيقولون نحن ليس لدينا اساطير خرافيه – مثل تلك الشعوب- صحيح ..صحيح فيما عدا ذلك الكابتن الذي يبنى سفنا لنقل الحيوانات وتوزيعها عبر المحيطات، ومن يحي الموتى ويتمشى مشاويرا فوق سطح الماء ، ومن يطير على بغل مجنح الى السماء ومن يشق البحر الأحمر بالعصا..ومن يتكلم مع طير الهدهد و حشرات النمل ..وغيرهم وغيرها من تلك القصص الواقعيه




لو قلت لهم أن درب التبانه تكوّن بعد ان شفط هيرقل البيبي النصف إنسان نصف إله، وهو يرضع الحليب من ثدي هيرا زوجة زيوس الغيوره وهي نائمه، فدفعته بعيدا بعد ان أستيقظت..فتناثر وأنتشر حليبها في السماء مكونا مجرة درب التبانه ..سيضحكون هاهاها هذه إسطوره

ولكن لو قلت وماذا عن الذي خلق الأرض والسماء في ستة أيام وجعل الكواكب مصابيح إضائه كهربائيه، وجعل الشهب قذائف صاروخيه للعفاريت والجان..وجعل الشمس تجرى في السماء وتختفى تحت العرش ..سيرتسم الجد على وجوههم السمحاء بمسحة من الغباء..ويقولون هذه أكيد ليست بإسطوره أنها ..كما يقولون في جمهوري إسلامي إيران «حقيقت» تاريخي کامل للإمام جوربتجوف..فهمتوا شي؟ مافهمنا! أتبعوني لكان.. كما كان يقول عملاق الكوميديا العربي غوار الطوشه


أن وصف قصص ورويات الإسلام وكل الديانات المعاصره بالمثيولوجيا لهو وصف فني دقيق. وخاصة أن كلمة ميثولوجيا بلغة الشارع لا تعني أكثر من..كاذبه او مزيفه

يصف المسلمون -والمسيحيون حتى لايفرح العرب منهم- أديان الشعوب المنقرضه كالفراعنه والأغريق والبابليون بأنها كانت أديانا مزيفه وذلك بدون أن ينتبهوا الى ان مافي جعبتهم هم.. لا يمكن أن يستثنى من نفس الوصف عندما تطبق نفس المعايير عليها

إذا فالمؤمنون يظنون أن كل تلك الأديان القديمه وأتباعها المخلصون لها، كانوا على خطأ..بينما في نفس الوقت يظنون ان دينهم الحالى هو الدين الحق..مع أن كل هذه الأديان القديمه منها والحديثه ، مثل الإسلام والمسيحيه لا يصمد اكبرها واسمنها.. أمام الفحص العقلي والمخبري

يضحك المؤمن المسلم اليوم وهو يرى الهندوس ومايعبدون ويقدسون ويهز المؤمن المسيحي رأسه وهو يرى تهافت المسلمين على الجرى بين حجارة الوديان ورميها على صخور تماثل الشيطان " يقولون رمزيا بس" ، ثم يذهب هو الى الكنيسه ويزحف على ركبتيه يترجى تمثال الرجل الذي ولد بلا بابا..ليأكل من جسده ويشرب دمه " يقول رمزيا بس" ويستهزء كلاهما بأديان الأغريق والفراعنه والأشوريه القديمه..فكل يرى مالديه هو الدين الحق..مثلما كان يرى المؤمن بالأديان القديمه ..ان دينه هو كان الحق

المعيار المشترك للدين الحق للمؤمن المسلم و كذلك المؤمن المسيحي العربي اليوم ، هو الأيمان فقط ..بما لديه والأيمان ماهو الا تصديق أهبل عمياني ، كما كان هو ذاته المعيار الذي صدق به اصحاب الديانات القديمه- اصحاب الميثولوجيا إياهم- بأديانهم وأربابهم ..وبأن مالديهم هو وحده الدين الحق



إذا فليس هناك شيء داخل اي من هذه الأديان يمكن فحصه او التحقق منه لأثبات صحة اي منها..هناك فقط إيمان المؤمن وإخلاصه وإستعداه للموت في سبيله- في حالة المسلم تفجير جسده- ليس هناك شيء لديهم أكثر من.. صلابة الأعتقاد، والثبات على الأيمان..كلهم يقولون وكلهم قالوا نفس الشيء..فهل يكفي ذلك دليلا؟ كيف نجد في هيصة وزحمة هذه الأديان الدين الحق ،اي منهم بالضبط الذي سيرمي البقية في الزباله أم ..أن كلهم زباله أصلا ، وكما نقول بالأماراتي.. خمام في الدرام


الجواب لا بالطبع ولكن الى أين ياخذنا هذا؟ حسنا هذا يخبرنا بشيئين مهمنين..أقصد مهمهمين..سوري مهمين- عفوا البيره البلجيكيه المثلجه اثرت في دماغي


الأول: إن الأيمان بدين من هذه والأعتماد عليه ، ليس دليلا كافيا على صدقه وصحته كالدين الحق الوحيد واصحابه هم الفرقة الناجيه الوحيده كما يظن كل منهم

الثاني: عندما ننظر الى كل هذا التنوع الديني بين الأديان نفسها وفروع كل منها- بما يسمى مذاهبها- وتقسيماتها وإختلافاتها..نجد الكثير من التناقض. فلايعقل ان يكونون كلهم على حق، ولكن إحتمال أن يكونوا كلهم على خطأ ممكن.. لا بل هو الأرجح إحتماليا





بعضهم يتكلم عن الخلاص والرحمه والحقيقه العليا ويلفونها في غامضات الأمور وفي ضبابيات الدجل والتدليس ، تارة بالأعجازات العلميه، وتارة بالتخويف من الظواهر الطبيعيه ..وأقتراب العاقبة ونهاية الزمان ودنو الساعة وآياتها الكاذبه - الا أن ليس لدى أيي منهم دليل مخبري عقلاني واحد يصمد أمام العلم وحقائقه ، او امام التفكير العقلاني و منطقه

وبناء على ماسبق نتشائل..أقصد نتسائل - اللعنه! انها البيره البلجيكيه مره ثانيه - ، أيوجد لدينا ولو معيار واحد مستقل؟ ..معيار مستقى من أحد هذه الأديان نعتمد عليه ليثبت على أنه هو الدين الحق؟ واحد بس ! أبدا للأسف لايوجد بالمره، لاتقل لي الأيمان ..لاتقل لي عدد المسلمين..ولاتقل لي الأكثر إنتشارا في العالم..ولا خرابيط الأشعه البنفسجيه والملائكه وصياح ديك الصباح..وبما أنه ليس هناك ولا حتى واحد منهم بطل.. يستطيع ان يقدم لنا ذلك المعيار..إذا فالأستنتاج هو : ليس هناك منهم من هو أكثر مصداقية من الأخر ، فبالتالي ليس هناك من شك بأنهم كلهم... على خطأ


بن كريشان

ليست هناك تعليقات: