لبيك يا افريقيا


هذا الصباح، فتحت الايميل و كنت على وشك ان الغي احدى الرسائل بدون ان افتحها، ثم عدلت عن ذلك في اللحظة الاخيره بعد ان شدني اسم مرسلها" حامد أكونجو" فقد ظننتها في البدايه من تلك الأيميلات التي نستلمها من هؤلاء المحتالين في افريقيا الذين يدعون انهم ابناء ذلك الوزير أو ذاك الرئيس السابق وان لديهم ملايين من الدولارات يريدون اخراجها من البلد و سيحولونها لك، فقط لأنهم يحبون سواد عيونك، و يطلبون منك رقم حسابك بالبنك وتوقيعك على بياض لينظفوا لك الرصيد..أو قد يكون أحد تلك الايميلات التي لا تنتهي من هؤلاء الذين يهمهم امر تكبير و تطويل عضوك الذكوري! و لكن السيد حامد أكونجو لم يكن من اولئك ولا هؤلاء ..لقد ارسل لي رسالة يدعوني فيها لأعتناق الاسلام






لا أدري من اين يكتب لي السيد حامد اوكونجو؟ و لكن من اسمه الاخير لابد وان يكون من أفريقيا…فلبيك يا افريقيا

ولا ادري كذلك ان كان السيد اوكونجو قد اطلع على أرض الرمال ، ام ان احدا اعطاه عنواني ليقوم بدعوتي الى الاسلام. ودعونا اولا نبعث له بتحية صادقة من القلب و نقول له: هاي جمبو..خباري مزوري هكونا متاتا، و لو كنا مكانك يا سيد اوكونجو لقمنا بإعتناق دين قبيلة الوانجو دونجو والتي تسمح بعدد غير محدود من الزوجات، بدل الاكتفاء بأربع فقط

لا نلوم السيد أوكونجو على محاولته، فالكثير من المسلمين يأخذ على عاتقه مهمة دعوة الاخرين لدخول الدين الاسلامي. كما ان هناك برامج و ندوات لأعداد الدعاه في مملكة الرمال الكبرى و خاصة دعوة اهل البدع من الكفره المسلمين الي السلفيه. كثير من المسلمين في بلاد الرمال الخليجيه يحاولون نشر الدعوة بين خدمهم من الفلبينيات و يعتبرون ذلك واجبا و فريضة ، و لدينا في العين مكانا مقابل السجن المركزي اسمه مركز الدعوه للمسلمين الجدد، وهو يلاقي نجاحا منقطع النظير في اقبال الهنود و الفلبينين على، اعتناق الاسلام..واستلام العشرة الاف درهم مكافأة


منذ زمن بعيد كنت اراجع في محكمة العين في قضية طلاقي بعد طالبتني زوجتي السابقه بمبلغ ترليون درهم مؤخر صداقها و تعويضات اخرى..فجاءني شاب مصري في مقتبل العمر ومعه فتاة روسيه و طلب مني بأدب ان اكون شاهدا على زواجهما. و يابخت من وفق راسين في الحلال و بعد انتهاء مراسيم القاضي ذهبنا للتوقيع في السجل و كان هناك موظف على الكاونتر تتطاير شعيرات لحيته متنافرة في كل الاتجاهات و كأن ماسا كهربائيا قد مر بدماغه . و بينما هو يكتب التفاصيل من شهادة اسلامها رفع رأسه، و قال للشاب : أما زال ابويها على دين النصرانيه؟ وانت مالك ينعل ابو اللي خلفوك..كان بودي لو قلت له ذلك

س: ماهو الفرق بين الفقيه و الداعيه؟

الجواب الاول الذي قد يخطر ببالك انهما سيان و لكن هذا غير صحيح فالدعوه للاسلام مطلوبه من كل مسلم حتى اكونجو نفسه. فالفقيه هو المنظّر او كما يحلو له تلقيب نفسه بالعالم..اما الداعيه فهو مجرد مبلغ لعلم الفقيه، و بما انه مبلغ علم لا يفقهه تماما ..لذا نستنتج ان الداعيه هو الانسان الذي لا يفقه شيئا

من في هذا العصر و الزمان لم يسمع بالاسلام و لم تصله رسالته؟ خاصة رسالة التفجير و القتل و التكفير و الكراهيه للغير و مظاهرات الغضب من البابا و الدنمارك..فكل الدنيا سمعت بالاسلام بسبب المجهود الخارق لمنظمة القاعده الاسلاميه


و طالما وصلت رسالة الاسلام والحمدلله للجميع، فمالذي يريد الداعيه ان يدعو اليه؟ بعض المذاهب المسيحيه في امريكا تمارس نشاطها الدعوجي باستخدام فتيات جميلات في الجامعات ، بينما المشكله في بلاد الرمال إن المرأه تستطيع الدعوه فقط وفق الظوابط الشرعيه و يا حبذا لو..فقد اغير رايي





صحيح ان دعوة اوكونجو لي لدخول الاسلام او بالاحرى كما يقول بالعودة عليه، واعتقد انه يعني العودة اليه، احتوت رأيا تقليديا ينتشر بين المسلمين و يتكرر كثيرا كذلك في التعليقات على مقالتي وهو

إنك تنتقد اشياء و ممارسات لا تمثل الاسلام الحقيقي..والاجدر بك ان تتعمق بدراسة جوهر الدين الاسلامي وفق اصوله لمعرفة حقيقته


هذا ما يراه جميع الدعاه المسلمين فهم يعتقدون ان هؤلاء الناس من اتباع الديانات الاخرى و الملحدين لم يتعرفوا على رسالة الاسلام الحقيقيه و ان هم عرفوها! لدخلوا في دين الله افواجا…ولحصل الداعيه على الف الف حسنه..على اعتبار ان رب الرمال لا يعرف كلمة مليون . و كثير من الذين يكتبون لي وبدون ان يشعرون ، يتقمصون هذ الدور الدعوجي بصورة تلقائيه

من الواضح اننا كمسلمون غارقون تماما في هذا الاعتقاد الى درجة اصبحنا لا نتصور كيف لا يرى غيرنا هذه الحقيقه العظمى؟ و هذا معناه ان الاخرين من اللادينين و الملحدين هم اما حمقى..واما جاهلين بمعرفة هذه الحقيقه عن الاسلام

و الجهل بالشيء يقابله العلم به..فإن علم الملحد بهذه الحقيقه و تعمق في دراسة الاسلام لأنتهي الحاده و اعتنق الدين نادما تائبا



و هذا هو جوهر الدعوه و التبليغ..فرضية ان العالم مليء بكل هؤلاء المساكين الذين يجهلون هذه الحقيقة العظمي و بإنتظار هذا الداعيه ليأتي فينقذهم من الضلال ويهديهم الى سواء السبيل. و قد يكون هؤلاء الملحدون و الكفار يعرفون الاسلام فعلا..ولكن ليس على حقيقته او كما ينبغي ، و هنا يأتي دور الداعيه، فالخطأ ليس في الاسلام نفسه كما يقولون ،بل في سوء فهمه

و لكن هناك عدة اشكالات في هذا الطرح

أولا: أن الادعاء بأن الخطأ ليس في الاسلام..يعني بالتالي ان الخطأ اذا يكون في المسلمين انفسهم. و مع ان هذا بحد ذاته سبب كافي لعدم الاعتقاد بقدرة الاسلام على مجاراة الواقع، وهو مجرد ادعاء، غير مدعوم بأدله ومن السهل دحضه و اثبات عكسه، كما سترون لاحقا

ثانيا: ان معظم هؤلاء الملحدين ولدوا و عاشوا كمسلمين، مثل ملايين المسلمين الاخرين، ثم تركوا الدين بعد اقتناع فهم يعرفون الاسلام مثل ما يعرفه بقية عموم المسلمين فإن كانوا لا يعرفون الاسلام على حقيقته، فبقية المسلمين كذلك لا يعرفون الاسلام على حقيقته. الواقع ان الملحدين يعرفون عن الاسلام اكثر مما يعرف بقية العوام المسلمين ، وهذا صحيح لكونهم تركوه بأسباب عقلانيه اقتنعوا بها. ولنفرض ان هذا غير صحيح.. فلماذا يقبل من المسلم ان يبقى مسلما وهو جاهل بحقيقة و جوهر الاسلام..بينما لا يقبل هذا من الملحد؟

ثالثا: و هي ام الاشكالات. ان معظم المسلمين يجهلون ابسط الامور المتعلقه بالجدليات العقائديه و تلك التي تثبت و جود رب الرمال بينما العكس صحيح بالنسبة للادينين و للملحدين فهم متمرسين فيها و لا يقعون بسهولة فريسة سهلة للدعاة ..فلا يصدق الجاهل..الا من هو اجهل منه



أخيرا فالنفرض، كما يقول حامد اوكونجو انني و غيري انتقدنا و هاجمنا بعض الممارسات التي لا تمثل حقيقة الاسلام، فلماذا لا يقوم اصحاب العلم بالدين من انتقاد هؤلاء المسلمين الجهله كذلك مثل ما ينتقدون الملحدين ؟ نعم فالاثنان جهلة بحقيقة الاسلام.أليس كذلك؟ لماذا لا ينتقدون ممارسات الطب النبوي التي ماهي الا طب يوناني قديم مثل الحجامه و توصيف حالات الرطوبه و اليبوسه و الدم و الصفراء الخ؟ لماذا لا ينتقدون خرافات التداوي بالقرءان و طرد الجن و الشياطين؟ لماذا لا يهاجمون تلك الممارسات التي تشوه انسانية الاسلام من وحشية القصاص الى جهاد الانتحار اليومي و قتل الابرياء؟ لماذا لا ينتقدون عنصرية الاسلام مثلا.. و اخيرا و ليس اخرا، لم لا ينتقدون هؤلاء الجهله الذين مازالوا يرون اسم الجلاله في شوربة العدس، وفي تشكيلة شباصات الشعر في سوبرماركت كارفور؟

ألاسلام هو دين و اعتقاد ، و الاعتقاد لا يوجد بمعزل عمن يعتقد و يؤمن به .. الاسلام ليس شيئا مثاليا و جوهرا نقيا ليس له علاقه بأتباعه.. فالدين بلا اتباع ليس له وجود..و الاسلام يمثله المسلمون و تمثله تصرفاتهم و ان كان هؤلاء هم نقطة ضعف الاسلام...فعليه السلام، أو كما يقولون في افريقيا توتا أونانا


بن كريشان

إرسال تعليق

0 تعليقات