الاثنين

دكتاتورية الحركات الأسلاميه


الدين أولا ومن ثم السياسة، فهي مجرد فرع منه !





هذا كان تصريحا لنائب البرلمان البحريني السلفي جاسم السعيدي في جريدة البيان الأماراتيه يوم أمس تجدونه هنا . وقد ظهر السعيدي في صورة مع محرر الصحيفه وقد أرتدى الزي السعودي النجدي وبلحية شعثاء منكوشه وكأنه ممثل في دور ابي لهب في أحد المسلسلات الرمضانيه، وقد جاء تصريحه كجواب على سؤال مباشر من المحرر هو : لمن تعطي الأولوية في عملك.. للسياسة أم للدين؟

في نص الحوار قال هذا النائب السلفي: الدين أولا ومن ثم السياسه ، فالدين عام والسياسيه ماهي الا أحد فروعه. الدين الإسلامي دين شامل متكامل ( ولاصابون تايد) يشمل أمور الحياة كاملة وبما لا يتعارض مع حاجات ورغبات المواطن في حدود الشريعة وما أمرنا الله به لذا فنحن لا نفرق الدين على السياسة أبدا.

في الواقع ان الديموقراطيه الحقيقيه هي فن التوفيق بين مع الأراء. وهي كذلك اسلوب أنجاز في حكم الدوله ذات المجتمعات المختلفه والمتمايزه في اهتماماتها. إلا أن الأسلاميين يظنون أن الديموقراطيه هي أداة لفرض أرادتهم على الأخرين بالقوه. هذا الموقف السلطوي يتفق مع استراتيجيات الأيدولوجيات الدينيه في بلاد الرمال، فليس هناك حلول وسط حين يتعلق الأمر بأرادة "الله".

يقول النائب البحريني السلفي جاسم السعيدي:


"أنني نائب مستقل أمثل شعب البحرين كافة وأبناء دائرتي خاصة فهم من انتخبني و لي التزامين ، الأول: يكمن من ضميري في تحقيق إرادة الله سبحانه وتعالى والثاني يتمثل فيمن انتخبني.."

وقال ايضا:
«إننا ضد أي عمل تلفزيوني أو سينمائي فيه مخالفة للشريعة الإسلامية ويؤثر بشكل سلبي على الشباب البحريني من ذكور وإناث ونحن مع التطور ولسنا برجعيين ولكن ضمن حدود الله وبما لا يخالف الكتاب والسنة وأنني انتهز هذه الفرصة لمطالبة وزارة الأعلام من على هذا المنبر وضع هذا الأمر في الحسبان حتى لا تتضرر الأسرة البحرينية من تلك الأعمال"



هذا النائب الأسلامي ومن برلمانه في البحرين.. لايختلف في تفكيره عن النائب الأسلامي في البرلمان الكويتي أو المصري او العراقي او الأردني..ولايختلفون في هذه النظره سواء كانوا سلفيين ام أخوانجيين أو حتى شيعه. فهم سيشاركون في العمل النيابي وكأنهم يؤمنون بمباديء الديموقراطيه..ولكن هدفهم على المدى الطويل ، هو الحصول على القوة الكافيه لتحطيم النظام الديموقراطي واستبداله بنظام تحت سيطرتهم .

هؤلاء النواب الأسلاميين يخفون تلك الأجنده ويكذبون عندما يتعلق الأمر بأهدافهم الحقيقيه..ولكنهم مثل النائب السعيدي، لايستطيعون اخفاء ذلك فهو واضح وضوح الشمس ويظهر من خلال مواقفهم وتصريحاتهم و برامجهم التي تحوم حول خلق مجتمع دكتاتوري ثيوقراطي النزعه..ان حركة حماس تعطي مثالا واقعيا عما سيحدث في اي من هذه الدول لو حانت لهم الفرصه.

أذا كانت الديموقراطيه هي فن التوافق كما ذكرنا ، فهم ابعد الناس عن ذلك. أن متابعة تصاريحهم وتصرفاتهم يريك الى أي درجة يؤمنون بهذا التوافق بينهم وبين الأخرين من الأطياف السياسيه الأخرى. انهم يتعاملون مع السياسه وكأنها سباق يحصلون فيه على كل شيء ولايحصل غيرهم على أي شيء. وفي سبيل هذا لايراعون أي أعتبار للمدنيه والقواعد والنظام ليحصلوا عل مبتغاهم.




أن هدفهم النهائي هو إزاحة خصومهم من امامهم تماما والهيمنه السياسيه على الدوله ، فأن لم يحدث هذا بتحييد المعارضه..فلابأس من التصفيه الجسديه والعنف، طالما يقود هذا الى الأنفراد بالسلطه. ان هذا الأسلوب ليس بمُستجد على الساحه فقد أتبعته الحركات الفاشيه والنازيه والشيوعيه وغيرها من قبل في التاريخ..فالديموقراطيه لديهم ليست هي الهدف..بل الوسيله فقط.

أن طبيعة الأديان عموما دكتاتوريه والأسلام يظهر هذا في مطلقيته التي تميل نحو التسلط كما هو واضح من منظومته الفقهيه والتي تحدد الأمور بالأبيض وألأسود، فالمعارض هو عدو الله ..وهو الشر المطلق الذي لايجوز التوافق معه.



أن الأعتماد على منهج سياسي ديني يقود بالضروره الى الدكتاتوريه والتسلط. فالأيمان الديني يحرّض دائما على فرض المنهج الأسلامي الشرعي على الناس..بأجندته المعارضه لأي فكر سياسي اخر..فكما قال النائب السعيدي السياسه مجرد فرع من فروع الدين، وهو بقوله هذا لايعترف بوجود أي توجه ليبرالي أو ديموقراطي لغيره من النواب الأخرين معه في المجلس.




أن أستخدام الديموقراطيه لفرض سياسيات حزب أو حركة أسلاميه واحده على كل المجتمع..وعزل وتهميش الأطراف الأخرى هو مايُعرف في العلوم السياسيه بأسم : الفاشيه، اليس كذلك؟ أنها موجة فاشيه اخرى يأخوان أبتلينا بها..وكما يقول المثل مالك في الطيب نصيب يأرض الرمال، فمسيرتنا جائت من قومجيات فاشيه، وفي طريقها الى ثيولوجيات فاشيه ..أفشل وأكثر ظلما وأشد فسادا.

قرأت في أرشيف جريدة الشرق الأوسط مقالا قديما لكاتب اسمه مصطفى تاج الدين يقول فيه:

ولقد رجعت لنفسي بعد تجربة دامت أكثر من عقد من الزمن في إطار العمل الاسلامي أفكر في الحركة الاسلامية، وأهدافها البعيدة وحاولت قدر المستطاع ان أتجرد من النسق الكلي للأفكار التي تبنيناها لمدة غير يسيرة من الزمن. إذ اصبحت مقتنعا بأن التفكير من داخل النسق ، لا ينتج فكرا مستقبليا لأنه فكر محكوم بردود الأفعال، وتأكدت من خطورة انتماء العلماء الى الأحزاب والحركات وهي بدعة جديدة جنت على الاجتهاد وجعلته مرهونا لدى المؤسسة أو التنظيم .

ولا يغرنك اتهام ابناء الحركات الاسلامية للعلماء بخدمتهم للسلطة و وصفهم بفقهاء السلاطين، فقد أحيانا الله لنرى أنصاف العلماء ترهنهم جماهيرهم، وتوظفهم تنظيماتهم، ولا فرق عندي بين خدمة الفكر للسلطة ..وخدمته الحزب أو الحركه الأسلاميه ما دامت النتيجة واحدة: قتل حرية الفكر ووأد الابداع.



أن الليبراليه السياسيه أكثر تفاؤلا وثقة بالأنسان، وتميل الى تقبل التعدديه والأختلاف بين الأراء..بينما الأسلام السياسي تشائمي جدا..سوداوي النظره يعتبر الأنسان مصدر شر لايستحق الثقه ، لذا فهو لايستحق حتى أن يمُنح حرية خارج الأطر الدينيه المتشدده والتي ستخترق المجتمع أفقيا ورأسيا ومن اعلى ومن اسفل وستخنقه تحت نظام تسلطي يدفع بتخلف المجتمع والدوله من خلال تقريره الصارم لجميع مناحى الحياة الأنسانيه والثقافيه والتعليميه والترفيهيه والمؤسسيه.. وسيقضى على أي أمل لشعوبنا واجيالنا بالحريه والأبداع والتقدم .


بن كريشان

ليست هناك تعليقات: