الاثنين

متعة الألام المقدسه

هل يجب أن نؤلم أجسادنا.. من أجل إنقاذ أرواحنا؟




لم يمض أكثر من إسبوعين فقط على قيام حكام الأمارات وشعبها بأداء صلاة الإستسقاء..حتى أنهمرت الأمطار بدون توقف وكأن رب الرمال نسي الحنفيه مفتوحه..لا أمزح معكم، فقد غرقت الشواراع والبيوت وأنقطعت الكهرباء وأغلقت المدارس ..وبلغت حوادث السيارات بسبب الأمطار فقط ۱۷۸۲ حادثا وثمانية وفيات، وتشريد أناس من بيوتهم، وخسائر بملايين الدراهم.. فأرجو أن يلقنهم هذا درسا فلا يلجأوا للشعوذه و السحر ليعبثوا بقوانين الطبيعه



أشكر كل من عبر عن قلقه لتأخري بالكتابة فالأمطار الغزيره هي كذلك السبب ، حيث قضيت الأسبوع كله وحتى صباح يوم أمس الخميس في معاناة وألم وعذاب. تم أرسالي لتصليح منشآت منكوبه بسبب مياه الأمطار في جزيرة دلما وجزيرة زكوه ، وجزيرة الدجينه القريبه من قطر..طبعا كان إستخدام الهليوكبتر غير متاح بسبب الأمطار وعدم قدرتها على حمل المعدات التي كان من بينها رافعه ونش صغيره، فذهبنا بسفينة الشركه..الله وكيلكم برد الزمهرير وأمواج متلاطمه ونحن من جزيره لأخرى وفي الليل ننام في نفس السفينه أثناء رسوها، وما ان أصلحنا الأعطال في الثكنه العسكريه بالدجينه ..حتى أنقطعت الأتصالات مرة أخرى في زركوه، فعدنا إليها مرة أخرى..وأنا رجل عيناوي، بدوي، مالي في البحر وأهواله، وعندما عدنا في نهاية هذه المهمه الشاقه ،الى ميناء جبل الظنه أقسم أنني لم أستطع المشي بصوره طبيعيه فقد كنت أحس بأن الأرض صارت هي الأخرى تموج مثل المياه، و ممازاد الطين بله أكثر مما هو مبلول اصلا، أنني في اليوم الخامس، أصبت يدي اليمني أثناء قيامي بفتح أحد محابس صناديق الكنترول الخاصه لأعادة بث الترددات، فقد فرط المفك الثقيل الخاص بالصندوق من يدي المبلوله..وضرب معصم يدي بقوه..من حسن الحظ ليست هناك اية كسور، ولكنه تسبب بفرك مؤلم ..وهي الأن في قالب طبي بلاستيكي.. سيقتصر دوامي على الذهاب للمكتب فقط لأسبوعين وحضور دورات إنعاشيه خاصة بالسلامه في العمل – و كما ذكر لي الباشمهندس خالد الذي أتصل للأطمئنان علىّ- أن شوقي افندي مدير الجوده وإدارة مخاطر العمل مستاء جدا من هذا القرار ، و صار ينشر إشاعات كاذبة ضدي بأنني أصلا متهور وأن هذ الدورات لن تنفعني..إبن اللذين يقول هذا، وأنا الذي عانيت خمسة ايام في البحر من أجل هذه الشركه.. لم نكن نأكل فيها الا من المعلبات..معليش الأيام بيننا




آخ..الألم إحساس غير مريح يحاول الأنسان أن يتجنبه ..أقصد الإنسان السوي، فعندما نحس بالألم، يعني ذلك أن هنالك شيئا ما ليس على مايرام في صحة أبداننا، فنلجأ لطبيب ليعالجنا ويوقف هذا الألم الذي نعانيه. ولكن بالنسبة للأديان الأمر بالمشقلب، فالألم لديها شيء مرغوب و إيجابي جدا..تجعل المتدينين يسعون في طلب الأحساس به و التمتع بالمعاناه، وقد تتسأولون لماذا يفعل الأنسان هذا بنفسه؟ ألأنه مجنون أو فقد عقله؟ بالنسبة المتدين..بالطبع نعم

ماهي القيم الأخلاقيه أو الأنسانيه التي تجعل من إيلام الأنسان لجسده من الفضائل والمحاسن؟ طبعا لايوجد ..إنه الدين فقط الذي يستخدم إيلام الأنسان وتعذيبه كوسيله للسيطره عليه والتحكم به. لو كنت أحد الناس الذين عملوا في الجيش أو أديت الخدمه العسكريه فستعرف ما أقصد تماما. عند إعداد وتدريب الجنود الجدد، يستخدم الجيش الألم كوسيلة إخضاع للجندي ليلتزم بالأوامر بدون نقاش أو تفكير. فطالما يتعرض جسد الجندي للمعاناه والألم يصبح تقبله للتضحية بعقله ونفسه للوصول الى هدف المجموعه ممكنا جدا




يقول عايض القرني: الألم ليس مذموما دائما ولا مكروه أبدا،فقد يكون خيرا للعبد أن يتألم إن الدعاء الحار يأتي مع الألم ، والتسبيح الصادق يصاحب الألم وأسمى من هذه الأمثلة وأرفع : حياة المؤمنين الأولين الذين عاشوا فجر الرسالة ومولد الملة ، وبداية البعث ، فإنهم أعظم إيمانا ، وأبر قلوبا ، وأصدق لهجة ، وأعمق علما ، لأنهم عاشوا الألم والمعاناة : ألم الجوع والفقر والتشريد ، والأذى والطرد والإبعاد ، وفراق المألوفات ، وهجر المرغوبات ، وألم الجراح ، والقتل والتعذيب ، فكانوا بحق الصفوة الصافية ، والثقة المجتباة ، آيات في الطهر ، وأعلاما في النبل ، ورموزا في التضحية ، ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولانصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين

كثير من المجتمعات الدينيه حول العالم تقوم بإيقاع الألم بأتباعها وبتشجيعهم عليه، هناك الشيعه في طقوس تعذيب أجسادهم وضربها بالسلاسل وإدماء جباههم بمايسمونه ضرب القامه اي ضرب هامة الرأس بالسيف ببطء حتى تسيل الدماء من جباههم دليل غباء الإنسان..الهندوس كذلك يمارسون أساليب تعذيب النفس والجسد كذلك من خلال الحرمان وثقب جلودهم بالمسامير..الصوفيه السنيه تمارس أشياء مشابهة لذلك بلبس الصوف والتقشف والصوم عن الطعام حتى يصل الأنسان الى درجات من الهلوسه والهبل يسمونها التجلي..الكاثوليك يقومون بطقوس لاتعد ولاتحصى في حرمان الجسد وضربه وتعذيبه ،شاهدت مرة في الفلپين موكبا كاثوليكا يحمل رجل شاب قام بصلب نفسه بالمسامير على صليب خشبي حملوه إستعراضا للألم الذي يحمله الأنسان من أجل ربه يسوع أو ماما مريم العذراء التي تخلف حتى بدون تلقيح إصطناعي، بينما كانت الجموع على أطراف الشارع تصلى برسم إشاة الصليب على صدورها



وعلى ذكر الشيعه وتولعهم بطقوس أيقاع الألم بأنفسهم في إستعراضات عاشوراء..ففي الأمارات التي لاتتعدى الأقليه الشيعيه فيها خمسه بالمئه من السكان، وتكوّن طبقة ثرية من اصحاب الأعمال وملاك العقارات ، وهي طبقة مقربة من الحّكام..لذا فهم لايمارسون تعذيب أجسادهم بأنفسهم و في مأتمهم وحسينياتهم يستأجرون باكستانيين فقراء يدفعون لهم ليضربوا أنفسهم ويجلدوا ظهورهم بالسلاسل..بينما يبكى شيعتنا الأثرياء على منظرهم المحزن، ياحرام..أليست تلك ساديه أن يتمتع الأنسان بالتفرج على الألم

محاولة تفهم ثقافة الألم الأديان تؤدي الى إحداث ربكة عقلية .. وخاصة إن أراد الفرد معرفة أسبابها ، ولتسهيل الأمر على القاريء فالموضوع هو ليس العقلانيه لدى الأديان بل إلغاؤها، مما يجعل فهم هذه التصرفات الشاذه، مفهومة جدا كونها تدخلنا في عالم المجانين والمجذوبين. فلنفهم لماذا يبحث الأنسان عن إختبار الألم والتلذذ به؟ يجب أن ندرك بأن السبب هو أن الأديان تقوم دائما بربط الألم بتطهير الروح..ياروحي عليهم

بينما يشير الأحساس بالألم بالنسبة لدينا بأن هناك شيء غلط يحدث في جسمك، وإنه دلالة على مرض أو خلل أو إصابه..الا أن الأمر للمتدين إيجابي ضريبة يدفعها لتحريره من الام أكبر تنتظره من رب الرمال..رب العذاب والوجع الأكبر. أنواع الآلام التي يحبها رب الرمال كثيرة جدا، هناك الآلام الأنضباطيه والتي ترافق إتباع الطقوس مثل الصلاة في أوقاتها والمشي الى المسجد والسجود والتروكع..والحرمان من الطعام والشراب عندما نصوم شهر التخلف والكسل رمضان، وطقوس الحج و تكاليفه و غراماته الباهضه وهناك ألام تتعلق بدخول دين الأسلام مثل الختان، وقيام الليل بالصلوات وتقديم القرابين من زكاة المال وذبح الكباش..هناك أيضا ألام تتعلق بالتوبات والكفارات والحرمان..الى عذاب ضرب الجسد وتحقيره و ألأمتناع عن الأساسيات من الحرمان من الأكل والجنس وحتى من الأختلاط بالجنس

المسيحيه من أكثر الأديان وضوحا في موضوع الالام المقدسه فكل مسيحي مؤمن يحس بالذنب لأن السيد يسوع قدم نفسه تضحية لأنقاذهم من أبيه المتوحش..مع إنه ابو نفسه..كيف يصدق الناس واحد يعتقد أنه أبن أبيه وأبو إبنه في نفس الوقت☺ أما الشيعه المسلمين فهم أساتذة الألم وتعذيب النفس والبكاء..لتقصيرهم في حماية الحسين أو آل البيت..وهم يدفعون الثمن غاليا حتى يومنا هذا بذريعة أن الحسين أراق دمه وسفكه من أجل الحق – الذي هو الدين فقط- ولتحريرهم من عبودية الناس وإدخالهم الى في عبودية الملالوه



يقول موقع الرضا الشيعي


نناشد الأخوة من علماء السنة على مقتضى هذا الحديث وغيره من الأحاديث المسلم بصحتها ومعناها الذي يفهم منها أن يكونوا عند مسؤولياتهم من إعلان محبة الإمام الحسين عليه السلام وما يتناسب مع هذه المحبة والتفجع والتألم لما حل به في يوم عاشوراء وما يتناسب مع التألم سواء كان بالإعلان عن براءتهم واستنكارهم لمن سفك دمه وقتل أصحابه وجرح قلب رسول الله وأسخط الله في ذلك اليوم ، أو على الأقل أن يعذروا أخوانهم الشيعة فيما يقومون به من الاستنكار والاستياء والتنفر من هذه الجريمة البشعة وملازمتهم للحزن والألم

إن قضية الإمام الحسين فرصة طيبة لأن يتعرف المسلمون على دينهم وقوته وعنفوانه وعدم خضوعه للظلم والقهر والاستبداد والاستعمار مهما كان الظالم قوياً والمظلوم ضعيفاً .. إنها فرصة كبيرة لأن يعرف المسلمون على قادته العظام الذين قدموا دماءهم وكل ما يملكون لأجل الله .. لأجل الدين والقيم والمقدسات والدفاع عن المحرومين والمضطهدين



مهما إختلفت نماذج الآلام التي ُتوقعها الأديان على الأنسان فهناك غرض واحد لها، وهذا الغرض مبني على تفكير سيكولوجي جهنمي . لأن المصائب وآلام توحد البشر وتجعلهم يتعاونون للتغلب على مآسيهم..وتلاحظون عندما تقع كارثة في حي أو قرية او زلزال وبركان في بلد..أو أي مكان بالعالم نتدافع نحن البشر بطبيعتنا لتخفيف معاناة أبناء جنسنا..الآلم والمصائب تجعلنا نتوحد ونتشارك ونتساعد...وهو الشيء الذي لابد وأن لاحظه أصحاب الأديان من السحرة والقساوسة والملالوة والشيوخ والأنبياء في تصرفات البشر..فأستغلوه أيما إستغلال

الألم في الأديان هو اسلوب لدفع ضريبه..أو دفع دين عليك يطالبونك به، بأسم رب الرمال. فالألم ليس عقاب لك فقط بل الوسيلة التي تحررك وتخلصك مما ينتظرك من أهوال. حتى لو لم يكن الذنب ذنبك أنت ، فهو ذنب أبيك وأمك وأجدادك وكل اللي خلفوك منذ أدم وحواء وحسن وحسين ويسوع وعذاب النبي أيوب ومعاناة يونس في بطن الحوت..وعذاب الكاهن اليهودي أكيفا وعذابات الصوفي الحلاج، و ..آخ وعذاب بن كريشان من وجع يديه، إنه تخليص َدين على البشريه ..َدين ثقيل علينا ، ندفعه الى رب الرمال


المجتمعات المتدينه هي مجتمعات تشترك في محبتها المازوخيه و الساديه للألم..فاللألم معنى مهم..إنه مايجمع المجتمع المتدين. لايقوم دين بدون آلام، وأهم من ذلك هو المشاركه في الآلام..فلولا الأشتراك في الألم لتوحيد المجتمعات الدينيه..لما قامت لها قائمه

إن ماتقوم به الأديان هو خلق فرص مشاركة جماعيه في الآلام لتوحيد أتباعهم حول معتقدهم. هذا النوع من الألم هو شيء نفسي يجعل الناس تلتف حول سبب معين، فنحتفل بالعيد للتخلص من آلام الصوم وعذاب رمضان..فنتوحد كمجتمع ديني..نحتفل بالتخلص من الام طقوس الحج وعذاباته بالتحلل من حالة الأحرام وحرمانها فذنبح ونتوحد..ونضرب أجسادنا في عاشوراء ..إننا نتوحد بأشتراكنا بالألم، وهكذا يجمع الدين الناس حوله ويخلق تلك الرابطه الدينيه بينهم، التي لولاها، لرأيته مليئا بالثقوب





إن الشخصيه الدينيه لأي دين ومذهب.. وتماسكه وإرتباط أتباعه به ينطلق من فكرة الألم المشترك..فكما تربط الكوارث والمعاناة البشر وتعزز من تعاضدهم.. إستخدم أصحاب الأديان ذات الأسلوب بكل دهاء..فالآلام الدينيه هي محاولة لخلق معاناة إصطناعيه..تربط أتباع الدين وتجعلهم متماسكي الصفوف خلف أهل الخرافات والأديان..من الأنبياء والسحرة والكهّان


بن كريشان

آخ..كتبت هذا المقال بيدي اليسرى ..وهو بحد ذاته ألم ومعاناه..فادعولي أن يجعله الله في ميزان حسناتي

هناك تعليق واحد:

Unknown يقول...

آمييين هههههه