الاثنين

موسم الهجره الي الصخور











ليس من العادة أن يتصل بي نوشاد ، و لكن كان لدي 3 مس كول منه، اتصلت به و لكن موبايله كان مغلقا،عرفت سبب اتصاله لاحقا عندما قرأت الايميل الذي ارسله لي

بروذر بن كريشان، أردت ان ابلغك إنني ذاهب للحج مع العائله هذه السنه. خاتون زوجتي سعيدة جدا فنحن نذهب الي مكه لأول مره ، ارجو منك ان لا تنساني في صلواتك و ان تدعوا الله ان يتقبل مني حجي

نوشاد قيصر

نوشاد أحد مهندسي الشركه في فرع أبوظبي و هو مهندس أمريكي الجنسيه من أصل باكستاني و قد عملنا معا مدة ليست بالقليله. و حتى لا أكسر قلب نوشاد المسكين وعدته بأنني سأفعل.. و لكن كيف أدعو له، و أنا لم أشاهد القبله منذ قرن و نيف؟

أليوم و انا اقود عائدا من مهمة من رأس الخيمه باتجاه منطقة وثبان ، لفت نظري التشابه الغريب لهذه المنطقه مع وديان مكه، و بالذات مع مني ..حتى ان هنا توجد صخرة تشبه جبل عرفه..اقصد هناك.. يوجد جبل عرفه اخر..وها أنا أمر على واحد ثالث










لدينا كثير من الاحجار في الامارات، و مع هذا يذهب الكثير الي الناحية الاخرى من جزيرة الرمال لزيارة احجار مماثله و لكنها بالطبع... مقدسه

أكتشف الدارسون لتطور العباده و الاديان ان اول ما بدأ الانسان القديم بعبادته كانت الطبيعه. السبب هو ان الانسان يشترك مع الحيوانات بأحساسه بالخوف، فجميع الحيوانات مثل الانسان تشعر بالخوف، ولكن الانسان يعاني كذلك من الوهم. دمج الخوف بالوهم كان بداية خلق فكرة الدين. فكانت بداية الاديان كما راقبها علماء الانثروبولوجيا في القبائل البدائيه كانت الخوف من الطبيعه و التوهم بوجود قوى غاضبه قادره خلف العواصف و الرياح و قوي خيره، خلف الاشجار و الانهار

الغريب في انثربولوجيا الاديان ان عندما تتطور القبائل البدائية قليلا، تستبدل الطبيعه بعبادة أشياء اخرى و ان كانت مازالت مدفوعة بحاستا الخوف و الوهم. فتدرج الانسان من الطبيعة الي الدرجة الثانيه من العباده ، و هي غالبا ما تكون عبادة الاحجار ثم عناصر الطبيعه الاربع النار و الهواء و الماء و التراب ثم عبادة الاجرام السماويه وصولا الي عبادة الانسان و الحكمه. مازالت قبائل الهنود الحمر و الابورجنيين و في التيبت يتعالجون بلمس صخور مقدسه















يبدو اننا في بلاد الرمال كنا مابين المرحلة الثانيه و هي عبادة الحجاره و المرحله الثالثه ، عبادة الاجرام السماويه و النجوم في الفتره الزمنيه التي سبقت ظهور صلعم و تدشين رب الرمال بلا اله الا الله

من أدلة اهمية الصخور و الاحجار لمجتمعات بلاد الرمال قبل الاسلام هو تسمي العرب بأسماء مثل: حجر و صخر و جلمود و ان كانت اسماء مقصوره على الذكور فقط ...ليس كما هو الان












كما ان هناك سورة كاملة في القرءان اسمها سورة الحجر و التي تقول في محاولة لأيخاف أهل مكه بمقارنتهم بغيرهم من عبدة الحجاره: و لقد كذب اصحاب الحجر المرسلين..كانوا ينحتون من الجبال بيوتا آمنين..فأخذتهم الصيحه مصبحين..و راحوا فيها مساكين


و لكن هل فعلا انتهت عبادة الاحجار في بلاد الرمال بعد ظهور الدين الجديد ؟ لا اظن ذلك فكثيرا من علاماتها ما تزال بينة في طقوس الحج


عبادة الحجاره المقدسه تشكل عاملا مشتركا بين الشعوب الساميه

فمن الشعوب التي عبدت الحجاره ، قبائل العموريين و الكنعانيين و قد ذكر كلمنت الاسكندراني في وصفه للعرب قبل رسالة صلعم " ان العرب يعبدون الاحجار" و هناك ذكر في العهد القديم ، توراة اليهود ، عن قصص تتعلق بعبادة و تقديس الاحجار و ورد ذكر حجر العون او المساعده في سفر يشوعا و الذي اقامه صامويل للعباده و في ملوك- تسعه – اشاره اخرى الي حجر الافعي ، و هناك كذلك ذكر لحجر مقدس على شكل عمود في الطقوس العبرانيه القديمه يسمي مازيباه و كان مكان تقديم القرابين حيث يراق دم الضحيه عليه قبل ان يحرق لحمها على الضريح و هو حجر اخر. أنا متأكد ان كلمة مازيباه هي مذبح بالعربيه لتشابه اصول بعض الكلمات بين اللغتين و نفس حجر القرابين كان يدعى بالكنعانيه مازيبوت. و اعتقد ان الطقس الديني قد نقله او سرقه العبرانيين من جيرانهم الكنعانيين و لكن عندما اقاموا مذابحهم الخاصه أمر ليفي احد ملوك يهودا بتدمير مازيبوت الكنعانين و عدم استخدامها، لأن العبرانيين اصبح لديهم مازيباه او مذبحهم الخاص

كان العرب يستغربون لوجود حجارة ضخمه تنشأ لوحدها فجأة في وسط الرمال و يعتقدون انها مقدسه مثلما قدسوا احجارا اخرى لأن لها اشكال تشبه الحيوان او اجسام البشر. كثير من وصف الالهه التي كانت حول الكعبه تدل على ان بعضها منها كانت احجارا متشكله بعوامل طبيعيه

بدائيوا استراليا من الابورجينيز يقدسون صخرة ايريس و التي احدثت عليها عوامل التعريه الجويه خطوطا تشابه رسوم التماسيح و الافاعي..انه الوهم و الخوف


الخوف +الوهم = الدين


كلمة نصب و جمعها انصاب هي حجارة مقدسه كان العرب يعبدونها و يقدسونها و يقيمون حولها شعائرهم. كلمة شعائر تعني طقوس دينيه حيث ان كلمة طقس لم تكن مستخدمة في العربيه القديمه و هي الكلمه التي تصف طقوس الحج اليوم او شعائر الحج

فكما كانت الصلاة ترتبط في الجاهليه بحركة الشمس و الصيام بالقمر و هي بقايا عبادة الاجرام السماويه، كان الحج يدور حول عبادة الحجاره المقدسه، و لا يبدو ان الامر قد تغير كثيرا عن ذلك اليوم


















يبدأ طواف الحاج سبع مرات حول البيت الحجري المكعب الذي يقع في ركنه الجنوبي رمز لأتحاد و اندماج عبادة الاجرام بعبادة الاحجار: إنه الحجر الاسود . ويعتقد انه نيزك سقط من السماء عبده بدو الصحراء و استعملوه في زاوية المعبد المكعب. عبادة النيازك معروفه لدى القبائل البدائيه و هناك ناس قرب كولكاتا بالهند يعبدون نيزكا سقط بقربهم منذ 1800












عندما نهب القرامطه مكه اخذوا الحجر الاسود معهم الي البحرين و لم يسترجع الا بعد عشرين سنه و قد استرجع مقطعّا الي قطع صغيره يمسكها اليوم ذلك الطوق الفضي الذي نراه في الصور..مشكلجيه هالبحرينين

لو ذهبت الي مسجد سلطان احمد بأسطنبول المسمى كذلك بالمسجد الازرق و صليت قريبا من المحراب فستجد قطعة صغيرة من الحجر الاسود موجوده بقلب المحراب أخذها العثمانيون من مكه و وضعوها هناك لزيادة قدسية ذلك المسجد و الذي كان كانت مناراته اكثر من منارات الحرم المكي انذاك

يهرول الحاج بين صخرتين واحده تسمى الصفا و الثانيه المروه و يقال ان على احدهما رسم يشبه وجه رجل و الاخرى وجه امرأه..و ربما كان سبب التسمية ذلك ان كانت بعض المصادر القديمه تدعوهما بعساف و نائله..و ربما كان السعي بينهما يرمز لتقريب الحبيبين من بعضهما كما نرى في الصوره بعض الحجيج يدعون من فوق احدهما


















تقديم القرابين على المرتفعات كانت من عادات الشعوب الساميه الرحل و نتذكر قصة قابيل و هابيل و التي تذكر حرق القربان بوضوح في التوراه. و اليوم يذهب الحجيج بعد الطواف و السعى الي الوديان الحجريه خارج مكه و يرقوا على جبل عرفه و الذي كان عليه مذبح القرابين و الضريح الذي تحرق عليه.. لترتفع رائحة الشواء الي الألهه

ينزل الحاج لألتقاط الجمرات و هي الاحجار الصغيره و يذهب الي ثلاثة نصب ترمز للأدران و الشر فيقذف كل منها بسبع احجار صغيره

ينتهي الحج بتقديم القرابين لرب الرمال و هي الضحيه او الاضحيه و يسميها كهنة أرض الرمال " أقرب القرب" لأنها تقربك من الله و هي ما يذبح من النعم تقربا لله تعالى ، والذي يفرح بدمائها كما يقول رسولنا صلعم في هذا : يا ايها الناس ضحوا.. واحتسبوا بدمائها.. فان الدم وان وقع على الارض.. فانه يقع فى في حرز الله تعالى. و سنة تقديم القرابين سنة مؤكده ثابته . في ايران يسمى عيد الاضحى بوضوح عيد قرباني، و في تركيا يسمى بيرم قرباني..وبيرم تعني عيد بالتركي














و في ولع رب الرمال بدم القرابين يقول صلعم كذلك برواية عائشه ماعمل ادمي من عمل يوم النحر أحب الي الله من اهراق الدم- فتسييح الدم هو افضل الاعمال التي نقوم بها لأرضاءه و هو عمل لا يتم بدون طقوس توجبه و الا راح الدم هدرا مثل ان لا يقص الذابح شعره و يبقي أظافره غير مقصوصه بأوساخها و هو يقوم بالذبح.، من الطقوس ايضا ان يكون وقت الذبح ما بين الصباح بعد صلاة العيد الي غروب شمس اليوم ، و لا يجوز الذبح بعد ذلك و لا يقبله رب الرمال الذي يأوي الي سريره باكرا ذاك اليوم

رغم ان ابوبكر الصديق وصف الاوثان بقوله: حجارة صماء لا تسمع، ولا تبصر، ولا تضر، ولا تنفع ‏ الا أن الهجرة السنويه الي الأحجار و الصخور في تزايد مستمر..و هو امر طبيعي في بلاد تحجرت بها العقول


****


غدا المغرب ينزل ان شاء الله بروذر نوشاد من جبل عرفه، و قد بح صوته من الزعيق في الحجاره لبيك..لبيك.. فالنشرب له نخبا ليلة العيد و واحدا اخر في رأس السنه.. و لندعو ان يتقبل رب الرمال منه الدعاء و صالح الاعمال


و كل عام و انتم بخير


بن كريشان













































































































ليست هناك تعليقات: