قل لي لماذا الملحدين ماديين؟




كنت اشاهد فيلم ماتيريلز قيرلز " البنات الماديات" من مجموعة اقراص دي في دي اعطتني اياها ابنة اخي . في الفيلم تلعب الاختان هيلاري وهايلي دوف دور اختان ايضاً ابنتان لصاحب امبراطورية مواد تجميل، الفتاتان الغنيتان تنغمسان في الامور والاشياء الماديه كالتسوق ولم تكونا تهتما بالشركة التي تركها لهما ابيهما المتوفي فيكتور مارشيتا. الام تترك الاب وتتزوج من امير مصري وتغير اسمها الى ازيس ولم تعد تهتم بهما.


اهمالهما الشركه يؤدي الى حدوث فضيحة ماليه وتتدخل السلطات للتحقيق بما يؤدي الى تجميد الشركه وحرمانهما من مصدر المال الذي ينفقانه على حياتهما الماديه، فتصبح حياتهما تعيسه حتى تكادان ان تبيعا الشركه لمنافستها بحيث تحصل كل منهما على ٦۰ مليون دولار لتعودا الى حياة الترف التي افتقدناها. ولكنهما تستقيا العبره من المحاميه الامريكيه الشهيره إيرن بروكوفيتش فتقررا ان تكتشفا اصل المشكله والمتسبب بالفضيحه الماليه حتى تتمكنان من استرجاع شركة ابيهما وتصبح احداهن المديرة التنفيذيه للشركه بينما الاخت الاخرى تعمل في مختبراتها.

الفيلم لايستحق المشاهده بصراحه الا اذا كنت تبحث عن شيء خفيف لايثقل على عقلك، أنا جذبني عنوانه ربما لأن كلمة مادي وماديه تكون دائماً احد الاتهامات التي توجه للمُلحد،وكنت اظن انه ربما في هذا الفيلم الذي ظهر سنة الفين وسبعه بعض الاشارة الى هذ.



إتضح ان قصة الفيلم استخدمت عنوان: البنات الماديات او البنتان الماديتان بالاحرى فقط لأنهما تتسوقان وتشتريان بضائع من ماركات غاليه. وهنا سألت نفسي ماذا نسمي هؤلاء النساء المسلمات المنقبات والمحجبات اللواتي يذهبن الى مراكز التسوق ويشترين بضائع غاليه وترى بيد الواحدة منهن شنط ماركات باهضه من لوي فاتون الى بيربيري و غوتشي، ويتسابقن الى مصلى مركز التسوق بمجرد ان يسمعن الاذان..هل هن ايضاً بنات ماديات، مثل الملحدين؟


كتب المدون ملحد انساني مصري

هنا:

إن الإلحاد يقدم نفسه على أنه الفكر الوحيد المتوافق مع العلوم الحديثة و القيم الفلسفية العظمى و لكن تبقى العقول المتحجرة رافضة لأي تنوير إلحادي فيصعب بسبب ذلك على المتدينين فهم حجج الإلحاد فضلا عن الرد عليها و هكذا يسعى المؤمنين لتكميم أفواه الملحدين بدعوى إحترام الاديان فالأديان ضعيفة و هشة و لا تستطيع أن تدافع عن نفسها بالعقل و المنطق أو أن تقارع الحجة بالحجة مما يجبر المتدينون على تجريم الإلحاد بالقانون كما هو الحال في دول كثيرة فيضطر الملحدون للإختباء خوفا على انفسهم و حياتهم او يصبحوا شهداء حرية الراي و الفكر .

وسيلة أخرى يقاوم بها المتدينين الإلحاد هي تشوية صورته و تصويره على انه إنفلات خلقي و ميل إلي الفوضى و إستهتار بالحياة و إفناء المرء لذاته في الجنس و الخمر و بالطبع هذا ليس صحيحا و لن أتمادى و اقول ان الإلحاد يدعو لمكارم الاخلاق فالإلحاد لا شان له من قريب أو بعيد بالأخلاق لأنها ليست موضوع بحثه.

فعلاً فأن اتهام الملحدين بالماديه ماهو الا خلط للاوراق ولعب بمشاعر الناس وهروب من مواجهة حجة الملحد وسنده العلمي الثابت، ودليل على مايقول ملحد انساني مصري تمتلأ المواقع بإتهامات الملحد بأنه مادي هدفه المتع الماديه والشهوات، وقبل ان نغوص في اصل ذلك فالنقرأ قليلا في موقع اسمه
دريكيمو:

لأن الله غيب .. ولأن المستقبل غيب .. ولأن الآخرة غيب .. ولأن من يذهب إلى القبر لا يعود .. راجت بضاعة الإلحاد .. وسادت الأفكار المادية .. وعبد الناس أنفسهم واستسلموا لشهواتهم وانكبوا على الدنيا يتقاتلون على منافعها .. وظن أكثرهم أن ليس وراء الدنيا شيء وليس بعد الحياة شيء .. وتقاتلت الدول الكبرى على ذهب الأرض وخيراتها .. وأصبح للكفر نظريات وللمادية فلسفات وللإنكار محاريب وسدنة وللمنكرين كعبة يتعلقون بأهدابها ويحجون إليها في حلهم وترحالهم .. كعبة مهيبة يسمونها “العلم”.




ينشر المؤمنون فكرة ساذجه مفادها بأن الانسان الملحد يحب الفلوس والشهوات الجنسيه ويصبح اناني ولايهتم بمعاناة الاخرين. ان اول شيء يتبادر الى ذهني عند سماعي لهذا هو انهم يصفون إنساناً مسلماً مؤمناً اشد الايمان بدينه. فالمسلمين يحبون الفلوس ويعملون لبناء ثرواتهم وليس هنالك في الدين من شيء يمنع الواحد منهم ان يبنى قصراً..كثير من الناس المؤمنين عندنا في ابوظبي لديهم بيوت وسيارات فارهه ويقتنون الاشياء الغاليه فكيف يصمون الملحد فقط بهذا؟ في الحقيقه يكتب بعض المعلقين المؤمنين ذلك على هذه المدونه واتذكر احدهم كتب ذات الشيء في تعليقات مقالة " بين المسلم والملحد". حيث وصف المعلق ابن الايمان الملحد بأنه مؤمن ايضاً مثله مثل المؤمن المسلم والمؤمن المسيحي ولكنه مؤمن بالماده. فهل الملحد يعبد ويصلى للماده؟ هل الماده هي الشغل الشاغل للملحد فيذهب ليشترى اشياء غالية الثمن..ماذا يعنون ياترى بكونه "انسان مادي"؟ ولكن هل الملحد فقط هو المنغمس في الماده؟



هناك كثير من المؤمنين مدمنين على شراء البضائع الاستهلاكيه و الذهب و المجوهرات الغاليه. هؤلاء الذين يبنون المساجد لابد انهم مؤمنون ولا بد ان عندهم فلوس كثيره..واعرف منهم كثيرون يصرفون ببذخ في الاعراس و لايرضون بشراء ماهو رخيص. قرأت مرة ان البطاركه الكبار ورجال الكنيسه بأمريكا في الكنائس يقتنون سيارات غاليه يشترونها من اموال الكنيسه وتبرعات الناس، وقد اثيرت هذه النقطة ضدهم فلماذا لايشترى رجل الدين هذا سيارة تويوتا او فورد صغيره تفي بالغرض، فجاءت الاجابه ان شراءهم لسيارات البي إم دبليو والمرسيدس هي من اجل ان يرى الاخرون قوة الكنيسه وغناها فيزيد اتباعها! كما يقول المسلمون بأن الله يحب ان يرى اثر نعمته على عبده.. كم الاموال يمتلكها رجال الدين. رجال االدين المسلمين المشرفين على مراقبة البنوك الاسلاميه وهؤلاء الدعاة من عمرو خالد وطارق سويدان، الا يقبضوا فلوس؟ اليسوا اغنياء؟

ثم نأتي عند انغماس الملحد بالشهوة الجنسيه، وهنا ايضاً يتبادر بذهني المسلم المؤمن الذي يتزوج اكثر من امرأة لأنه لايصبر، ويحجب النساء خوفاً من إثارة وتهييج مشاعره الجنسيه فمن هذا المنغمس في لذة الجنس واشتهاء النساء؟ من هؤلاء الذين يبيحون زواج الصغار واستغلال حاجة الناس لإبتكار ازواج المسفار و المطيار والمدعار الاسلاميه.. الملحدين ام المسلمين؟

إن اعتبار الملحد انساناً مادياً بينما يبريء المؤمن نفسه من ذلك تناقض نفسي . هذا يدل على ان قولهم بهذا النوع من الماديه على الملحد مثل اشتهاء اموال الدنيا و النساء هو خطأ منذ البدايه ولايقوم على اي اساس من الصحه رغم شيوعه بين الناس. للاسف ان سبب كراهية العامه وتخوفهم من الالحاد فقط هو ما يقف خلف نشر هذا المفهوم المغلوط عنهم والمسؤول الاول عن نشره هم نفس هؤلاء الماديون الشهوانيون من المدعوذين.





ولماذا يريدون ان يقولون عن المُلحد ظلماً بانه مادي وشهواني؟ ذلك بالطبع لتسويغ فكرة بما انه كذلك فهو ايضاً مجرم وقاتل لايردعه ضميره عن شيء. فهل الانسان المادي يجب ان يكون مجرماً بالضروره. السجون تمتلأ بكل هؤلاء الذين يؤمنون بالله، في الامارات وقبل ثلاثة شهور حدثت جريمتا اغتصاب واحده لولد عمره خمس سنوات في حمام مسجد قتله مغتصبه والذي لا اظن انه ملحد والا فماذا كان يفعل بالمسجد، والثانيه جريمة اغتصاب لفتاة عمرها ثمانية سنوات كانت خارجة من مركز لتحفيظ القرءان.

ان الناس تخلط مفهومين مختلفين تماماً عن الماديه. الاول المفهوم العلمي بأن كل شيء من حولنا بمافيه نحن نتكون من مادة وطاقه، ونتائجه الفلسفيه التي ترى ان ليس هنالك مكان هنا للقوى الخارقه للطبيعه والالهه السحريه. المفهوم الثاني وهو الماديه بمعنى الانشغال بأمور غير روحانيه دينيه تتعلق بتمتع الانسان بما في الحياة وهو مفهوم تروجه الاديان كالاسلام والمسيحيه.

اغلب الناس المتدينون يأخذون بالمفهوم الثاني حين يكون القصد عند الملحد هو المفهوم الاول. والسبب ان الماديه والانشغال بهذه الدنيا يتناقض مع القيم الدينيه والروحيه والتى ترى ان احد اساليب تحكمها بالانسان هو ابعاده عن متع الحياة بوعد انه اذا تخلص منها فسيحصل على احسن منها بعد ان يموت و يفنقش.





في الواقع ان هنالك مجال كبير متسع للملحد من ان يتمتع بماهو غير مادي و خارج الخرافه الروحانيه مثل الايمان بالقيم الانسانيه والانشغال بالقيم الفكريه والثقافيه ولأن الالحاد نفسه هو فكر تنويري عقلاني يجد الملحد متعته فيه.

صدقوني لو كنا نحن الملحدين من الطماعين الماديين الذين نسعى دائماً وراء المال والفلوس، لوجدتنا نحن المتحكمين بالمجتمع فسنكون نحن اصحاب الثروة فيه اليوم، سترى ان اكبر التجار هم ملحدين وقد تقود هذه الثروة والمال و الانشغال بها الى اننا سنكون من المتحكمين بالسياسة ايضاً، ولكننا نرى العكس تماماً فأصحاب النفوذ والثروات والسياسين في بلاد الرمال هم متدينيين او مشتغلين بالدين او مستغلين للعاطفة الدينيه ليبنوا من خلالها ثرواتهم. هل يستطيع احد منكم ان يشير الى الملحدين فيهم؟

والان قل مرة اخرى لماذا الملحدين ماديين؟

اننا كلنا نتاج ثقافة العالم الاستهلاكيه، فهذا المؤمن الذي يتهم الملحد بذلك ليس الا انسان استهلاكي يلهث خلف متع الحياة والجنس..انه يقوم بإسقاط صورته هو على الملحد لأنه في النهايه ليس الا مؤمن بالخرافات الخارجه عن الطبيعه و غارق بنفسه في شهوة الماه والجنس..حتى الجنه التي يسعى اليها هذا المسلم المؤمن ويموت من اجلها انتحاراً.. ماهي الا وصف للماديه والشهوات الجنسيه. ان وعود رب الرمال للانسان المؤمن تقوم على حرمانه من هذه الاشياء ليستلمها في الجنه..فبينما يحرم هذا الرب على الرجل المسلم لبس الذهب والحرير، فهو سيلبسه الذهب والحرير في الجنه " ان الله يدخل الذين آمنوا جنات تجرى من تحتها الانهار يحلون فيها من اساور من ذهب ولؤلؤاً ولباسهم فيها حرير". فكيف نلوم مؤمنيه على تناقض اقوالهم واختلافها عندما يقول الرب ذلك، فعلى الارض لبس الذهب والحرير للنساء..فهل سيجعل الله الرجال في الجنة من المخنثين؟



ومع هذا فيجب ان لا ننسي اهمية الراحات الماديه التي لدينا فلو بقي الانسان روحانياً لما اخترعنا طائرات تصل بنا الى اجمل شواطيء العالم واحلى بقاع التزحلق على الجليد، لولا ماديتنا ما اخترعنا ادوية واجهزة طبية تريحنا من آلام الامراض..الماديه جزء من حياتنا فيجب ان نصل الى نوع من التوازن بين متعنا الماديه ..ومتعنا الفكريه ونحن لانحتاج الى الله واشباحه لنقوم بذلك.

بن كريشان

إرسال تعليق

0 تعليقات