المجرم الخطير

هل غياب الايمان بالله يجعل من الملحد لصاً او مُجرماً؟






كتب غير معروف على البوست الاسبق " اللهم اعوذ بك من الكسل" يقول:

الالحاد لمن لايعلم هو جريمه يعاقب عليها القانون فالملحد لايختلف عن المجرم الذي انكر دينه و ربه و ارتكب جريمته لأن من ينكر الله ينعدم عنده الوازع الديني و الاخلاقي و يعتبر مهيئا لأرتكاب الجرائم لذا يمنع القانون الالحاد وعندنا بالكويت ينص القانون الكويتي و بوضوح على انه من يمس الذات الالهيه او الدين او الذات الاميريه تسقط عنه الجنسيه الكويتيه و يقع تحت طائلة القانون و هذا للعلم لك ياصاحب هذه المدونه و اخوانك الذين يعلقون هنا وخاصة منهم الكويتيون.

لماذا يعمد المتدينون الى إقران الالحاد بالتصرفات المعاديه للمجتمع وصفه بأنه سلوك إجرامي؟ هذه المزاعم عارية من الصحة بالطبع فليس لها من دليل و لا إثبات. أيقومون بذلك ليؤكدوا لنا بأن الاخلاق ليس لها باب سوى باب التدين و الايمان بالله؟ هل يقصد هؤلاء أن الملحد لا يخشى دخول جهنم كما هو المجرم لا يعبأ بدخول السجن؟

هناك عدة مشاكل منطقيه في تعليق صاحبنا هذا، فلو قلبنا التعليق فسنجد انه يقصد العكس ايضاً لأنه يفترض ان الايمان الديني هو امر طبيعي، بينما الالحاد هو الشيء الشاذ و المُستنكر. انه يتناسى ان التدين و التصديق بوجود الله و بقية اشباحه السماويه يحدث من بعد تعليم و تلقين مكثف يتلقاه الانسان طفلاً و يستمر معه التلقين طوال حياته. فالتدين حالة غير طبيعيه يجبر عليها الانسان بسبب ضغط نفساني كبير يمارسه الاهل و المجتمع و المدرسه على الطفل المغلوب على امره. التدين و الايمان بالله في الواقع هو اقرب الى حالة نفسيه مرضيه.




إذا لو فكرنا بدقة اكثر سنجد ان صاحبنا غير معروف يريد ان يقول بأن المرض النفساني و العقد المكتسبه من تاثير المجتمع المحيط بالطفل، شيء طبيعي و يجب على كل واحد بالمجتمع ان يصاب به.

هل هناك دراسة احصائيه يتفضل بها المعلق تشير الى إرتباط الالحاد بالخروج عن القانون؟ ان العكس صحيح فالملحدين العرب اكثرهم يطالبون بالحريات المكفوله تحت القانون المدني، انهم يدافعون عن القانون. بلاد الرمال و التي ارتضت الاسلام ديناً و الخرافة سبيلا و ادخلتهما في مناهج التعليم و القوانين ليست نموذجاً اخلاقيا، مجتمعاتنا تعاني من الفساد و الرشوه و الجريمه و القتل و السرقه و هؤلاء كلهم ليسوا بملحدين.

الولايات المتحده الامريكيه هي اكثر الدول الصناعيه تديناً وبها نسب جريمة عالية جداً، الاحصائيات الامريكيه تدل على ان اغلب نزلاء السجون هم من المؤمنين بالدين وليس الملحدين.

لا أعرف كيف هو الحال في الكويت و لكن في الأمارات هناك طبقه جديده من الاثرياء الذين اثروا من خلال نفوذهم و في فترات كانوا يشغلون بها مناصب حكوميه. هؤلاء اليوم لديهم يخوت و شركات، ولا واحد منهم ملحد.. بل كلهم يبنون مساجد و يتصدقون بعوائد البارات التي في فنادقهم. ..انهم لصوص متدينون.



عندما يظن هؤلاء المسلمون بأن الإلحاد خطير كالإجرام،فهذا لايعنى انهم على حق وبالتأكيد لايتفق الملحدون معهم ابداً، فهو رأي ينقصه الدليل و الاثبات و الحجه مثله مثل إدعائهم بوجود الله. إن كانوا لايستطيعون إثبات ان الله موجود بدليل فهم لايستطيعون كذلك ان يثبتوا ان الملحد كالمجرم بدون ادله.

في نفس الوقت نحن نعرف ان الايمان الديني خطير و دموي؟ فهناك ادلة عديده تشير الى العنصريه و الكراهيه في الاديان و بالذات في الاسلام اليوم. المتدين يقتل من اجل دينه و امثلة الانتحار و قتل الابرياء من قبل المسلمين باتت امراً لايحتاج الى إحصائيات. خذ مثلاً هذا الطبيب النفسي الامريكي المسلم من اصل فلسطيني و الذي قام بإطلاق الرصاص على ثلاثة عشر من رفاقه. لم يُفده علمه بشيء، فقد اصبح هو بذاته مريضا نفسيا يحتاج الى علاج بسبب تدينه.. لماذا لم يفكر في استغلال علمه و شهادته لعلاج الاطفال في غزه الذين اصيبوا بصدمة نفسيه جراء الحرب الاسرائيليه و مشاهدتهم ذويهم موتى بدل ارتكاب جريمة كهذه؟




من هذا نستدل على ان الخطر الذي يترتب على الايمان الديني هو اكبر من خطر انعدام الايمان. فلماذا نفترض بأن الملحد سيكون مجرماً او مثل المجرم يستحق العقاب كما يقول السيد غير معروف. لماذا يستحق شخص السجن لأنه مس ذاتاً خرافيه او كما يفعلون بالكويت كما زعم، إسقاط جنسيته عنه..هل هذا لأنه اصبح غير وطني و جاهز ليخون امته؟ هل لأن الملحدين في الكويت تعاونوا مع قوات صدام حسين عندما غزا الكويت؟

ان ربط الالحاد بالسلوك الاجرامي هو شيء متناقض و لا يقوم على اي اساس منطقي. على عكس وجود الشرطه و السجن و المحكمه فأن وجود جهنم و يوم القيامه و منكر و نكير و الثعبان الأقرع ليس ربطا ذو معنى و لايمكن تبريره الا على انه نوع من الاتهام الفارغ الخالي من ادله و هو لايعدو الا ان يكون تحاملاً و عنصريه من جانب المتدينين كيف؟ تابعوني.

الالحاد غير مرتبط بالسلوك الاجرامي و طرح الفكره كان شيئاً خاطيء منذ البدايه.

اعتقد انه نفس المعلق غير معروف عاد لاحقا و اضاف هذا الكلام:

للغراب الحكيم اقول لا تضحك كثيرا ولاتنس انك و صاحب هذه المدونه و تلك الكويتيه الملحده آيا تتخفون كاللصوص الذين تطاردهم الشرطه لا تظهرون هوياتكم الحقيقيه فأن لم تكونو مجرمين فانتم تتصرفون مثل المجرمين و اللصوص بالضبط







ان ربط الالحاد بسلوك اجرامي كالسرقه و اللصوصيه هو شيء متناقض و لا يقوم على اي اساس عقلي. على عكس وجود الشرطه و السجن و المحكمه فأن وجود جهنم و يوم القيامه هو امر مشكوك فيه كما ذكرت عند الملحد. عند ارتكاب الجريمه يقوم اللص بمخاطره حيث يأمل ان لايقع في قبضة الشرطه و العداله او يراه احد فيبلغ عنه. و بالتالي ربط الالحاد بهذا السلوك الاجرامي ليس ربطا ذو معنى و لايمكن تبريره .

ان احد الجوانب الأكثر اثارة للاهتمام هو ان العنصريون لا يحسون بعنصريتهم. في الواقع ان كثير منهم فخور بهذا العنصريه التي يضعها تحت مسميات مختلفه. ان العباره الاخيره لغير معروف تقع في خانة الكراهيه التي يحرض عليها الاسلام و التي تدعو المتزمين بهذا الدين الى التعصب.







تشبيه الملحدين باللصوص هو هجوم على شخص هذا الملحد حتى لو تظاهر غير معروف بأنه يعرض معلومة عامة او مقارنة محايده، فالهدف من هذه المقارنه هو خلق تصور سلبي عن الانسان الملحد في اذهان الناس. و كما قلت في غياب و جود سبب وجيه للاعتقاد بأن الملحدين مثل اللصوص يصبح هذا اتهاماً مُغرضا و شكلٌ من اشكال الترويج للكراهيه و العنصريه في المجتمع.

ان السبب الذي يجعل اللص يتجنب الشرطه هو أنه يعرف بضميره انه مخطيء ، اما الملحد فلا يتجنب الجحيم و لا ملائكة رب الرمال، لأنه يعلم انها غير حقيقيه و لايؤنبه ضميره على مايفعل. هذا يجعل من مقارنة الاخ غير معروف غير مترابطه و لا منطقيه.. لافرق بين هذا و قولنا ان جميع الخبازين في سوريا.. قبرصيين.

ان الملحدين بشر مثل المتدينين، يعيشون مع الناس لهم أهل و ابناء و زوجات و ازواج و اصدقاء يحبونهم و يعيشون كمواطنين عاديين. لا احد منهم يلبس قناع ارسين لوبين او النمر الوردي و يذهب ليلاً ليسطو على خزانة بنك الكويت الوطني، او مجوهرات الملكه اليزابيث الثانيه . ان من حق الملحدين ان يعترضوا على هذه الاكاذيب السخيفه وماتتضمنه من كراهيه و تعصب.




أن الحاجه الى خلق كل تلك الصور النمطيه المغلوطه عن الملحدين تشير الى وجود مرض نفسي عند المؤمنين. انه انكار المؤمن لضعف حجته و هشاشة اعتقاده مقابل دليل الملحد مما يجعله يغير التكتيك ليهاجمه في شخصه بدلاً من فكره. الملحدون ليسوا بمجرمين و لا هم بلصوص ، انهم ضحايا مجتمعهم المتدين المتعصب..ولوم الضحيه هو احد سمات هذه المجتمعات.

نجد ان المسلمين لا يفتأون يهاجمون الالحاد والملحدين ولكن عندما يدافع الملحدون عن انفسهم ..يصبحون فجأة بنظرهم مجرمين و لصوص و خونه و عملاء شلوم اسرائيل. عندما يسقط في يد المسلم و لايستطيع ان يُبرز حجته..يشتم شخص الملحد . اليس هذا هو ما شهدناه خلال الهجوم الاخير على المدونه و الذي كان كله سبابا شخصياً، طبعاً فهم يظنون ان لهم عشر حسنات مع كل شتيمه.. و يضاعف ربك الاجر لمن يشاء.



هل من المفروض ان يلزم الملحد الصمت بدون ان يدافع عن فكره و رأيه؟ طبعا لا فالصمت يشجع على نشر التضليل و الأكاذيب و الخرافه، التصدى لهم يكون بالجهر بالالحاد و شرحه و مع ان هذا لن يغير من مشاعر الحقد و الكراهيه عند هؤلاء المتعصبين.. ولكنه سيرسل رسالة للناس المتلقين لهذا التشويه ، بأن الالحاد ليس كما يدعى المسلمين بل هو سمو للانسان و تحرر من قيد الحقد و الكراهيه و التعصب.


بن كريشان

إرسال تعليق

0 تعليقات