!جريمة بلا..ضحيه

اليوم تأخرت في الدوام وخشيت أن أتأخر حيث تنتظرني امي على الافطار وهي لاتحب أن تفطر لوحدها . فأردت أن آخذ طريقا مختصرا من خلال أحد الاحياء السكنيه ، وبدل السواقه الى أقصى الشارع والعوده..قفزت الرصيف! وما أن خرجت من الناحية الاخرى.. حتى كانت دورية شرطة المرور بأنتظاري

حاولت أقناع رجل الشرطه بأن لايخالفني بلا فائده ،أصر قائلا :أسمح لي نحن في رمضان لا اريد ان اجادل فأنا صايم واقوم بواجبي . فأعطيته الرخصه وذهب ليكتب المخالفه، ثم عاد وقال وهو ينظر الى الرخصه: ماذا يقرب لك دميثان؟ فقلت هو ابن عم أبي..يا أهلا نحنا طلعنا عشيريه ! قال لي وتابع: إسمح لي يابن عمي ماعرفتك أنا فلان بن فلان- حب خشوم- ثم قام بتمزيق المخالفه ، فقلت له: مافي عندي مشكله ان تخالفني.. أنت تؤدي واجبك فقط ..آفا
..صاح قائلا: عيب عند العرب ، انه لأمر ُمنتقد ان اخالف أبن عمي

والله مشكله هالبدو في بلاد الرمال..ما تفيد فيهم القوانين ولا النظم

***
لو كنت امتلك مهارات الساحر ديڤيد كوپر فيلد ، وجعلت القصواء تختفي، فهل تعتقدون أن الشرطي يستطيع يخالفني بلا دليل؟

من المفروض لا ..مثل ما انه ليست هناك جريمه، ان لم تكن هناك ضحيه. قوانين العالم كلها لايمكن ان تدين أحد بجريمه، طالما لم يكن هناك ضحيه أو مشتك متضرر او جثه قتيل...الا في بلاد الرمال التي تعيش في فيلم رعب هزلي







تملكتني منذ مده فكرة كتابة قصة قصيره ساخره يكون بطلها شرلوك هولمز، ولكنني تراجعت عن نشرها بعد ان وجدتها شديدة الغموض ومن الصعب فهم مقصدها وهذا الجزء الافضل من تلك القصه

وصل شرلوك هولمز الى مسرح الجريمه حيث كان الدكتور واطسون ينتظره مع افراد من الشرطه..وحيث كانت هناك جثة مسجاة على ارض الغرفه

نظر شرلوك الى أعلى، تفقد النوافذ، ثم وضع يده في جيبه يبحث عن غليونه، ثم تذكر انه يحاول التقليل من التدخين، فأخرج علكة النيكوتين من جيبه الاخر.. ووضع واحدة بفمه

سار بخطوات بطيئه حول جثه الضحيه، ثم توقف وقال: دكتور واطسون هذه جثة رجل قتيل على الارض، هل استدللت على اي شيء من ذلك؟


دكتور واطسون: لا ياسيد هولمز ..لم أصل الى شيء لهذا استدعيتك
فتبسم شرلوك هولمز وقال: أنه واضح جدا يادكتور واطسون..هذه جثه قتيل..إذا فلابد أن يكون هناك ..قاتل

فصفق الدكتور واطسون والحضور مبهورين بذكاء شرلوك هولمز، الذي ، اعجبه ذلك..فقهقه ضاحكا.. حتى غص مختنقا بعلكة النيكوتين..فأنقذه الدكتور واطسون ببعض الاسعافات الاوليه




والان فالنعود الى تساؤلنا ماهي الجريمه التي ليس لها ضحيه..ويعاقب عليها القانون؟

هل من العقل بمكان وجود قاتل..بلا قتيل أو وقوع جريمة بلا ضحايا ستقولون هذه استحاله ولاتتفق مع اساسيات وقواعد القانون والعداله في العالم

قام فنان بريطاني مؤخرا برسم الرئيس الامريكي جورج بوش بطريقة مركبة من صور پورنو، او التصاوير الجنسيه -مما ادى الى إحتجاجات من قبل التيار المسيحي الامريكي وعلى رأسهم الحزب الجمهوري ، ولكن ماذا يقدرون ان يفعلون بهذا الفنان؟ فليس هناك قوانين تمنع السخريه برجل دوله ليست له شعبيه في العالم. ولكن تخيلوا مالذي سيحدث لو قام هذا الفنان برسم نفس الصوره لصلعم في بلاد الرمال؟

ليس في بريطانيا اي قانون ممكن أن يقع هذا الفنان تحت طائلته. الا ان الملحد الذي يجهر برأيه في بلاد الرمال او يعبر عن رأيه بالأدب والشعر والكتابة والفن يقع دائما تحت طائلة القانون. هناك نصوص ترد في قوانين العقوبات في جميع الدول العربيه بلا استثناء وجميع الدول الاسلاميه فيما عدا تركيا، والتي بها موانع كثيره في القانون ضد السخريه بالاسلام او بالدوله او بشخصية مصطفى كمال أتاتورك

قوانين العقوبات أوجدت حماية للناس ومنعا من وقوع الضرر عليهم ورادعا لمن يفكر بأرتكاب جريمه. ولكن عندما اسخر انا وغيري من رب الرمال، فأين هو هذا الضحيه الذي وقع الضرر عليه..يجب ان يكون هناك دليل أو وجود جثته على الاقل





عندما يقول المؤمنون بأن تلك جريمة تجديف على الله، او كفر او استهزاء به ، هل لديهم اثبات بوقوع ضرر او دليل على ان كلام الملحد تسبب بشيء سيء على الضحيه وهو الاله في هذه الحاله؟ ..أم ان الضرر قد لحق بهم هم. كيف نثبت او نستمع لشكوى هذه الضحيه ، فمن المستحيل احضاره في المحكمه او تقديم دليل إثبات مادي يجعل من ذلك جريمه ولماذا لايقوم رب الرمال بالتقدم بشكواه بنفسه؟ وكما قال القرءان فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون

وهل هناك ضرر يتسبب به الملحد ويقع على الحكومات التي تسن هذه القوانين، ام إن هذه الحكومات تضع هذه النصوص في قانون العقوبات فقط من باب إرضاء المؤمنين؟

لم استطع ان أضع يدي على نص القانون الاماراتي الاتحادي ولكنه مشابه في روحه لجميع تلك النصوص وهذا هو النص في قانون العقوبات المصري والذي نقلت معظم الدول العربيه قوانينها منها

وتُحظر المادة 98 (و) من قانون العقوبات المصري "ازدراء الدين" وتنص على عقوبات بالسجن تتراوح مدتها بين ستة أشهر وخمسة أعوام

:اما القانون الكويتي مثلا فينص على

المادة 20:بموجب هذه المادة يحظر نشر كل ما من شأنه المساس بالذات الالهية او الملائكة او الرسل او الانبياء او القرآن الكريم او الصحابة او امهات المؤمنين زوجات النبي او المساس بالعقيدة الاسلامية وأحكام الشريعة الاسلامية

وجود هذه القوانين تجعل من جميع الدول العربيه في بلاد الرمال، دولا ثيوقراطيه وحكومات الهيه. فمحاولة حماية الله من الانتقاد بالقانون ومعاقبة كل من يسخر من نبيه صلعم وقصصه وتخيلاته تخلق نوعا من الاندماج بين الدين والدوله. وهنا يستغل المؤمنون والاسلاميون هذه القوانين لخنق حرية التعبير والانتقاد في المجتمع ويحولونه الى مجتمع قمعي تسلطي











التسلط الديني يقدم قاعدة قويه للحكومه لتمارس التسلط السياسي ، والعكس صحيح..فكل منهما يحمى الاخر





ليس هناك مايمنع ان يكون الملحد تسلطيا ايضا، ولكن كل من سلك هذا الدرب وقع في فخ مميت. فالملحد بطبيعة فكره يبحث عن التحرر من التسلط الذي تمارسه الاديان، وكونه يخلق حكما تسلطيا بنفسه فقد أضاع قيمه ومبادئه وخرج من الفكر الالحادي الانساني ، الى ظلالة الايدولوجيا. الاسلام السياسي ماهو الا نوع من تلك الايدولوجيا التي تلبس الناس جميعا قميصا من مقاس واحد. وقد تستغرب ان الايدولوجيه الشيوعيه بالاتحاد السوڤيتي كانت شديدة الشبه في ممارساتها بالاسلام السياسي، في حماية عقيدتها وقمع معارضيها







الانسان الحر صاحب المباديء عليه ان يسخر وينتقد جميع انواع الظلم والتسلط على الفكر، ليس التسلط الديني فحسب..بل التسلط السياسي و الاجتماعي كذلك


عندما يسخر أحدهم بصلعم وبرب الرمال، يأخذ المؤمنون الأمر بصورة شخصيه ، وكأنهم هم المعنيون بالسخريه وان الانتقاد موجه لهم وليس لرب الرمال..فتتعالي صيحاتهم مثل قبائل البدائيين الهمج بأبي انت وامي ياصلعم ..من الخطأ ان نسخر بالانسان لأنه مسلم فقط، الا ان السخريه من فكر الاسلام وعقيدته واجب وضروره..فالافكار والعقائد يجب ان تنتقد دائما.. حتى لا تتحول الى ايديولوجيات جامده متسلطه تفسد المجتمع و تنتهك حرياته و تهدر طاقات ابنائه ..وليس هناك أفضل من السخريه لأيقاظ القلوب






لأن الاسلاميين لايستطيعون ابراز اي اله تأثر بالضرر من انتقاد او سخريه، فإنهم مجبرون ان يخترعوا اضرارا تصيب المجتمع بدلا عنه.فمثل ماذكرت في مقالي السابق عندما ترجع كل الشرور التي في العالم الي سفور المرأه . فيرجع المؤمنون اية مشكله او كارثه الى الالحاد وانتقاد الذات الخياليه، اقصد الالهيه. وهو السبب الذي يثير تلك الحملات الهوجاء التي يتزعمها كهنة الاسلام ويقودونها مثلما فعلوا في حادثة الرسوم الكارتونيه في الدنمارك، فالسخرية من الهتهم..هي سخرية منهم..وسخرية بحكومتهم ومن فيها








وهكذا عرفنا الان لماذا توجد هذه القوانين وتسن في بلاد الرمال فقط و بلاد التخلف الاخرى ولا نجدها في الدول المتقدمه الحضاريه..فليس هناك ضحيه تحتاج الى الحماية من الانتقاد، انما هم هؤلاء المؤمنون أنفسهم ، يحتاجونها لحماية فكرهم الضعيف الهش ..ودعما يبررون به تسلطهم وظلمهم




بن كريشان

إرسال تعليق

0 تعليقات