إنني اسمع صوتاً يحدثني
هل تسمع اصواتاً تتحدث اليك؟ اصواتاً مجهولة لايسمعها احدٌ غيرك؟ اذا كانت الاجابة بالنفي، فأنت انسان طبيعي وصحتك العقليه سليمه، لأن الذي يسمع اصوتاً كهذه يكون من المرضى العقليين. المصحات النفسيه تمتليء بهؤلاء الذين يسمعون و يتحدثون مع اصوات تكلمهم.
هل رأيت احداً من هؤلاء؟ ربما؟ أنا في صغري في العين شاهدت كثيراً من هؤلاء المجانين و المرضى النفسيين يهيمون في الشوراع قبل ان تلملمهم الحكومه و تودعهم في مصحات. كان هناك واحد منهم يتنبأ بأن مدينة العين ستغرق تحت البحر، مازلت اتذكر صوته عندما يغمضُ عينيه ويرصُّ عليهما وينطق بصوت يخرج عميقاًمن حلقه قائلاً وبعربية فصحى: "ستغرقكم امواجُ الله غرقاً..غرقا..غرقاً غرقا." كنا نضحكُ عليه صغاراً ونقلده وهو يقولُ غرقاً غرقا، بالطبع فالعين في قلب الصحراء واقرب شاطىء اليها يبعد مئة واربعين كيلومتراً.. هل كان من الممكن ان يكون هذا نبياً استهزأنا به وسيغرق الله العين بسبب ذلك؟ لقد كان يقولُ ايضاً بأن الديك القطري سيغلب الديك الاماراتي( تنبؤ صحيح فقد فاز المنتخب القطري على الاماراتي بعدها بسنوات فهل كان نبياً)…الحقيقه ان الرجل المسكين كان رايح فيها مانخوليا خالص.
عندما يأتينا رجل ويقول ان صوتاً كلمه وقال له اهدى قومك، ففي الغالب هو مريض وليس هناك من اثبات بأن مرسال المارسيل السيد جبريل الملاك التيربو ابو ١٢ جناح هو الذي كلمه. بعض الناس يقولون ان الملائكه تخاطب الناس، البعض يقول ان الجن يتكلم مع الناس والبعض الاخر يظن ان الشيطان يتكلم.. وهناك من الناس من يظنون ان الاشباح تتكلم معهم..في امريكا يدعي الكثيرين بأن كائنات فضائيه والفيس بريسلي يخاطبهم وبدون ان يشاهد ذلك احداً غيرهم ،الاقرب الى العقل؟ هو انهم مجانين وليسوا انبياء؟
ان هناك الاف من الناس تتعالج حول العالم من هذه الاصوات التي يسمعونها في دماغهم، يذهبون للاطباء النفسانيين والعصبيين. ان الانسان الذي يسمع اصواتاً كهذه انسانٌ مسكين ومريض وقد يكون خطيراً على الاخرين من حوله. قرأت مره عن امرأه قتلت اطفالها وقالت في المحكمه ان صوتاً قال لها ذلك..ظنته انه اليسوع سبايدرمان. وقد تسمع انت او انتي هذه القصه وتقولون ولكن لابد انها امرأة مجنونه ولكن..هل حدث شيء مثل هذا قبل الف سنة في بلاد الرمال؟

نعم واحد مجنون اسمه ابراهيم سمع صوتاً يقولُ له اذبح ابنك فراح الاخ فوق الجبل ليقتل ابنه بالسكين. الان تخيل لو طلع واحد ابراهيم جديد في هذا العصر..سندخله العصفوريه على طول. واحد ثاني في بلاد الرمال كان يسمع اصوات عجيبه من الملاك التيربو ثم يقرر بناء عليها مصائر الناس، اقتلوا هذا، واسبوا نساء تلك القبيله و اقطعوا يد هذا و عنق ذاك بالسيف..بناء على ماذا؟ صوت يتكلم معه..انه مثل صاحبنا المجنون غرقاً غرقا..طيب ليش الاول صار نبي والثاني مجنون؟
الفرق بينهما هو ان هناك ناس صدقوا الاول..بينما الثاني لم يصدقه احد. احياناً يضرب الحظ مع احدهم مثل نبيٌ جديد طلع قبل سنوات قليله في كينيا له اتباعٌ بالملايين يسمونه النبي آوور اقرأ عنه هنا في هذا الموقع المسيحي. هذا الرجل تنبأ بأن زلزالا سيضرب نيروبي ويدمرها، ولكن حدثت هزه بسيطه فقط فقال للشعب ان يسوع سبايدمان كان يحذركم فقط..ومن ثم اصبح له مليون من الاتباع. على الاقل فأن تنبؤاته افضل من تنبؤات صلعم فلماذا لانتبعه؟ فهو الاخر يسمع اصواتاً.
ان سر نجاح هؤلاء الانبياء هو وجود تجارب مماثله في الماضي. فصاحبنا غرقاً غرقا ( عفواً لا اعرف اسمه) لم يربط نفسه بالانبياء الذين سبقوه، بينما صلعم ربط نفسه و ذكر قصص انبياء سابقين، وهذه هي الخدعه، فإذا كان الانبياء يسمعون اصواتاً في الماضي، فلماذا لايسمع حضرته اصوتاً ايضاً، وطالما كان يبجلهم و يحترمهم فلابد انه يسمع نفس الصوت. انه ختم الموافقة على نبوته.
كيف تأتي بمصداقيتك كنبي؟ يجب ان تذكر الكتب القديمه وتقول انجيل، توراة، الزبور.. مصدقاً بما جاء من قبل، ثم تقص عليهم احسن القصص الكاذبه لتبنى سلطتك على اكتاف من مات من زمان، انه مثل الديكتاتور الجديد يمجد من قبله ليبني مجده هو..عبد الناصر وانور السادات، ستالين و لينين يتابعون مسيرة الثورة…ثم يأخذون المنحنى التالي.

هنا وبعد ان يشير هذا المجنون الذي يدّعى انه يسمع اصواتاً الى من قبله من المجانين الذين سمعوا ذات الصوت من زمان..يصبح من الكُفر انكار ذلك، حرام وستدخل النار حيث يكون الزبانيه جاهزين لك بأسياخ الكباب.
ان تاريخ البشرية مُضحكٌ وخاصة عندما ينجح هؤلاء المجانين في خداع البشر والوصول للسلطة و المال، او من يستغل قصصهم التي تتحدث عن سماع هذه الاصوات العجيبه. الرجال المجانين يسمعون اصواتاً في رؤوسهم..وكذلك الانبياء، مجانين مثلهم ولكنهم تمكنوا من اقناع الاخرين ان هذا هو صوتُ الله. هؤلاء المجانين الذين يسمعون اصوات في رؤوسهم ونجحوا في نبوتهم لهم شخصيات كاريزميه توثرُ في الناس السُذَّج.
بعد ان يموت هذا النبي، والذي نجح الى درجة معينه في العيش براحه وحظي ببعض المكتسبات يأتي دورُ السياسي الذي كانوا يسمونه عندنا السلطان او الخليفه، الذي سيوظف له راوي القصه، فيعظمها لهؤلاء السذُّج..يحولها الى دراما..يسميها السيرة النبويه، الام المسيح..يستنبط منها احكاماً يسميها الفقه والشريعه واللاهوت، ثم تتحولُ الاحكام الى قوانين، تعاقبُ من يخالف اوامرها..واوامر السلطان بالطبع.

ولكن قد تتساءل..لماذا صدّقَ الناسُ في الماضى هؤلاء المجانين؟ الاجابة ابسط مما تعتقد.
في الماضي لم تكن هناك وكيبيديا، لم يكن هناك تعليم، لايدرك الناس كيف يفرقون بين المعقول والخيال، لم يكن هناك علمٌ كما نعرفه اليوم يستطيع ان يقدم لك اجابات..كان اعتماد الانسان في الماضي على الكاهن، على النبي، على ابراج الحظ، على خرافات ليفهم مايحدث من حوله..خلني اعطيك مثال، القرءان يتكلم كثيراً عن الظواهر الطبيعيه اليس كذلك؟ يحاول ان يفسرها للعربي المسكين الذي يعيش في هذه الصحراء الكبيره بدون غوغل اليس كذلك؟ صح ولكن كيف يفسرها..هنا السر؟ الزلزال..عقاب، المرض..اختبار، القمر والنجوم، روزنامه وبوصله..انه امر مثير للسخريه فعلا عندما تقرأ تفسير القرءان لظاهرة حدوث الليل والنهار..حيث لم يتمكن كاتب القرءان من ربط الظاهره بالشمس كنجم مضيء فوصف الليل والنهار كشيء منفصلٌ تماماً عن الشمس. لقد تخيل صلعم ان الليل والنهار هما بطانيات..يأتي الليل فيغطي النهار..ثم يأتي النهار فيكشف الليل..ياله من تفسير علمي خطير.

لاتمد تفكيرك كثيراً..لاتشغل بالك بقصص عبد الدايم كحيل (ماما الاعجاز العلمي) ولا زغاليليو افندي..القصه بسيطه، لم يكن هناك عُلماء ولا عِلم..لقد كان عَالماً قديماً يحكمه الكهنه والمشعوذون والمتنبأون (انبياء) ذوي اللحى الطويله..لهذا صدق الناس المجانين.
وهنا سيتساءل واحد ثاني ويقول، ولكن كل هذه القصص، التي يرويها القرءان، وعرفها النبي..ومكتوبه في الانجيل والتنبؤات..فأقول ارتاح، خذ نفس …اشرب لك كاس بيره وفكر معي. الايوجد كُتَّاب لقصص الخيال، يكتبون سيناريوهات خياليه لم تحدث ابداً…هذه القصص، ليست الا ذلك. مؤلفين وكتبة سيناريو اشتغلو عليها يا صديقي و صديقتي عبر السنوات. واحد مجنون يسمع اصوات+ ملك سلطان خليفه+راوي قصص وكاتب خيال= دين
قصة الملك ارثر او قصة جان دارك في تحرير شعبهما من الاحتلال..هي قصة النبي موسى..قصة موسى مع الخضر (الياس) في سورة الكهف هي قصة شرلوك هولمز..نجاة موسى من القتل على يد المصريين بوضعه في تابوت في نهر النيل..هي قصة نجاة سوبرمان في مركبة فضائيه اطلقها ابوه من كوكب كريبتون الذي تنبأ بإنفجاره.
قصص وقصص من الخيال..تُبنى على تنبوات مجانين سمعوا اصوات..ثم مع القدم، تصبح مصادر موثوقه، جاءت من الفضاء الخارجي حيث يعيش الله ..ذاك الإله الخائف المختبئ الذي يدوي صوته في عقول المجانين فقط.
استيقظوا انهم يكذبون عليكم
بن كريشان