الاثنين

دخان بن كريشان



بعد ان وفقني رب بلاد الرمال و الصحارى في كسر بروكسي الاتصالات للمرة العشرين، و بعد غياب طويل قرأت بشغف الملاحظات اللطيفه و حتى الغير لطيفه منها ، في هذا البلوج، و بعضها قد أعطاني أفكارا لطرح موضوعات جديده

ولأن أحد الاخوة الكرام ، وبعد قراءته لموضوع البنوك الاسلاميه، طالبني بأن أترك الخبز لخبازه و ان أكتب كما يقول، في مجال تخصصي العلمي بدل الأيغال في مجاهل النصوص و الاساطير القديمه في بلاد الرمال..ونزولا عند رغبته فقد قررت ان أكتب اليوم عن الاسلام و العلم، ليش د. زغلول النجار أحسن مني؟

يتبارى الكثير من الاسلاميين في اظهار الاعجازات العلميه للقرأن و السنه، و قد انتشرت في ذلك المواقع و نشرت الكتب و الكتيبات و هذر بهذا الشيوخ في جميع القنوات، و في مؤتمر القرآن الكريم الذي ينعقد في دبي كل عام، تطرح بحوث علميه حول موضوع الاعجاز العلمي في القرآن ، ولولا أنني من النوع الذي لايتمالك نفسه عند سماع هذه الاشياء، و خشيت ان انفجر ضاحكا في قاعة المؤتمر و ان أضع نفسي محل احراج ، لكنت حضرت هذه" البحوث العلميه" اثناء تقديمها

الوصف الامثل لهذه الأعجازات هو انها "" اطروحات نقاشيه"" قابلة للدحض بسهولة و ليست اثباتات علميه. أود كذلك ان اضيف ان كثيرا مما يقدم اليوم على انه أعجاز علمي لنبي ظهر اميا في بلاد الرمال معزولا عن الحضاره و اوتي العلم و تنبؤات ،حسب زعمهم ، ثبتت صحتها الان و بعد اكثر من الف قرن من الزمان، كان معروفا قبل زمن النبوه

مما لا يقوله هؤلاء حين يكذبون علينا، ان كثير مما ورد في القرآن و من قبله في التوارة و اناجيل الكتاب المقدس هو من فكر الأغريق و الرومان الذي تأثرت به هذه الكتب، و هناك قول لأحد الحكماء لا أتذكر اسمه
الناس هي التي تخلق الكتب..و ليس العكس


كثير مما ورد من علوم و تفسيرات فلكيه في العالم الوثني القديم، كانت في الاصل نصوصا أغريقيه و أكثرها خاطيء بمنظورعلم اليوم ، و لكن بعضها ثبت صحته ، مثلا الاغريق تخيلوا الذره و اعتبروها نواة للماده وكتبوا عن النشوء و الارتقاء و عرفوا الدورة الدمويه، و كثير مما ورد في علوم الوثنين القديمه انتقل لما يسمى بالديانات السماويه او التوحيديه من مثل الثلاثي المرح يهوديه مسيحيه اسلام، من امثلة ذلك اعتقاد ان هناك سبع سموات، و قد أتي من عند الاغريق و انتشر في العالم الوثني قبل ان تتلاقفه هذه الديانات ايضا و كان سبب اعتقادهم بذلك هو انهم لم يعرفوا غير سبعة أجرام سماويه و كانوا يظنون ان كل منهم يجري في سمائه فوق الارض المسطحه، هذه الاجرام هي الشمس والقمر و الزهره و المشتري و المريخ و عطارد و زحل، هل يبرر ذلك خلق مجالا جديدا لأثبات اعجاز الاغريق العلمي لنزيد من ايماننا بالأله.. زيوس
و قد تتساءلون كيف و صل علم الاغريق الي العرب في بلاد الرمال؟ بسيطه! الم تسمعوا عن الاسكندر المقدوني الذي اجتاح مصر و فارس و الهند و سوريه و بعده انتشرت علوم الاغريق في هذه البلاد و هو كان سابقا على الديانات الثلاث كلها، ثم الم تكن هناك رحلة الشتاء والصيف؟ و ايلاف الاقوام على طريق التجارة البري، فهل يعقل ان محمد وهو من بنى هاشم اكبر تجار قريش والذي ذهب بنفسه في هذه الرحلات الي بلاد الشام و فلسطين الخاضعه للحكم الهليني الروماني ، الم يكن من الممكن ان يتأثر بهذه العلوم؟ و الحبشه المسيحيه القريبه و الاحباش المسيحين من العبيد بمكه و ابرهه كان مسيحيا، و اليهود كانوا في اليمن و المدينه و كان لديهم نفس المعتقدات المنقوله من اليونان، و لكن ان ننكر ان كان هناك نقلا و تلاقحا بين الحضارات و نفترض ان بلاد الرمال كانت معزوله عن ماحولها، فأعتقاد ساذج..والان نتناول مثالا محددا

: معجزة الاجنه في سورة المؤمنون

ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ، ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظما فكسونا العظام لحما ثم انشأناه خلقا اخر فتبارك الله احسن الخالقين

هذه الأيه من اكثر الايات التي تستخدم من قبل دجالي الاعجاز العلمي، و لكن سأعود بكم بنص أقدم منها باللغة اللاتينيه قبل الاسلام كتبه طبيب اغريقي اسمه غالين في الاسكندريه التي كانت تحت حكم البلاطمه الرومان يتحدث فيه عن رأي ابيقراط المسمي ابوالطب والذي يقسم الاطباء بقسمه حتى اليوم عند تخرجهم كليات الطب في العالم اجمع- مابين الاقواس اضافة من عندي لتقارنوه بالنص القرآني



"
تقسم عملية خلق الجنين الي أربعة مراحل زمنيه كما نشاهدها في حالات الاجهاض و الاسقاط، الاولي منها تكون عندما يكون المنى هو التشكيل الاول ( النطفه ) و حتى في هذه المرحله لايسميه العظيم ابيقراطوس جنينا لأن المنى لم يمتلأ في اليوم السادس بل يسميها مرحلة المنى و لكن عندما يمتلأ المنى بالدم (العلقه) يكون الدماغ و الكبد غير واضحي التشكل كما نرى الجنين من سقط الحيوان و لكن له تماسك و تكتل و حجم في شكل لحمه و ليس في شكل منى، و كذلك ستجد ابيقراطوس لايسميه منيا هنا بل جنينا. المرحلة الزمنية الثالثه تبدأ عندئذ و فيها من الممكن ان ان تشاهد ثلاث اجزاء رئيسية بوضوح وبقيه الاعضاء تشاهدها بطريقه تحديديه او ظلاليه تقريبا (المضغه) بعد ذلك كما وصفها المعلم ابيقراطوس تبدأ " الاغصان" في الظهور ( خلق العظام

قمت بترجمة النص عن الترجمة الانجليزيه وتاريخه يعود الي بدايات القرن السادس قبل محمد بمائة سنه و لاحظ انه يتحدث عن ابيقراط الذي سبقه و سبق الاديان الثلاث كلها. طبعا يتضح من النص ان الاولين كانوا يرون اشكال الجنين من الاسقاط و الاجهاض و من الحيوانات مع ان هناك خطأ علمي رهيب في النص فالعظام لا تتكون قبل اللحم! و الذي سماها ابيقراط بالاغصان بل كانت تلك طريقة عمل التماثيل يصنع هيكلها اولا ثم يبنى الجبس عليه فكانوا يعتقدون ان الالهة تخلقنا مثل مانصنع نحن التماثيل. و خطأ اخر فالنص القرآني و النص الاغريقي كلاهما لم يعرفا عن البويضه! فقد كان الناس قديما يعتقدون ان امتزاج المنى بالدم هو الذي ينتج الجنين


هذا دليل غريب فهل يكون علم الاغريق معجزة الهيه هو الاخر؟

: من الاعجازات القرأنيه التي تصف الكون في سورة فصلت

"ثم استوى الي السماء وهي دخان فقال لها و للأرض أئتيا طوعا او كرها قالتا اتينا طائعين "

لقد كتب من كتب عن هذه الايه ووصفها بالمعجزه لأن القرأن عرف ان الكون كان كتلة من الغازات فبل ان تصير الكواكب والنجوم

قبل ان اشير الي الاخطاء العلميه الفادحه هنا دعونا نحاول ان نفهمها ، ماهي هذه السماء ؟ الم يكن هناك كواكب اخري غير الارض؟ ان دعوته للأرض والسماء بهذه الصيغه تدل على فهم الارض المسطحه لا الارض الكوكب ! ويتكرر هذا في المسيحيه و اليهوديه فخلق الكواكب و النجوم حدث لاحقا و السبب انها بين الاثنين القاع المسطح و السقف العلوى و الكواكب السبعة بينهما..علقها كما نعلق الاضاءة في بيوتنا من السقف

: يقول تفسير بن كثير في تفسيره لهذه الايه

" ففصل هنا ما يختص بالارض مما اختص بالسماء، فذكر انه خلق الارض اولا لأنها كالأساس، و الاصل ان يبدأ بالاساس ثم بعده بالسقف كما قال تعالي هو الذي خلق لكم ما في الارض جميعا ثم استوي الي السماء فسواهن سبع سماوات "

وهكذا كبس بن كثير على كل الاعجازيين، لا حظ استخدامه"" ثم
كيف تصير الحياة في الارض بدون الشمس ؟ كيف خلق الاشجار في الارض قبل الشمس؟ ممكن في عقلية بدائية

و قد وقع نفس الاشكال في التوراه و العهد القديم في سفر التكوين ففيها في رقم ثلاثه " وقال الله ليكن نور"..ويستمر الله في خلق الاشياء الاخري حتي يصل الي رقم ستة عشر فيقول حينئذ" فصنع الله الكواكب و النيرين العظيمين: الشمس لحكم النهار و القمر لحكم الليل و جعلها الله في جلد السماء لتضيء على الارض و لتحكم النهار و تفصل بين النور و الظلام" يامرحبا الساع !.. النور اللي خلقته اول شيء.. شو كان مصدره اذا لم تكن هناك شمس و لا كواكب؟؟
كان الاغريق على الاقل اذكي من هؤلاء الذين لم يدركوا حتى العلاقه بين النور و الظلام و اسباب حدوثهما و لو تابعت القراءه في آيات القرآن، فستجد تأكيدا على الاعتقاد القديم ان الليل والنهار مخلوقان منفصلان عن الشمس فالليل يأتي فيبتلع النهار حتى تخلصه الملائكة فيخرج علينا مرة اخرى و هكذا

الاغريق كانوا يعتقدون ان السماء و الارض كانتا دخانا في البدايه و انتشر هذا الاعتقاد بعد الغزو المقدوني الي فارس والهند ففي الغالب لم يكن المقصود في هذا النص سوى الاشاره الي اعتقاد اغريقي قديم

الخطأ العلمي الكبير الذي وقع فيه الاعجازيون هنا هو ان الكون، حسب مايعتقد به العلماء و مايسمى بنظرية الانفجار الكبير او البيج بانج ، لم يكن مكوننا من غازات ، هذا خداع لغير العارفين بتفاصيل هذه النظريه و التي تقول انه لم تكن هناك ماده اطلاقا! كان هناك طاقه الكترومغناطيسيه نقيه صافيه مضغوطه نتج عن انفجارها تكّون البلازما الكونيه و ليست الغازات! التي لم تظهر حتى بدأت البلازما بالبرود، عندها فقط ظهرت الغازات و هي النيتروجين و الهيليوم

لم لم يذكر القرآن هذا بدقة افضل لو كان النص اعجازا علميا؟

ثم ان الدخان ليس غازا، بل من الكربون الناتج عن التأكسد و يتكون من جسيمات صغيره تشبه الغبار و هي الرماد الكربوني وليس له مفعول الغازات. وحين واجه بعض المتعلمين، هؤلاء الاعجازين بهذا ، برروه بأن العرب لم يعرفوا كلمة غاز في الماضي و هي كلمة اجنبيه فقربها الله الي عقولهم الصحراويه البدائيه فسماه دخان؟؟على الاقل كان ممكن ان يسميه غبار فعندنا منه الكثير!

و قال بعضهم لا بل هناك غبار كوني يشبه الدخان و يشيرون الي مقتطفات من هنا و هناك و من موقع ناسا، ولكن بابا..غبار كوني هذا صار فيه بعدين.. بعد ما الله راح يستريح ..بس انتوا مافي معلوم..انتوا في داخل مخ.. مافي غير..دخان

بن كريشان

ليست هناك تعليقات: