جلد النفس

دعوهم يكبرون أولاً.. ثم شوفوا إن صدقوكم.

بالمكتب اليوم سمعت احد الزملاء من الموظفين يتحدث عن قضيه في بريطانيا اقيمت ضد اب من الطائفه الشيعيه شجع ولديه على جلد انفسهما في احتفالية العاشوراء الماضيه.





شيعة مسلمون يجلدون ظهورهم بالجنازير في يوم العاشوراء فتتشقق جلودهم وتسيل دمائهم، بينما تزحف مواكب الهندوس في عيد ثايبوسام وفي طقوس يسمونها كفادي يحملون اثقالاً مثبتة بسكاكين ومشالب تخترق جلودهم وهم يصعدون التلال، ثم يسيرون على الجمر تعبيراً عن ندمهم..في تايلند يقوم البوذيون النباتيون بخرق اوجانهم بأسياخ اشبه بأسياخ الكباب، وعند حائط المبكي يقف اليهود المتشددين في عز الصيف يرتدون معاطفاً سوداء ثقيله تحت الشمس الحاميه يتصببون عرقاً وهم ينوصون بقاماتهم الى الامام والخلف كصلاة لأله اسمه يهوه. وعلى فكره فأن الختان عند اليهود كان بألاصل نوع من تعذيب النفس لتخفيف الشهوة الجنسيه، بينما كان بعض الرجال المسيحيين في الحقبات القديمه يخصون انفسهم حتى لايشتهوا الجسد.

طقوس جلد النفس والمشي في مواكب ليست مقتصرة على الشيعة المسلمين بل تنتشر عند الهندوس والبوذيين والكاثوليك والمسيحيين. هذا على اعتبار ان الكاثوليك احياناً لايعتبرون انفسهم مسيحيين لأنهم لايؤمنون بقدسية النص مثل بقية طوائف المسيحيين والمسلمين واليهود. وضعت لكم بعض الصور لتشاهدوا التشابه في هذه المواكب والتي على الارجح تعود اصولها الى الديانة القديمه بالهند.

كما يبدو فهو شيء مقدس أن تضرب نفسك وتجلدها لأن هذا يقربك من الله، فكلما زاد إيلامك لنفسك، زاد ايمانك. لو قام شخص بتعذيب شخص اخر بالجلد والضرب بالسلاسل وتبشيط جلده بالامواس فتلك جريمة يعاقب عليها القانون. ولكن إن ضربت نفسك بنفسك وادميت جلدك فهذا ليس شيء مستحسن فحسب، بل ومطلوب في كثير من الاديان. لو كان هؤلاء يتمتعون بإيقاع الالم بأنفسهم ..فهل يختلفون عن الساديين والمازوخيين؟ كيف اصبحت حالة نفسية شاذه، طقساً دينياً تباركه الاديان ولماذا؟

في بريطانيا وتحديداً في مانشستر تجرى محاكمة لمسلم بريطاني شيعي اسمه حسين مصطفى زيدي بتهمة إجبار اثنين من اولاده المراهقين على المشاركة في طقوس جلد النفس بمناسبة العاشوراء الاخيره. تم استخدام السكاكين والأمواس الى جانب الجلد في هذه الذكرى السنويه التي تقام لتذكر مقتل الامام الحسين حفيد صلعم عند الشيعه فيما يسمى مذبحة كربلاء.

فبينما يقوم بعض الشيعه بضرب صدورهم حسب رتم معين اثناء اداء هذه الطقوس المصحوبه بالبكاء والعويل ينفعل البعض فيستخدم سكاكين ومشالب و خطافات ويجلدون انفسهم "ندماً" بالسياط والسلاسل. تصرف لايوصف بأنه متوحش فقط بل وبدائي جداً. للعلم فكثير من شيوخ الشيعه يحرم هذا الامر من أمثال حسين فضل الله.

خبر أخر قرأته في يناير الماضي في التايمز اون لاين عن البابا جون بول الثاني الذي وافته المنيه وبإنتظار إجراءات إعلانه قديساً، حيث قدم من ضمن الادله على تأهله لهذه المرتبة المقدسه التي ينالها الانسان بعد الموت هو أن البابا كان يجلد نفسه. يقول مونسيغنور او بالاحرى (مسيو) سلاومير اودير المسؤول عن أجرائيات القداسه ان البابا البولندي المولد كان يمارس جلد النفس منذ كان بطرياركاً في مدينة كراكاو وإستمر على ذلك حتى انتقل الى الفاتيكان وانتخب لمنصب البابا.

في نوفمبر الماضي شهدت الاخت (راهبه) توبيانا سابودكا والتي كانت تعمل على خدمته في شقته بالفاتيكان في المقر الصيفي للبابا في إقامة كاستيل غاندولفو بأن كانت تسمع صوت الجلد الذي يمارسه على نفسه قبل النوم في غرفته، وقد استمر على ذلك في الفترة التي كان بأمكانه أن يحرك يديه.

في سنة ١٩٨٦ ارسل البابا جون بول الثاني رسالة الى القساوسه كتب فيها" مالذي يجب ان يراه الفرد في انواع شكليات الندم والاستغفار- هي للاسف الشديد مستنكرة في أيامنا هذه- هوحب الله وتحويل المذنبين الى مؤمنين. من الذين عرفوا بتعذيب انفسهم بالجلد كانت الام تيريزا.

الخطير هنا ان بابا الفاتيكان الجديد ابابا بينيديكت السادس عشر يرسل رسالة للشباب الكاثوليكي المستثار جنسياً بأن علاج شهوة الجنس هو الضرب المبرح لإيقاع الالم بجسدك ولخلق جيل من السيكوباثيين الذين يمارسون الايذاء الذاتي.




قد تتحمل الاخلاق الانسانيه المعاصره هؤلاء البالغين يفعلون ذلك بأنفسهم ولكن ماذنب الصغار؟ إن محاكمة حسين مصطفى زيدي ليس لأنه مارس طقساً دينياً بل القسوه وتعذيب أطفال قصر.

أن هذا يثير تساؤلاً أخر، لماذا لانحب ان نرى الاطفال في هذه الطقوس، من منا يسعد برؤية طفل يتألم و يعاني، لا أحد إلا من كان مريضاً شاذاً. القانون واجهزة الامن تتدخل لتمنع وتحاكم إستغلال الاطفال الجسدي والجنسي، فماذا عن هذا؟




القاصر لايستطيع أن يتخذ قراراً واعياً ليوافق على القيام بذلك ونعتبره حريته الشخصيه، هذا القاصر قانونياً لايستطيع توقيع عقد يرتبط به قبل بلوغه السن المطلوب. هذا يعني أنه تجب علينا حماية الاطفال في مجتمعاتنا من هذه الطقوس، حتى لو كان آبائهم من الشيعة المتدينون ولايختلف الامر عن سلفي يحرم أطفاله اللعب والتلفزيون ويجبرهم على طقوس قاسية لحفظ سورة العاديات وهم في السادسه من اعمارهم. والتي لم اتمكن حتى الان من حفظها رغم إنني احفظ كثير من السور ..( والعاديات ضبحاً فالموبقات قبحا فرفسنا به نقعا حتى أوجعنا بطننا ضحكاً) .

إن كان إستغلال الاطفال وتعذيبهم وإغتصابهم يخلف آثاراً نفسية في حياتهم بعد الكبر ويتسبب بأمراض نفسيه. الانسان المازوخي او السادي يصبح كذلك كما تدل الدراسات النفسيه لأنه تعرض للأحتقار والتعذيب في طفولته؟ لقد أعترف حسين مصطفى زيدي بأنه كان يمارس جلد النفس والضرب الدامي بالزناجير عندما كان عمره ست سنوات في باكستان. فلماذا نقبل نفس ممارسة الشيء بحجة انه طقس ديني؟



وقياساً على هذا لماذا نقبل التلقين الديني للأطفال لغرس الخوف من الله وكائناته الخياليه. مالذي حدث لهؤلاء السلفيين والوهابيين بعد أن تم حقن أدمغتهم صغاراً بتلك الافكار الخياليه المخيفه وتعليمهم أن هنالك شياطين وعفاريت توسوس لهم وملائكة شريره تراقب تصرفاتهم طوال الوقت؟

يتساءل المرء كيف يعقل ان يحدث ذلك في عصر من هذا، في العصر الحديث وبكل التقدم التكنولوجي الذي فيه تتخلل هذه المشاهد حياتنا وكأنها فلاش باك من الماضي البربري العتيق الا يجب ان نرسم الحدود الفاصله كمجتمع ودوله لمنع هذه الممارسات ضد الاطفال.



عندما يكبر الطفل ويصبح بالغاً ويقرر طواعية وبرضاه ان يمارس طقوس جلد النفس وتعذيبها فلابأس ذلك شأنه، ولكن ذلك ينطبق على التلقين الديني فيجب أن يترك الطفل لحاله حتى يبلغ ويعقل ومن ثم تعالوا له وقولوا له ان هنالك رجلاً في السماء يراقبك وقد ارسل لك جنوداً تتجسس عليك من كائنات غريبه وهناك شياطين ومردة من الجن تسحرك وتتلبسك وعليه أن يجلد نفسه ويبشط جلده بالسكاكين والامواس..نعم فالنعلمه الدين بعد أن يبلغ وليس في الصغر ليتخذ قراراً عاقلاً. نعم اتركوا الدين والجلد عنهم واخبروهم عند البلوغ بأهميته ...ثم شوفوا إن صدقوكم.

بن كريشان

إرسال تعليق

1 تعليقات

‏قال Mohamed_CJ
بخصوص الابر الصينية.. هناك بعض الدراسات اثبتت ان احد انواعها على الاقل مفيد.. اتكلم عن دراية وعن نصيحة من استشاري اذن انف وحنجرة ومصدر المعلومة هو جايدلاين امريكي للعلاج في احد المستشفيات. .