الاثنين

هالو..واشنطن


الاسلام والعلم.. مرة اخرى



تقع مزرعة صهري بقرب قرية الختم التي تبعد عن مدينة العين بسبعين كيلومترا تقريبا بإتجاه الشمال الشرقي. وهي مزرعة للنخيل والبرسيم، وها انا اقود القصواء، او بالاحرى هي التي تقودني الى هناك هذا المساء، فمن جولاتي بالعمل من قرية الهير الى قرية غُمّض الى سويحان.. صارت القصواء تعرف طريق هذه السهول لوحدها

كان صهري قد بنى بيتا صغيرا بهذه المزرعه، صارت تستعمله العائله في اوقات الشتاء او للهروب من حر القيظ بالمدينه، كما نه بنى بها حوضا للسباحه يستمتع به الاطفال، هذه الصيف أخذوا امي معهم فعجبها المكان وقررت ان تبقى هناك الاسبوع كله، ليس هي فقط، بل حتى ميري الخادمه والسائق محمد وزيزبونه. كنت مريضا ومزاجي متعكر فلم اذهب معها ، فذكرتني بأن اهمالي هو السبب بمرضي ... وأنا اللي استاهل كل اللي يجرالي







أتصلت بأمي اليوم وقلت لها ان البيت خالي وأنا تعبت من الاكل بالخارج والطلبيات، فطلبت منى الحضور اليهم
وانا اقود ضحكت وانا أتذكر فصلا سببته لنسيبي هذا قبل سنتين، وهو ليس زوج اختي حصه بل الاخت الصغرى يسرى. كنت قد استعرت منه المزرعة وذهبت هناك ومعي فتاتين وعملنا پارتي وانتهينا بالسباحة سكيني ديپ ، يعني عرايا بالحوض، الاسبوع الذي بعده اتصل بي النسيب باكيا: ارجوك يابن ان تكلم يسرى..فأنا ليس لي دعوه بالشعره الشقراء التي اكتشفتها ببيت المزرعه..طبعا تحملت المسؤليه كرجل واعترفت لأختي ورغم ذلك وبعد مرور سنتين ما زالت تشك ان زوجها كان معي..مسكين

أختى يسرى هذه من النوع اللوام، طالعه كمايبدو على امي، فعلى العشاء بدأت بالتذمر : اننا نعتمد عليك ان تنتبه على أمنا وحضرتك تسافر كل شهر تقريبا وتتركها وحدها اذا كنت لا تستطيع تحمل المسؤليه فأنا اريد ان اخذ امي عندي بالبيت بلا بلا بلا ، وبينما انا أدافع عن نفسي واتحجج بالاشغال والارتباطات،أخذت امي العاطفه هي الاخرى فقالت تغالب الدمعه: والله يايسرى..إنه يسافر أحيانا ويتصل بي من المطار ليخبرني..هل هذا يجوز؟ ويراددني بالكلام .. ولاتقل لهما افا ولا تنهرهما...لاحول الله مالذي اتي بي الى هنا؟ والله طلبيات مطعم الخروف الذهبي افضل من الاستماع لكل هذ
التلويم







محمد..يووو محمد! ..قفزت من النوم هذا الصباح على هذا الصوت ظانا انني أحلم..ولكن سمعت الصوت القوي: يصيح يامحمد حسبي الله.. اين أنت؟ إنه صوت امي وكأنه يخرج من مايكروفون، وعندما خرجت الى ساباط البيت الصغير اي البلكونه الارضيه ، وجدتها هناك ، لم اصدق عيني أمي تحمل مكبر صوت ميڠافون من ذلك الذي يستعمل في المظاهرات وتصيح به ، تنادي على محمد السائق الذي كان مع عمال المزرعه بالجهة البعيده. أمي قلت لها: ماذا تفعلين لقد أخفتيني؟ وسألتها من اين لك هذا الشيء؟ فقالت: أعطتني اياه يسرى، انه مفيد فبدل ان تمشي في هذه المزرعه الكبيره وانا رجلي توجعني..انادي فيه ويسمعك كل احد، مثل مايسمع الناس اذان المسجد. وكيف عرفت استعماله يا امي؟ قلت لها. إنه بسيط، أجابتني .. تضغط على هذا الفص وتتكلم من هنا..وجدت زيزبونه مرعوبة هي الاخرى من صوت مكبر الصوت وقد تسلقت جدار السور..قضيت الصباح اطاردها لتنزل، من جهة لأخرى

في مساء ليلة رائعه تتللأ بنجومها ومن بعد بعض كؤوس من الڦودكا.. التي أخفيت زجاجتها في القصواء وشربتها بأستخدام إستكانة الشاي الخليجيه، وهو كاس صغير الحجم ، فمن مميزات سيارة اللاندكروزر، ثلاجتها الصغيره ، وكما قالت المطربه اللبنانيه المربربه مروه: ماشربش الشاي..اشرب ڦودكا انا وبعيدا عنهم..وبينما تنام زيزبونه على حجري.. جلست اكتب

من التعليقات والرسائل التي استلمها خاصة من الاسلاميين تبين لي بأن لديهم تشوشا في فهم معنى العلم. وان كنت قد كتبت قبل اسابيع قليلة عن الاسلام والعلم الا إن رؤية امي تستعمل مكبر الصوت أوحي لي بخاطر مختلف. من بين تلك الرسائل التي استلمتها عن ذلك الموضوع ،واحدة كتب احدهم يتهمني اولا بالعماله لواشنطن وانني في الواقع مجرد جاسوس للسي اي ايه، التي جندتني وثانيا كل ذلك بهدف تضليل الناس عن دينهم فينسون ان الاسلام هو الدين الوحيد الذي شجع العلماء وادى الى تطور الغرب الذي قد سرق منا العلم.. الى اخر هذا الكلام الفاضي فأردت ان اثبت له بأن العلم أُكتشف في الغرب وليس في الشرق







ماحدث اليوم جعلني استوعب انه هناك فرق بين التكنولوجيا والعلم، فالتكنولوجيا اقدم من العلم وقد بدأت منذ تعلم الانسان إستخدام الادوات وقد كانت بداية بسيطه فمن اختراع ابره الخياطه الى صنع سنارة الصيد والمحراث حتى وصلت الى صنع الماكينه. فأن كانت أمي التي تكاد تفك الخط تستطيع ان تستعمل التكنولوجيا بسهوله ، ليس مكبر الصوت فقط بل الموبايل والريموت كونترول، فكذلك ايضا تمكنت شعوب قديمه من تطوير تكنولوجيات مختلفه فالصين وقبل ثلاثة الاف سنه كانت اكثر دول العالم في التطور التكنولوجي وهو صنع الادوات فمن صنع الزجاج والڤازات الصينيه الى الحرير..الى السيوف والورق والالعاب الناريه ..لابل رأيت في متحف بتايوان ان الصينين كانوا يصنعون حتى ادوات لحك ظهورهم

العلم شيء مختلف عن التكنولوجيا اذا. وليس لدي شك بأن العالم كان سيتطور تكنولوجيا بدون العلم الى حد ما وان كان بصورة بطيئه. اعتقد ان العلم أدى الى تسارع التطور التكنولوجي منذ القرن الثامن عشر فقط ومكننا من تطوير تكنولوجيات بالغة التعقيد اليوم مثل الصواريخ العابره للقارات التي توجه بالاقمار الصناعيه . ولكن أصل التكنولوجيا تبدء من البديهه الفطريه للانسان ، من مراقبة الاشياء فأختراع الاله البخاريه تم بدون اية مساعدة من العلم. وجود التكنولوجيا ساعد كذلك على تطور العلم كذلك فصنع الات للقياس والمراقبه مثل المراصد اكسب العلماء معلومات جديده. في متحف قرطاج بتونس شاهدت ضمن المعروضات مرضعة اطفال من صنع فرعوني تعود الى الفين سنه قبل الميلاد وامواس حلاقه واقفال،شيء لم تصدقه عيني، في مدينة پومڀي الرومانيه القديمه شمال ناڀولي قبل الميلاد كان عندهم شبكة مجاري .. لا تجدها في كثير من بلاد الرمال وان كنت ستجد لدينا شبكات مخابرات



مراقبة الاشياء والبحث عن مسبباتها ثم التفكير في ردود الافعال العاديه من اصطدام الاشياء ببعضها وزيادة اوزانها ودفع بعض الأجزاء بغيرها هو تلك الفطره البشريه او البديهه التي اوجدت التكنولوجيا..ولكن ماهو العلم؟ وكيف يختلف عن التكنولوجيا؟

سأخاطر بقولي شيء هنا حتى لو أتهمني الاسلاميون بأنني عميل أمريكاني. مايسمى انجازات المسلمين العلميه في البروباڠندا الدينيه ماهو الا تطور تكنولوجي. المسلمون كانوا مثل الصينين والهنود متقدمين تكنولوجيا، وليس علميا. وكانوا مثل شعوب الشرق كلها غارقين في الخرافة والدين. اما التفكير العلمي الذي نعرفه اليوم والذي ليس هو التكنولوجيا فتطورعلى يد شعب واحد فقط في هذه الارض..وهم الاغريق

ألعلم ليس بديهه ولا فطره، بل يرفض الاعتماد عليهما. العلم لايعترف بمراقبة الاشياء بأستخدام حواسنا ولا يقبل مانراه عقليا و منطقيا امامنا.العلم ليس غريزة او طبيعة انسانيه بل هو معاكس لطبيعتنا في التفكير ومخالف لرؤيتنا للاشياء. وهذا هو سر اختلافه عن التكنولوجيا وسر صعوبة استيعابه وفهمه من قبل هؤلاء المؤمنين بخلق السموات والارض.. ويضرب الله الامثال للناس..وبن كذلك، فتابعوني

كان الناس يعتقدون بأن الشمس تجري في السماء. ولاعجب فهم يرونها ويشاهدونها بحواسهم واستنتجوا بفطرتهم انها تجري بالسماء. حتى أن القرءان ورب الرمال أخطأ بوصفه ان جريانها هو من معجزاته الخارقه..حتى أكتشف العلم ان دوران الارض هو مايعطي هذا الانطباع للناظر وان الشمس كما يظن المؤمنين لا تجري لمستقر لها ولا تجري بأمر من الله ..ولا بأمر من مديري المستر مايكل هايدن رئيس وكالة المخابرات المركزيه الامريكيه. مثال أخر عندما تضع مكعبات الثلج في مشروبك ليبرد، لو استخدمنا البديهه البشريه لأعتقدنا ان الثلج يبرد السائل..ولكن الحقيقه العلميه هي ان حرارة السائل هي التي تتدفق
على الثلج فتذيبه ، وهو شيء مختفي عن عينك


التفكير العلمي ليس مبرمجا في جيناتنا بل ذكاء مكتسب بالتمرين والتدريب وهو لذلك افضل طريقة لفهم العالم من حولنا واسلوب يتفوق على البديهه والفطره


التفكير العلمي ليس اعتقادا او ظنا يختلف عليه العلماء. مثل مايختلف علماء الدين فيما بينهم في بلاد الرمال. فمثلا يقول يوسف القرضاوي عن الاسلام والعلم ..وبجهاله واضحة بطبيعة الاخير

لا مجال في الاسلام لدعوى التعارض أو العداوة بين الدين والعلم، فالدين في الاسلام علم، والعلم فيه دين. كما تشهد بذلك أصول الاسلام وتاريخه جميعاً. فالدين في الاسلام علم، لأنه لا يعتمد على الوجدان وحده، بل يقوم على النظر والتفكير والفطره والاعتماد على البرهان اليقيني لا على الظن واتباع الهوى

فالاسلام ان اعتمد على النظر و الفطره والتفكير فهو بديهه وليس علما وهذا مايفسر الاخطاء العلميه التي تمتلىء بها الاحاديث والمصحف نفسه




طبعا السلفيون اضرب من ذلك لأنهم يقولون: العلم حرام محرم إلا ما كان موروثاً عن السلف الصالح! وطالما كان هناك اختلاف في الرأي فهو اعتقاد.. وليس بعلم

لايختلف العلماء الا في المجالات الجديده، التي ماتزال في طور النظريات، ولكن ما ان يكتشف العلم الحقيقه يبقى رأي واحد فقط..وتموت الاراء و النظريات الاخرى وتنتهي كما يقول رضى الله عنه الفيزيائي العالمي ماكس بلانك: لاتنتصر الحقيقة العلميه بأقناع معارضيها وهدايتهم..لأن المعارضه تموت بظهورها. رواه مسلم

في سنة ١٩٢٠ ظهر عالم اسمه الفريد واڠنر قال بنظرية علميه مفادها ان قارة امريكا الجنوبيه وافريقيا كانتا متصلتان ثم انفصلتا عن بعضهما على مدى مئات الملايين من السنوات. لاقت هذه النظريه عدوانية وسخرية من المجتمعات العلميه، حتى اثبتت هذه الحقيقه بعد اكتشاف مقاييس الحقول المغناطيسيه في الستينيات من القرن الماضي ..فخرس الجميع وماتت المعارضه. بينما في الاسلام مازلنا لا نعرف ان كان رب الرمال مع الشيعه او مع السنه، مع المالكيه ام مع الحنابله مع السلفيه ام مع الاخوان.. مع بن لادن ام مع العميل السري بن كريشان






لايخجل ولا يستحي المسلمون من انفسهم فيطلقون إفتراءات باطله بأن العلم اكتشف ان القرءان لايتناقض مع العلم وان العالم الانكليزي فلان والفرنسي فلتان .. قد أكدوا على علمية دينهم واطمئنوا بالكذب على انفسهم لتقوية ايمانهم و ابقاء اتباعهم. لايستطيع عالم يحترم نفسه اليوم ان ينكر بأن الجينيات تحتوي على شفرة البروتين التي تكوننا وهو البدايه لأكتشاف ، إن صح التعبير ، سر الخلق الالهي.. بينما طلع علينا الاسلاميون بخيبة جديده هي نظرية الاختراق الجيني بعد ان ثبت علميا وبما لا يدع ادني مجال للشك..ان اعتقاد اخوة الرضاعه الاسلامي ماهو الا مجرد خرافه، وكما قال الشاعر عنهم


اياك من كذب الكذوب وافكه...فقد مزج اليقين بشكه











أول فكرة علميه سجلها التاريخ كانت على يد ثاليس الماليتي في اليونان قبل ظهور المسيحيه والاسلام عندما أكتشف بأن الماء هو مايكون السحاب والثلوج وهي اشكال لمادة واحده. والفرق هنا انه لم يعتمد على الاعتقاد الديني او الخرافه مثلما كان صلعم يفعل بقوله ان السحاب يرسل محملا بالماء من السماء و يعصره الله حيثما شاء كرحمة منه بنا في البراري و القفار التي تكون بلاد الرمال. كان فكر ثاليس عباره عن خروج من زنزانة الدين ولأول مره يتم التركيز على الطبيعه ...وبمعزل عن الاله وبعيدا عن الاسطوره

لم يكن الاغريق يبحثون عن استخدامات تكنولوجيه عندما إبتكروا التفكير العلمي بل كانوا مولعين بالمعرفه فقط. لقد كان ثاليس هو الذي ابتكر علم الرياضيات معتمدا على نقله لمباديء الحساب الفرعوني. أما اليوناني فيثاڠاروس فقد أخذ اساس الهندسه من البابليين وحوله الى علم اجرائي وهو من قال بأن مثلث قائم الزاوية يكون مجموع مربعي طولي الضلعين المحاذيين للزاوية القائمة ويساوي مربع طول الوتر، ثم هناك اقليدس الذي اكتشف العناصر وارخميدس الذي اكتشف نظرية الطفو وان كمية الماء المزاحه تساوي وزن الجسم المغمور الخ..كل هذه الانجازات العلميه تمت بالتخلص من الميثولوجيا والدين ولكن وفي نفس الفتره فالنسمع لما قاله فلاسفة الصين المتأثرين مثلنا بالثقافة الشفهيه وهذا نص عن الفيلسوف الصيني مو- زي من القرن الرابع ميلادي
إن طريقة معرفتنا لوجود شيء من عدم وجوده تعتمد على شهادة أكثر الناس ومارأوه بعيونهم وسمعوه بآذاناهم،فأن قالت الاغلبيه انهم شاهدوا ارواحا شريره فهذا يعني انها موجوده فعلينا ان نذهب الى القرى والمدن ونسأل الناس عما شاهدوا وسمعوا

والان قارنوا هذا مع مانسميه علوم الدين في بلاد الرمال و التي تعتمد على النقل الشفهي مقابل ما انجزه اليونان قبل الميلاد..فالفرق ان اليونان تمكنوا من خلق نظام تفكير معارض و مخالف لطبيعتنا وبديهتنا وحدسنا وفطرتنا وهو امر يحتاج الى تمرين وانضباط للتمكن من استخدامه للوصول الى الحقيقه وليس كما قال المطرب السعودي طلال مداح: حكم ضميغك.. قبل ما تحكم عليا وهكذا فالعلم الذي نعرفه ولد في الغرب ، في اوروڀا، في اليونان..ولم يسرقوه عنا.. كما قال صاحب الايميل الذي أكتشف كذلك انني جاسوس امريكي

العلم يستخدم النظريه والتجربه والأحصاء واستقراء النتائج وتحليلها للوصول لأدلته.. وليس الهوى واقوال السلف والكتب التي أنزلتها الالهه. العلم اليوم وبكل مافيه ينكر وجود رب الرمال..ولكن البديهه البشريه والفطره.. هي التي تقودنا اليه كل مره














والان استودعكم الله.. فقد حان وقت ارسال تقريري الى وكالة المخابرات المركزيه...هالو واشنطن

بن كريشان

ليست هناك تعليقات: