الاثنين

هل تؤمن بالله؟

إذاً تعال هنا فقد نجد لك علاجاً.



قبل ايام دعاني بعض الاصدقاء الى دبي لحضور احتفالية يوم القديس باتريك في القريه الايرلنديه وهو مطعم وبار كبير يقع في استاد التنس . الاحتفال بعيد القديس باتريك مناسبة ايرلنديه تحدث في السابع عشر من مارس من كل سنه. القديس باتريك يعتبر القديس الراعي والحامي لإيرلندا ويرجع اليه نشر المسيحيه بين الوثنيين في ايرلندا. بدأ هذا كعيد كاثوليكي ثم تحول في مابعد الى إحتفاليه علمانيه تمثل على الاغلب شخصية وثقافة الشعب الايرلندي.

يقال ان القديس باتريك كان يستخدم نبات
الشمروخ الثلاثي الاوراق ليشرح الثالوث المسيحي لهؤلاء الوثنيين فبالتالي اصبح اللون الاخضر هو لون هذه الاحتفاليه واصبحت ورقة الشمروخ هي شعار ايرلندا اليوم.

يحتفل الايرلنديين حول العالم بهذا العيد، وفي الامارات تقيم الجاليه الايرلنديه حفلات راقصه بهذه المناسبه ومن اهمها هذا الذي يقام في القريه الايرلنديه ايريش فيليج في دبي. كنت هناك في هذا اليوم والتقطت بعض الصور بين كؤوس البيره ارجو ان تنال اعجابكم.

يعتقد كثير من الناس ان القديس باتريك ليس بقديس حقيقي وولم يكن له وجود، فهو ليس احد الرسل او الحواريين ويظن البعض انه من جراء تحوير للديانه القديمه للشعوب الايرلنديه والايسلنديه وقد يكون احد الهتها القديمه.



تساؤل اليوم هو كيف يمكننا ان نعرف ان شيئاً ما موجود فعلاً؟ وإذا لم نستطع التحقق من وجوده ايجعله ذلك غائباً عن الوجود اي انه غير موجود. وهذا يقودنا بالتالي الى التعرف على حالتين متعاكستين وهما الوجود و عدم الوجود.

لو قال لي احد ان عنده سيارة فيراري يحتفظ بها في كراجه او في المرءاب ولكنك تنظر فلاتجد هذه السياره، فقد تقول انها غير موجودة داخل الكراج، ولكن قد تكون موجودة في مكان اخر. فوجود سيارة الفيراري قد يكون حقيقياً لأننا نعرف ان هذه السيارات توجد في العالم ويقتنيها بعض الاثرياء.

ماذا لو قلت لكم ان قطتي، زيزبونه هي قطة بثلاث رؤوس؟ قد تسأل نفسك ان هذ القطه قد تكون موجوده بشرط إنك تستطيع ان تراها، وتلمسها وتتأكد بنفسك من وجودها. ولكني هنا أقول لك انها بثلاث رؤوس ولكنك ايضاً لاتستطيع رؤيتها، ولا لمسها ولا حتى سماع مياو واحده منها. ستنكر وجود هذه القطه فلا يوجد في هذه الحياة قطط بثلاث رؤوس كما ان وجودها خارج عالم الاحساس وخارج عالم المنطق يجعلها غير موجوده.


هذا لايحتاج فلسفه وكلام كثير فتاموجود موجودٌ من خلال ادلة على وجوده، وفي غياب الادله والاثبات فهو مجرد إدعاء خرافي ليس له وجود. هذا يعني ببساطه انه في انعدام الدليل والامثله بين حالة وجود وتواجد الشيء يجعل منه غيرموجود. ولهذا فأنت معذور في رفضك تصديق ان قطتي من النوع الذي لديه ثلاث رؤوس. وماذا لو قلت لك انها تطير ايضاً؟ ستعتبرني بالطبع هارب من العصفوريه.

ولكن لماذا لاتصدقني عندما اقول ان قطتي بثلاث رؤوس وتطير وتطلب مني اثباتاً مادياً شيء تستطيع ان تراه وتلمسه او منطقاً ودليلاً تستدل منه على هذه الامكانيه وتعتبر ما اقول إستحاله ، ولكنك في نفس الوقت..تصدق ان الله موجود؟ رغم ان ليس هنالك من دليل مادي، ولاعلمي، ولا رياضي على وجوده مثله بالضبط مثله مثل القطه ام ثلاث رؤوس التي تطير؟

المدهش ان الناس في ظل الظروف العاديه تستعمل بعض عقلها وتقبل المبدأ في رفض وإنكار وجود الاشياء السحريه العجيبه إلا في حالة الدين وعندما يكون هو الموضوع يتقبل الناس كل الهراء الذي يقال لهم. فيصدقون نملة سليمان الناطقه وموسى الذي يشق البحر و جبريل الذي ينزل الكتب من السماء والمسيح سبايدرمان الذي يمشي على الماء ويطعم خمسة الاف شخص من ثلاث سمكات هامور.


لماذا يفكر الناس هكذا ياترى؟ لماذا هذه الازدواجيه في المعايير ولماذا لايطبق الانسان نفس المنطق التفكيري على الاديان والمعتقدات الشبيهه؟

إذا قلت بأن القطه ام ثلاث رؤوس غير موجوده
وان الحوت الذي يطير غير موجود
وان الجبنه ليست موجوده على سطح القمر
وان بابا نويل غير موجود
وان الله غير موجود

فيقول المؤمن ستوووب، لحظه يابن كل ماقلته صحيح الا هذه، فالله هو الوحيد الموجود بين هذه الاشياء المستحيله. ولكن إذا كانت القائمه كلها غير موجوده فلماذا تعطي إستثناءً لشيء واحد فيها فقط؟ ولا هو على راسه ريشه؟

وعلى فكره هذا الاسلوب يستخدم بين الاديان وبعضها، فيضحك المسيحي على معجزات الاسلام ولكن عندما يأتي الامر لمعجزات دينه فيحاول تصويرها بصورة عقلانيه وكأنها ممكنه، ونفس الشيء ينسحب على العكس او حتى بين السني والشيعي.


ولكن لماذا الله والدين هو المستثنى الوحيد من كلام الخرافات الغير معقوله؟ لماذا وقبل الاحتجاج والتبرير لكل هذه المستحيلات الغير طبيعيه ان يبدأوا على الاقل بأن يرونا اين يوجد هذا الله، وكيف نعرف بوجوده من خلال شيء مادي كدليل او شيء عقلي خال من التناقض او من الممكن اثباته بالمجسات والمسابير والمختبرات. ان هذا لايختلف ابداً عما يدعيه كل اصحاب الاديان عندما يحاججون بعضهم فكل يقول ان ماعنده مختلف وبالتالي اكثر صحة بالرغم ان المقارنه لاتعطيني اي شيء يجعل ادعاء الهندوسي من حيث إحتمال صحته افضل من إدعاء المسلم. كلهم لديهم كائنات تطير وتسحر وتقوم بخوارق للطبيعه وكله كلام فاضي.



لو كنت انا في غرفة وكنت انت في غرفة اخرى فناديت عليك : "احضر لي كتابي الذي على الطاوله الجانبيه تحت الاباجوره. " تبحث انت وتنظر فالطاوله موجوده والاباجوره موجوده ولكن لايوجد هناك كتاب عليها. فتبحث في الغرفه كلها فلاتجد هذا الكتاب. وهنا تصل الى إحتمالين هما:

الاول: هذا الكتاب غير موجود في الغرفه..أو
الثاني: هناك كتاب سحري لايراه احد ولانحس به و بإمكانه ان يطير ويخترق الزمن.

اي الاحتمالين اسلم واقرب للصحه، أتقوم بخلق وجود لشيء غير موجود؟ اليس هذا ماتفعله بنفسك عندما تصدق بأن رب الرمال موجود ضد كل الادله النافيه لذلك؟

المؤمنون يجدون كل الذرائع ليثبوا ان الهتهم موجوده..مع انها ليست موجوده..ولنغير الكلم قليلاً: المسلمون هم من يقول ذلك مع تناثر حججهم وتحطمها فهم يلتزمون بالعقيده التي تعقد لسانهم لتنطق بما يريدون ان يتخيلوا...وهو ان ربهم موجود.



كنت اتابع المقالات التي كتبت بمناسبة وفاة الفيلسوف العربي المصري ( وربما الوحيد الذي عندنا) فؤاد زكريا والذي اهتم كثيراً بأزمة التفكير العلمي والعقلي في بلاد الرمال فقرأت له هذا :
ليس التفكير الصحيح هو حشد المعلومات العلميه ومعرفة طرائق البحث في ميدان معين من ميادين العلم. التفكير هو طريقة في النظر الى الامور تعتمد في اساسها على العقل والبرهان المقنع بالتجربة او بالدليل. وهي طريقة ممكن ان تتوفر لدي شخص لم يكتسب قسطاً من التعليم ولم يتخصص في فرع من فروع العلم كما يمكن ايضاً ان يفتقر اليها اشخاص توفرت لهم المعارف العلميه ويحملون كثيراً من الشهادات.




نحن لدينا عقل، نفهم بواسطته ان الشيء يا إما موجود يا إما غير موجود. ليس هنالك منطقة وسطى بين الاثنين. الكرسي موجود وانا اعرف انه موجود لأني اراه والمسه واعرف انه كرسي. لايمكن ان يكون هناك كرسي وفي نفس الوقت غير موجود أمامك اليس كذلك؟

ببساطه الوجود هو الوجود وعدمه هو الغير موجود، اما رب لانراه ولا نحس به ولايسمع الدعاء ولايتدخل في شيء ولا نشعر به ولايمكن ان نصل اليه...وفي نفس الوقت هو موجود؟ الاقرب للعقل هو انه غير موجود أو لم يكن موجود أصلاً.اما صفاته فهي متناقضة تلغي بعضها بعضا مثل صفة القدره والعلم. فإن كان عالماً بكل شيء فسيعرف إن بن كريشان سيشرب البيره في عيد القديس سانت باتريك ، ولكنه لايستطيع أن يمنعني من ذلك..لأنه إن فعل فلن يكون عالماً قبل ستة ملايين سنه عندما خلق الارض..إذاً فهو غير قادر..لذا فوجوده استحاله كمن يقول ان هناك دائرة مربعة الشكل.



إذا مازلت بعد هذا تتخيل وجود الله..فانت بحاجة الى علاج.


بن كريشان

ليست هناك تعليقات: