أفضال النعال..في بلاد الرمال




يحس المرء بفضل الله و منته عليه في بلاد الرمال، بعد ان يعود اليها من صقيع اوروبا و يلبس نعاله. و هذا ماحدث لي بعد ان تخلصت من ذلك البوت الثقيل الذي كان يحمي رجلي من برد الزمهرير في ربوع فيينا و سالزبورج. عندما لبست نعالي احسست ان رجلي خفيفه و مرتاحه. فالنعال ياخواني من صميم ثقافة بلاد الرمال و مرتبط بشريعتنا و تاريخنا العريق، مثله مثل العمائم التي تناولتها بالبحث و الدراسه في مقال سابق، لذا سأحدثكم اليوم عن – بعض الموسيقى التصويريه هنا - : النعال

تنتشر بدعة في بلاد الرمال و خاصة في العين بأن يقول الانسان كرم الله السامع قبل ان ينطق بأسم بعض الاشياء الحقيره في الاسلام مثل المرأه و الكلب والنعال..و لكن هذا فكر دخيل و مغلوط..فالنعال بالذات ، لها مكانة كبيره لدي سكان هذه الصحارى وقد ورد ذكرها في شريعة رب الرمال و رسوله الكريم و سأتي على ذكرها بعد قليل

يعتبر العرب هم اول من اخترع و صنّف النعال، و هي كلمة اقدم لغويا من كلمة حذاء، فالحذاء أتت من احتذاء الطريق اي المشي فيه ، اما النعل فيوردها مختار الصحاح بأنها مؤنثة و نقول رجل ناعل اي انتعل بمعنى لبس النعال. و في لهجات العرب يسمي الحذاء بأسماء كثيره مثل جوتي في الخليج، و جزمه في مصر و اسكربيني في لبنان و قندره و كندره في سوريا و العراق و البعض يقول صرمايه، و هو دائم محل و رمز للشتيمه فأديلوه بالجزمه اي اضربه و أهينه عند المصريين ، و هل كان سمير غانم هو من قال : هنا في مخ مش فردة جزمه ؟ لاحظ ان كل هذه المسميات دخيلة علينا فالقندره و الجوتي غير عربيه لا اعرف اصلهما و الاسكربيني من الايطاليه و الجزمه من التركيه. أما النعال فهو عربية خالصه متفق عليها، و نتذكر في العصر الحديث نعال أبوتحسين العراقي التي انهال بها على رأس تمثال صدام حسين في ساحة الفردوس امام كاميرات السي ان ان

و قد ورد في الاثر ذكر كثير عن النعل ، و ذكر أكثر عن نعال الرسول و عن الشرائع و السنن المرتبطه بالنعال و من وصايا الرسول صلعم لنا هذا الحديث
: أخرجه الإمام مسلم في صحيحه من حديث جابر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : استكثروا من النعال فإن الرجل لا يزال راكباً ما انتعل. و هذا يساوى فضل ركوب الدابه او الفرس فالنعال هو فرس من ليس له فرس. وقد قال ابن العربي - رحمه الله - : النعال لباس الأنبياء. و هذا يوضح تماما لماذا لم يخرج الانبياء في البلاد البارده و ظهر كلهم هنا.. في بلاد الرمال

كما ذكر أن من أسمائه صلى الله عليه وسلم في الكتب القديمة - صاحب النعلين- لأن لباس النعال عادة العرب. و قد قيل في وصف نعاله صلعم


أن نعله صلى الله عليه وسلم كانت مخصوفة أن طاقا على طاق ليس فيها شعر ولها قبالان . والقبال زمام النعل فكان صلى الله عليه وسلم يضع أحد الزمامين بين إبهام رجله والتي تليها والآخر بين الوسطى والتي تليها ويجمعهما إلى السير بظهر قدمه وهو الشراك وكان مثنى من سيرين . وكانت من جلود البقر مخصرة أي لها خصر ملسنة أي على هيئة اللسان معقبة أي لها عقب من سيور تضم به الرجل وقال بعض الحفاظ كانت صفراء ولبس الخفين ومسح عليهما صلى الله عليه وسلم


كيفية لبس النعال : طبعا النعال يشبه ما يسمى عند الغرب الكافر الصندل و هو انواع منه مايسمى سلايد لسهولة لبسه و منه مانسميه في الخليج زنّوبه و هو الفيب- فلوب بالانجليزي و لكن لا يستهين احدكم بالطرق الثابته و الصحيحه الواردة في الاثر كما امرنا صلعم و وضح لنا الشارع- الشارع يعنى المشّرع بالشده ، مب اللى تسوق فيه سيارتك ! – و الشارع هذا في كتب الفقه عندما يجد امرين متشابهين تماما او متطابقين يقول :
طابق‌النعل بالنعل


من سنن لبس النعال حديثه صلعم : إذا انتعل أحدكم فليبدء باليمين وإذا نزعها فليبدأ بالشمال لتكن أولها تنعل وآخرهما تنزع . و هذه نقطة مهمة جدا و ربما يتمكن الدكتور زغلول النجار من زغللة عيوننا بأكتشاف الاعجاز العلمي للبس النعال ابتداء بالفرده باليمين و خلعها بعد الفرده اليسار قريبا ان شاء الله

: و ازيدكم من الشعر بيت

نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ينتعل الرجل قائماً ، لذا تلاحظ المتشددين من الملتحين يلبسون نعولهم جلوسا.. مثلما يشربون الماء ..في جلسة القرفصاء


و النقطه السابقه تتكرر في سنن نزع او فسخ النعال فنسمعه صلعم في هذا المجال يقول
: إذا صلى أحدكم فلا يضع نعليه عن يمينه ولا عن يساره فتكون عن يمين غيره إلا أن لا يكون عن يساره أحد وليضعهما بين رجليه.لاحظ التعقيد الشديد في حل هذه المسأله فأن يسار المرء هو يمين غيره ! فحل المشكل هو ان تضعها بين رجليك فلا هو في اليمين و هو في لا في اليسار

تنتشر سرقة النعل في المساجد في الامارات يوم العيد ، فيذهب البعض الي المسجد لينتقي افضل و اغلى نعال ممكن فينتعله تاركا نعاله القديم هناك. و يؤدي هذا الي تأثير سيء يشبه تساقط احجار الدومينو ، فالذي لم يجد نعاله يلبس اي نعال يجده بمقاسه و يخرج و هكذا دواليك و البعض يعود بخفي حنين..و يحتفظ كثير من الامارتيين بنعال رخيص في صندوق السياره يلبسه قبل دخول المسجد حتى لايغري مافيا سرقة النعل في الامارات و التي عجزت اجهزة امن الدولة من الامساك بها حتى الان

في زيارة لمسجد سلطان أحمد المعروف بالمسجد الازرق في اسطنبول، سمعت احد المرشدين السياحيين يتكلم الي مجموعة من السياح الاجانب معه فيطلب منهم ان يخلعوا احذيتهم قبل دخول المسجد و أن يضعوها في رفوف الاحذيه خارج المسجد..ثم قال لهم ان لايخافوا ان يأخذها احد..فسرقة حذاء من المسجد تعتبر من أكبر الذنوب عند المسلمين!.. و عند الخروج ذهبت الي نفس المكان لأخذ حذائي فرأيت نفس المرشد بعد ان انتهي من جولته بهم في المسجد يقول لهم ان يأخذوا احذيتهم و اضاف مازحا: ان لم تجدوا احذيتكم حيث وضعتوها..فربما قد سرقها المسيحيون ! و لكن فالنضع ظرافة المرشد السياحي التركي جانبا ، فالدين الاسلامي فعلا يعتبر سرقة النعال من باب خيانة الامانه
، قال العلامة الوزاني المالكي - رحمه الله - :من أزال نعلاً من موضع ووضعه بآخر ضمنه،لأنه لما نقله وجب عليه حفظه. يعني لو حركت نعالا من رف المسجد لتجد مكانا لنعالك..فأنت ضامن لهذا النعال و لصاحبه كضامن الامانه تسأل عنها يوم الدين

طريقة حمل النعال في الاسلام مهمه كذلك و لها اصولها فعن نفس شيخنا العلامه الوزاني المالكي يقول - رحمه الله - في كتاب النوازل الكبرى : كثيراً ما يقع لبعض الطلبة حتى فقهاء التدريس أن يمسك النعل بيمينه،والكتاب بشماله أو تحت إبطه الشمالي،وذلك خلاف المطلوب عقلاً ونقلاً،وتفاؤلٌ لأن يؤتى كتابه بشماله،عياذاً بالله ..فيا أخوتي تذكروا النعال بالشمال و الكتاب باليمين لا تتفاولوا على انفسكم

و من اوامره صلعم ان لايلبس الانسان نعالا و احده و لا يلبس فردتين مختلفتين عن بعضهما
عن أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الشيطان يمشي في النعل الواحدة. و كذلك اخر : عن أبي هريرة أن رسول الله قال لا يمشين أحدكم في نعل واحدة لينعلهما جميعا أو ليحفهما جميعا اي ينزعمها جميعا – أعتقد ان قاهر الهمج قد سبق وعلق على هذه النقطه و هي من هو هذا المختل عقليا ليلبس فردة نعال واحده؟
و قد امرنا رسولنا الكريم ايضا ان نصلح النعال اذا انقطعت، و يوجد كثير من البتان و الاخوة الافغان قرب سوق المواشي في العين يصلحون و يرقعون النعال، فلا تحاول ان تمشي بنعال واحده يقول صلعم

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : اذا انقطع شِسْعُ أحدكم فلا يمش في الأخرى حتى يصلحها

و يجب الدعاء شكرا لله عندما نشترى نعالا جديدا فعند الإمام النووي في رياض الصالحين باباً كاملا لذلك اسمه
: باب ما يقول إذا لبس ثوباً جديداً أو نعلاً أو نحوه و فيه ثم ساق حديث أبي سعيد الخدري - : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا استجد ثوباً سماه باسمه - عمامة أو قميصاً أو رداء - يقول : اللهم لك الحمد أنت كسوتنيه أسألك من خيره وخير ما صنع له وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له - صححه الألباني - رحمه الله
فأذا اشتريت نعالا جديدا من محل المندوس فابدأ فاقرأ الدعاء هكذا : اللهم لك الحمد أنت كسوتنيه هذا النعال الايطالي ماركة تميمه من فرع محل المندوس بمول الجيمي أسألك من خيره وخير ما صنع له وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له

يسمى اهل الشام و المغرب النعال السبّاط و قد جهدت ان أعرف لها اصلا فتوصلت الي ان اصلها قد يكون النعال السبتيه التي كان الرسول مغرما بلبسها و هي نعال تصنع من جلود البقر و يحلق شعر البقرة عن الحذاء فتسمى سبتيه ، و كان صلعم يتوضأ بدون خلعها من شغفه بها

روى بشير بن الخصاصية قال: بينما أنا أماشي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا رجل يمشي في القبور وعليه نعلان،فقال:يا صاحب السبتيتين ألق سبتيتيك فنظر الرجل،فلما عرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلعهما فرمى بهما رواه أبو داود

روى بن خزيمة حديث ابن عمر في المسح على النعال السبتية،وما ذكره البيهقي من حديث زيد بن الحباب جيد، وقال أبو بكر البزار: ثنا إبراهيم بن سعيد ثنا روح بن عبادة عن ابن أبي ذئب عن نافع عن ابن عمر:كان يتوضأ ونعلاه في رجليه ويمسح عليهما،ويقول:كذلك كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعل وصححه ابن القطان
.
و لا تستغرب فالمسلمين الاوائل لم يكونوا يتوضؤون بنعالهم فقط بل كانوا يصلون و هم منتعلين

سئل أنس بن مالك - رضي الله عنه - :أكان - صلى الله عليه وسلم - يصلي في نعليه؟قال:نعم ،وقال - صلى الله عليه وسلم - :خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في
نعالهم ولا خفافهم

ارجو ان تسامحوني يا اخواني في الاطاله في هذا المقال..ففيه الافاده و كلما بحثت في المصادر كلما غرقت في اخبار و احاديث النعل و الجواتي، و لكنى لم اتطرق حتى الان الا الي الفكر الاسلامي السلفي ، و بما انني اريد ان أنتقل الي النعال في الاسلام الصوفي فدعوني انهي هذا الجزء بفتوى لجنة البحوث العلميه في مملكة الرمال الكبرى حول لبس الكعب العالي: و تأثيره المغري على مؤخرات السيدات و الذي يقع في باب الاحتيال و النصب على رجال الرمال المحرومين

سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عن حكم لبس الكعب العالي،فأجابت بأن: لبس الكعب العالي لا يجوز لأنه يعرض المرأة للسقوط،والإنسان مأمور شرعاً بتجنب الأخطار،بمثل قوله تعالى{ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة}وقوله{ولا تقتلوا أنفسكم}،كما أنه يظهر قامة المرأة وعجيزتها بأكثر مما هي عليه،وفي هذا تدليس وإبداء لبعض الزينة التي نهيت عن إبدائها المرأة المؤمنة

أما الان في الي عالم المتصوفه و صدقوني انه الجزء الامتع مماقرأت

: قال احد شعراء المتصوفه و هو الشيخ يوسف النبهاني

ونعـل خضعنا هيبـة لوقارهـا * فإنا متى نخضع لهيبتها نعلـو
فضعها على أعلى المفارق إنهـا * حقيقتهـا تاج وصورتها نعـل

: فنعل النبي هي تاج لنا، و قال شاعر صوفي اخر

وما حب النعال شغفن قلبي * ولكـن حب من لبـس النعالا

: و اورد المتصوفه كثير من الاشعار في وصف النعال النبوي و هذه من اشهرها
ونعله الكريمة المصـونه * طوبى لمن مس بهــا جبينه
لها قبالان بسـير وهمـأ * سبتيتان سبتوا شـــعرهما
وطولها شبرا وأصبعان * وعرضهما مما يلي الكعبان
.سبع اصابع وبطن القـدم * خمس وفوق ذا سـت فأعلم
.ورأسها محدد وعـرض * بيـن القبالين ضبطـــــــهما
.وهذه مثال تلك النعـل * وذرعهــا أكرم بها من نعل
. هذا وقد كتبت كتب متعدده على مر الأزمان من قبل المتصوفه في نعال النبى صلعم منها

جزء تمثال نعل النبي صلى الله عليه وسلم للأمام الحافظ بن عساكر -
قرة العينين في تحقيق أمر النعالين لمحمد بن عيسى المقري -

النفحات العنبريه في وصف نعلي خير البريه الأمام أبو العباس المقري -
فتح المتعال في مدح النعال نفس المؤلف السابق-
و قد سمعت ان هذا الكتاب يدرس الان في كلية الامام مالك بدبي على يد الدكتور عيسى المانع

و في الهند قام العالم المسلم الشيخ اشرف علي تهماوي بتأليف كتاب و بحث خاص في الموضوع عن التداوي بنعال النبي صلعم نال عليها الدكتوراه من جامعة ديوبند الاسلاميه اسمها :
نيل الشفا بنعل المصطفى
وقد بلغت الكتب و المصنفات في نعلي الرسول عند اهل الصوفيه الى أكثر من خمسين مصنفا

وامتدح النعل كثير من الأدباء الاسلاميين. فمنهم أبو الحسن ابن سعد البلانسي وأبو أمية إسماعيل بن سعد السعود بن عفير وشرف الدين بن لسيمان الطنوبي المصري وأبو الحكم بن المرحل السبتي والحافظ أبو عبد الله محمد بن الأبار القضاعي البلنسي والحافظ أبو الربيع سليمان الطلاعي وعلي أبو الحسن الرعيني وعلي أبو الحسن بن أحمد الخزرجي والإمام أبو الخير محمد بن محمد الجزري والحافظ أبو عبد الله محمد بن رشيد الفهري السبتي والعلامة أحمد المقري ولهم في ذلك القصائد الطويلة المشتملة على عظيم الثناء والتوسل والتبرك بمثال نعاله صلى الله عليه وسلم

و اسمحوا لي ايها الاخوان فالمصادر تهيض على كلما بحثت و صار عندي مايسمى بالانجليزيه انفورميشن اوفر لود ، و مازال هناك الكثير و كان بالامكان تغطية موضوع النعال عند الشيعه ايضا و لكني اكتفي بهذا المقدار الهني.. في اخبار نعال النبي.. و اذكركم بشاعر الرمال القديم حين قال

امة لو صفع النعال وجوهها * صاح النعال بأي حق اصفعا
او شيء من هذا القبيل

ميري كريسماس

بن كريشان



إرسال تعليق

0 تعليقات