الاثنين

لماذا نرى عيوب الاخرين..ولا نرى عيوبنا؟




لا أصدق انه كتب أيضا انك متهور مستهتر و غير مبالي بسلامة العمال..قال المهندس خالد و هو يقرأ..ماذا يعرف عنك هذا الرجل ليصفك بهذا؟
عادي ياباشمهندس أجبته: بأمكان احدهم ان يحسب مواقع النجوم و الكواكب في تاريخ مولدي.. ثم يستنتج كذلك بأنني اناني و متكبر و متهور بدون ان يعرفني

بس الحق عليك ايضا يابن كريشان..لم يكن هناك من داعي لأن تجاوبه بتلك الطريقه قال خالد

هذا الاسبوع، صدر بحقي انذار من قسم إدارة المخاطر بالشركه لعدم تقيُدي بأجراءات السلامه الجديده و الحكايه.. كالتالي

لدينا هذا الموظف الذي لم يفلح في شيء ، اسمه شوقي، لم يكن له شغل و شاغل في العمل الا انتقاد الغير..كانت هذه هي الموهبه الوحيده التي لديه، فهو يرى عيوب الناس، قبل ان يرى الصورة كاملة. كانوا ينقلونه من قسم لأخر، و كل مره تنتشر في المكان الذي ينتقل اليه ، الكآبه و يزعل الموظفين من بعضهم البعض، بينما يستمرهو في النميمه و تقنص أخطاء الغير

شوقي اصلا موظف فاشل..ولو كنت المدير التنفيذي للشركه لعينته مديرا اقليميا لعمليات مسح الغبار عن الات النسخ و الزيروكس بالمكاتب حتى لا يختلط بالبشر فلا يرى عيوبهم. وأخيرا و بعد ان فشل في كل وظيفه، ارسلوه في دوره للرقابه على مخاطر العمل، عينوه بعدها مفتشا لهذا القسم الجديد على اساس ان الشركه بسلامتها، تريد ان تحصل على شهادة الازيو والتي تتطلب استحداث أجراءات للسلامه..ماذا تريد شركة بحجم شركتنا ان تفعل بهذه الشهاده؟ لقد اصبحت موضه قديمه ان تحصل على شهادة الايزو..اليس كذلك؟ لقد سمعت إنه حتى حبيب القراشي صاحب البقاله القديمه بمنطقة المويجعي، فاز هو الاخر بالايزو

شوقي لايطيقني ، لا اعرف لماذا بالضبط؟ ربما بسبب شيء فعلته منذ زمان..أتذكر اول ماظهرت سماعات البلوتوث للموبايل . كان شوقي يرتدي واحدة على اذنه طوال اليوم، من تلك التي تومض كل ثانيتين بلون ازرق، فلمحته صباح يوم وهو يحاضر كعادته في موظفي قسمه المتملمين و هو يعد في أخطاء كل واحد و واحدة منهم، فجئت من خلفه.. و صحت بصوت عال:صبآآآح الخير ياشوقي ، فقفز مذعورا: يا أخي لماذا تصرخ هكذا؟ انا لست بأطرش ، قال لي.. عفوا أجبته: ظننتها سماعة من تلك التي يستعملها ضعيفي السمع؟ إنفجر موظفوه ضحكا.. لم يغفر لي شوقي تلك المزحه
*****

هذا الاسبوع حدث فاصل بيني وبينه .. أطل علينا شوقي في تفتيش مفاجيء وقد ارتدي لزوم العمل الجديد ، على راسه قبعه واقيه من البلاستيك مثل التي تستعمل في مواقع التشييد و البناء، وقد ربط على زنده شريطا مكتوب عليه ،إدارة تفتيش المخاطر . كنت انا مسؤول الفريق وكان برفقتي المهندس خالد، و إثنين من العمال و كنا نقوم بعملية صيانه بسيطه في محطه الهَير وكنت مشغولا جدا فأصر على ان اتوقف و انزل..لذا كنت غاضبا نوعا ما

ماشاء الله يابن كريشان! قال شوقي..انت المسؤول هنا فكيف لا يرتدي احد معك قبعة واقيه؟

فقلت له: قبعات واقيه؟ لقد انشأت هذه المحطه منذ سنين جدي رحمه الله.. الشيء الوحيد الذي قد يسقط على نافوخك هو ذاك البرص الميت الملتصق بالسقف..انظر انه هناك منذ سنتين

شوقي بجد: لا تتهرب من السؤال يابن كريشان، انت تعرف جيدا ان إجرءات السلامه تتطلب ان نرتدي الواقيات أثناء العمل

بن: الواقيات! ..أنا ألبس الواقي قبل ممارسة الجنس دائما..وكذلك الباشمهندس خالد..صحيح ياباشمهندس؟
المهندس خالد .....يكبت ضحكات محبوسه بدأت تغالبه

شوقي غاضبا: بلا إستهبال ..انظر و أخبرني ماهذا؟ واشار الي عتبة صغيره، بنيناها لحماية الاجهزه بعد موجة الامطار الاخيره

بن كريشان:
هذه.. عتبه

شوقي: اعرف انها عتبه.. أين علامة التحذير؟..ماذا لو دخل احد هنا و لم يرها، و تكعبل و وقع… مالذي تعتقد انه سيحدث له؟

بن كريشان: أممم..أعتقد انه سيقوم..ويقف مرة ثانيه؟

لم يتمالك خالد نفسه وفلتت ضحكته..فغادر شوقي المكان بعد ان قال حسنا..أنت لا ينفع فيك الا شيء واحد…انتظر التقرير

ثم خرج غاضبا وقاد سيارته مغادرا.. بدون ان يربط حزام الامان


الرقابه و التفتيش وظيفه تناسب متصيدي الاخطاء ، لا اقول انها ليست عملا مهما و لكن اعتقد ان أفضل من يفلح بها هم من نوعية شوقي..الذين لا يرون الا الاخطاء و العيوب في الغير


ألا تلاحظون ان المسلمين كذلك يجدون سهولة كبيرة في تصيد الاخطاء و العيوب في اديان الغير..ولكنهم لا يرون أخطاء و عيوب مماثله في دينهم

بدأت استلم ايميلات مؤخرا من احد المجهولين الذي ينشر كتابات معاديه ضد المسيحيه او كما يحلو للمسلمين تسميتها النصرانيه. و النصرانيه كما تعلمون هي مذهب مسيحي قديم مندثر اسسه توما النصراني و كان المسيحيون يعتبرونه خارجا عن المله و مكفرا..فلجأ اتباعه الي شبه جزيرة بلاد الرمال قبل البعثه الصلعميه. و لكن المسلمين يستعملون كلمة نصراني بطريقتهم العنصريه لتحقيرالانسان مثلما كان البيض في امريكا يسمون السود زنوجا او نيجرز ، و هاهو السني يسمى الشيعي رافضي و يحقر الشيعي السني بتسميته ناصبي في حمي عنصرية دينيه بغيضه



هذه الايام يوجد كثير من مواقع الانترنيت و شبكات الاراء التي تظهر يوميا في بلاد الرمال لغرض واحد الا وهو انتقاد أديان و مذاهب الغير. فمنها من تنتقد المسيحيه و منها من تنتقد المذهب الشيعي و منها ما ينتقد السنه و الكل يقدمون امثلة على عدم صحة و منطقية هذه ضد تلك….و لكن من اين لنا ان نعرف إن رب الرمال مع أولئك؟.. ام مع هؤلاء؟



حاول ان ترى هذه الامور من الخارج

من السهل على المسلم ان ينتقد المسيحيه و اليهوديه بناء على المعايير و الاسس التى يعتقد بها هو و يظن انها صحيحه

ومن السهل كذلك على المسيحي ان يرى عيوب الاسلام ، عندما يقارنها بمعاييره هو التي نشأ عليها

و من السهل جدا على الهندوسي و البهائي كذلك ان ينتقد الاثنين كل حسب معاييره الخاصه

و لكن هل صحيح ان هذه المعايير و الاسس لها بالاصل سند منطقي او دليل يمكن الاخذ به؟ أبدا اعزائي فهذه المعايير اشبه بفيشة الكهرباء و التي تختلف من بلد الي اخر

لماذا نصدق ان ملاكا ظهر في كهف في رأس جبل و قال لصلعم إقرء باسم رب الرمال..ولا نصدق ان نفس الملاك طلع لميرزا محمد لوح الباب في ايران و قال له : فركش فركش خلاص.. ان الدين الحق اصبح الان البهائيه وليس الاسلام..لماذا نصدق ان رب الرمال كان يعمل باربيكيو فوق جبل سيناء عندما ذهب اليه موسى ليأتي منه بقبس او ولعه..فقام بأعطاء موسى احدى عشر لوحا..كتب عليها وصاياه..ويحكى ان احد الالواح وقع من موسى و انكسر بعد ان تكعبل النبي على عتبة صغيره فوق الجبل، لم يوضع امامها تحذير.. لذا فلم تصلنا اليوم الا عشر فقط من وصاياه القيمه




يعتقد المسلم ان الأناجيل و التوراه كتب محرّفه اي مزوره.. روايات احاديث البخاري لا يصدقها الشيعي مثلما يعتقد السنى ان قدسية الائمه الاثنى عشر..مجرد فالصو..كما قد لا تصدقون انتم ان مخلوقات فضائيه اختطفت الفيس بريسلي .. و ان الايف .بي .اي. تتخفى على الموضوع.. مثل ما يتخفى السنه على موضوع ولاية آل البيت

لو وضعت هذا كله في سلة العقل، فليس لأي من هذه الأدعاءات قابلية للتصديق. عندما ينشأ الانسان طفلا في بلاد الرمال يربى على تصديق اشياء غير معقوله و قبولها كأيمان ، و يعاقب ان تساءل عنها..فيتوهم بعدما يكبر، انها معايير و انها حقائق لها اسس..يبدأ بعدها في انتقاد مايراه مختلفا عنها.. او مخالفا لها

من هنا تظهر أهمية الوعظ و الدعوه في الاسلام و غيره من الاديان و المذاهب...لتثبيت هذه ألأوهام بالمسامير في دماغ المؤمن. قليل من الناس يغيرون اعتقاداتهم التي ربوا عليها منذ الصغر، و الغالبيه منهم يقضون العمر يفنون سنواته في دراسة المئات من كتب التراث الدينيه في محاولات يائسه لتطبيق المنطق و العقل على ما ينافي العقل والمنطق. ان كلمة المعتقد و العقيده تشير فقط الي ما يصدقه الناس و الذي لايمكن اثباته،لا.. وحتى مع وجود ادلة كثيره تنافيه. أتعرفون لماذا يصعب التخلص من المعتقد او العقيده كما تسمى في مصطلح شيوخ الاسلام

ببساطه، لأننا عندما كنا صغارا و قبل ان تتطور ملكاتنا العقليه و قدراتنا التفكيريه..صب اباؤنا و امهاتنا هذه المعتقدات الخرافيه في عقولنا الصغيره..علمونا ان نصدق بدون اثبات..علمونا ان الايمان الاعمي هو الفضيله.. و ان الشك هو الكفر و الرذيله


لهذا السبب اصبح لدينا اديان و مذاهب مختلفه ..وللسبب نفسه تغرق بلاد الرمال في عنصرية دينيه و طائفية بغيضه تفوح عنفا و كراهية ..فنحن نرى عيوب الاخرين..ولا نرى عيوب انفسنا


بن كريشان


ليست هناك تعليقات: