رسالة باريس الرابعه

الاسلام ليس هو الحل


التقطت هذه الصوره بواسطة كاميرا الموبايل في متحف اللوفر و التي يبدو فيها شاب و حبيبته يسرقون قبلة محرمه قبل أن يراهم احد

استخدمت كلمة يسرقون و كلمة محرمه، لا شعوريا وكأن هذا الفعل خاطيء و مشين و غير مقبول أخلاقيا من المجتمع، عندنا صحيح! و لكن ليس هنا في فرنسا حيث يتبادل الاحبه القبل في الشارع لايعيرون بالا لأحد

لماذا يعتقد الكثيرون ان التدين و الالتزام به،هو معيار الفضيله والاخلاق الحقيقي ؟
لماذا يربط البعض التدين بالاخلاق؟ و لماذا لو لم تكن مسلما ملتزما بدينك، فلا يمكن ان تكون على خلق ؟ هل لأن الله الذي ألف دين الاسلام ، هو نفسه مؤلف علم الاخلاق؟! اليس ذلك هو السبب الذي يسمى من اجله كهنتنا انفسهم، بأصحاب الفضيله! لأنهم يعلموننا كيف تكون الاخلاق؟


التساؤلات أعلاه صحيحه في بلاد الرمال، فتصنيف اخلاقيات الشخص يعتمد على مدى التزامه الدينى،كما رأينا في مقال خالتي عبدالله

يدعى المتشددون و المتعصبون الاسلاميون، ان الاسلام هو الحل الشامل.. فهو حل سياسي و اجتماعي ولكنه يبدأ بأصلاح اخلاقي للمجتمع...و الاخير هو موضوع اليوم

الشيخ محمد بن عيسي رجل متدين ملتزم له لحية كثه كلحية حمورابي، وهو خريج كلية الشريعه و القانون بجامعة محو الاميه بالعين. كان يدعو الشباب الي الانضمام لأتحاد الطلبه الذي يسيطر عليه دائما الاخوان المسلمين، و كان يأتي الي ملعب الكره في الجامعه لينصح الشباب الذين يرتدون الشورت بارتداء الهاف الشرعي..وهو شورت بطول بنطلون البرمودا

تعّين بعد تخرجه في ديوان المحاسبه كمدقق علي الوزارات ، لمنع الاختلاس! و في هذه الاثناء أصبح خطيبا في المسجد بمجهوده الخاص، و تقربا لله، و بسبب بروزه .. تم ترشيحه و من ثم نقله الي وزارة الاوقاف، ليرأس الدائره الدينيه في احدى الامارات الشماليه.. و بعد سنه و نصف تم ضبطه بتهمة الاختلاس! لأنه كان يستلم راتبين من الحكومه في نفس الوقت، فراتبه من ديوان المحاسبه كان مازال يدخل في حسابه بالبنك... و لم يبلغ شيخنا عن الخطأ..في النهايه اجبر على الاستقاله و اعادة المبلغ لديوان المحاسبه

كيف لم تفيد دراسة الشريعه و الإلتزام و اللحيه الطويله الشيخ بن عيسى في بناء اخلاق اسلاميه عاليه؟

بوعبدالله و يلقب بصاحب السعاده، كان نائب رئيس مجلس الاداره لدينا بالشركه، وكان حريصا على موضوع الصلاه كثيرا، فليس هناك شيء أهم من الصلاة بالنسبة له في هذا العالم و كم كان يعطل كل اجتماع مره او مرتين لأقامة الصلاه.. مره بعد زيارته لأحد المواقع التي انجزتها، طلبني غاضبا، لأنني وضعت مدخل غرفة الصلاه عن طريق الحمّام.. فشرحت له إن مكان الوضوء بالحمام اصلا، و الموظفون يستطيعون دخول المصلى مباشرة، بدون ان يمشون والمياه تقطر منهم في الممر ، فهددني ان لم اكسر كل ما بنيت و اغيره فلن يحصل لي طيب ..و فعلت و تكبدت الشركه الخساره الماليه

بوعبدالله استقال فجأة من مجلس الاداره ، او عزل..بعد ان ثبت انه كان يحول المشاريع لشركة مقاولات يملكها مسجلة بأسم ابنه، كما انه يملك شركة دعايه كان يجبر قسم التسويق على لتعامل معها و كان قبل رحيله عّنا.. قد وظّف تسعه من اقاربه على الاقل في الشركه

كيف لم تمنعه صلاته من الالتزام بأخلاق عاليه؟

لو ذهبنا خارج بلاد الرمال ونظرنا لأ كبر عملية احتيال في تاريخ الشركات المساهمه و التي ادت الي افلاس شركة ورلد كوم و اغلاق ارثر أندرسون اكبر شركة محاسبه في العالم . كان الرئيس التنفيذي لورلد كوم، برنارد ايبس معروفا عنه انه مسيحي متدين جدا، و كان يجبرفريق ادارته على الصلاه قبل بداية اي اجتماع و كان يملك اذاعة للتبشير بالمسيحيه...كيف لم يمنعه تدينه من الاستيلاء على اموال المساهمين و الغش في السجلات المحاسبيه؟

و لابد انكم سمعتم كثيرا من القصص المشابهه.. فلم نرى هذه التناقضات التي يعيش فيها المتدينين؟ سأجيب على هذا السؤال لاحقا، فتابعوني

في الواقع ليس هناك اية صلة بين الأديان و الاخلاق..عندما بدأت الاديان لم تقم على الاسس الاخلاقيه بل كانت الطقوسيه هي محركها و دافعها الاول..أما الاخلاق و علم الاخلاق فقد كان سابقا للأديان

في متحف اللوفر مررت بلوحه اخرى للفضائل السبعه . الغريب انها مرسومه بشكل نساء، كل منهن تشبه صورة الالهه أثينا.. وهو الدليل على التأثير الهليني الوثنى في المسيحيه، ان اول من كتب هذه الفضائل السبعه كان رجل روماني مسيحي اسمه بروتينديس، و قد قسمها الي الفضائل الروحيه و هي ثلاثه أخذها من اقوال القديس بولس في كورنثيوس، و اضاف اليها اربعة فضائل أسماها الفضائل الكاردناليه، اي الوثنيه وهي تلك التي نقلها عن افلاطون ..وحتى التي أخذها من القديس بولس لها اصول يونانيه قديمه وهذه اول مره يظهر فيها نقل الاخلاق الي المسيحيه في القرن الرابع الميلادي من الفلسفه و الحضاره الهلينيه و التي ورثتها عن الاغريق

أما الاديان ، فقد اعتبرها كثير من الفلاسفه و المفكرين العالميين مثل هيوم و نيتشه و فرويد وماركس و فولتير.. لا أخلاقيه.. لأنها تسبب الحروب و الكراهيه و تشجع قتل الناس و تمارس التفرقه بينهم ، وهي شر يستغله الظالمون و الطغاه على مر التاريخ فكانت الاديان تحرق الغير مؤمنين بها و تعذبهم و تعتبر الجسد اثما، وتحتقر المرأه.. و ما محاكم التفتيش و هيئة الامر بالمنكر و النهي عن المعروف و قطع الرؤس بالسيف و بتر الايادي و رجم الانسان بالحجر حتى الموت حسب الحدود الاسلاميه المسروقه من تراث اليهود الغابر، الا أمثلة قليله على الوحشيه و اللا اخلاقيه الموجوده في الاديان

هناك تصنيفا في الشريعه الاسلاميه لطبقه اسمها- ماملكت ايمانكم - تباع و تشترى، وتنتهك جنسيا حسب رغبة المالك.. حتى عندما اجاز الاسلام تعدد الزوجات قال: فانکحوا ما طاب لکم من النساء مثنی وثلاث ورباع فان خفتم الا تعدلوا فواحدة او-مائه وعشرين من- ما ملکت ایمانکم . فهن سبايا الغزوات الاسلاميه على القبائل التي رفضت الدعوه يعاقبن بجريرة ازواجهن و ابائهن الذين قتلهم المسلمون..اين الاخلاقيات الاسلاميه في هذه الهمجيه؟

يقول محمد صلعم مادحا نفسه: انما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق و وافقه ربه بقوله :وانك لعلى خلق عظيم ، و نسمع كيف انه قال لبنى هاشم بعد فتح مكه :اذهبوا فأنتم الطلقاء.. الا انه في نفس الوقت أمر بقتل قانيتين، اي جاريتين بمكه كانتا تنشدان شعرا يهجوه..مع العلم انهما لا تملكان امرهما... فهما من طبقة ما ملكت ايمانكم..اين الاخلاقيات الاسلاميه هنا؟



الوهابيه- دين بلاد الرمال الجديد يصبغ الاسلام في هذا العصر بصبغة المدراش اليهودي القديم، و مهوس مثله بفكرة التوحيد، كتعصب التلمود لوحدانية يهوه ، ولا يرى في العمل الصالح فائدة ، كما كان اليهود يعتقدون، الا اتباعا للطقوس..حسب قول حديث مختلق" لا يدخل ابن ادم الجنة بعمله "

الوهابيه بلغت من الهمجيه بمكان انها جوّزت في هذا العصر و في كتاب اسمه المجموع الثمين لإبن عثيمين 1/126 استباحة دماء واموال المشركين بالدين من المتصوفه و الشيعه و المحتفلين بالمولد النبوي و ليلة النصف من شعبان و ليلة الاسراء و المعراج و أفتت بسبي اولادهم و بناتهم و نسائهم ليتحولوا الي طبقة ماملكت ايمانهم ليتمتع بهن السلفيون و الارهابيون!.. و بما ان هذه الديانه الوهابيه هي التي تقود الفكر في امة بلاد الرمال الان، فالننظر الي آراء اثنين من أكبر منّظريها في الاخلاق الاسلاميه؟

في موقع الشيخ عبد العزيز بن باز و في باب إسمه" اخلاق المؤمنين و المؤمنات " يرد نص ممل طويل ليس فيه اي اشاره لماهية هذه الاخلاق، مجرد ترديد كلام ببغائي من الذي اعتادت عليه بهائم الامه، و هذا جزء منه ،في شرح كيف تكون اخلاق المؤمنين و المؤمنات؟

إننا مأمورون بأتباعه صلى الله عليه و سلم و السير على منهاجه و على ماسلكه اصحابه رضي الله عنهم و الاولون من المهاجرين و الانصار و من اتبعهم و ارضاهم بالعلم و العمل كما قال جل و علا و السابقون بأحسان رضي الله عنهم و رضوا عنه و اعد لهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ذلك هوالفوز العظيم. فهذا الصراط وهو دين الله، وهو ما بعث به نبيه عليه الصلاة و السلام

كل ما يريد ان يقول ببساطه خلف ضبابية هذا الكلام هو ان التقليد الغبي للسابقين من الاسلاف و عبادتهم و تقديسهم، هي الاخلاق الاسلاميه..من وجهة النظر الوهابيه


أما في موقع الشيخ العثيمين فباب الاخلاق كان عباره عن نصائح لشباب الامه و منه نرى بوضوح الطقوسيه و طغيانها على القيم الانسانيه فيقول شيخنا الفاضل: انما جعل الامام ليؤتم فلا تختلفوا عليه، فأذا كبر فكبروا و لا تكبروا حتى يكبر و اذا ركع فاركعوا و لا تركعوا حتى يركع و اذا سجد فاسجدوا و لا تسجدوا حتى يسجد..و اذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا و لك الحمد..ثم يضيف الشباب لتحسين اخلاقهم و سلوكهم: و لا تكونوا ياشباب الامه مثل بعض الناس لا يصبر فيسارع و يسابق الامام-والعياذ بالله- وفقكم الله

ماهو هدف هذه النصيحه الغبيه.. الم يقدر ان يوفر كل هذا الرغي و يقول اتبعوا الامام ثم هل هذه هي الاخلاق مثلا؟

إن قصة الشيخ محمد بن عيسى و بوعبدالله و مستر ايبس، توضح أن هناك خللا خطيرا في مفهوم الاخلاق في الدين

أن ما تعاني منه الاديان كلها في المسأله الاخلاقيه، سببه ان الاديان جميعها ،بما فيها الاسلام،سرقت مفهوم الاخلاق من الفلسفه الوثنيه القديمه و خاصة اليونانيه بدون ان تدرك ان الاخلاق عند الوثنين و في علم الاخلاق المطابق اليوم كانت فضائل تقوم على العطاء بشرط عدم الاضرار بالغير في المجتمع

لذا فعندما يتكلمون عن الاخلاقيات الاسلاميه فهي على العكس تماما

لماذاا لم يمنع تدين هؤلاء الثلاثه من الضرر بمجتمعاتهم؟ الاجابه على ذلك هي ان الاخلاق الدينيه تخلق سلوكا عدوانيا يهدف الي احداث الضرر بالاخرين، بدل تغيير السلوك الشخصي للفرد المتدين، فمثلا تراهم مهتمين بأجبار المرأه على الحجاب او اغلاق المحلات للصلاه، ومنع الموسيقي و الاعمال التعبيريه الفنيه، وجلد من يشرب الكحول، و محاكمة و تأديب من ينتقدهم او يرفض أن يصدق معتقدهم


مثلما يتخفى الدين تحت عباءة العلم لتغطية خرافاته المنهاره امام تقدم العلم، فهو يتخفى ايضا تحت عباءة الاخلاق.. مقابل تطور قيم و مباديء الانسانيه الحديثه ليواري سوءاته من تسلط و ظلم و اجحاف .. اننا نستنتج مما سبق

إن المرأه المتبرجه افضل اخلاقا من مسلم منتحر بالابرياء

إن المثلي الجنس الذي لا يتدخل بشؤون الاخرين، أكثر اخلاقا من نائب برلماني اسلامي يطالب بتطبيق الحسبه و البوليس الديني على افراد مجتمعه

إن الذي يشرب قليلا من النبيذ ، لهو اشرف من الذي يأكل اموال الناس بالباطل وهو مقيم لصلاته

إن الكاسيات العاريات لهن أكثر أخلاقية من مكفري الناس و لحاهم الشعثه

وإن قبلة محرمه من حبيبين.. كتلك التي في الصوره، لأفضل الف مره من صوت المؤذن في مايكرفون المسجد الذي يزعج النائمين و المرضى و الاطفال في الفجر


و لنختم بهذه القصه التي وردت في البخاري عن أخلاقه صلعم و التي توضح فعلا ان الاخلاق الاسلاميه لاتعنى ..الا بإحداث الضرر على الاخرين

ثبت عنه صلى الله عليه و سلم، برواية بلال بن رباح انه قال هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلا فيؤم الناس ثم انطلق برجال معهم حزم من حطب الى رجال لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم

ترجمة الحديث : يعنى طلب صلعم من شخص ان يؤم الصلاه بدلا منه.. و ذهب هو مع بعض الرعاع و حرق بيوت الناس الذين لا يصلون و هم و اولادهم فيها...و الله اخلاق

فهل هذا الاسلام هو الحل للأخلاقيات في المجتمع..أم عدمها؟

بن كريشان
***
الصوره لكافيه لي باري على الشانزيليزيه حيث كتبت هذا المقال

إرسال تعليق

0 تعليقات