هل هناك معنى للحياه بدون شاورما؟



في شارع الشانزليزيه يوجد مطعم طابقت شهرته الأفاق إسمه إنتركوتيه يشتهر بطبق شرائح لحم خاص مع صلصة سريه ويقال ان كثيرا من المطاعم حاولت تقليد وصفته السحريه فلم تنجح. كان المطعم عند سمعته مزدحما جدا وقد إلتصقت الطاولات ببعض ..وكنت محظوظا أن قبل بعض الزبائن أن أجلس على طرف طاولتهم.. ولكن عندما جربت هذا الطبق الخاص لم أجد الا شرائح لحم عاديه مع صلصه يغلب عليها طعم الماسترد او الخردل مع الفرنش فرايز او البطاطا المقليه التي لاتفرق عن تلك التي يبيعها ماكدونالدز

احسست انني لو تغديت شوارما لكان أفضل ..ولكنها ڀاريس سيلڤو ڀليه..وهذا يكفي فمن يتجرأ ان يضع اهراما زجاجيه على مدخل اللوڤر العريق ويعتبره فنا.. ذلك يحدث فقط في ڀاريس


يقع الحي اللاتيني على الضفه اليسري لنهر السين بڀاريس و تنتشر بين شوارعه الضيقه مطاعم هي أقرب للكافتيريات، وبين كل مطعم واخر تجد أحدا يبيع الشوارما. فالعرب لايستطيعون ان يعيشوا بدون شوارماتهم ابدا.. حتى لو كانوا في بلاد المهجر

والشورما لها اهمية خاصة في بلوڠ أرض الرمال وخاصة عندما ُذكرت لأول مرة في مقال بوس !#*! لطفي..و أحسبكم لاتمانعون من إستخدامها للشرح مرة ثانية في هذا المقال


دائما يطلع لي مسلم مؤمن في بريدي الألكتروني بسؤال ليعرف السبب الذي جعلني أفكر بهذه الطريقه " الخاطئه" كما يزعم، ويحاول أن ينورني بأن ذلك لابد أنه عائد الى طفولتي البائسه" بكاء-إهيء إهيء" أو الى تعرضي لتجربة قاسيه في الحياه جعلتني أغضب من رب الرمال..أو أنني أفعل هذا لأبرر لنفسي إرتكاب الذنوب، أو ربما لأن حضرتي لم يقرأ القرءان و لم يتفنقه في الدين ولم يطلع بما فيه الكفايه على كتب التفسير.. أو ربما فعلت بس فهمتها غلط ..الخ الخ

وبما أن المسلمين يتمتعون بقدرات ذهنيه تمتاز بالكسل، الا انها سريعة في إصدار الأحكام والأستنتاجات ، و حتى نوفر عليهم مجهود الجري الى أحد الشيوخ ليكتب لهم روشتة فتوى تريح أدمغتهم من التفكير، قررت ان أكتب عن معنى حياة الأنسان- سان دين- أي بلا دين كما يقولون بالفرنساوي

الا أنه وقبل ذلك، لابد من الأعتراف بأن المسلمين ليسوا دائما كسولين في التفكير، بل إن لديهم تفكير تشكيكي فذ لا يقل عن تفكير الملحدين واللادينين..وهو تفكير يشتركون فيه مع المؤمنين من أصحاب الأديان الأخرى..تسألون كيف؟ فتابعوا

الا تستغربون التحليل العميق الذي يقوم به المسلمين السنه مثلا في تفنيد حجج الشيعه وأثبات فساد عقيدتهم وتناقضها وإحتوائها على الأخطاء..كذلك يقوم المسلمون الشيعه بذات التمحيص مفندين مزاعم السنه ومثبتين بطلان عقيدتهم..وكذلك يفعل المسيحيون ضد الأسلام أو يكتب المسلمون ضد المسيحيه


في هذه المهاترات بين العقائد والمذاهب والأديان، يشحذ المؤمن تفكيره.. ويسن عقله ويذهب عنه تراخيه وكسله ، الا انه لايطبق ذلك على معتقده و إيمانه هو ، و الا لراح الأخير في شربة ماء

وهذا أنما يدل على أن الأنسان المؤمن لديه القدره لو شاء ان يدرك الحقيقة والسعادة والمعنى بدون الدين..الا انه يخدع نفسه ويجبرها ويغالبها ويمنعها من الشك بهذا الشيء الذي لديه


و لو أطلتم بالكم معي قليلا قبل أن أتطرق الى السؤال الذي وردني عن معنى حياتنا بدون الدين..دعوني أولا أشير الى أن الحياة جميلة تستحق أن نتمتع ونفرح بها، الا ان الناس عندنا في بلاد الرمال العربيه – بسبب الأسلام- تكره الحياة والسعادة ولاتثمنها..إنها تقدر الموت والأنتحار و القتل..والحياة الأخره على هذه الحياة.. فكيف يستطيع مسلم مؤمن ان يسأل هذا السؤال اصلا ..وليس هناك معنى لحياته هو



يولد الانسان محبا للحياة، فالحياة نعمة عظيمة ، لكن عوامل مجتمعية داخلية وخارجية عديدة تجعله شخصية كارهة لمجتمعها وعصرها يتمنى على إثرها ان يعود الى الماضي ليعيش كما عاش اسلافه، و قد يكون من اسبابها : "الطفولة البائسة" التي عاشها، الا ان سبب إنعدام معنى الحياة في بلاد الرمال في الغالب هو الوهم الديني، ومفاهيمه الخاطئة، والفتاوى التحريضية إضافة الى غسيل دماغ يتعرض له الأنسان منذ طفولته من خلال الأعلام الموجه و مناهج التعليم والمؤسسات الدينية ..كل ينخر بالكذب في خياله الغض



إذا فالطفوله البائسه في الحقيقه هي طفولة المسلم المسكين الذي يتعرض الى كل هذا فيحس بالأثم ان هو فكر بأن هناك معنى لحياته غير مايريد به خالقه الجبار المتكبر مسيو الله..إن الحالة النفسيه التي يمر بها كل هؤلاء المسلمين- وصدقوني بأنني لا أكرههم ولكن أحاول أن اصدمهم فقط ليراجعوا النفس وينقذوا أنفسهم من حبل الكذب الذي يلتف حول أعناقهم – مسبباتها ثلاث

١- الأعلام الموجه والتعليم الممنهج الذي قامت به نظم الحكم الأنقلابيه القومجيه في الخمسينيات والستينيات الى أواخر السبعينيات من القرن الماضي. كانت هذه النظم تقوم بتبنى إعتقاد بأن الغرب هو العدو الذي يعوق نهضة العرب وأن العالم كله تكالب علينا لزرع دولة إسرائيل وأن لم يكن الأنسان ثورجيا اشتراكيجيا.. فهو ليس وطنيا ويصبح كما كان صدام حسين يقول: خايين الشعيب والوطان


۲- التيار الأسلامي السياسي الذي ورث الفكر القومجي الأنقلابي ويروج لنظرية منسوخة عنه بأن المسلمين في صراع ابدي خالد ضد الغرب الكافر بأعتبار ان الكفار في حالة تآمر دائمه ضد الإسلام، وضد قيام دولة الخلاعه..أقصد الخلافه الأسلاميه. أخطر ما في هذا التيار هو قدرته على أختراق الطبقات الفقيره المسحوقه وإعتباره بأن كل حكومات العرب الغير أخوانجيه ..هي نظم تابعه للغرب أو عميلة تحركها السياسه الأمريكيه الأخطبوطيه- مع انني لم ار شيئا فلح فيه الأمريكان

٣- شيوع التيار التكفيري الديني في المجتمعات وهو حركة دينيه سلفيه تعاني من عاهات فكريه أهمها رغبتها بتطهير المجتمع.. أي تسعي لتطهير المسلمين وارض المسلمين من الكفار الأنجاس وإلزام المسلمين بحرفية النصوص وعبادة الأسلاف المتخلفين. خرجت من رحم الوهابيه وتماثل مايسمي في التاريخ المسيحي الڀيوريتان. هذا الفكر عدائي اقصائي مكفر للغير بمناسبة و بلا مناسبه ويعتمد على التشكيك في إعتقادات الأخرين وتكفيرهم ثم تفجيرهم.. فالجميع عندهم اصحاب بدع وضلاله وإنحراف، فهم الفرقة الناجيه الوحيده..وغيرهم الفرق الباغيه الضاله ، يبرر هذا التيار العنف كوسيلة لتطهير المجتمع ومثالهم المضيء على ذلك هو دولة طالبان ..و الزبالة من أمثالهم في الفشل و الخيَبان


التلاقح بين الثلاثه خلق عقدة الطفولة البائسه لدى الأنسان في بلاد الرمال على مدى العقود الماضيه. وأفرزت هذه التيارات عقدة الكراهيه التي تتمثل بداية في كراهية الأخرين من الغربيين والمختلفين ..ثم تنقلب على الأنسان وتجعله يكره حتى نفسه ويحتقرها الى درجة تفجير جسده


التيارات الإسلاميه تحتكر الجنه والغلمان والحوريات..بينما يحتكر التيار القومجي الوطنيه. ومن خرج عنهم، فهو كافر خائن عميل لأسرائيل والموساد و الصهيونيه..و النصرانيه ..والصليمبيه.. وأمريكا ..وماما أمريكا..و كمان أمريكا ..ودق يامزيكا


عنصري التخوين والتكفير يمثلان هاجسا رهيبا في عقل هذا الأنسان المهووس بالمؤامرات التي يحيكها الغرب والكفار ضده..وفي هذا يشملون كل من يختلف أو يخالفهم او يعارضهم. هذه الأيدولوجيات الثلاث متشابهة فهي ميكيافيلية الأسلوب- الغاية تبرر الوسيله- مهما كانت لا اخلاقيه.. لذا نرى أن كثيرا من الناس إختلطت عليهم الأمور..فمن كان قومجيا بالأمس..أصبح إسلاميا قاعديا اليوم، وان لم يصبح، فهو مؤيد لمايفعلون مصفق مطبل للعنف والقتل و الأرهاب


هؤلاء المعقدون نفسيا لا يستطيعون ان يتصوروا ان للحياة معنى خارج دينهم وايدولوجيتهم الشاذه المتكررة الفشل

هؤلاء يعانون من عقدة تسبب لهم شذوذا فكريا ، مرض نفسي ليس له وجود الا في بلاد الرمال. ويعتقد الواحد، أو الواحده منهم بأن مايعطي معنى لحياته هو الله- فهو الشيء الذي يعطى للحياة معنى! ويعني هذا بالنتيجه أنه لو لم تكن تؤمن بهذا الشيء الغريب العجيب ولا تصدق به..فحياتك تكون بلا معنى؟


هذه المقارنه " شاذة" مثل الفكر الذي اوجدها. ولنثبت بطلانها..فالنستعمل شيئا سهل الفهم علينا كلنا..شيء نحبه مثل الشوارما

فعندما تقول: إنني لا أفهم ماهي الدوافع التي تحرك الأنسان الذي لايؤمن بوجود الله ..فكأنك تقول..إن لم تكن تحب الشوارما، فلماذا تأكلها إذا؟

فمثلا لو كنت أنا أموت بالشوارما وأحب ان أكلها جدا، فقد أقول كيف ستكون حياتي بدون الشاورما؟ فستتبدد سعادتي ..ولن يكون للحياة طعم عندي بدونها


وقد أتخيل بأن الناس في التيبت مساكين لأن مافي عندهم شوارما لذا فحياتهم ليست بذات معنى. الا إنني عندما أقوم بذلك لا أتصور أن الأخرين لا يستطيعون العيش بدون هذا الشيء- الشوارما ، رب الرمال، البطه الزرقاء..أملأ الفراغ- الذي أعتقده أنا..وعندما لاأستطيع ان أتخيل أن الأخرين لديهم تصوراتهم ورؤيتهم الخاصه والمختلفه عن العالم فإنما يدل هذا على محدودية التفكير ..لأننا لا نستطيع تصور أو تفهم وجهة نظر الأخرين





إنني سعيد أن هذا الشخص سأل ليذكرني بأن سنوات التوجيه الأعلامي والتلقين الديني في المدارس وعلى صفحات الأنترنيت وفضائيات الأسلاميين أتت بنتائجها وهي : ان جعلت من المستحيل على المسلم أن يتخيل كيف يستطيع أنسان ان تكون لديه وجهة نظر اخرى ، فكيف يستطيع أن لا يأكل مثله ..شوارما


كيف يستطيع المسلم المتشنج أو القومي المتأدلج أو خليط العقدتين المرضيتين..ان يرى الحقيقه في ضبابية من التعصب والعنصريه والأنحياز المسبق لرأيه؟


هناك ثقافات وحضارات تفعل أشياء بطرق مختلفة عنا وإنكار ذلك هو خداع للنفس. المسلم يظن أن الجميع متيقن مثله، وخاصة الملحدون أن الأسلام هو الدين الحق، الا أنهم يكابرون فقط...بصراحه لا أدري إن كان هناك حدود لهذه السذاجه التي تجعل سؤالا مثل : هل هناك معنى للحياة بدون إله او دين؟.. سؤالا بلا معنى

أورڤوار ڀاريس

بن كريشان

إرسال تعليق

0 تعليقات