التناقضات في الأديان..مطلوبه

المرأه الشريره والشوايه الأتوماتيك.






مؤخراً، إستلمت رساله من بنك ابوظبي الوطني المُصدر لبطاقة الفيزا التي معي تقول إنني فزت بجائزة قيمه لأنني كنت زبوناً جيداً.


عزيزتي زبونة خدمة الندى ،


لكم تساءلتِ لماذا لا استطيع أن استمع الى الموسيقى و انا اقوم باعمال الطبخ؟ وهاهو الحل يأتيك من بطاقة ماستركارد من بنك ابوظبي الوطني: إنها شوّايه-أو- ماتيك ( شوايه اتوماتيك) مع لاعب اقراص مدمجه سي.دي. تقديراً لتعاملِكِ معنا.


كل ماعليكِ ان تفعليه هو أن تتصلي برقم۸۰۰۲۲۱۱ لتستفسري عن مكان إستلام جائزتك.


مدير خدمة الزبائن

لايكفي أن البنك لايعرف إن كان زبونه رجل أم إمرأه، بل يقدم هديه غير مفيده ابداً.. إن اخر مره طبخت فيها شيئاً كانت في لوس انجليس ، عندما كان حاكم كاليفورنيا الحالي ارنولد شوارتزنيغر يقتل الروبوطات الأشرار في تيرمينتر تو..ثم ، من يستعمل الأقراص المُدمجه اليوم في عصر ال- إم.بي.۳ و ال.إم.بي. ٤ و اليوتيوب؟ كنت اظنهم لايعتبروني زبوناً جيداً فانا لا اقترض من البنك ابداً..صديقي ظافر أخذ قرضاً مره و دفع ثلاثة ملايين بالمئه نسبة فوائد للبنك ومع هذا ..فلم يحصل على شوايه-او- ماتيك مثلي.




قررت تجاهل الرساله و الهديه العديمة الفائده ، فلعلهم يعطونها واحد غيري يستفيد منها ..ولكن بعد عدة ايام من ذلك إستلمت مكالمة هاتفيه من إمرأه بالبنك.

اخي أنت متأخر بثلاثة اقساط عن سيارتك الفولفو ، واخشي ان نضطر الى إتخاذ إجراءات ضدك ان لم تسدد خلال ثلاثة ايام. قال صوت المرأه الشريره على الخط. أجبتها: اختى الفاضله انا ليس عندي سياره فولفو..انا اصلاً لا احب سيارات الفولفو و لن اشتريها في حياتي ابداً منذ ان انزلقت واحده بي استأجرتها في سويسرا على سطح شارع متجمد في محطة بنزين بلوزيرن. فقالت: ارجوك مافي داعي تلف و دور..يجب عليك تسديد المبلغ خلال ثلاثة ايام ( وكأنها تهدد بماراح يحصلك طيب). سيدتي هل أنت تشتغلين بالمافيا الإيطاليه قلت لها : انا ماعندي فولفو أصلاً و لم اقترض منكم شيئاً كما انكم قدمتم لي جائزة شوّايه-او- ماتيك الاسبوع الفائت لأنني زبون جيد. توقف صوت المرأه الشريره لفتره و انا اسمع خرخشات قرطاس و أوراق..ثم عاد الصوت الشرير:الست زبون بنك ابوظبي الوطني؟ قلت لها نعم فراتبي ينزل هناك. قالت: اوراقي سليمه إذاً، لاتضيع وقتي و وقتك.. انت عندك سياره فولفو ولم تدفع لنا ثلاثة اقساط حتى الأن وعليك التسديد خلال ثلاثة ايام. وبعد جدال طويل وعقيم قالت : لا اعتقد ان هناك خطأ في تقرير الكومبيوتر امامي و إذا عندك شكوى راجع فرع البنك بالعين على دوار الساعه.




مرت ثلاثة ايام.. أربعة ايام .. اسبوع على هذه المكالمه و لم تتصل ذات الصوت الشرير مرة اخرى فقلت ربما تحققت من اوراقها و أكتشفت الخطأ..اي بنك لايعرف زبونه ان كان رجل ام إمرأه و يطارد من لم يأخذ قرض ..بينما يترك صاحب الفولفو يتهنى بسياره مجانيه.
ولكنني ومع هذا مررت بالبنك، وذهبت و قابلت مدير الفرع بالبنك والذي من جلوسه الطويل على كرسي المكتب اصبح لديه مؤخرة مُتورمه كبيره.. فشكرته على هدية الشوّايه- او- ماتيك العجيبه ، و لاعب أقراص السي.دي . وشرحت له ماحدث لي مشتكياً. إعتذر مدير الفرع و قال انه مجرد إلتباس ، وهو يرى المعلومات على الشاشه التي توضح انه فعلاً لايوجد عندي قرض سياره. قال انه سيرسل توضيحاً لقسم التحصيل ولايجب ان لا أقلق من الأمر ابداً. وعرض ان سيعطيني رصيداً استلم به الشوايه –او – ماتيك من شركة العتيبه الموزع مُباشرة..فشكرته بأنني لا أريد الهديه، كل ما ارجوه ان ان يُبعد عني المرأه الشريره التي تتصل بي.





هذا بنك مُنظم به مدراء و موظفين و محاسبين و محصلين و خبازين و مع هذا نجد في نظامه تناقضات و أغلاط. اعتقد انه لو لم تكن هناك أغلاط و تناقضات في نظمنا البشريه فلن تبقى تلك النظم لأنها لن تتطور. الاديان كذلك نظم بها تناقضات و أخطاء. الدين منظومة مُعقده من الإعتقادات التفصيليه مع كم هائل من العناصر التي تحوم حولها ونظراً لذلك يجب ان لانستغرب وجود تناقضات و اخطاء فيه ، في الحقيقه يجب ان نتوقع وجود التناقض ونعتبرها شيء طبيعي.

خاصية التناقض (إن جاز لي تسميتها كذلك) ليست مقصورة على الأديان فقط، فنحن نجدها أيضاً في المنظومات البشريه الأخرى كالفلسفه و الأيديولوجيات السياسيه وخاصة تلك القديمه منها و التي ظلت موجوده بيننا لمدة طويله من الزمن.



التناقض ليس عيباً في النظام البشري بل هو مصدر من مصادر مرونته التي تسمح له بالتكيّف والتغيّر في مقابل مستجدات كل عصر. النظام الأعتقادي الخالي تماماً من التناقضات و الأخطاء يكون عادة بسيطاً و يتصف بالجمود ولا يتمكن من التأقلم مع المتغيرات الأجتماعيه و السياسيه و الثقافيه ويصبح من المستحيل نقله او نشره في بيئات ثقافيه او إجتماعيه مختلفه..فبالتالي ينقرض. وهذا هو املنا الكبير في السلفيه، لأن جمودها و عدم مرونتها سينهي الاسلام كدين..قولوا آمين.

لاتفهموني غلط، فلو كان النظام العقائدي كالدين مرن جداً و مفتوح بصورة كبيره فقد ينقرض ايضاً و يخبو تحت ضغط وتأثير الثقافات الجديده..ولكن وجود درجه معينه من التناقض ،تساعد اي دين على إستيعاب المتغيرات لأنها ضروره من أجل البقاء.

وينطبق الشيء نفسه على الأديان بمافيه الاسلام، فالدين الذي يريد ان يبقى لفترة أطول و ينتشر في الثقافات الأخرى لابد ان يكون به متناقضات تفتح المجال لأعادة التأويل والتفسير و التبرير. مع مرور الوقت تساهم هذه الثقافات الجديده في إضافة تناقضات اخرى من خلال تصارع عناصرها المتنافره لذا، يجب ان نعتبر ان هذا التناقض في الدين هو شيء إيجابي ومُهم لبقاء الدين نفسه.



هناك مشكلة واحده في هذا الطرح: إن الأديان ليس من المفترض انها من صنع الأنسان (مثل نظام بنك ابوظبي الوطني،او الديموقراطيه او الشيوعيه) فليس من المقبول ان يكون بها كل هذه العيوب. الأديان من المفروض ان تكون الهة قد صنعتها، والالهه هذه معصومة عن الخطأ كما نعرف فهي اي الالهه من المفروض ان تكون كاملة لاتخطيء و لاتتناقض. وهذا يعني ان الرب المعصوم المتنزه عن الخطأ لايمكن ان يكون راسباً في الأمتحان و يخلق اشياء متناقضه، حتى لو وضعنا اللوم في التناقض على الأتباع انفسهم..ولكن هذا لايعفي الله من كونه صنع نظاماً متناقضاَ يلخبط به اتباعه لأنه في ذلك سيكون مثل المُدرس الفاشل.

عندما تكون التناقضات موجوده في النظام البشري فلا بأس بذلك ، فكما ذكرت هي شيء مُتوقع ، و تساعد على إستمراية هذا النظام و تكيّفه مع المُتغيرات..ولكن عندما تكون المُتناقضات في الدين..الذي ليس من المفروض أن يكون منظومه بشريه ، فهذا امر أخر.

لو كان الله موجوداً. وكان الله كاملا معصوماً من التناقض والغلط، وصنع لنا ديناً به تناقضات كثيره..فوجود هذه التناقضات يعني ان الله ليس كاملاً و ليس مثالياً..او قد يعني انه غير موجود.

حسناً فالنقول ان فكرة وجود الله ممكنه، وان التناقض هو في المؤمنين و من يتبع الدين و ليس في الله ذاته..أوليس هذا سبب كاف لأن لانقبل الدين كما هو؟

***

اليوم جائتني هذه المكالمه على الموبايل: معاك الوكيل جمال من مركز شرطة المويجعي..هل انت السيد بن كريشان صاحب السياره الفولفو المطلوبه من البنك؟ الأولى صحيحه قلت له و لكن الثانيه غلط أنا لست مطلوباً من البنك ولا من عزرايل و ليس عندي سياره فولفو..أنا اكره الفولفو اصلاً. الرجاء تفضل الى مركز الشرطه اليوم العصر قال الوكيل المُتصل.. لا ياسيدي لن اتفضل اجبته و لن ترى وجهي في مركزك ..إذهب للتحقق من معلوماتك قبل ان تتصل و تضايق المواطنين الأبرياء..حسناً قال الوكيل مُهدداً على الخط: انت لا تترك لنا فرصه سنضع سيارتك على الحجز و ستتم مصادرتها من قبل اي دورية شرطه من الأفضل ان تأتي للتفاهم مع مندوب البنك. اجبته: أعملوا الذي تحبون صادروا وإحجزوا على كل سيارات الفولفو اللي عندي.

انا عندي سيارتين، القصواء وهي ليست فولفو و سيارتي المرسيدس الصغيره..وهي ليست فولفو ايضا.



أحسست بعدها برغبه شديده في الذهاب الى البنك لإستلام جائزتي شوايه-او- ماتيك..فأشوي بها مؤخرة مدير فرع البنك المتورمه.


بن كريشان

إرسال تعليق

0 تعليقات