الاثنين

!السخريه بالايمانيات..واجب انساني




قد يذكركم هذا المقال بواحد آخر سبقه، فقد كتبت في السابق عن استحالة أحترام الاديان ، اما اليوم فسأكتب لكم عن أهمية السخرية منها

ثلاثة مصادفات اخرجت هذه الفكرة الي النور، أولا ردود الفعل لمقالي الاسبق لهذا فيما يتعلق بمقارنة المسيحيه بالهندوسيه، ثانيا رسالة ايميل وصلتني من صديق من مدينة الدار البيضاء في المغرب ، وثالثا صديقتي باسكال التي في الصوره، و هي من مواليد أبوظبي و نشأت مثلي في حي الخالديه و درسنا في مدرسة النهضه الوطنيه..ليس بنفس الصف طبعا!..وقد سبق لي ان طلبت منها ان تتزوجنى مرتين سابقا وخاصة .. بعد كأس البيره الثالث

كانت رسالة الصديق بلعيد من المغرب تحمل شكوى من معاملة زملائه في الجامعه لأنه تناول بالسخرية موضوعا يتعلق بالدين الاسلامي، اما باسكال فأخبرتني بأنها ستذهب الي لبنان لتكون عرابة لأبنة صديقتها


باسكال أصلا غير متدينه و تسخر من الاديان والمتدينين و تحكي لي دائما قصص الراهب، او كما تسميه الأبونا، في بلدتهم عجلتون * والذي يذهب للسهر و السكر في بيروت كل ليله ، وكيف انه يبصبص على النساء اثناء القداس أو عندما يكون هناك عرس بالكنيسه

اخبرتني باسكالي* بأنها ستذهب الي لبنان لحضور حفلة تعميد لأبنة صديقتها، الغريب هنا ان ابنة الصديقه بلغت الثانية عشر ولم يتم تعميدها بعد

قالت باسكالي ان صديقتها لم تر في الماضي ضرورة لتعميد ابنتها لأنها من عائلة مثل عائلة باسكال، لا يعني الدين الشيء الكثير لديهم، ولكن مؤخرا و تحت الحاح من ابنتها التي بدأت تتضايق من سخرية اقرانها منها في المدرسه..قررت هذه الصديقه ان تعمد ابنتها في الكنيسه..لم تشأ باسكالي ان تسخر من صديقتها رغم انها تعتقد ان الامر برمته مضحك وهنا دار هذا الموضوع بيني وبين باسكالي ، حول الواجب الانساني الذي يقع على عاتقنا للسخريه من الاديان و طقوسها

انني اتساءل ان كان اظهار الاحترام للاديان..بمعنى عدم السخرية منها.. ظاهرة صحيه.. ام انه مشكلة بحد ذاته ؟

سأطرح اليوم عليكم فكرة مفادها ان الأديان..بما فيها الاسلام يجب ان لا تعفى من السخرية بها. خذ مثلا الحالتين السابقتين، حالة ابنة صديقة باسكال وحالة الصديق المغربي بلعيد الذي كاتبني..كلاهما تأثروا بالسخرية منهما لأنهما يختلفان عن بقية القطيع البشري . ستلاحظ في هذين المثالين ان الناس قد تفعل او تقول اي شيء لولا تخوفهم من ان يسخر بهم الغير..ولو عكسنا الحال، فسيقوم المتدينون بأعمال غبيه و طقوس شاذه و منحرفه لأنهم لا يجدون من يسخر منهم. كلما تزيد حدة التدين عند شخص نجده يقوم بأشياء تستدعي الضحك..مثلا هذا الشخص الذي يربي لحيته كتيس الجبل ويلبس ثيابا قصيره و يلوك مسواكا في الشارع..مع انه شكل يثير الضحك..الا ان الاخرين لايجرؤن على السخريه منه لأنهم يعتقدون ان السخرية من المتدين حرام، ونسحب نفس الشيء على تلك المرأه التي تلتف بجلابيب السواد مع القفازات و الغشوات و تمشي في السوق المركزي..الا تثير الضحك؟..طبعا فهو تصرف شاذ، ولكن لا احد يسخر من ذلك..لأنهم قد يكونوا يسخرون من الاسلام ان هم فعلوا...لقد رأيت كثيرا من الناس يغيرون سلوكياتهم لأنها اثارت السخريه و الاستنكار و الضحك عليها..صدقوني لأن الناس في بلاد الرمال ينتمون الي فصيلة من التيوس لا يقتنعون بالنقاش العقلاني او بقوة المنطق ..ولكن الشيء الوحيد الذي يمنعهم من الاسترسال في هذه التصرفات الحمقاء... هو السخريه وحدها

عندما يعيش الناس في مجتمع يحترم حماقات الدين و يرى يوميا هذه التصرفات يعتقد ان هذا هو الصحيح..انهم يعتقدون ان هذه السلوكيات جائت من القوي الجبار لذا مهما بدت لكم و كأنها كما يقول عادل امام..دانتوا مسخره خالص.فلا يجب الضحك عليها بل احترامها و اتباعها..الا نضحك على عمائم السيخ وعدم حلقهم شعورهم، و وضع الطعام لتماثيل البوذا في تايلاند، لا ولقد رأيت كثيرا من الروس في الافلام الوثائقيه يذهبون للتعميد بعد سقوط الاتحاد السوفيتي الكافر..حيث يجلس رجل بجلالة كرشه و صلعته و بعمره الذي قارب الستين في طشت بالكنيسه ليعمده راهب يشبه راسبوتين...انها اشياء مسخره والله لو تدرون، ولكنها لا تختلف ابدا عن ذلك الذي يرمي الحجارة على صنم الشيطان في الحج

عندما سخر العالم المسيحي المتدين من اقوال جاليليو بأن الارض تدور حول الشمس ، اضطر للتراجع عن رأيه..و هناك رجل شايب في ابوظبي و من تجارها الكبار يسمى مبارك بن يعروف لا يصدق حتى الان ان الانسان مشى على القمر..او كما يسميه هو " قمر ربي ". ولكن اليوم انا استطيع ان اضحك على بن يعروف و على بابا الفاتيكان الذي سخر من جاليليو. اليوم هناك صراع في الولايات المتحده بين اصحاب فكرة الخلق الالهي و علماء النشوء والارتقاء الداروينيه يعتمد جله على السخريه من النظريه..ولكنهم يصطدمون بحائط العلم و ينتهون بأضحاك العالم عليهم

و عودة الي صديقي المغربي بالعيد و ابنة صديقة باسكال..الاثنان اكثر عقلا من بقية القطيع و لكنهم يحتاجون الي دعم منا..بفتح باب السخرية من الاديان و طقوسها..فالمسيحيين و المسلمين هم اكثر الناس استحقاقا للسخريه..فالاسلام و المسيحيه كل يؤكد انه دين الله الصحيح، المسلمون يعتقدون ان المسيحيين سيكونون في جهنم..والمسيحيون يعتقدون انه لن يكون هناك مكان لمسلم في جنة الله..ولكن المنطق هو ان احدهما فقط صحيح..او كلاهما على خطأ..و بما ان احتمالات الخطأ في هذه الفرضيه هي اكبر بكثير من احتمالات الصحه..فالأحرى بصديقي بلعيد من المغرب و ابنة صديقة باسكال الصغيره..ان يسخرا من الاخرين وليس العكس

تخيلوا لو فتح باب السخريه للجميع فيسخر المسيحيين من المسلمين و يسخر المسلمين من المسيحيين..ونسخر نحن بهما معا..لأصبحت الحياة افضل.. و لمددنا يد العون لكثير من تيوس بلاد الرمال وساعدناهم على التراجع عن القيام بتصرفاتهم الهزليه والبستهم النكراء المضحكه..لأنهم لن يحبوا ، مثل بقية البشر ، ان يسخر منهم احد..وفي النهاية سيصفي الفعل و التصرف المقبول فقط الذي لا يمكن السخرية منه..وستنتفي من المجتمع تلك التصرفات الحمقاء و تلك الالبسة و اللحى الشاذه
القبيحه وطقوس دخول الحمام و الرقي من السحر والجان و فتاوى جواز مشط الشعر قبل الجماع

في لغتنا العربيه هناك فرق بين السخريه و بين الاستهزاء..فالأولي تحتوي مكونين اساسين، العقلانيه و روح الدعابه، اما الاستهزاء فهو تناول الموضوع بطريقة عاطفيه في محاولة للنيل من الطرف الاخر. فعندما ينتقد بن يعروف وصول الانسان للقمر فهو يستهزيء به ، و عندما ينتقد العقلاء الاعجاز القرأني فهم يسخرون ..فبن يعروف يجعل من نفسه هزوء اولا.. بينما قد يعيد العقلاء الكثير من المخدوعين بالاعجاز القرأني الي واقع العقل فتحررهم الحقيقه من الكذب و الدجل عليهم

السخريه مهمة جدا لموازنة تصرفات الانسان الأجتماعيه ، فهو مخلوق اجتماعي ، يقلد قطيعه مهما حمل ذلك من الغباء.. فالمهم بالنسبة للأنسان..ليس المنطق، بل فكرة الناس عنه..هذا المتدين ابو لحية التيس وابو مسواك و كندوره قصيره..مهما اصبح شكله مسخره ..لا يهمه الامر لأن لا يوجد من يسخر منه..و هكذا الانسان، قل له اي شيء و سيفعل..و العالم من حولكم لتنظروا مساخر البوذيين والشيعه الذين يلطمون و يسيلون دمائهم و السنه بأيمانهم العميق بكتابهم الفكاهي للبخاري..خاصة الجزء الاخير و الهندوس الذين يخرقون جلودهم بالمسامير..و هكذا ..نضحك على كل منكر و نكير
اذا يجب التأكد من وضع هذه السلوكيات القطيعيه على الطريق الصحيح باستخدام السخريه..اما الاستهزاء، فهو ضعف علم..و انعدام شخصيه و هو ما يستخدمه القطيع الضال و أفراده لمنع العقلانيه.. و لا يعدو ان يكون أكثر من مجرد قدح او هجوم شخصي

في نهاية الحديث قلت لباسكالي يجب ان نذهب و الا سأطلبك للزواج بعد هذه الكأس...قالت : ان طلبت يدي مرة اخرى فسأشترط تعميدك اولا بكنيستنا في الطشت..امام الناس فيسخر منك اهل بلدة عجلتون كلهم



بن كريشان

***
Pasacl يكتب اسمها هكذا منتهيا بالأي وهو التأنيث الفرنسي لأسم Pascale
لذا ادلعها باسكالي ،و عقابا لها لأنها نسيت عيد ميلادي اشترطت عليها ان ان تدفع هي الفاتوره ..و ان تأتي مرتدية تي شيرت عليه اسمي
---------------
هذه عجلتون لبنان و هي غير عجلون الاردن و تقع في ناحية اعلى الجبل المطل على منطقة أدما في بيروت

ليست هناك تعليقات: