الاثنين

دفاعا عن فرنسا

أمن حق المرأة المسلمه أن تتحجب؟



من عادات الباشمهندس خالد السيئه هو أنه لاتأتي الى شركتنا موظفة جديده حتى يبدأ في دعوذتها ( وإرهابها بالعذاب المنتظر) حتى يُلبسها الحجاب. أصبحت النساء الغير محجبات عندنا في الشركه مثل حيوان الباندا في طريقهن للإنقراض...إلا أنه مع تحجب كل واحدة منهن ألاحظ تغييرا يطرأ في شخصيتها.

لايخفى على أحدكم محاولات المسلمين المستميته لأجبار النساء على تغطية رؤسهن. و يدّعون بأنهم أبرياء لم يفعلوا شيئا ، فالنساء ياحرام، هن من يخترن ذلك المصير. في إحتجاجات الأسلاميين التي إنطلقت حول العالم و بالذات ضد الحكومات التي تمنع ذلك الحجاب وتقييد لبسه في الجامعات والمدارس، وخاصة في فرنسا و تركيا وتونس، عذرا يقول أنه حَجر على حرية المرأه، وأنهم يمنعونها أن تلبس ماتشاء، فمثلما تختار لبسا معينا أو تلبس الكعب العالي ، فمن حقها أيضا أن تلبس الحجاب وتغطي رأسها..أهذا صحيح؟

مظاهرات حُشدت بها النساء في تركيا وفرنسا للتظاهر ضد منع لبس الحجاب في الجامعات والمدارس والدوائر الحكوميه..أليوم سأركز موضوعي بالذات في الدفاع عن موقف فرنسا من الحجاب لأنها أم الحريه، وحيث ولدت الليبراليه و الديموقراطيه في العالم الحديث.






مايتجاهله ذلك المنطق هو أن الثياب تعكس شخصياتنا. ألا تعبر الألبسة التقليديه عن تراث وتاريخ الأمم، وعن رقي أذواقهم أو تخلفهم( أمس كنت أقلب قنوات التلفزيون فرأيت شخصا ينشد أغاني في محبة صلعم كان يلبس بدلة خضراء و ربطة عنق حمراء ..وكأنه ببغاء الهند- البيبي متوه). نعم فالثياب المريحه الكاجوال تعطيك شعورا بأن الجو غير رسمي وأنك أكثر إنطلاقا، أما البدله والملابس الرسميه فتضعنا في مود أخر: القاضي عندما يلبس ثيابه الرسميه لايبتسم ولايصّفر ويغني أغنيه من أغاني عاصي الحلاني ، كما أن ضابط الشرطه يكون جادا في بزته الرسميه..حتى المهرج يتصرف بمرح بمجرد أن يلبس لبس الأراجوز..ألا نلبس لكل مناسبه لبسا مختلفا، لماذا؟ لأن اللبس هو جزء من التعبير عن الذات والشخصيه. الا تخجل عندما تكون مرتديا لباسا لاتعتقد أنه يناسبك أو يجعل الناس تضحك عليك..ألا تجري الى البيت لتغير من ثيابك لو أتسخت بالطعام أو إندلق عليها أيسكريم أو كافيه موكا؟ بالطبع تفعل فمظهر ثيابك يهمك




النساء عندما يجبرن أن ""يخترن"" الحجاب ليغطي رأسهن يرين أنفسهن لسن مستاويات مع الرجل..فبالتالي يتصرفن وكأنهن فعلا كذلك. الرأس يرمز الى العزه في بلاد الرمال ويقول المرء أرفع رأسي ورفعت رأسي دلالة على الفخر بشخصيته.. تغطية هذا الرأس وكأنه عوره ما هو إلا رمز ديني لهيمنة الرجل على المرأه وتفوق شخصيته عليها.

أن ما ألاحظه على زميلات العمل اللاتي تحجبن هو أنهن يصبحن أكثر هدوء في الأجتماعات وتقل مشاركتهن في النقاشات وإبداء الرأي ويصبحن مجرد مدونات للملاحظات و منفذات للأوامر. هناك شعور نفسي يصحب التحجب من فقدان المرأه لبعض إستقلاليتها وعدم قدرتها على القيام بما كانت تعمله قبل ذلك. في بعض الحالات نجد أن أحداهن قد لاتكون راضية عن أمر ما فترسل زوجها أو أبوها ليتكلم مع المدير نيابة عنها وهذا ماجرى معي مؤخرا، عندما جائني زوج أحد هؤلاء المحجبات ليقول لي ان زوجته لاتستطيع أن تداوم في النوبه المسائيه التي أصدرت بها قرارا، ولكن سألته: لماذا لم تقل لي ذلك بنفسها في الأجتماع؟ لم يكن ذلك أجباريا.




أن هذا يعني أن الدول التي يهمها بناء إستقلالية المرأه وتشجيع المساواه بينها وبين الرجل كمواطنين متساويين في الحقوق والواجبات، لابد أن تتخذ كل الخطوات التي تمكن من ذلك. وهذا بالتالي يؤدي الى خلق مساحة تجعل من الممكن للنساء رفض تقبل بعض الطقوس الدينيه والموروثات الباليه التي تقف عثرة في طريق المساواة التامه. قد لايكون ذلك سهلا ولكن لم يكن من السهل على الحكومات في بلاد الرمال في القرن الماضي كذلك مقابل العادات القديمه..إلا أنها نجحت رغم ذلك في تمكين المرأه وفتح باب التعليم لها ومساواتها مع الرجل. نعم كانت هناك تجارب ناجحه في مصر و سوريا والعراق و تونس والمغرب و الكويت والبحرين..فلماذا تجبن الحكومات اليوم عن الأضطلاع بدورها تاركة النساء فريسة لهجمة "" إختاري حجابك قبل أن يحل عقابك"" التي يشنها الأسلاميون على النساء؟







مهما قيل، فأن أرتداء الحجاب ليس خيارا طبيعيا..حتى لو تم بمحض إدارة المرأه نفسها، لأنه يقود الى نتائج سلبيه تنعكس على شخصيتها و تعليمها و مكانتها الأجتماعيه والقانونيه. فهذا الأختيار وأن بدا طبيعيا فما هو ألانتيجة خلفية قاسية من الضغوطات التي تتعرض لها المرأة من قبل أفراد العائله والمجتمع المتأثر بالصوره السلبيه التي ينقلها المدعوذون من أصحاب الجماعات الأسلاميه لتصوير المرأة السافره على أنها عاصية ""زانيه"" لأن المحارم ترى شعرها ويشم الرجال عطرها ! عندما يتردد هذا الكلام على لسان العائله و المُدرسّه، والصاحبات والمدعوذات المُجندات في الجامعات ومن الرجال أنفسهم الذين يصورون لها أنها ليست ""طاهره"" ولن يتزوجوها أن هي لم تتحجب..كيف إذا نعتبر تحجبها خيارا محضا لها..في ظل كل ذلك؟

وهذا يثير لدي بعض التساؤلات: أليس من حق الدوله أن تحمي الناس ليتخذوا قرارات حرة صائبه؟ فأنت لست حرا الا أذا كان مسموحا لك كذلك ان ترتكب أخطاءً، أليس كذلك؟ أننا نتخذ كثيرا من قراراتنا في الحياة تحت تأثير الضغوطات العائليه و الأجتماعيه وأحيانا حتى تحت تأثير الجهاله، لذا لايمنع أن قام أحد بعدم تشجيع أتخاذ قرارات تتخذ تحت تأثيرات معينه تؤدي الى نتائج جسيمه بالمجتمع، على الأقل في بعض الحالات.








قامت كثير من الدول بحماية الطفل واصدرت قوانين تمنع تشغيل الأطفال وقوانين تجعل التعليم إلزاميا لهم حتى مراحل متقدمه، وقامت دول بدعم حرية ومساواة المرأه وأصدرت قوانين تضمن لها المشاركه في العمل و تعطيها حقوقها كاملة وفي سبيل هذا تصدت الدول للعادات والتقاليد الباليه و للموروثات الدينيه..ونجحت في ذلك. وهذا ماتفعله فرنسا وتركيا وتونس بالوقوف بوجه هذا الأختيار ""الحر"" ذو العواقب السيئه والسلبيه على المجتمع والذي تتخذه المرأة تحت تأثير ضغوطات خارجيه عليها.

فعندما تقوم فرنسا و تركيا وتونس بمنع أرتداء الحجاب في المؤسسات العامه وفي المدارس و الجامعات فأنهم يخففون من الضغوط الخارجيه على المرأه ويعطونها الفرصة لتقاوم تأثير الأسلاميين السلبي عليها وعلى المجتمع..إنها دائما تستطيع أن تجد عذرا جيدا لعدم إرتدائه. إن ماتقوم به هذه الحكومات الثلاث ليس تقليل حرية الأختيار للمرأه كما يفعل بها الأسلاميون..بل توسع إختياراتها وتقول لها ""أختاه أختاه"" هناك أيضا..إختيار حر أخر لك هو: أن لاترتديه.

أن من واجب الدول الليبراليه الحره أن تخلق مناخا صحيّا يمّكن الشعب من مقاومة التقاليد الباليه و "" الضغوط السماويه"" وغيرها ليكون للأنسان الحريه في تعدد إختياراته.









أن المدارس والجامعات الفرنسيه والحق يُقال، لم تقلل من مساحة الحريه للبنات بمنع الحجاب، بل قللت مساحة الحريه للمجتمعات المتعصبه ، من الضغط على بناتهم وإجبارهن على أختيارهن "الحُر" هذا.

هذا ما تقوم به العلمانيه الحقه، وليس مايحدث في بلاد الرمال أو حتى في الولايات المتحده و بريطانيا اللتان لا تتدخلان لحماية مواطنيهم. العلمانيه ليست مجرد فصل دين عن دوله بشكل محايد، بل بالقيام بدور فاعل يجعل المواطن واعيا وقادرا على مجابهة الضغوط التي تمارسها الجماعات الأسلاميه و الدينيه عليه و عليها.

فالتحيا فرنسا


بن كريشان

ليست هناك تعليقات: