الاثنين

عبيد بلاد الرمال




أستمعت يوم أمس في اخبار البي بي سي بالراديو لصوت صدام حسين يقول، بعدما اعترف بتجريف بساتين الدجيل، بأنه ارسل من قاموا بمحاولة اغتياله و غيرهم الي محاكم الثوره، حيث حوكموا حسب قوله ،بموجب القانون! وتابع موجها كلامه الي القاضي : كما تحاكمني الان! و الان دعونا نترك هذا المشهد جانبا و لنذهب الي صورة مؤيدى الاحزاب الاسلاميه يمسكون لافتات تقول : القرأن دستورنا..شاهدت في استفتاء لتلفزيون العربيه على الانتخابات الفلسطينيه شخصا في الشارع يبدو من لهجته من قلقيليه يقول : الديموكراطيه حرام.. انا ما بنتخب غير ديموكراطية ربي! و لنسترجع النقاشات و المسآلات في برلمانات الكويت و البحرين من قبل التيار الديني المهيمن عليها لأفراد من الحكومه فيما يتعلق بمطرب او حفلة و غيرها..أخذكم ايضا الي محاكمات جرت في مملكة الرمال الكبري ضد بعض الذين خالفوا الاغلبية المتزمته حيث استخدم القانون لمعاقبتهم.. لولا عفو الملك

عندما انقلب الضباط الاحرار على الملك فاروق و القذافي على السنوسي، خرجت الجماهير مؤيدة، قام الاثنان بعد ذلك كما جرت عادة الدكتاتوريات، بسن قوانين تمنع معارضتهم و ترسل كل من يجروء على ذلك الي السجون و المشانق. بأمكان النظام و القانون ان يكون اداة ضدك بكل سهوله. في رمال الخليج و في الامارات التى تتمتع بدرجة حريه فرديه عاليه نسبيا بين اقرانها او في الكويت الدستوريه، مازالت هناك قوانين تدخلك السجن لأنك فطرت في رمضان او تناولت مشروبا او قمت بشيء تحت بند فضفاض اسمه الاخلاق

تستعمل الاحزاب الايديولوجيه و الدينيه الخوف كأداة سياسيه مدعومة بالقانون للسيطرة على الشعب. و كان التخويف دائما هو الطريق الذي تستعمله هذه الانظمه لخلق الطغيان. اساس هذا الطغيان دائما هو الاغلبيه. ما اعنيه بطغيان الاغلبية هنا ليس فقط ضد اقليات دينيه بل كذلك ضد اقلية مختلفة فكريا عن الاغلبيه المسيره. و يدعم ذلك الطغيان بسن قوانين، و نشر شعارات سواء ايدولوجيه ام دينيه ، من مثل القرأن دستورنا او المؤامراة ضد العروبه، المخطط الصهيوني الصليبي ثم خلق مؤسسات عقابيه تقوم بالتنفيذ مثل محاكم الثورة في العراق و بلاد الرمال التي تعسكرت اشتراكيا أو حرس الثورة الاسلاميه في ايران ، او الشرطة الدينيه المعروفة بأسم الامر بالمعروف و النهى عن المنكر في مهلكة الرمال الكبرى. يقدم ذلك كله و كأنه امر مشروع و دستوري و لم لا فهناك اغلبيه و هناك قانون و محاكم و اجهزه تعمل لأخضاع من لم يخضع او اخافتهم ليصمتوا عن نهب ثروات الوطن و اغناء اصحاب الحزب و عائلاتهم


ان تحليلي يجعلنى دائما اساوى الاديان بالمذاهب الايديولوجيه المتطرفه. فلافرق بين الاسلام و المسيحيه و الهندوسيه و الشيوعيه و الاشتراكيه و النظم القوميه الدكتاتوريه والسبب انها كلها تشترك في الاحتكار المطلق للحقيقه وهو امر تقوم به الاديان عامة مثلها مثل هذه النظم. الاديان الكبرى في غرب العالم و التي هي الاسلام و المسيحيه و .اليهوديه و مقابلها اديان الشرق الكبرى الهندوسيه و البوذيه، كلهم يدعى ان الحقيقة موجودة في كتبهم فقط. والاشتراكيه و الشيوعيه و البعثيه تدعى انها الوحيده التي تعرف الحل لأنقاذ االشعوب


تستطيع هذه النظم باستخدام ديماغوجيه ساذجه ان تحرك جماهير الاغلبيه التي تؤيد لامحاله، هذا الطغيان و تدعم الخوف كأداة ضد نفسها و مستقبل اجيالها موجهة عدائها الي اقلية مختلفة يتم اخضاعها او اقصاءها او تهجيرها و نفييها الي الخارج. و كما ذكرت سابقا فمفهوم الاقليه هنا ليس فقط الاقلية الدينيه بل حتى المختلفة فكريا عن الاغلبيه. كثيرا ما تحمل هذه الأقليه مقومات التقدم و الحداثه، المخلص الوحيد، للأغلبيه الطاغيه من عداوة نفسها. القصة هذه تتكرر منذ ايام صراع: الخلافه او الامامه.. القبلي ، بأسم الاسلام ، بين عشيرتي بنى هاشم و بنى اميه * حتى يومنا هذا في مظاهرات التأييد الصداميه و كلنا نموت من اجلك يا ناصر، و نحن فدائك يا معمرو يا أسد ،و الله اكبر خميني رهبر، و جماهير نصر الله و مقتدى العرمرميه تجوب بمسيراتها المليونيه من حفاة العقول في الشوارع..انظمة الطغيان كلها بل استثناء لديها القدرة على حشد الاغلبيه ضد الاقليه لتخويفها ، حتى لو لم يكن لديها دولة سياسيه

نعم..في حالات كثيره في بلاد الرمال نرى حتى في غياب دولة لهذا الطغيان انه يتسلط بتحريك الاغلبيه و باستغلالها لتغيير القانون و تحريك المؤسسه العقابيه، يحدث و يتفاعل الطغيان و يتعدى على حقوق الاقليه المختلفه باستخدام الخوف و العنف الصادر من تحريك الاغلبيه ضدهم. أن ذلك شديد الوضوح ألان و في هذه الايام ، ففي الضاحيه الغربيه في بيروت يعبر السكان الشيعه الشارع الي جهة الاشرفيه ليتناولوا مشروبا ،لأن حزب الله منع ذلك في المناطق التي يهمين عليها في بلاد حكومتها مستلبه. بل ينتظر عناصر حزب الله الشباب العائدين من جهة الاشرفيه لمعاقبتهم.. كما كانت شرطة امارة الشارقه، تنتظر الشباب العائدين من البارات من دبي وعجمان ليجلدوا حسب فتوى الفرمان الذي اصدره الخليفه عمر بن الخطاب او على بن ابي طالب منذ الف عام. العراق الان و تحت حماية امريكا و بريطانيا يتم فيه ممارسات طغيان الاغلبيه الدينيه حسب مناطقها.. كل تتشنج بالعداوة لمن يختلف عنها و تتنافس لألحاق الاذي بالمختلف عنها. السؤال هنا كيف يتمكن الطغاة سواء في سدة الحكم او خارجه بالتحكم في الاغلبيه في بلاد الرمال؟

أعتقد ان السبب يعود الي ان الفرد الواحد في بلاد الرمال ينصاع بسهولة لأنه ضعيف سيكولوجيا و خنوع و خاضع بطبعه. و ليس لذلك حل هيكلي ابدا. و اقصد هنا ان الولايات المتحده بسذاجتها و معها البلاد الغربيه تعتقد ان ادخال هيكلية ديموقراطيه في بلاد الرمال سيحل المشكل و ذلك بتوزيع السلطات السياسيه و تقسيمها و منع تركزها في يد واحده و خلق مناخ يقلل من سيطرة الاغلبيه و يمنع استخدام الخوف كأداة للسلطه. و لكن ماذا يحدث في الواقع ؟ و انتم ترون مشهد الحال في العراق و لبنان لا يختلف عن ايران و السعوديه و كل بلاد الرمال ان هذا الفرد بسبب ضعفه السيكولوجي يرى انه عبد فهولا يصر على حريته الغير مهمه له ، هناك اشياء اهم منها مثل تجنب العقاب بطاعة اولي الامر من سادته ، و قطع الطريق على مؤامرة النصارى و اليهود لتخريب اخلاق امته. هذه المحاولات من تقسيم السلطه و الانتخاب و الديموقراطيه تتحول في ذهن عبيد الرمال الي اساليب جديده لتقديم فروض الطاعة و الولاء لسادته فيقوم بأستخدامها للتأكيد على انتماءه المناطقي، المذهبي، او يبحث عن اي جماعة اسلامية ديماغوجيه تصرخ بتخويفه فيستسلم لها مقدما لها صوته و نفسه و اولاده فداء . هل يختلف المشهد السابق من جماهير تصيح بالروح و الدم نفديك ياصدام في العراق و بين جماهير جيش المهدى و مقتدى و حماس و حزب الله و الاخوان.. تسير تنتظر اشارة اسيادها و تنتخب من يقول لها السيستاني و الضاري او مرشد الجماعه.. ان تنتخب

العبيد في بلاد الرمال هم الاغلبيه اليائسة البائسه السعيده بجهالتها و التى بسبب ضعف شخصيتها الفرديه تستسلم.. و تسلم كل حقوقها طائعة و بكل سرور للطغاة. حتى عندما يختفي الطاغية و يسقط ، و يطرح بديل يعطي لها املا في مستقبل او حياه افضل ، لا يفهم او يرغب ، هذا الفرد المهمش الضعيف سيكولوجيا معنى ذلك..بل سيبحث عن طاغية جديد يضع هذه الادوات الجديده بتصرفه وبأمره ، بتصرف مقتدى و مخابرات ايران الاسلاميه و اسامة بن لادن و قاعدته الطالبانيه و بشار الاسد و حسن نصر الله و هيئة كبار علماء السنه و حزب الاخوان و حماس و غيرهم. لن يستخدم هذه الحقوق الجديده لمصلحته.. فهو في النهاية ليس اكثر من عبد..لايستطيع تحمل المسئوليه..انه جاهز في الحال ليسلم كل مستحقاته ذليلا و بكل سرور و بدون حتى ان يطلب الطغاة منه ذلك

هذه الرغبة في الاستسلام، ذهنيا وجسديا للطغيان الايدولوجي و الديني ليست طبيعة بشريه.. فهي غير متواجده عند الشعوب الاخرى.عندما ادرك الشعب في رومانيا و للحظه ان جوربي في سوفيتياته المنهاره لن يتدخل لحماية تشاوي...اجهزوا على نظامه في اسبوع واقاموا ديموقراطيه حره . اما عندنا..فعبيد بلاد الرمال مازالوا يبحثون عن بديل لصدام وعبدالناصر وعرفات.. في اسامه بن لادن و مقتدى و حسن نصرالله و غيرهم ..ليعيدوا دكتاتورية الاغلبيه مرة اخرى


بن كريشان

**


هل تعلم ان دعاء: اللهم العن على بن ابي طالب كان مفروضا عقب كل صلاة جمعه ايام الامبراطوريه الامويه مثل دعاء اللهم العن اليهود و النصارى و الشيوعيين الذي فرضته الجماعات الاسلاميه المتطرفه في مساجد بلاد الرمال حينما كانت حكوماتها في سبات عميق في ثمانينيات و تسعينيات القرن الماضي

ليست هناك تعليقات: