الدليل الوحيد

كيف تصنع أومليت.. من بيضه فاسده؟

كتب سيد خضر في تعليقه على البوست الذي كتبته بعنوان: العلمانيه دين الأنسانيه : السمة الغالبة على الملحدين مع احترامنا لهم هى الخلط الفاضح بين الإسلام كدين وبين أفعال المسلمين وهذا أراه من الظلم العظيم. وكان هناك أيضا أخر جاء باللإيميل من أشرف: ما هو المطلوب عمله أو تقديمه لحضرتك كدليل مقبول على وجود الله؟
برجاء الإفادة.
وشكراً

أشرف

كلما أنتقد الملحدون إعتقادات الأسلام، كلما هرع المتدينون منهم يبحثون عن طريقة في الأجابه على ذلك الأنتقاد. ومن الردود الشائعه هو ان الملحد ينتقد نسخة غير صحيحه من الأسلام ، ولاتمثل الإسلام الحقيقي. وذلك بخلق إنطباع بأن هناك، في مكان ما..إسلام أكثر روعة وتطورا واكثر تعقيدا مما ينتقده هؤلاء الملحدون. وربما كان معقدا وعميقا جدا بحيث أن الملحدين لايستطيعون حتى فهمه وسبر معانيه الدفينه.

يقولون ان الملحدين ينتقدون تصرفات اناس لايمثلون الأسلام الحقيقي ويجب عليهم ان يبحثوا عن نسخة الأسلام الخطيره المعقده العميقه والتي ..بلاشك ستفحم هؤلاء الملحدين وترد إنتقاداتهم الى نحورهم.

كتبت في هذه المدونه ألاف الصفحات التي تتحدث عن جوانب الأسلام المختلفه وخلال سنوات عده..ومع هذا ، فلم أجد حتى الأن هذا الأسلام المعقد اليُوتوبي الحقيقي حتى استطيع ان اكتب عنه..أو أحاول على الأقل إنتقاده. فهل حظي تعيس الى هذه الدرجه، أو انه القدر الذي حرمنى لقائه؟

ولكن هذا الإسلام الحقيقي المعقد القوي الحجة المُفحم، ليس له علاقة بما ننتقده هنا. فنحن ننتقد في الأسلام الطريقه التي تتم ممارسته فيها ونضحك على تصرفات مؤمنيه وافكارهم و بالتأكيد اشكال مدعوذيه. وهذا يعني اننا ننتقد الأسلام الضعيف، الخاطيء الغير صحيح والذي لايجدر به ان يمثل الأسلام والمسلمون.

هل نحن مثل المتظاهرين في بلاد الرمال عندما يأتون بدمية تمثل جورج بوش ويحرقونها..بينما جورجي افندي الحقيقي جالس في البيت الأبيض متربع على اكبر قوة عسكريه في العالم؟ أيعنون أننا نهاجم الشيء الغلط -إعتقادات خاطئه في الإسلام- وليس الأسلام الحقيقي؟

حسنا، فلماذا يوبخوننا إذا؟ لماذا يزعلون من إنتقادنا لتصرفات خاطئه لاتمثل الأسلام الحقيقي؟ إنه في الواقع يجب ان يشتركوا معنا في إنتقاد هذا الإسلام الضعيف الخاطيء الذي لايمثل إسلامهم الحقيقي ..ويضحكوا معنا عليه وعلى هؤلاء المسلمين الذين يمارسونه بصورة غير سليمه.

ربما كان قصدهم أن يقولوا : يا ايها الملحدون قبل ان تنتقدوا الأسلام إذهبوا وتعرفوا عليه عن طريق تعلم ما في كتب الفقه والشريعه و تفسيرات القرءان. ذاك هو الإسلام الحقيقي وليس تصورات العامه.. وليس دعوذات شيوخ الوهابيه الكوميكيه المضحكه ، مثل فتوى قتل ميكي و بطوط.

ولكننا نستطيع ان نقلب هذه النقطه رأسا على عقب، فنقول ولكن لماذا لاتقومون حضرات جنابكم أنتم بدراسة الفكر الألحادي والعلماني وفهمه قبل إنتقاده؟ لماذا تمنعون وتحذرون من قراءته؟ لماذا وأنتم لاتفقهون حتى معنى كلمة علمانيه لليوم..وتظنون إنها نوعا من الشرك والإلحاد؟ فلماذا لاتبدئون بأنفسكم اولا ؟

لو قرأ المؤمنون الفكر الإلحادي لخجلوا من أنفسهم و هم يطرحون جدليات مثل : أن وجود الخالق يثبته وجود مخلوقاته فمن خلق المخلوقات إن لم يكن هناك لها خالق؟ أو نقاشات هذا الكون البديع المنتظم كيف وجد بدون خالق؟..وهي اشياء تم إستهلاكها والرد عليها و دحضها إلا ان جهل المؤمنون وعدم إطلاعهم على الفكر الإلحادي يجعلهم لاينتبهون الى فساد هذه الطروحات التي صارت هباء منثورا و أمرا مفروغ منه.

ثم هناك هذه المشكله الخطيره التي يجب على كل مؤمن إستيعابها:

لايهم إن كان الطرح الفقهي معقدا..لايهم ان تعقدت تفسيرات الأيات القراءنيه وذهبت تشطح في مجاهل الفلسفة والمنطق..إلا أنها في النهايه مبنيه على فكرة فاسده. مثل من يصنع طبقا من الأومليت بالبيض الفاسد ، وهذا يحول الطرح الفقهي ألى مانسميه سفسطائيه..وهي بناء مفاهيم معقده وتركيب جدليات تحاكي المنطق ..إلا أنها في النهايه مبنيه على قاعدة فاسده وكاذبة وغير منطقيه. فمالفائده منها..حتى لو كانت عميقه و معقده وجميله جدا؟

أخواني وأخواتي.. أن عمليات النصب والأحتيال لاتعتمد على أساليب ساذجه بل انهم يستخدمون تعقيدات كثيره يزغللون بها عين الضحيه ، الذي ينسى ان أساس المعامله غير صحيح. فمثل عمليات النصب المالي حيث يغرى الضحيه بالكسب المالي -الجنه والثواب- ثم يشرح له بطريقة معقده وكيف ستتم العمليه وبكلمات لايفهم حتى نصفها - علوم الشرع- ولكن الفكره من الأساس هي أخذ أمواله فقط بدون ضمانات ولا إثباتات. الدعوذه وعلوم الفقه والنصب المالي تستخدم نفس الأساليب و ذات الطرق . لتعرف الحقيقه عزيزي وعزيزتي لابد من إستخدام عقلك و توظيف شكك و ان لاتقبل اي شيء إفتراضا. فلماذا يثق بك شخص ليحّول في حسابك و من اجل عيونك الحلوه..سبعين مليون دولار؟..وكل مايريده منك فقط هو، رقم حسابك وتوقيع صغير على ورقة، شيء مضحك ولكن عشرات الناس السذج يقعون ضحايا لهذا النصب كل سنه..

في فن الفقه والدعوذه يحدث الشيء ذاته ويستخدم الأسلوب نفسه ، فالفكره القائم عليها أصلا و من الأساس مبنيه على التعقيد و السفسطه ... وهي ليست إلا فكره ساذجه جدا ، لاتمت للعالم الحقيقي والواقع بشيء.

فيجب قبل كل هذه الكتب الفقهيه وكل هذه التفسيرات أن يكون هناك مايثبت ان هناك، في مكان ما، يوجد شيء، مختبيء ..شبح سماوي أوجني أو رب رمال وإمام مختفي ونملة سليمان وعصاة موسى السحريه ..و ملائكه مجنحه تطرفش وتطير ويثبتون وجودهم بأدلة قاطعه- ماديه منطقيه علميه- ..وإلا فهذه كلها مجرد اوهام في خيال دماغ المؤمن. لا الأسلام ولا المسيحيه ولا غيرهما من الأديان إستطاعت حتى الأن إثبات وجود هذه الخزعبلات.

إن كل العلوم العقليه والمنطقيه تدل على عدم وجود هذه الكائنات في عالمنا هذا. الأسلام المعقد الحقيقي هذا يتجنب إثبات وجود رب الرمال..ويقفز بسرعه الى طروحات سفسطائيه جدليه حول طبيعته و قدرته و نعمه و جاهه وكماله وبطيخ اوصافه... و لكن لحظه وحده فالنسأل أنفسنا..مافائدة طبيعة الرب وما يستطيع ان يفعله و ما قيمة قوته وجبروته؟ ... إن لم يكن أصلا موجودا.

و اخيرا للصديق أشرف والذي كتب الإيميل أجيب.....هذا هو الدليل الوحيد الذي اريده فقط.


بن كريشان