السر الدفين.. في تعصب الاسلاميين



قلق عند المتعصبين الاسلاميين من هوية المرأه الجنسيه











استقبلني مروان و نوره على مدخل بيتهم بأبوظبي فصافحتني و رحبت بي و عرّفتني على الاصدقاء الذين وصلوا قبلي. نوره و مروان زوجان امارتيان لديهما اطفال قاربوا على سنوات المراهقه . الاثنان متعلمان و خريجا نفس الجامعه حيث التقيا ، ومن افضل العائلات المعروفه في ابوظبي

أن يستقبلك صديقك مع زوجته في بيتهما فهذا شيء طبيعي في بلاد العالم ،و لكن في بلاد الرمال فهو شيء مسنتكر من قبل المتعصبين ، سواء للتقاليد او للدين

نوره كانت مشرقة الليله و لها طلة ساميه و كأنها اميرة في ثوبها الاماراتي التقليدي و لم تكن تغطي شعرها و قد علقت قلادة ماسيه عليها اسم الله . مروان بدا رجلا في منتهي الثقة بنفسه و فخورا بزوجته.. تأملت مروان لوهلة .. و لسبب ما تذكرت عبدالرزاق!.. الذي ساقص عليكم خبره بعد قليل

مروان و زوجته عملة نادره في هذه البلاد ، جلست جانبا كوني الوحيد بينهم بدون زوجه، و لكنهما لم يكونا ليتركاني هكذا، فكانا يجراني لأشترك في حديث مع احد ضيوفهما كلما شاهداني لحالي

****

كثير من الناس يعتقد إن ظهور موجة التعصب الديني الاسلامي جاء للمحافظه على الدين و قيمه و دعوة الناس للإلتزام ، كما يدعون ، بنواهيه و اوامره و تجنبا لعقاب رب الرمال و سخطه..فهل هذا صحيح؟

أنا لي وجهة نظر مختلفه تماما . إن ظهور و إنتشار هذه الحركات السلفيه و الاخوانجيه التكفيريه و شقيقتها الشيعيه السوداء حدث لسبب يتعلق بالهويه الجنسيه للمرأه و تأثيرها على الرجل

التعصب الاسلامي ليس معاديا للحداثه نفسها فالاسلاميون كما نراهم يقبلون على استخدام التكنولوجيا طالما إستفادوا منها و هم يطوعوا المستجدات لتأخذ شكلا اسلاميا مقبولا مثل الاعجازات الزغلوليه و البنوك و المؤسسات الاسلاميه ولكن

السبب الحقيقي هو الخوف الشديد من تحرر المرأه وفقدان السيطره الابويه و الذكوريه










فحينما تدور نقاشات المتعصبين الاسلامين حول انتقاد نظريات العلم من النشوء والارتقاء و محاربة اعداء الاسلام و اعادة الخلافه الثيوقراطيه.. يغفل الكثير منا ان هناك شيئا واحدا يظهر كل مره في صميم خطابهم

إن في صلب خطابهم الاصلاحي لوما و نقدا شديدا ينصب على تغير دور المرأه في المجتمع ، من خروجها من البيت للعمل و اختلاطها بالرجال و كشف الحجاب عن جمالها و شخصيتها













نعيش في بلاد الرمال حياة منقسمه يفصل فيها الرجال عن النساء. في مجتمعات الخليج تخصص مجالس للرجال و اخرى للنساء اشبه ما تكون بالقصور العثمانيه التي تنقسم الى سلملك منطقة الرجال و حرملك و هي منطقة الحريم ..هذا الفصل بين الجنسين يخلق للبعض مشكلة نفسيه تؤدي كثيرا الي تقمص الدور نفسه مستقبلا

****
عبد الرزاق كان طالبا معي في نفس السنة بالجامعه. مع اني اتيت من نفس المجتمع الذي يفصل بين الجنسين كما تفصل الحيوانات المفترسه عن طرائدها في حديقة الحيوانات و لكن دراستى في الخارج و في مجتمع مختلط غيّر من نظرتي للحياه.. اما عبد الرزاق فكان يرتعد عندما يدخل الكافتيريا ليجلس معنا و خاصة اذا كانت هناك فتاة تشاركنا الجلسه

عندما نتقابل في المساء مع الاصدقاء صرت الاحظ انه اصبح ينتقد الفتيات العربيات في الجامعه ويصدر احكاما عليهن فتلك تلبس كذا و فلانه تكشف عن ساعديها، مع انه لم يكن يتحدث مع اية واحدة منهن او يعرفها عن قرب . صحيح انهن لم يكن يرتدين احجبة و انقبه الا انهن كن محتشمات و مؤدبات و بنات عائلات محترمه


عبد الرزاق بدء يتجنب الكافتيريا فصار يسوق سيارته عائدا الي شقته القريبه بعد كل محاضره و يتناول غداءه هناك وحيدا. صرت الاحظ ايضا بعد فتره ان اصدقاء عبد الرزاق صاروا كلهم من نفس الشاكله ،وحيدون ليس لأي منهم معرفة من الجنس اللطيف

عبد الرزاق صار اكثر التزاما بصلاته و صار يصفني بالمجون و الفوضي وعدم المسؤليه مع ان درجاتي كانت دائما اعلى من درجاته و هو الذي يقضي معظم وقته بالبيت

عبد الرزاق تزوج قبل نهاية سنته الرابعه و جاء بزوجته في الفصل الاخير..و كانت منقبة تماما ولا نعرف ماهو شكلها الحقيقي او حتى اسمها، لم نكن لنرى عبدالرزاق بعد زواجه كثيرا..وتخرج و لم يودعني

قيل لي ان عبد الرزاق بنى حاجزا كبيرا قبيحا من الخشب على جدار بيته الملاصق لبيت جاره لأن نوافذ الجار تكشف بيته . قصُرت كندورة عبدالرزاق و طالت لحيته و تشعبت في كل الاتجاهات..أراه أحيانا في سوبر ماركت الجمعيه التعاونيه يتسوق لوحده بدون زوجته.. هو لا يسلم علىّ الان











رغم كل مايخفيه عبدالرزاق وراء تعصبه الديني اليوم فهو شخصية مهزوزه ضعيفه لا يمكن ان تقارن مع شخصية مروان

****

كان هناك تقسيم في الادوار في بلاد الرمال فدور الرجل هو إعالة الاسره بينما دور المرأه هو تربية الاطفال و الاعمال المنزليه و تلبية حاجات الرجل الجنسيه

شهدت نهايات القرن التاسع عشر و معظم سنين القرن العشرين حركات حداثيه قلبت دور المرأه في مجتمعات بلاد الرمال راسا على عقب. صار لدينا كاتبات و مفكرات و مهندسات و ممثلات و مع ازدياد ثقة المرأة بنفسها و مشاركتها للرجل في تحمل اعباء الحياه كشريك مساو له في الواجبات بدأت تظهر انتقادات شبيهه بما لدينا اليوم من مثل: ان العمل يؤثر في انوثة المرأه
هذا الانتقاد حمل نواة تلك الكراهيه و الخوف فالمرأه ان عملت تفقد انوثتها لذا..يصبح صعبا التفريق بين الجنسين. اي تصبح المرأه رجلا..وبالتالي سيصبح الرجل..إمرأة

لا تضحكوا على نهاية الفقرة الاخيره ! فالرجل المتشدد اسلاميا يحس بالضعف كلما قويت شخصية المرأه مع تغير دورها في الحياه و ازدياد حريتها تضعف شخصيته و يصعب عليه ان يعرف ان كان هو رجلٌ ام لا











إنه يتعلق بتعريف الاسلام للهويه الجنسيه و التفريق بين الذكر و الانثى

روى البخاري عن صلعم انه قال : لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء و لعن المتشبهات من بالنساء بالرجال

التساؤل حول هوية الانسان الجنسيه و كونه امرأة او رجلا مهم جدا للمتشددين في الدين فهم يفسرون قول رب الرمال و إنه خلق الزوجين الذكر و الانثى من نطفة اذا تمنى بأن المرأه يجب ان تبقى مختلفة عن الرجل ، و خاضعة له كما كانت في الماضي













هل الاسلام هو دين الذكوره فقط؟ رب الرمال يشير الى نفسه بصيغة المذكر دائما و لا يفتىء يرسل رسلا من الرجال الذكور دون الاناث و يجعل الرجل قواما عليهن يتزوج ماشاء و يطلق متى شاء و يجمع الاربع من النساء كالديك و دجاجاته.. ويكافئه ربه بمزيد من النساء في الجنه. هذا الذكر المسيطر المتسلط يبرهن على صحة رأيي و على

إن التشدد و التعصب و العدوانيه عند الجماعات الدينيه ماهي الا انعكاس لتلك الصفات الذكوريه

ان خروج المرأه و تحررها هو السبب الحقيقي الذي من اجله قامت في الاصل، جميع الحركات الاسلاميه المتعصبه في بلاد الرمال

بن كريشان

إرسال تعليق

0 تعليقات