الاثنين

هل هناك أمل في هذه الحياة بدون الإسلام؟



يكرر المتدينون هذه المزاعم التي تقول بأنه من دون أن الإيمان بربهم والتمسك بدينهم ، فلا يوجد أي "أمل" للبشرية، وبالذات لنا نحن في بلاد الرمال. مالمقصود بهذا بالضبط ؟ هناك شيء ما غامض علينا ، قد يكون القصد من هذا الزعم هو أن حياتنا لن تتحسن ولن تتطور بدون أن نتمسك بالإسلام؟ وهل يعني ذلك أنه لا يمكن أن يوجد انسان في بلاد الرمال سيكون متفائلاً بشأن مستقبلنا بدون هذا الدين؟ أيعني ذلك أن الناس هنا ستفقد الأمل في حياتها ولن ترسل أولادها للمدارس والجامعات لأن الله لن يبارك لهم في أولادهم خارج مجتمع غير مُتدين؟ هل سيتوقف التاجر عن الإستثمار طالما أن الله لن يبارك له في رزقه؟ هل يجب أن نتشائم ونعقد كل أمل حياتنا على وجود هذا الرب ودينه المُتسلط؟ أليس هذا مثل الطليق الذي يريد أن يذهب الى السجن؟

ربما يعني المتدينون كل ما سبق؟ حسناً وطالما أن هذا الغموض ما زال موجوداً فقد يكون من الصعب أن أرد عليه مكتفيا بالقول لنفترض إنه ما يقصِدون ، فربما كنا أفضل حالا بلا أمل ، بدل أن نحيا على أمل زائف يقوم على الخيال وخداع النفس. أمل الغرض منه إعادة التقاليد الصحراويه القديمة ، و قيام سلطة إستبدادية.

كتب لي فتحي الوردني من مصر:

ولكن هل تستطيع أن تشرح يا أستاذ بن كريشان كيف سيعيش الإنسان بدون أمل بعد أن يترك دينه، سيكون مجرد حطام لامعنى لحياته. مالهدف من الأخلاق إذا لم يكن هناك أمل في الحياة؟ سيتحول الناس الى مجموعة من الوحوش الكاسره التي تفكر في يومها. مالدافع الذي سيجعل الإنسان يرقى الى مستوى من الأخلاق والتصرفات يرضي بها ربه، أنا لا أفهم كيف يعيش الإنسان بالفلتان الذي تدعو إليه، أتمنى أن تتقبل برحابة صدر هذه النقطه وتراجعها فالإنسان ليس إنساناً بدون أمل في حياته يعيش من أجله وبدونه سيكون تعيساً جداً.

لقد إستمعت لهذا الأدعاء من قبل وهو يتكرر دائماً وسبق لي أن كتبت عنه ولكن اليوم أجد فيه خللاً جديداً لم انتبه إليه سابقاً. أن الشكوى من عدم وجود هدف للإخلاق من دون الله هو شيء لا أخلاقي بحد ذاته. إذا كان الإنسان صادقاً مع نفسه – وأرجو من الأخ فتحى أن يكون كذلك ويتقبل مني هذا برحابة صدر هو الأخر- ألن تحرك معاناة الأخرين فيك شيئاً بدون الألهة؟ ألن تساعد المحتاجين و من يتعرض الى كوارث بدون أن تأمرك الألهه بذلك؟ الناس الذين يفكرون هكذا هم أناس معدومي الأخلاق ويعيشون بلا أمل في هذه الحياة سوي إرضاء ألهة قديمه جاءتهم من زمن الظلمات والجهل؟



عندما يكون أمل الأنسان في هذه الحياة متوقفاً على أرضاء إله فقط فهو مثل هؤلاء الوحوش الذين وصفتهم بدون أخلاقيات. المسلمين اليوم يمتنعون عن مساعدة غير المسلمين مثلهم. فلو ضرب الزلزال والتسونامي غير مسلمين لن يحرك فيهم ساكن، أتدري لماذا؟ لأن ربهم اللا أخلاقي يأمرهم بذلك، لأنه يفضل مساعدة أتباع دينه فقط وبهذا يُفتى كهنة هذا الدين القديم، أليس كذلك؟ فلو كان جارك كافراً مُحتاجاً أو مسيحياً فلاتجوز عليه الزكاة ولكنك ترسلها الى أناس بعيدين في بنغلاديش لأنهم مسلمين. أين الأخلاق في هذا؟ قرأت في صحيفة الأتحاد ومن سلسلة مقالات عن تاريخ الأمارات قصة حريق حدث في فريج (حيّ) البحارنه بدبي في الخمسينيات من القرن السابق ، وهو الحيّ الذي يقطنه المسلمون الشيعه، فمن كان من تقدم لمساعدتهم، انهم الهندوس. الهنود الهندوس ممن يشتغلون بتجارة الذهب يعيشون في دبي منذ اكثر من مئة سنه وهم من آوى هؤلاء و ساعدهم واقرضهم المال لإعادة بناء بيوتهم..تصوروا؟

حتى لو كان هناك إله، وحتى لو كان رب الرمال إلهاً حقيقياً ويقبل بهذا..فمن سيعتبره ألها يحُض على الأخلاق؟ ومن سيعتبره مُستحقاً للإحترام والعباده..بالتأكيد لست انا.

إذا كنت تهتم بمعاناة الناس. إن كنت تأخذ في أعتبارك حياة الأخرين وترفق بالحيوان وبالطبيعه فأنت إنسان أخلاقي بصرف النظر إذا كانت الألهه موجوده أم لا – وهذا يشمل رب الرمال بالطبع. إذا كنت في حاجه الى إله ليقول لك أن تهتم بمعاناة الأخرين وتساعدهم إذاً فأنت مريض نفسي.

إذا كنت لا تبالي بمعاناة أو حياة الآخرين وتتبع فقط ماهو في إعتقادك أوامر الله ، بغض النظر عن ما هي وكيف تؤثر على الآخرين ، فأنت لست مريض نفسي فقط، أنت حاله سيكوباتيه مستعصيه.وفي أي من هاتين الحالتين الأخيرتين ، فأنت لست في موقف يسمح لك بإلقاء المحاضرات على الملحدين في الأخلاق.

الحياة في الحقيقه قد تكون رماديه، في منتصف المسافه بين الأبيض والأسود. قد تكون هذه الحياة فعلاً فارغه وممله حتى تأتي أنت وتجعل لها معنى. هذا مانفعله نحن البشر. أن مانقرر أن نفعله بحياتنا وكيف نفعل هو مايعطينا الأمل والغايه. أحياناً نحلق نحو الأمل ونحققه وأحياناً أخرى نفشل..ثم نعود نحاول مرة أخرى. نحن نخلق الأمل في الحياة وليس الألهه الميته التي لاتسمع ولا ترى.

أن تعتمد على هذه الألهه ليكون لك أمل لهو فشل وتخبط وضياع للقيمه البشريه وقدراتها. أن مقدار الأمل في هذا العالم هو مانخلقه نحن وليس الله.

عزيزي فتحي الإسلام هو خيال و أمل وهمي يتحدث الناس فيما بينهم عنه لأنهم يتجنبون مواجهة الحقيقه. نحن نخلق الأمل لنا، نحن كذلك نخلق الأمل للأخرين من خلال أخلاقياتنا نحن نخلق الأمل في هذه الحياة للأجيال المقبله..نحن فقط. ليس هناك ألهه ولا أشباح هناك تخلق لنا الأمل وتعلمنا الأخلاق. هناك عدالة في هذا العالم بقدر مانسعى ونحاول ونأمل فيها. إن كان أملنا في تحقيق المحبة والسلام في هذا العالم فنحن فقط من يقدر أن يجعل الأمل واقعاً.

ليس هناك سوبرمان ولا سبايدرمان ولا الله ولا الماما ولا البابا ليحققوا لنا آمالنا في هذه الحياة. إن لم يستطع الأنسان أن يتعايش مع هذه الحقائق القاسيه فماعليه إذاً إلا أن يتدين وأن يقص على نفسه قصص الأرواح والشياطين والملائكه وأمنا الغوله وليصلى ويتمتم بالدعوات ويقدم الأضاحي..ولكن للأسف فلن يغير هذا من الأمر شيئاً.

بن كريشان

ليست هناك تعليقات: