الاثنين

لماذا يصدق الناس أشياء غيبيه؟




هل يصدق الناس اشياء غيبيه و غريبه و غير معقوله؟ بالطبع ، فعقل الانسان فريسة سهلة مستهدفة من الكثيرين يوميا. أنظر مثلا الي مسوقي المنتجات التجاريه عندما يستهدفونك، ولا تستغرب هنا تقارب كلمتي ادعاء و دعايه،فقد تقنعك احدى الدعايات من كثرة الزن، فتشتريها عندما تراها امامك على رف السوبرماركت لأنها كما قالت لك الدعايه..هي افضل منتج مرطب، او مزيل للقشره ،او لأحسن حلاقه ناعمه، تكون في تلك اللحظه مدفوعا باحاسيسك و ليس عقلك، و قد يطلق احدهم ادعاء يؤدى الي تحريك الجماهير سياسيا و دينيا، مدفوعة هي الاخرى بالعاطفه و ليس العقل، هناك بالتأكيد تشابه بين الحالتين

في عالم الاديان، تتعرض كذلك لذات الشيء بصورة مرعبه، فهنا ليس فقط من قبل مسوقين السلعه، امام المسجد و مدرس الدين و شيخ التلفزيون، بل من عائلتك و اصحابك و مجتمعك وغيرهم ممن تم حشو ادمغتهم بنفس الكلام لسنين طويله

الايمان لا يعتبر بديلا ل ،، التفكير النقدي ،، جميعنا يتأثر بالاحاسيس والمشاعر و الانفعالات و الاحلام و لكن ان نجعلها تسيطر على تفكيرنا ونتركها تتحكم بعقلنا و نستخدم هذه المشاعر و الاحاسيس بدل التفكير النقدى و العقلانيه ، لنقنع انفسنا و غيرنا بثوابت مشوهه مناقضه للبديهيات العقليه ، ثم نقبل تلك الثوابت على اساس انها امر ايماني لايجوز الشك فيه، نكون بذلك قد ارتكبنا جريمة كبيرة بحق عقلنا و انسانيتنا و قيمنا

عندما يثار او يطرح موضوع ما في بلاد الرمال سواء كان سياسيا ام اجتماعيا، نجد ان اول نقاط الدفاع التى نستخدمها هي الاعتقاد و الايمان و نجعلهما درعا نخفي عقلنا ورائه، حتى لا يصاب بمقتل من طلقات نيران المنطق والعقل . هذا ليس عيبا فينا ابدا، بل هو اقرب للطبيعة البشريه التي كانت بدايتها مع بداية الحياة على الارض تفسر العالم حولها بالأيمان بالظواهر الفوق طبيعيه و الخرافات و المخلوقات الخياليه ذات القوى الخارقه و التى تحمي البشر من الطبيعة القاسيه. حتى الاديان الثلاثة الكبرى في العالم اليوم، مازالت لها تفسيرات خاصه بظواهر طبيعيه من برق و رعد و عواصف و شهب تصب في نفس الفكره. ولكن في عالمنا هذا الان و بعد ان ظهر به العلم الذي اوجد بدائل تحليليه و مناهج فكريه لذلك التفكير البدائي البسيط .. ظهر لنا خطر جديد هو: استخدام هذه المنهجيات و الطرق التحليليه بصورة خاطئه ، لخداع النفس و أقناع الاخرين و نتيجة ذلك نجد اننا خلقنا طبقة جديده من ،، المثقفين الجهله ،، الذين لا يستهان بذكاءهم، و لكنهم يستخدمونه لتغطية الادله و الاثباتات و جر الناس الي الايمانيات الغيبيه

الاسلوب الذي يطغى على النقاش والتفكير في بلاد الرمال هو التحيز المسبق الي المسلمات و الثوابت بدل محاولة تحطيمها اولا. هناك فرضية ثابته تقول ان الكتاب الديني هو كتاب علم و دستور وقانون وطب وطبخ..ماذا تقول لدحرفرضية مثل هذه تباع كل يوم في دكان الاعلام و الكتب و المدرسه و المسجد؛ بأن هناك شيء منزل من السماء، اي هبط علينا من فوق من كائن هو مطلق في معرفته و علمه و قدرته يكتب كتبا يرسلها الينا عن طريق مراسلين ارضيين..الخ. كيف تناقش شخصا يحمل ايمانا مطلقا بفكرة كهذه؟ بالنسبة اليه هي من ثوابت و مسلمات العقل، مثلها مثل نظرية الجاذبية الارضيه. حتى لو اثبت له ان هذه الكتب مليئة بالاخطاء العلميه و الحسابيه و التاريخيه و اللغويه و هي لا تقدم اكثر من اعتقادات و علم اصحاب تلك المرحله البائده من التاريخ ، فكيف يكون قد كتبها كائن مطلق في قدرته و معرفته؟..ستجد نفسك في نقاش بيزنطي سفسطائي لافائده منه اشبه بحوارات قناة الجزيره لقد اخذ هذا التحيز العاطفي المسبق بسمعهم و ابصارهم و ختم على قلوبهم وجعلهم قوما لا يفقهون

و حتى و نحن نعيش اليوم في عصر تقدم العلم والحضاره ، مازال الكثيرون في هذا العالم لا يعرفون حقيقة التاريخ و علم الاجتماع و الاقتصاد و يتم اصطيادهم بسهوله والايقاع بهم في فخ المعلومات المكذوبه..اليوم في بلادنا..بلاد الرمال هذه كل مايصل الي عقلك من معلومات سواء في المدرسة او الجامعه او الصحيفه او الفضائيات كلها تم التلاعب بها و تم تقديمها اليك بصبغة عقائديه او ايدولوجيه او جعلت متوافقة مع المجتمع و تقاليده. يتم بناء على ذلك تطويع المعلومه و لويها لتقرأها و تفهمها بالشكل الذي يريدونه، ومعها تطرح عليك يوميا تلك المسلمات و الثوابت و الرواسخ الشامخات التي لا يسمح للعقل البشرى ان يتجرأ عليها..ولكن ياخواني و اخواتي هذا هو دور العلم و العقل في الواقع...أن يتجرأ على كل فرضية و مسلمه يدعى احد ثباتها و رسوخها ، اما لأثباتها و اما لنقضها

مسلمات كثيره عبرت الينا من عالم الخرافات البائد في بلاد الرمال، هي تعيش بيننا اليوم بدون ان ننتبه اليها، مثل فكرة التنزيل الذي يفرض قانونا ألهيا من الهة تعيش فوق ، مقابل القانون الذي وضعناه نحن البشر و يسمونه احتقارا ب،، الوضعي،، لمجرد اننا بشر ضعفاء ناقصين و ليس مثل رب الرمال ابو الكمال، وهناك مسلمات الجن و العفاريت و الملائكه تلك المخلوقات التي لا تتبع النظام البيولوجي لمخلوقات الارض ، و مسلم ايضا بها السماء المسقوفه فوقنا حيث يوجد فوقها عالم الخلود الالهي، هناك مسلمات علم الابراج و الحظ * و نظريات المؤامره السوبر صهيونيه لتبرير الفشل المستمر وهناك الايمان بحدوث المعجزات في الماضي مثل الناس الذين يكلمون النمل و يعيشون في بطن الحوت و تتحول عصيهم الي افاعي و رجل يقاوم الطوفان يحمل على سفينة حديقة حيوانات كامله ليبدأ التاريخ من جديد بعد ان دمر رب الرمال العالم كله اما التقدم التكنولوجي بالنسبة لنا امام هذا كله ماهو الا شاهد على اقتراب نهاية العالم.. هذه كلها اشياء عبرت الزمن الينا من عصر متخلف بالنسبة الي مالدينا اليوم ،ولكن رغم انتهاء صلاحيتها في عالم العلم مازالت تتداول بين الناس كثوابت......... لماذا؟

السبب اننا نترك عملية التفكير لغيرنا و نثق بكذابين او مبررين كانوا قد احتكروا ابواقا اعلاميه و منابر سياسية او دينيه او كلها مجتمعة..ولمدة طويله كانت كافيه لغسل ادمغتنا

منذ سنين طويله كنت في شهر العسل، انا و زوجتي السابقه، و الذي قضينا جزء منه في سويسرا. لا أنس عبارتها التي قالتها في متحف التاريخ الطبيعي بجنييف عندما رأت جماجم الانسان الاول معروضه:،، هذه جماجم قرود يحاول اليهود ان يخدعوا العالم ليثبتوا بها نظرية داروين،، أريد ان اقول ان مطلقتي لم تكن جاهله ابدا، فقد كانت خريجة كلية العلوم، قسم الكيمياء و بدرجة الشرف

ياترى مالذي يجعل الاذكياء و المثقفين يصدقون هذه الاشياء الغيبيه ؟

هذا يعود الي تحيزعاطفي مسبق في تفكيرنا كما ذكرت آنفا، و هو تصرف انساني طبيعي مئه في المئه ، فالانسان لا يحب بطبيعته ان يكون على خطأ. هناك اشياء نتحيز اليها و لا نحب ان تظهر بصورة خاطئه لأنها مرتبطة بنا عاطفيا مثل العقيده و التقاليد، حتى في وجود ادلة تحليليه ومخبريه تبطلها، تلجأ عقولنا دائما الي اختيار الادله انتقائيا، لنقنع بها انفسنا، وعندما نفعل ذلك نستخدم تحيزنا العاطفي المسبق، لنبقي في سلام مع هذه المسلمات و الثوابت، حتى و ان كانت سهلة الدحض ...مثل نفخة على غبار متراكم يغطي سطح ما

التحيز العاطفي المسبق ، كما ذكرت هو شيء طبيعي يحدث في ذهنك، و لكن يجب ان تمرن هذا الذهن و تروضه للوصول الي الأطمئنان و الحقيقه ، ايمان الناس باشياء غيبيه لا يلغي ذكائهم، و لكن مايحدث هو ان

كثير من الناس الاذكياء يؤمنون بأشياء غيبيه.. لأنهم يوظفون ذكائهم في الدفاع عنها و تبريرها بدلا من تمحيصها

هذا هو مثال الذين يكتبون في الاعجاز العلمي و يزودونك بتلك الدايغرامات المرسومه لتوحى لك انهم يستخدمون اسلوبا علميا هو اشبه في الحقيقه بدعاية مسحوق الغسيل تايد، عندما يظهر شخص يلبس نظاره و روب طبى ليوحي لنا بأنه خبير او عالم و يخبر سيدة البيت المستهدفه في الاعلان كيف يستطيع هذا المسحوق الجديد ان ينظف باكثر فعالية من غيره و يقتل الجراثيم و في تلك الاثناء.. يصحب كلامه صور ايضاحيه مثل تلك التى تستخدم في البرامج العلميه الوثائقيه تهاجم فيها العناصر الفعاله الطيبه بقع الزيت الشريره و تجعلها تختفي ، غيرهم من الاذكياء ايضا يوظفون الان ممارسات من الديانات البوذيه والشنتويه مثل الريكي أو استخدام مصطلحات لم يأتي بها العلم ابدا و لا يعترف بها مثل الطاقه البيولوجيه ،، البيوانيرجي،، و البرمجه العصبيه المهياويه المسماه ال ان بي*، في مجالات الدعوه و الايمان بعضهم يحمل شهادات دكتوراه من د. طارق سويدان في الكويت الي د. خليفه السويدي في الامارت و غيرهم الذين ارى اسمائهم على دعوات لحضور الندوات في الجمعيات و النوادى تحت عناوين كيف تستخدم عقلك؟ و كيف تزيد طاقتك او تنبش ذاكرتك ؟ و تصبح اكثر ثقة بنفسك؟ من قبل اشخاص هم اصلا في مجال الدعوه الدينيه ، ومثلهم من يكتبون ويحاضرون في الاقتصاد الاسلامي الذي لم يتعد تاثيره في علم الاقتصاد الاكاديمي اكثر من تأثير الكتاب الاخضر في العلوم السياسيه، و هناك غيرهم يحدثون الناس من منابر التلفزيون عن تاريخ الصحابة و التابعين المثالي الذي لم يكتبه مؤرخون بل كتب بيد رجال دين!..هؤلاء كلهم يوظفون ذكائهم للدفاع و التبرير عن اشياء لم تكن اصلا .اكثر.. من اكاذيب

ما هو سبب ذلك؟ أعتقد ان السبب يكمن خلف استخدام التحيز المسبق لفكرة عاطفيه يصعب على العقل البشرى تخيل انه كان على خطأ بتصديقها كل هذه المده. و هكذا لأنه من الصعب على العقل البشرى ابتلاع ذلك، فيفضل ان يقبل الفرضية و المسلمه كثابت غير قابل للنقاش، ثم يبدأ رجوعا للوراء.. في اقناع نفسه بالتبرير المناسب ، جزء من هذا التحيز العاطفي المسبق يرتبط بخوفنا ان نكون وحدنا في هذا العالم نتحمل مسؤليته بدون رب الرمال المدبر امرنا ، انه عدم الثقه في القدره الانسانيه التى لدينا و التى انتجت كل هذه القيم الساميه من حولنا

و لكن يخفى على الكثير ان العقلانية نفسها و التى كثيرا ماثارت ضد الطغيان الدينى متمثلا بالقانون الالهي و من وضعوه للتسلط على البشر، العقلانيه هي بحد ذاتها قيمه انسانيه ساميه، مرتبطه بنسيج الفكر البشرى و تطوره منذ اقدم العصور، العقلانيه هي ام القيم الانسانيه كلها فأذا جعلتها دليلك و مرشدك فستتحطم اصنام هذه الثوابت المزيفه كلها . العقلانيه لن تقودك الي الانحلال و فقدان تقاليدك الجميله و انتمائك و لن تسبب الفوضي من حولك، لن تتحول الي وحش فكثير من المتدينين ما هم الا وحوش تقطع رقاب الابرياء و تتعاطف مع من يسفك دماء الابرياء الامنين و لم يمنعهم اي وازع دينى او قيمه انسانيه او اخلاقيه من ذلك، الاغلب انك ستتحول الي انسان افضل منهم و بقيم انسانية أكثر رقيا

مبدأ التشكك هو جزء رئيسي من منهاج البحث العلمي، و ان كان لي ان ادخل كلمة جديده في قاموس لغتنا العربيه، اللغة الموثقه هي الاخرى بحبال الثوابت، فستكون ،، الاسكبتكاليه ،، وهو منهج الشك العلمي ، يعتمد هذا المنهج اولا على جمع المعلومات و محاولة تقديم تفسير طبيعي لأشياء يدعى انها غيبيه. الادعاء يصبح حقيقة فقط لو تم اثباته بدليل، ولكن علميا، يبقى هذا الدليل مثبتا بصورة مؤقته و مشروطا ببحوث مستقبليه تحطم هذا الدليل مرة اخرى و تأتي بغيره، و هكذا.. يستخدم العلم الاسكبتكاليه، منهج الشك بصورة مستمره لا تتوقف. الم يقل احد الفلاسفه انا اشك..اذا .انا...موجود

اذا كان الشك يثبت الوجود، فالاولي ان يكون اكبر ثوابتنا الايمانيه

يميل الناس للأيمان بأشياء غيبيه لأسباب عديده منها : لأرضاء النفس و تطمينها،لتبسط امور مستعصية على الفهم ،او للوصول الى قيمه اخلاقيه ، و يؤمنون كذلك بالغيبيات ليبقى الامل في الحياة مستمرا، في وجه العنف الذي يسود العالم

بعض الايمان في امور غيبيه بسيطه لا يضر، مثل الايمان بالابراج و لكن عندما يصل الامر الي قتل البشر و التطهير العرقي على اساس ان بعض البشر اختارهم الله واصطفاهم و غيرهم ماهم الا جنتايل او اصحاب بدع و ديانات فاسده و الحاد يجوز قتلهم ..و أخرين تفسك دمائهم لأنهم لا يريدون ان يؤمنوا بالابراج او تنزيل الكتب من السماء و يصبح التدخل سافرا في طريقة حياة الغير وما يلبسون و يأكلون..هنا يصبح الامر خطيرا جدا، وكثيرا ماينتهى بضحايا و حروب و كوارث

أستيقظوا انهم يكذبون عليكم


بن كريشان

***
The very funny, warm and fuzzy: Neuro-Linguistic Programming (NLP)

البروج: هي الزودياك في العلوم القديمه و تتعلق بمكان النجوم و تأثيرها علينا وقد ذكرها القرأن مع ان هناك من حاول التنصل من ذلك الان ، يقول القرأن في مكانين: و لقد جعلنا في السماء بروجا و زيناها للناظرين و أيضا و السماء ذات البروج. و في علم الفلك العربي القديم يقال الشمس تمر في برج الدلو و القمر في برج الاسد و هكذا و من شعر العرب القديم في البروج


الثور جوزة السرطان **** و رعى الليث سنبل الميزان
و رمى عقرب من القوس جديا**** و استقى الدلو بركة الحيتان

! بأمكانك ان تمرح مع المقال بقلب كلمة غيبيه الى غبيه..بدون ان يتغير مقصد المقال










ليست هناك تعليقات: