الاثنين

المذاهب الحزبيه في أحزاب المذاهب




انه من الشائع في بلاد الرمال هذه ان يكون الانتماء السياسي مرتبطا و مختلطا بالانتماء الديني والمذهبي.لاتري هذا يحدث في المجتمعات الحديثه و التي توصلت الي قناعة بخطورة مزج الاثنين معا ،أما هنا و لسوء حظنا، فالغالبيه الجاهله من العربان غير مدركين انه لعب بالنار. عندما تنظر من حولك الي المسرح السياسي ماذا ترى؟ ترى احزابا اسمها الاخوان المسلمون وهم سنه فقط ، حزب الله وهم شيعه جعفريه فقط ، حماس وهم سنه بميول سلفيه، حزب الدعوه- شيعي الميول ، الحزب الاسلامي السنى الهوى و هكذا..ولكن عندما تتعمق قليلا ماذا تجد؟ تجد ان هذا مجرد مرآة تعكس الاعتقادات المذهبيه، و الأنتماءات الدينيه لشعوب بلاد الرمال من شيعه و سلف و سنه الخ...ثم تقول لنفسك لحظه ،ولكن أين احزابنا السياسيه الحقيقه اذا؟ لماذا ليس لدينا احزاب مثل بقية العالم تقوم على خدمة شعبنا؟ كل ماحظينا به في الماضي كان تلك الاحزاب ذات الايديولوجيات المعوجه و التي ملئت حياتنا تشنجات و صراخ او افرخت فقرا و تخلفا اقتصاديا و تكنولوجيا هائلا.. و الان بدأنا مرحلة الاحزاب المذهبيه التى ستجهز على ما تبقي منا


كيف يمكن لحزب يمثل مذهبيه معينه ان يكون له دور في الحكومه و من سينتخبه من غير أصحاب ذلك المذهب؟ وان كان مانفعل صحيحا و لا نريد تصديق تجارب الشعوب السابقه التى مشت بهذا الطريق المؤلم فالاحرى بنا ان نستمر في تأسيس بقية الاحزاب التى لم نشكلها بعد كالحزب السنى المالكي أو حزب الحنابله الموحدون او حزب الشافعيه و حركة احباب المصطفي الصوفيه .. وكل من عنده حبيب يصلى عليه

الوضع الذي ذكرته لا يختلف حتى عند اخوننا الغير مسلمين من الاديان الاخرى ، فالاحزاب التي تتشكل بينهم تحمل علامات الهويه الدينيه لطوائفهم و تظل مقصورة علي اتباع دياناتهم. ليس هناك اي تطور للفكر السياسي في هذه البلاد،كل ماهناك هو اعادة اخراج المذهب و الدين الي الحلبة السياسيه تحت اسم حزب

اليوم استمعت الي خطاب الرئيس بوش بمناسبة الذكرى الثالثه لغزو العراق يؤكد على المكاسب الديموقراطيه للشعب العراقي رغم حالة العنف الدائره،تمنيت ان اتصل به لأقول له انك تقوم فقط بتنصيب السلطه الدينيه الي سدة الحكم، الشيء الذي رفضه الأباء المؤسسون بعد الحرب الاهليه التى اسست الولايات المتحده من مثل توماس جيفرسون وجيمس ماديسون. احيانا اشك ان اليمين المسيحي مؤيد للجهاديه الاسلاميه طالما انها تحارب عدو مشتركا هو العلمانيه الانسانيه

كيف يستطيع هؤلاء الحزبيون الدينيون ان يطوروا حياة مجتمعاتهم طالما ظلت دوافعهم دينيه بحته، و من طبيعة الاديان انها تعتبرنفسها وصية على كلمة الله التى ارسلها اليهم من دون غيرهم، و ذلك على حساب الاحزاب الدينيه و المذهبيه المختلفه، فكما تعتقد الاحزاب الشيعيه المبجله للحق الالهي بتنصيب الفقيه حاكما نيابة عن الله، والذي اعتقد انه مازال يبحث عن امامه الضائع، تعتقد الاحزاب السنيه ايضا بخطأ الاحزاب الشيعيه و ضلالهم و ستقدم حلا للمشكل الاقتصادى و الاجتماعي بتطهير الارض من الشيعه و اصحاب البدع من المتصوفه والاباضيه و سينتج عن هذا كله حتمية واحده هي تعميق الشقاق والخلاف و فرقة المجتمع

باختصار، اننا و بدلا من رمي خرافات المذاهب و الاديان الي الساحه الخلفيه للعقل كما فعلت الشعوب المتحضره، نقوم بنقل الخرافات المذهبيه و الدينيه الى مستوى الصراع السياسي والاجتماعي.وبدلا من تشكيل احزاب لخدمة الانسان و الشعوب في بلاد الرمال.. نخلق احزابا لخدمة المذاهب و الاديان و كهان هذا الزمان .. اننا ببساطه نقيم صرح السلطة الدينيه و الحق الالهى، مستخدمين احدى مركبات الحضاره و الحداثه، الا وهي الديموقراطيه..ولكننا نقودها عكس اتجاه السير ..بأتجاه ظلمات العصور الوسطى

كما ذكرت لكم انه من الطبيعي للدين و المذهب و بالتالي الحزب الذي يمثله ان يدعى احتكار المعرفة المطلقه ويقوم بناء عليه بأقصاء و استبعادغيره من المذاهب و الاديان الاخرى، فاليهوديه لم تعترف بالمسيحيه التي لا تعترف ببعضها البعض على مستوى طوائفها المختلفه و الاسلام لا يعترف بالاثنين معا و بصحة اي من طوائفهم او حتى بصحة طوائفه هو الا الطائفه الناجيه التى لا يعلمها غيره، اللطيف الخبير النائم فوق السحاب.. لماذا؟ لأن كل يعتقد ان كلمة أو كتاب رب الرمال الحقيقي عنده هو فقط...أسمعوا هذه: علقت احدى المنتميات لحزب من الاحزاب الشيعيه في العراق على سؤال من البي بي سي حول اعطاء المرأة حصة اكبر في التشكيل الحكومي فقالت عظمة المرأه تكون و هي وقاعده ببيتها.. و كاهيه فاطمه الزهره ماتولت منصب و لا ولايه و بقت عظيمه!...أعتقد انكم فهمتم المراد

: ان ربط الحزب بالمذهب الديني ينتج عنه ثلاثة انواع من المسخ البشرى عافانا وعافاكم الله، من مثل

أولا –الانتهازيون: و هم الذين يعملون بقصد استغلال قدرة الدين على اعماء بصر و بصيرة الشعوب للاستيلاء على السلطه و الوصول للنفوذ والدكتاتوريه

ثانيا- المنافقون: الذين يتظاهرون بأن ايمانهم متفق مع الانتهازيون اعلاه و مع رغبة الشعوب العمياء..فيحصول على امتيازات و مكاسب ماديه، يجنون منها ثروات و يملكون حسابات خارجيه و قصور في اوروبا

ثالثا-السنافر: و هم الحمقى من بقية الشعب الذين سيدفعون الثمن تخلفا و فقرا مثلما حدث مع الجماهير التي مشت في ثورة الخميني او انقلاب الترابي..مثلهم مثل اخوانهم من سنافر الشعوب الحمقاء التي اتت من قبلهم واتبعت الديماغوجيات بمختلف انواعها من العسكريتات العربيه او الاشتراكيات الشموليه وصولا الي الشيوعيه

اخراج مذاهبنا و ادياننا المختلفه على شكل احزاب سياسيه، سيزيد في فرقة الوطن و تقسيمه، بدلا من توحيده ودعم الصفوف و الجهود لتقدمه و بناءه، تمثيل مذاهبنا في احزاب سيزيد من تعميق الهوه بين ابناء الوطن طائفيا، وسيضع المواطن في خلاف مباشر مع اخيه المواطن الاخر.. و سيؤدى الي حروب اهليه و طائفيه.. فهذه الاحزاب المذهبيه ستعمل بطبيعتها الدينيه، على تعميق المشاعر العاطفيه المثاليه التى تعتمد على غيبيات السماء.. و ستؤدي الي التحييز لامحاله، لأنها مبنيه في جوهرها على الاختلاف مع المعتقد الاخر.. هذه المذاهب الحزبيه او الاحزاب المذهبيه شئت ان تسميها ماتشاء، لن تنجح ببناء وطن متعدد الاطياف متعدد الاراء يحترم وجهات النظر و يعمل على اتفاقها وانسجامها بما يحقق المصلحه و التقدم و الحداثه

الاحزاب المذهبيه هي وصفة جاهزه نحو الانهيار و السقوط في هاويه الفشل الاجتماعي و الاقتصادي لأمم بلاد الرمال كلها. في اوروبا قامت ثورات لتخليص الشعوب من نير السلطه الدينيه بعد ان ادرك الناس ان طبيعة الحكم في الدوله يتطلب تفريق السلطه المدنيه عن السلطه الالهيه ليتم تحقيق العدل، بينما مازال المواطن في بلاد الرمال يؤمن بأن الدين هو اساس العدل، ولم لا فقد طبخ له في السماء و انزل عليه معلبا جاهزا للأكل، فمن يلومه؟ فعندما ينضم لحزبه ..فكأنه انضم .لمذهبه وعقيدته..وكلما ازداد ايمانه...كلما ازداد عدد السنافر في بلاد الرمال


بن كريشان
السنافر و مفردها سنفور و سنفوره وهي مخلوقات زرقاء اللون، حمقاء، تسمع وتصدق كلام بابا سنفور فقط.. لأنها لا تستطيع ان تقرر بنفسها شيئا

ليست هناك تعليقات: